مقالات وآراء

هل تستغل حماس أخر الفرص

فادي عيد

 

لا تزال المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة تراوح مكانها، وسط اتهامات متزايدة لحركة حماس بـ”المماطلة” و”سحب أقدامها” في مسار التفاوض، ولحكومة نتنياهو بعدم الجدية وغياب النية لوقف الحرب، ما يُفاقم من حجم المعاناة الإنسانية ويدفع سكان القطاع إلى ما يصفونه بـ”جحيم مستمر”.

 

ورغم تحرير حماس للرهينة الإسرائيلي الأميركي عيدان ألكسندر، وما أعقب ذلك من ترحيب أميركي ودولي، إلا أن التصريحات الإسرائيلية الرسمية الأخيرة لا تبدو متفائلة بشأن مسار المفاوضات الحالي.

 

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت في مطلع الشهر عن منحها الضوء الأخضر لشن عملية عسكرية موسعة في قطاع غزة، حيث أكد السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة: “سنضغط، ضغطاً عسكرياً، لضمان إعادة الرهائن، ومن ثم القضاء على حماس”.

 

بدوره، أكد نائب رئيس الوزراء الفلسطيني، حسين الشيخ، أن الأولوية القصوى لدى الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية هي وقف الحرب، وتسريع إدخال المساعدات، وبدء مسار لإعادة الإعمار، داعياً حماس إلى تفويت الفرصة، والكفّ عن منح حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة المزيد من الذرائع لمواصلة الحرب.

 

على الصعيد المحلي، تصاعدت في الأيام الأخيرة حدة الانتقادات الموجهة لحماس، حيث عبّر العديد من الغزيين عن استيائهم من التهاون بحياتهم، وعدم وجود مسعى جاد لإنهاء الحرب التي يدفع المدنيون العزّل ثمنها.

 

وبلغت الأزمة الإنسانية في القطاع مستويات غير مسبوقة، مع نقص حاد في المواد الغذائية، والمياه الصالحة للشرب، والمستلزمات الطبية. كما تعاني المستشفيات، التي لم تُدمَّر، من ضغط هائل في ظل استمرار القصف.

 

من جهتها، تتهم حماس الحكومة الإسرائيلية برفض تقديم ضمانات لوقف دائم لإطلاق النار، وتسهيل إدخال المساعدات، والانسحاب الكامل من القطاع، فيما تصرّ حكومة بنيامين نتنياهو على استكمال عملياتها العسكرية بهدف “إسقاط حكم حماس وتحرير الرهائن المحتجزين”.

 

هذا وقد أظهرت استطلاعات رأي محلية تراجعاً لافتاً في شعبية حماس في كل من غزة والضفة الغربية منذ اندلاع الحرب، وسط انتقادات حادة لقيادات الحركة التي وصفت ضحايا الحرب بـ”الخسائر التكتيكية”، في وقت تتحدث فيه مصادر عن خلافات متصاعدة بين قيادات الداخل والخارج بشأن إدارة الأزمة.

 

وفي الميدان، شهدت مناطق عدة في القطاع مظاهرات شعبية غير مسبوقة، عبّر خلالها المحتجّون عن رفضهم لاستمرار الحرب وتدهور الأوضاع المعيشية، في مشاهد نادرة تعكس تصاعد الغضب الشعبي. وذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه التحركات فاجأت المراقبين، في ظل ما وصفته بـ”القمع المستمر” لأي صوت معارض داخل غزة.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن حماس شدّدت من إجراءاتها الأمنية في محاولة لمنع تكرار هذه التحركات، لا سيما بعد التظاهرات اللافتة التي شهدها القطاع في مارس الماضي.

 

ويؤكد المحلل السياسي الفلسطيني، حسن سوالمة، أن الدعم الشعبي لحماس تراجع بشكل واضح خلال الأشهر الماضية، قائلاً إن “إنهاء الحرب بات مطلباً ملحّاً داخل غزة”، محذّراً من “تقديم الحسابات السياسية والعسكرية على حساب حياة المدنيين الذين دُمّر حاضرهم ومستقبلهم”.

 

أخيراً وليس آخراً حسب تقديرات ميدانية، أدت العمليات العسكرية إلى تدمير نحو 90% من البنية التحتية للقطاع، وتهجير ما يقارب مليوني شخص، ومقتل أكثر من 53 ألف فلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 110 آلاف آخرين، ورغم تصاعد الغضب الشعبي في الشارع الفلسطيني، الذي توحّد خلف شعارات مثل: “بدنا نعيش… برّا برّا برّا، حماس تطلع برّا”، و”كفى هذا الدمار والموت”، فإن المفاوضات بين إسرائيل وحماس لا تزال متعثّرة، وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية مستمرة في قطاع يعيش تحت وطأة الحرب منذ أكثر من عام ونصف، كي يطرح السؤال نفسه كيف ستكون بوصلة كل من نتنياهو وحماس في ظل تحركات الرئيس الامريكي دونالد ترامب الحالية بالشرق الأوسط، وما يذهب له من تحضيرات لعقد تحالفات بالمنطقة من شأنها تغيير خريطة المنطقة تماما.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..