خطأ جسيم اسمه “استحواذ المخابرات العسكرية علي عمل جهاز الأمن والمخابرات الوطني!!”

بكري الصائغ
في بادرة غريبة يندر أن نجد لها مثيل في أي مكان أخر بالعالم، قام البرهان في يوم السبت ١٤/ سبتمبر الحالي ٢٠٢٤م بإصدار مرسوم دستوري بتبعية بنك السودان لمجلس السيادة ، وكان البنك يتبع سابقاً لمجلس الوزراء وفق الوثيقة الدستورية التي تحدد الأطر القانونية والإدارية للسلطات بالبلاد ، ويأتي التوجه تعزيزاً لدور السيادي في إدارة الشأن الاقتصادي.
قال المدير العام السابق لبنك المال المتحد د. كمال الزبير بحسب (السوداني) : إن البنوك المركزية في غالب دول العالم تتمتّع بكامل الاستقلالية في سياساته النقدية حيث يتخذ ما يراه في مصلحة الاقتصاد من ناحية أسعار الفائدة للتحكم في التضخم وحجم الكتلة النقدية. وأشار لعدم سماح البنوك المركزية عالمياً لوزارة المالية بالاستدانة من النظام المصرفي إلا في حدود نسب معينة متعارف عليها. واوضح ان سلطة الرقابة على البنك المركزي وتعيين قيادته من اختصاص الهيئات التشريعية او قيادة الدولة. وأضاف أن البنك المركزي السوداني كان يتبع لرئاسة الجمهورية في عهد حكومة الإنقاذ. وأشار الزبير لاحتمالات ان يكون وراء قرار تبعيته لمجلس السيادة فصله عن وزارة المالية وفي الوقت نفسه إعطاء مجلس السيادة نوعا من السلطة التنفيذية عليه لاعتبارات وتجاذبات سياسية وليست جوهرية. ووصف الزبير، الوضع الراهن بالسودان بغير المتوازن. واوضح ان معظم مرافق البلاد لا تعمل وفق الأسس والضوابط المتعارف عليها ، لذلك من الصعب تحديد ما قد يتبعه من سياسات نقدية مستقبلاً.
المصدر- “نبض السودان”- سبتمبر 14, 2024م-
هذا الاجراء الغير الغريب شكلا ومضمونا الذي قام به البرهان اخيرا يجعلنا نطرح سؤال حول الأسباب التي دعته الي ضم كثير من المؤسسات الحكومية لصالح مجلس السيادة – او بمعني أدق- لتكون مؤسسات تحت اباطه يضغط عليها بقوة.
علي سبيل المثال لا الحصر ، نشر موقع “الجزيرة” بتاريخ اليوم الأول من شهر أكتوبر الماضي ٢٠٢٣م ، خبر طويل تحت عنوان “السيادي” يقود وزارات السودان .. هل تراجع البرهان عن تشكيل حكومة جديدة؟!!”، جاء فيه:-
(…- اعتبر مراقبون أن تكليف رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان 4 من أعضاء المجلس بالإشراف على الوزارات ، “هروب إلى الأمام”، وتراجع عن تشكيل حكومة جديدة في المرحلة الحالية تجنبا للانقسام والاستقطاب السياسي. وأصدر البرهان قرارا بوضع الوزارات وبعض الهيئات الحكومية وبنك السودان المركزي والنيابة العامة والمراجع العامة للدولة تحت إشراف أعضاء المكون العسكري في مجلس السيادة ، ونائبه مالك عقار ، واستبعد من التكليف عضوي المجلس الهادي إدريس والطاهر حجر. وكلف القرار مالك عقار بالإشراف على وزارات الطاقة والنفط ، والتربية والتعليم ، والتنمية الاجتماعية ، والتعليم العالي ، والصحة ، والثقافة والإعلام ، والشباب والرياضة والشؤون الدينية والأوقاف. وأسند إلى شمس الدين كباشي ، الإشراف على وزارات شؤون مجلس الوزراء ، والخارجية والداخلية والحكم الاتحادي والمعادن والعدل والري والموارد المائية. وكُلف ياسر العطا بالإشراف على وزارات الدفاع والمالية والتخطيط الاقتصادي وبنك السودان المركزي والنيابة العامة وديوان المراجع العام. وتم تكليف إبراهيم جابر، بالإشراف على وزارات الثروة الحيوانية والزراعة والتجارة والتموين والصناعة والاستثمار والتعاون الدولي والاتصالات والنقل). -إنتهي-
لم يكتفي البرهان (بالاستيلاء) عنوة علي وزارات الدولة وكأنها مؤسسات قطاع خاص ورثها عن أهله!!، وسارع بضمها لمجلس السيادة ، وبعدها قام بتوزيعها علي أعضاء المجلس الذين اصلا لا أحد فيهم لا يفهم طبيعة أعمالها وكيف تدار- كباشي مثالا!!… ورغم الانهيار الكبير الذي ضرب الخدمة المدنية بعد ايلولتها لمجلس السيادة ، لم يتراجع البرهان عن قراره ويلغي قرار تبعية الوزارات له بل تمادي في توسع الاستيلاء علي مرافق أخري كبيرة من ضمنها جهاز الأمن والمخابرات الوطني!! .
اكتب اليوم هذا المقال ليس دفاعا عن جهاز الأمن والمخابرات الوطني الذي أصبح حاله مثل حال “الأيتام على موائد اللئام” فلا أحد من المسؤولين العسكريين الكبار تمعن في حال هذه المؤسسة العسكرية الهامة ، وكيف تدهور اداءه وتقلصت مهامه وواجباته بعد أن آلت وظائفه وواجباته لجهاز الإستخبارات العسكرية الذي هو اصلا عمله يختلف تمام الاختلاف عن مهام جهاز الأمن ، ولكن اكتب عن هذه (السبهللة) في التصرفات الغير مقبولة دستوريا وقانونا من البرهان الذي انفرد بكل شيء ، وعن سياسته الرامية أن يصبح هو فرعون البلاد!! .
ما مر يوم بعد حرب أبريل ٢٠٢٣م ، الا وجاءت الصحف بأخبار أفادت فيها أن الاستخبارات العسكرية قد قامت باعتقالات فردية وجماعية لمواطنين بلا تهم محددة وزجت بهم في المعتقلات العسكرية حيث هناك لقوا صنوف من ألوان التعذيب والضرب والمبرح ، وكل هذه الاعتقالات تمت بدون أذن من النائب العام – الذي هو بالطبع لا يقوى علي الوقوف في وجه القادة العسكريين في الاستخبارات العسكرية!!-
من تمعن بدقة في اداء الاستخبارات العسكرية اليوم في البلاد ، يستغرب أن يجد مع الاسف الشديد انه اداء لا يتم بصلة لا من قريب او بعيد بعمله كجهاز يعمل داخل القوات المسلحة، هو لا يحق له أن يقوم بمهام مؤسسة عسكرية أخري ، والا يستحوذ علي عمل جهاز الأمن والمخابرات الوطني!!، كل الاجهزة الامنية في دول العالم بلا استثناء تعمل مستقلة تماما عن أي مؤسسة عسكرية أخرى داخل الدولة إلا في نظام البرهان الذي يرغب أن يكون نظامه كنظام الفوهرر ادولف هتلر النازي الذي جمع كل مؤسسات الدولة واخضعها لسلطانه وخربها عام ١٩٤٥م!! .
واحدة من أغرب ما قام به جهاز الاستخبارات العسكرية مؤخرا وفاقت في قوتها كل التصرفات السابقة بمراحل ، ما جاء في الخبر الصاعق الذي نشر في صحيفة “الراكوبة” بتاريخ يوم الاثنين ١٦/ سبتمبر الحالي تحت عنوان : “الاستخبارات العسكرية تطلب من الصحفيين التسجيل في كشوفات “اتحاد الصحفيين المحلول” وجاء فيه:
(…- كشفت مصادر إعلامية لـ”الراكوبة” أن الاستخبارات العسكرية بالجيش السوداني تجري إحصاء للصحفيين في الولايات التي تسيطر عليها الأخيرة. وساهم الصراع المدمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023م في إيقاف وتدمير مقار المؤسسات الإعلامية في البلاد ، بما في ذلك وسائل الإعلام الحكومية والخاصة.
وينفذ طرفا الصراع حملات انتقام واعتقالات ضد الصحفيين والمؤسسات الصحفية المحايدة والمستقلة بحجة دعم الطرف الآخر. وقال صحفيون لـ”الراكوبة” إن جهاز الاستخبارات العسكرية يقوم حاليا بإحصاء وتصنيف الصحفيين في ولايات “نهر النيل والشمالية والبحر الأحمر وكسلا والقضارف”. وأكد صحفيون أنهم تلقوا اتصالات من عناصر تابعة للاستخبارات العسكرية للذهاب وتسجيل أسمائهم في كشوفات جديدة أعدها اتحاد الصحفيين “المنحل” في رئاسة المحليات في ولاياتهم. وتؤكد نقابة الصحفيين السودانيين في تقارير منتظمة ، أن الصحفيين السودانيين تعرضوا لانتهاكات واسعة خلال الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع ، ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الصحفيين ، وإغلاق المؤسسات الإعلامية ، وتدمير مكاتب الصحفيين ومنازلهم ، وتعريضهم للملاحقة والاتهامات والمنع من السفر.).- انتهى-
والسؤال المطروح بقوة في وجه جنرالات الاستخبارات العسكرية : “منذ متي كان في السودان قديما او حديثا- او في اي دولة أخرى- انه من مهام الاستخبارات العسكرية التدخل في الشأن الخاص بالإعلاميين والصحفيين؟!! .
لم يعد يخفي علي أحد ، أن السبب الكبير وراء انهيار الخدمة العسكرية والمدنية ، وتدهور حال المؤسسات الاقتصادية والعمرانية ، وارتفاع الدين الخارجي ، وهبوط الجنيه الي أسوأ حالته ، تعود بالدرجة الي سكوت أعضاء مجلس السيادة بشقيه العسكري والمدني والوزراء في الحكومة الانتقالية ومعهم كبار الضباط والقادة العسكريين علي تصرفات البرهان المستهجنة وانفراده بكامل السلطات.
تصرفات البرهان أصبحت اشبه بتصرفات رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون الذي أصبحت كامل كوريا بما فيها من أراضي وشعب ومؤسسات كانها قطاع خاص ورثها من والده وجده!! .
نعود للحديث عن جهاز الأمن والمخابرات الوطني اين هو الان؟!! . واين أختفي بعد الحرب .. وما سبب الاختفاء ومن وراءه؟!!، وهل بالفعل تعمد البرهان تهميش عمل جهاز الامن لصالح الاستخبارات العسكرية؟!!، المهم اليوم وبصورة عاجلة وبغض النظر عن اختلاف وجهات نظر المواطنين عن جهاز الامن والتي اغلبها محبطة وغير راضية عنه وانه جهاز قمعي في يد السلطة الحاكمة اليوم تماما كما كان في زمن الرئيس المخلوع فان هذا الجهاز اليوم مطالب بصورة عاجلة أن ينتفض ويعيد ترتيب أوراقه من جديد ويكون جهاز قومي بالدرجة الأولى يحمي ويصون ، خصوصا بسبب المخاطر الخارجية والداخلية التي تزداد كل يوم بصورة ما عادت تخفى عن العيون.
أخر هذه المخاطر ما جاء في احدي المواقع الصحفية التي نشرت تقرير ميداني خطير أفاد ، إنه خلال الفترة من عام ٢٠١٦م حتي هذا العام الحالي ٢٠٢٤م حصل نحو نصف مليون وافد أجنبي علي الرقم الوطني واصبحوا سودانيين ، وأن ولايات البحر الاحمر وكسلا والقضارف ودارفور أصبحت تعج بجنسيات أجنبية مختلفة ما لها حصر ولا عدد يتكلمون بلهجات اصلا ما كانت ضمن اللهجات الموجودة سابقا بالبلاد وكلهم عندهم الرقم الوطني!! .
قمة المهزلة تكمن أن البرهان منذ فترة طويلة خاصة بعد حرب أبريل يستعين دائما بجهاز المخابرات المصرية ليعرف من خلاله حال السودان المزري وكيف يتعامل مع الأمور المستعصية الحل!!، وكثيرا ما علقت الصحف السودانية عن اللقاءات التي تمن بين البرهان مع مدير جهاز المخابرات المصرية في غياب مدير جهاز أمنه!! .
يجب أن يعود جهاز الأمن والمخابرات الوطني الي وضعه السابق بعيدا عن هيمنة وسيطرة الاستخبارات العسكرية لانه جهاز أدري بالمخاطر التي تحيق بالبلاد، ولان الاستخبارات العسكرية لا يمكنها أن تقوم بمهمتين في وقت واحد.
انا كنت اؤمن بمقدرات جهاز المخابرات وكنت اطمئن نفسى انه بالتأكيد لديه خطة للجم خطر حميدتى سواء بانقلاب من داخل الدعم السريع وابعاده هو وشقيقه عن القيادة وتعين قيادة جديده منضبطة او حتى بالاغتيال لان الحفاظ على الامن القومى يتطلب ذلك وحميدتى كان الكل يعرف مدى خطورته على البلاد . ولكن خابت تقديراتى فجهاز المخابرات السودانى اتضح انه بتاع موظفين وونسة فى الترقيات والنثريات والسيارات والبنزين على حساب ااشعب المسكين . بالاضافة لمجموعة ( دققنجية ) لضرب وتعذيب المعارضين الوطنيين وطلاب الجامعات فى بيوت الاشباح الاسلامية .. والادهى والامر فوجئنا بأننا لا نملك جيشا . فانهارت الدولة وانهار الوطن وتم احتلال العاصمة الخرطوم وتشرد الشعب وتم احتلال ١٤ ولاية من مجموع ١٨ ولاية بواسطة مرتزقة اتى بهم حميدتى تحت سمع وبصر جميع الاجهزة الامنية . فعن اى جهاز مخابرات نتحدث ؟؟؟
الحبوب، المشتهى السخينة .
مساكم الله بالعافية التامة.
عودة الي أحداث هامة لها علاقة بالمقال:
-تأريخ جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني-.
مقال من مكتبتي في صحيفة “الراكوبة” تحت عنوان:
مدراء المخابرات السودانية..لماذا دائمآ نهايتهم دامية واليمة ؟!!، وقام موقع “المعرفة” مشكورا بإضافة معلومات جديدة حول.
١-
حتي عام 1972، ما كان السودان يعرف شيئا اسمه (جهاز الأمن)، ففي عهد الحكم الإنجليزي للبلاد، كان هناك قسمآ بوزارة الداخلية اسمه (البوليس السري)، مهمته جمع المعلومات عن قادة الأحزاب الوطنية وقادة العمل السياسي ورؤساء الصحف والصحفيين، وكان قسم يهتم اهتماما خاصا بعلاقة كبار السياسيين السودانيين بالسياسيين المصريين وأنشطتها وماذا يخططان، وكان موظفو هذا القسم يهتمون ايضآ بالنشاط الشيوعي وسط الجماهير، وكانت التقارير ترفع يوميآ من هذا القسم للحاكم العام بالقصر، حيث يتخذ فيها قرارات ويحولها لسكرتيره الإداري بالقصر لاتخاذ اللازم من اعتقالات او منع الصحف من الصدور.
ظل هذا القسم موجودا وطوال حكم الإنجليز وحتى عام 1958 وقبل انقلاب الفريق ابراهيم عبود. وجاء حكم ضباط انقلاب 17 نوفمبر 1958، وبسط الجنرالات سطوتهم الكاملة علي البلاد، وتمت (عسكره) كل الوظائف الكبيرة بالوزارات والمصالح الحكومية، وأل مكتب (البوليس السري) بوزارة الداخلية بالخرطوم لمدير الشرطة (أبارو).
فترة أبارو:
جنرال لا يرحم ولا يعرف الشفقة والرحمة مع المعتقليين السياسيين، كان ابارو واحدآ من الضباط الذين تدربوا وعملوا طويلا مع الضباط الإنجليز وتطبع بطبائعهم وصار واحدآ منهم ويعرف واجباته تمامآ وبكل انضباط وحزم. كان اسمه يثير الرعب في القلوب لساديته المبالغ فيه تجاه معتقليه. كان ابارو يكره ثلاثة أشياء:
1- الشيوعيون.
2- المظاهرات.
3- المثقفون والصحفيون ورؤساء الأحزاب.
وكان هو بنفسه يتفرغ لتعذيب المعتقليين، فإذا كانوا شيوعيين فانه يقوم بتكسير اصابع اياديهم، وذلك بوضع قلم الرصاص بين الاصابع ويضغط عليها ( ويتكيف جبنة) عند سماعه صوت التكسير!!، اما اذا كانوا طلاب مدارس اعتقلوا في مظاهرة، فإنه يقوم بتعريتهم من كامل ملابسهم ويبقيهم طوال يومين بفناء ( المجلس البلدي) فرجة للرائح الغادي، ومن حولهم رجال الشرطة يسخرون منهم!!
ثورة 1964:
وجاءت ثورة 21 أكتوبر 1964، وتوجهت المظاهرات العارمة لمجلس الوزراء تطالب حكومة سر الختم الخليفة الأنتقالية بالتطهير الجذري في وزارة الداخلية، وبالفعل، خرج ابارو من الوزارة تلاحقه لعنات الملايين.
انقلاب النميري:
جاء انقلاب البكباشي جعفر النميري عام 1969، فأسس اول جهاز امني يحمل اسم( جهاز الامن القومي ) برئاسة الرشيد نور الدين. ومن اكبر الأخطاء التي ارتكبها الرشيد، انه وفي الوقت الذي كان يتقرب الرئيس النميري لمصر التي ساندت انقلابه، كان الرشيد وكرئيس للجهاز ويخفي كرهه ومقته للمصريين وحبه للغرب!!، اشتدت الضغوط المصرية علي النميري للاطاحة برئيس الجهاز، فتقدم الرشيد باستقالته لنميري وعاد لصفوف القوات المسلحة.
عمر الطيب:
من اكثر الشخصيات العسكرية التي حكمت جهاز الأمن بالخرطوم جدلآ، كانت شخصية اللواء عمر محمد الطيب. بل وان اغلب زملاء نميري من الضباط الكبار واعضاء الاتحاد الاشتراكي استغربوا تعيينه رئيسا لاهم مؤسسة أمنية تحكم البلاد، فقد كان اغلب رأي الناس في عمر، انه شخصية ضعيفة ومهزوزة ولا يمكنه إدارة الجهاز، وجاءت حادثة نقل (الفلاشا) الأثيوبيين لاسرائيل لتنهي حياة عمر العسكرية والسياسية، ويقدم للمحاكمة، ويسجن، وبعدها يطلق سراحه وفضل البقاء والاقامة بالمملكة العربية السعودية.
الفاتح عروة:
(أ)- الفاتح عروة هو عسكري ودبلوماسي سوداني، درس بالكلية الحربية السودانية ثم عمل ضابطاً بالقوات المسلحة ثم بجهاز الأمن وبعدها هاجر الى الولايات المتحدة ثم عاد مستشارا امنيا لرئيس الجمهورية ثم سفيرا للسودان لدى الأمم المتحدة واليوم هو عضو منتدب ومدير عام لشركة زين للاتصالات السودان.
(ب)- عملية الفلاشا:
بعد فتح ملف عملية تهجير يهود الفلاشا وتوطينهم داخل إسرائيل بناء على أوامر عليا من الرئيس السوداني السابق جعفر نميري وباتفاق مباشر مع الإدارة الأمريكية، وتورط كل من اللواء عثمان السيد، واللواء عمر الطيب، والفاتح عروة، غضب الفاتح عروة من هذه الشائعات وقال اللواء عمر الطيب: والله إحنا ضباط محترمين ونظيفين ونفذنا أوامر قانونية بصفتنا عساكر، وبكره نميرى ينظر فى هذا الموضوع مثلما نظر فى موضوع اعتقال الأطباء.
(ج)- وطلب الفاتح عروة من اللواء عمر، جمع ضباط وأفراد جهاز أمن الدولة لكى يقول لهم الحقائق، لأن من قاموا بالعملية لم يكونوا يعلمون بها، وجمع اللواء عمر الضباط بداية من رتبة العقيد وقال لهم بالنص: «يكون فى علمكم إنه ما فيه شىء بيتم فى الجهاز ده بدون علم وتوجيهات الرئيس، وإنتم عارفين التصريح اللى قاله نميرى: لو عاوزين يشيلوا الباقيين يجيبوا طيارات الأمم المتحدة، لأن دى سياسة دولة والضباط الذين نفذوا العملية ليس لهم دخل بالسياسة ولا حتى بإسرائيل، ولا يعرفون خلفيات الموضوع»، وبعدها كان الفاتح عروة المسؤول عن تأمين بيت الرئيس جعفر نميرى أثناء استقباله نائب الرئيس الأمريكى جورج بوش خلال زيارته السودان وسمع من أحد الضباط أن الوفد المرافق لنائب الرئيس الامريكى طلب من نميرى السماح لهم بترحيل باقى الفلاشا بناء على طلب من الرئيس الأمريكى وقتها رونالد ريجان.
(د)- مرّ الفاتح عروة بظروف نفسية سيئة بعد استبعاده من عمليات نقل الفلاشا باعتقال أولاد عمه بطريقة مزرية، وكان ذلك بسبب تسريبه معلومات عن عمليات الترحيل للإخوان المسلمين، لكن عروة أكد فى التحقيقات أنه لم يسرب المعلومات للإخوان، وإنما سربها لزملائه الضباط بطريقة منظمة، وطلب من اللواء عمر إجازة سنوية عن طريق وساطة اللواء عثمان السيد.
انتفاضة 1985:
وبعد نجاح انتفاضة 6 ابريل 1985، تكشفت كل الحقائق عن ترحيل (الفلاشا) التي اساءت اساءة بالغة للجهاز الي يومنا هذا، ومازال اسم الفاتح عروة ويقترن بالعلاقة مع اسرائيل!!
قطبي المهدي:
من الأسماء الكبيرة التي ايضآ انتهت نهاية مرة وقاسية وسبق لها ان عملت بجهاز الأمن، الدكتور قطبي المهدي، والذي يقال عنه (وهو الحاصل علي الجنسية الكندية) ،انه بسبب ممارساته السابقة ومجاراته لسياسات التطهير العرقي والتصفيات الجسدية وانتهاكات حقوق المواطن السوداني فقد قررت الحكومة الكندية تقديمه للمحاكمة بمجرد دخوله لوطنه كندا!!
النافع علي النافع:
وجاء الحكم الجهاز ايضآ، الدكتور النافع علي النافع الذي ادخل أساليب قمعية جديدة ماعرفت البلاد لها مثيلآ من قبل، وهي أساليب انفرد بها انقلاب الانقاذ بعيدآ عن مشورة جنرالات الجهاز الذين كانوا يفضلون إبقاء الجهاز وبعيدا عن السياسة والحزب الحاكم، فتم احالة المعارضون للصالح العام، وانفرد النافع ويحكم بيد من حديد جهازه الحزبي، حتي جاءت محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك باديس ابابا في 26 يونيو 1995، وفشلت المحاولة التي تورطا فيها علي عثمان وعلي النافع. وتم الإطاحة بنافع كرئيس للجهاز وتعيينه مساعدا بالقصر، ولكن لعنات ودعوات الآلاف من ضحاياه في ( بيوت الأشباح ) تلاحقه ليل نهار!!
صلاح قوش:
وجاء بعده في حكم الجهاز الأمني صلاح عبد الله (غوش)، ولكن في 14 أغسطس من عام 2009، قام الرئيس عمر البشير بنقله من الجهاز الي القصر مستشارا أمنيا له. وخلال عهد حكم غوش للجهاز شهدت البلاد مجازر دامية واغتيالات تصفيات جسدية لاعداد كبيرة من أهل غرب البلاد والطلاب. لم ينعم غوش كثيرآ بمنصبه، فقد أطيح به مرة اخري من القصر علي خلفية صراعات اهل القصر، واختفي اسمه وبدأ اسمه في الذبول والنسيان….إلا في مخيلة أهالي الضحايا واليتامى والارامل!
محمد عطا:
ترأس الجنرال محمد عطا المولى جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في 2009 خلفاً للمتهم في محاولة انقلابية للإطاحة بحكومة البشير صلاح عبد الله، المعروف بـ”صلاح قوش”. وفي شباط /فبراير الماضي، نقل عطا من رئاسة الجهاز الأمني إلى وزارة الخارجية في إطار تعديلات حكومية. ومنذ تموز/ يوليو من 2018، شغل عطا منصب القائم بأعمال سفير السودان في واشنطن. وكلّف البشير الجنرال عطا بالعمل على رفع اسم السودان من قائمة الولايات المتحدة التي تتضمن الدول الراعية للإرهاب. وبرز اسم عطا في الاحتجاجات الشعبية التي أدت لسقوط نظام البشير في 2018، إذ طالب محتجون باعتقاله ومحاسبته على التهم التي وُجهت إليه حين كان مديراً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني. قرر المجلس الانتقالي العسكري الذي تسلم مقاليد الحكم عقب سقوط البشير إعفاء محمد عطا المولى من منصبه قائما بأعمال السفارة السودانية في واشنطن.
عودة قوش:
في 11 فبراير 2018، عين الرئيس السوداني عمر البشير، صلاح قوش مديراً لجهاز المخابرات والأمن الوطني، خلفاً لمحمد عطا.
المواجهات مع الجيش 2020:
(أ)- في 13 يناير 2020، دار قتال عنيف بين قوات الجنجويد (حميدتي) وقوات هيئة العمليات التابع للمخابرات (قوش) في كبرى المدن السودانية. أرسل الجيش 30 مركبة دعماً للجنجويد. وفق شهود عيان، فقد وقع إطلاق نار كثيف سُمع في العاصمة الخرطوم في قاعدتين تابعتين لجهاز المخابرات التي أغلقت الطرقات المؤدية إليهما، مساء الثلاثاء 13 يناير 2020. وفي صباح 15 يناير، أعلن الجيش السوداني إنتهاء ما أسماه بالتمرد، والذي وقع في الخرطوم في اليوم السابق. حسب ما أعلنه الجيش السوداني أسفرت الاشتباكات عن مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين.
(ب)- وذكر البيان أن “ما حدث كان نتيجة لقرار منذ شهور قضى بتسريح قوة هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق، إدارة المخابرات العامة الحالية، ومنح منسوبيها أربعة خيارات: الانضمام للقوات المسلحة، أو قوات الدعم السريع، أو البقاء بجهاز المخابرات العامة، أو التسريح وصرف الاستحقاقات”. وأضاف البيان: “طلب معظم قوات العمليات خيار التسريح وتم تحديد مستحقاتهم حسب اللوائح والقوانين المالية المعمول بها بجهاز المخابرات العامة وعند إعلانها لهم رفضوا القبول بذلك”.
وتابع: “نتيجة لهذا الرفض قامت كل القوات في كل مواقفهم بالرئاسة بالرياض وموقع كافوري وموقع سوبا وموقع كرري وبعض المواقع بالولايات بإطلاق أعيرة نارية وقفل لبعض الطرق وترويع أمن المواطن” . واختتم البيان بالقول: “نتيجة لهذه الأحداث والتي تعتبر تمردا على السلطة من عناصر عسكرية منظمة بذلت القيادة العسكرية جهودا كبيرة لوقف هذه التصرفات بالطرق السلمية وعندما فشلت تلك المساعي قررت القيادة اقتحام تلك المواقع باستخدام أقل قوة ممكنة في وقت متزامن وفق خطة محكمة لإزالة هذا التمرد وبأقل الخسائر”.
(ج)- أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان أن ما حدث في الخرطوم هو محاولة لإجهاض الثورة، مشدداً على عدم السماح بحدوث انقلاب في البلاد. وأعلن البرهان عن عودة حركة الملاحة إلى طبيعتها في مطار الخرطوم، بعد أن تمت السيطرة على جميع المقار من قبل القوات المسلحة السودانية. وأشار البرهان إلى أن القوات المسلحة متماسكة لحماية المرحلة الانتقالية.
(د)- قال مصدر لرويترز “القوات المسلحة تتسلم جميع مقار هيئة العمليات بعد نجاح تفاوض قادة مدير جهاز المخابرات دمبلاب وأقنع القوات بتسليم سلاحهم وتسليم المقرات وانتهاء الأزمة”. وأوضح الناطق الرسمي باسم جهاز المخابرات العامة عبر “تويتر”: “بحمد الله تم احتواء الموقف وحقن الدماء عبر مفاوضات قادها دنبلاب بنفسه وسلم الأفراد أسلحة أصدر جهاز المخابرات العامة السودانية بياناً ذكر فيه أنه “في إطار هيكلة الجهاز وما نتج عنها من دمج وتسريح حسب الخيارات التي طرحت على منسوبي هيئة العمليات اعترضت مجموعة منهم على قيمة المكافأة المالية وفوائد ما بعد الخدمة”.
(هـ)- وفي السياق، ذكر تجمع المهنيين السودانيين، الذي قاد الاحتجاجات التي أطاحت بحكم الرئيس عمر البشير في أبريل 2019، أن حالة ذعر انتابت “سكان أحياء كافوري، الرياض، حي المطار وعدد من الأحياء بالخرطوم” نتيجة أصوات ذخيرة حية من مباني جهاز الأمن والمخابرات العامة. وأضاف بيان تجمع المهنيين “إننا نرفض أي محاولة لخلق الفوضى وترويع المواطنين واستخدام السلاح مهما كانت المبررات كما نطلب من المواطنين أخذ الحيطة والحذر والدخول إلى المنازل وإغلاق الأبواب والنوافذ بإحكام وعدم الاقتراب منها حتى تستقر الأوضاع”.
(و)-
في 16 يناير 2020، اتهمت الحكومة عدداً من قادة المخابرات العامة بالقيام بمحاولة انقلاب. أطيح بعدد من قادة المخابرات العامة، على رأسهم مديرها أبو بكر دمبلاب. تم تعيين رئيس المخابرات العسكرية جمال عبد الحميد خلفاً لدمبلاب.
يا السخينة الحمد لله خابت تقديراتك في جهاز المخابرات. ثانيا ما مدى خطورة حميدتي على ( السودان) و الأمن الوطني في ظل نظام الإنقاذ البشير و الإنقاذ البرهان!! ايهما اكثر خطورة على ( السودان ) او الأمن الوطني!!! حميدتي ام الإنقاذ!!!!!؟ يا رجل اما و قد وقعت الحرب دعنا نرى و نستمتع بالخطورة إلى النهاية فهي أجمل شئ قبيح في ( السودان).. إيه
الاخ الفاضل ابوبكر سيد احمد الصائخ كلامك كل حقايق لكن انت تعلم السودان لا توجد به حكومة ولا سلطة تشريعية او قضائية وما يسمى بمجلس سيادة عبارة عن زريبة للاغنام البلد فيي حالة تحلل ولاوجد جيش وطني والبلد بها عشرات المليشيات التي لا اخلاق ول دين لها وهدمت البلد انا سبق توقعت انك لم تزور السودان منذ عشرات السنين وربما مازلت تحمل صور جميلة التي تركتها فيها ،،
الحبوب، ALSALATY.
مساكم الله تعالي بكل ما هو سعيد ومفرح.
وصلتني اربعة رسائل من قراء علقوا فيها علي المقال، وكتبوا:
الرسالة الأولي:
(…- يعني انت عاوز جهاز الأمن والمخابرات الوطني يرجع قومي ويشتغل تاني بعيد عن سلطة البرهان ؟!!، يا أخي كل المؤسسات العسكرية من سنة 1969 ليوم الليلة كانت تابعة للرئيس تبعية قانونية وحتبقي تابعة للرئيس البحكم وتخضع لسلطته والدستور منحه حق الاشراف الكامل علي المؤسسات دي؟!!، كل أجهزة الأمن والمخابرات الوطنية في البلاد الافريقية والعربية أجهزة قمع وإبادة وهي وراء بقاء الرؤساء الدكتاتوريين مدة طويلة.).
الرسالة الثانية:
(…- كلام غريب!!، نحنا كل يوم نرفع أيدينا للسماء نسأل الله تعالى يخفس حجر جيش سناء حمد وقوات الجنجويد والمرتزقة ومجلس السيادة العسكري تقوم انت عاوز تحي جهاز أمني مات من زمان وشبع موت ويرجع يحكمنا مرة ثانية؟!!، يعني ما يكفيك الحاصل من الجيش وروافده الاسلامية والحركات المسلحة الوصل عددها اكثر من 88 تجي تكتب تطالب بعودة جهاز الأمن.. فال الله ولا فالك.
الرسالة الثالثة:
(…- ما عندك موضوع!!.).
الرسالة الرابعة:
(…- البرهان لن ولن يلجأ الاستعانة بجهاز الأمن والمخابرات الوطني طالما عنده الاستخبارات العسكرية وجهاز الأمن والمخابرات المصرية !!، البرهان حل جهاز الأمن والمخابرات الوطني خوفا من وجود الطابور الخامس التابع لصلاح قوش، البرهان بحكم عمله في الجيش وكرئيس لمجلس السيادة يعرف كل صغيرة وكبيرة عن المخابرات وانه جهاز لا يؤتمن له، وأن اغلب القياديين السريين فيه يدينون بالولاء والطاعة لقوش.).
لو عايز تعرف حالة السودان الوصلنا ليها البرهان ارجو ان تقراء رواية
Animal Farm by George Orwell
البلد مافيها حكومة ولا جيش بل عشرات المليشيات الهمجية ولا يوجد قانون ولا سلطات قضائية او مجلس تشريعي والجنيه السوداني اليوم يساوي 0.00001مليم مقارنة مع ذلك الزمن الرحلت فيه انت من السودان
الحبوب، ALSALATY.
تحية طيبة، وسعدت كثيرا بحضور الثاني الكريم.
وصلتني رسالة من قارئ كريم كتب فيها أن الاستخبارات العسكرية في السودان تعتبر أفشل جهاز في المؤسسة العسكرية بدليل أن أغلب الانقلابات التي وقعت في البلاد خلال الفترة من يوليو ١٩٧١ ومرورا بانقلاب المقدم/ حسن حسين، ودخول قوات المرتزقة الخرطوم عام ١٩٧٦، وانقلاب البشير ١٩٨٩، ونهاية بمحاولة إنقلاب أبريل ١٩٩٠ كلها ما كان لها أن تقع لو كانوا المسؤولين في جهاز الاستخبارات العسكرية واعيين وصاحيين وملمين تمام الإلمام بكل صغيرة وكبيرة عن الضباط والقياديين العسكريين في القوات المسلحة، جهاز الأستخبارات هو بلا جدال او مناقشات سبب بلاء ومحن ومشاكل البلاد وكوارثها، وها هو اليوم بعد استيلائه علي مهام وعمل جهاز الأمن والمخابرات الوطني ينفرد بعيدا عن السلطة في بورتسودان ويحكم البلاد.. يجب واحتراما لعمل المؤسسة العسكرية وانضباط عملها أن تلتزم الاستخبارات العسكرية بعملها المقنن لها وفق القوانين العسكرية ، وأن تخلي طرفها من جهاز الأمن والا تتدخل في شأنه وأعماله.
ولكن المشكلة تكمن في عقلية القياديين العسكريين والضباط الصغار والكبار في القوات المسلحة بقبول كل شيء يصدره البرهان حتي وإن كان خطأ مخالف للقوانين العسكرية… تكمن المشكلة الثانية إنه حتي وإن راح البرهان وانتهي حكمه ستظل المؤسسة العسكرية علي حالها بدون تغيير لانه لا يوجد كادر اصلاحي ولا ضباط يسعون بجد وإصرار حقيقي لتطوير وترقية عمل القوات المسلحة.
الحبوب، ALSALATY.
ألف تحية طيبة لشخصك الكريم.
جاء في تعليقك وكتبت: “لو عايز تعرف حالة السودان الوصلنا ليها البرهان ارجو ان تقراء رواية Animal Farm by George Orwell”.
الكتاب عندي وموجود في كثير من المكتبات العربية، ولمزيد من المعرفة للقراء الكرام، اعيد نشر ما جاء في موقع ويكيبيديا:
مزرعة الحيوان (بالإنجليزية: Animal Farm) رواية دِستوبيّة من تأليف جورج أورويل نشرت في إنجلترا يوم 17 أغسطس 1945 وهي إسقاط على الأحداث التي سبقت عهد ستالين وخلاله قبل الحرب العالمية الثانية، فقد كان أورويل اشتراكيا ديمُقراطيا وعضوا في حزب العمال المستقلين البريطاني لسنوات وناقدا لجوزيف ستالين و متشككا في السياسات الستالينية النابعة من موسكو بعد تجربة له مع المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية (НКВД) في الحرب الأهلية الإسبانية، وهي جهاز الشرطة السرية والعلنية السوفيتي الذي مارس إرهاب الدولة والقمع السياسي في عهد ستالين. وقد وصف أورويل في رسالة إلى آيفون دافيد رواية مزرعة الحيوان بأنها مناهضة لستالين (بالإنجليزية: “contre Stalin”).
كان العنوان الأصلي للرواية بالإنجليزية Animal Farm: A fairy story، أي «مزرعة الحيوان: رواية خيالية» قد أغفله الناشر الأمريكي في طبعة 1946، ومن بين كل الترجمات في أثناء حياة أورويل لم يُستبق العنوان الأصلي سوى في التِّلوغو، وقد اقترح أورويل نفسه للترجمة الفرنسية عنوان Union des républiques socialistes animales، وهو تلاعب على اسم الاتحاد السوفيتي باللغة الفرنسية، والذي يمكن اختصاره إلى URSA التي تعني «دُبٌّ» باللاتينية. و تعد الرواية مثالا من الأدب التحذيري على الحركات السياسية والاجتماعية التي تطيح بالحكومات والمؤسسات الفاسدة وغير الديمقراطية إلا أنها تؤول إلى الفساد والقهر هي ذاتها بسقوطها في كبوات السلطة وتستخدم أساليب عنيفة ودكتاتورية للاحتفاظ بها، وقد ضربت أمثلة واقعية من المستعمرات الأفريقية السابقة مثل وزيمبابوي وجمهورية الكونغو الديموقراطية التي تولى عليها رؤساء محليون كانوا أكثر فسادا وطغيانا من المستعمرين الأوربيين الذين كانوا قد طردوهم.
رسالة من شاهد عيان:
*************************
وصلتني رسالة من قارئ قال إنه ضابط شرطة سابق عمل في وزارة الداخلية لأكثر من ثلاثين عام، ويعرف خفايا واسرار كثيرة من الأحداث الهامة والكبيرة التي وقعت إبان عمله في كثير من المواقع التابعة للشرطة في عدد من الولايات، وكتب:
(…- السيد المحترم بكري الصائغ ، جاء في جزء من المقال وكتبت:
(…- أخر هذه المخاطر ما جاء في احدي المواقع الصحفية التي نشرت تقرير ميداني خطير أفاد ، إنه خلال الفترة من عام ٢٠١٦م حتي هذا العام الحالي ٢٠٢٤م حصل نحو نصف مليون وافد أجنبي علي الرقم الوطني واصبحوا سودانيين ، وأن ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف ودارفور أصبحت تعج بجنسيات أجنبية مختلفة ما لها حصر ولا عدد.).
وأود أن أفيدك علما أن المعلومة التي جاءت في المقال عن عدد الأجانب والوافدين الذين حصلوا علي الرقم الوطني غير صحيح علي الاطلاق، وأن الرقم الصحيح بعدد الذين تحصلوا علي الرقم الوطني هو (2) مليون و(٧٠٠) ألف شخص لا يحق لهم الحصول عليها!!، ولا يدخل في هذا الرقم عدد اللاجئين السوريين الذين حصلوا علي جوازات سفر سودانية بطرق غير قانونية، ويقدر عدد السوريين الذين تحصلوا علي الجواز السوداني المزور بنحو (٧٠) ألف سوري من أصل (150) ألف كانوا يقيمون في البلاد وأغلبهم مازالوا في اوروبا يحملون الجوازات السودانية المزورة.
الشيء المعروف لدي السلطات الأمنية، أن الفريق أول “حميدتي” ابان عمله كنائب لرئيس المجلس العسكري الانتقالي ومن بعدها نائب رئيس مجلس السيادة قام باستخراج عشرات الالاف (إن لم تكن مئات الالاف) من الرقم الوطني ومنحها للضباط والجنود الاجانب الذين عملوا في قوات “الدعم السريع”، وهناك تقرير أفاد أن “حميدتي” استجلب ماكينات طباعة واستخراج بطاقات الرقم الوطني من دولة دولة أجنبية مازالت تستخرج كل يوم المزيد من البطاقات لاجانب!!
وهناك في بورتسودان يوجد سياسي معروف ومرموق وعنده مكانة وسط عشيرته، كان موالي للنظام السابق وحاليا مع السلطة الحالية، هذا السياسي قام باستخراج عشرات الالاف من بطاقات الرقم تحت سمع وبصر الجهات الأمنية ومنحها الاريتريين والصوماليين في بورتسودان وكسلا والقضارف.
لا يخالجنى لدنى شك فى أن أسوأ مؤسستين فى السودان هما جهاز الأمن وجهاز الاستخبارات العسكرية بل هما سبب كل مشاكل السودان السياسية والاقتصادية..هاتان المؤسستان ضالعتان بشكل واضح فى توجيه سياسة البلاد والإدارة الحكومية فيها فهى تتدخل فى التعيين للوظائف الحكومية بما فيها مداخل الخدمة..وتتدخل فى علاقات السودان الخارجية وليتها كانت تخدم مصالح البلاد بل تعمل على مطاردة السودانيين بالخارج بزعم المعارضة…نعم تحتاج البلاد لجهاز أمن مهنى محترف لا يتعنصر ولا يحابى ولا يريد يعمل كانذار مبكر ويضع أما الحاكم خططا لتفادى الوقوع فى المطبات..أن اى عار لحق بالسودان كان سببه جهاز الأمن والاستخبارات..وما يمر به السودان اليوم هو نتاج عجز هذين الجهازين عن استقراء واستشراف المستقبل …تصور جهازا ترأسه قطبى المهدى وهو الذى سرق بحثا كثبه غيره ليقدمه لنيل الدكتوراه هل يمكن أن نتوقع من رجل كهذا أن يصيب نجحا؟ هل يمكن توقع نجاح لشخص مثل نافع على الذى يعذب زملاءه من أساتذة الجامعة…نحن فى محنة حقيقية وأخشى أن تلازمنا مدى الحياة
الحبوب، كوجاك ليل.
ألف مرحبا بقدومك السعيد، ومشكوووور علي التعليق الفاهم الرائع.
وصلتني ثلاثة رسائل من قراء علقوا فيها علي المقال، وكتبوا:
١-
(… – يا عزيزي، لابد أن تعرف السبب الحقيقي وراء قيام المخابرات العسكرية – بجانب مهامها الرسمية – بأداء عمل جهاز الأمن والمخابرات الوطني. والسبب يعود الي أن جهاز الأمن والمخابرات الوطني لم يعد قادرا علي مسايرة ما يجري في سودان اليوم من تطورات بالغة الخطورة وبقي عاجزا عن ملاحقة هذه التطورات وتعامل معها بنفس الاسلوب القديم الذي كان ساريا في النظام السابق.
هنا لا اود أن القي اللوم علي جهاز الأمن والمخابرات الوطني واتهمه بالفشل في حماية البلاد، فهذا الجهاز تعرض لكثير من الظلم الذي ألم به من جراء سياسة البرهان و”حميدتي” ابان عمله بالمجلس العسكري والسيادي. تعرض الجهاز لقرارات رئاسية كثيرة كان فيها العجب العجاب من طرد تعسفي لأحسن الكفاءات التي تخرجت من أرقي الأكاديميات العسكرية في أمريكا واوروبا، وقرارات عزل ضباط وفنيين ذوي تخصصات أمنية عالية المستوي، وقرارات الإحالة للصالح العام شملت قياديين بحجة أنهم “سدنة” النظام السابق!!، هذا الي جانب قرارات أخرى قلصت من مهام الجهاز.
بالطبع، ليس الغرض من تعليقي هذا أن أقلل من دور جهاز الأمن والمخابرات الوطني، فهو جهاز مازال أفعال يقوم بعمله بما يقدر عليه “ولا يكلف نفسا إلا وسعها”. ولكن الضرورة في ظل هذه الظروف الطارئة تحتم أن تقوم الاستخبارات العسكرية القيام بعمل جهاز الأمن والمخابرات الوطني.).
٢-
الرسالة الثانية:
(…- لو كان البرهان في أبريل عام ٢٠١٩ ومباشرة بعد استلامه الحكم قام ب”هيكلة” القوات المسلحة وحل قوات “الدعم السريع” لما وقعت الحرب ووصلنا الي هذا الحال.).
٣-
الرسالة الثالثة:
(…- رغم أن المقال لا جديد فيه، وكثير من المعلومات معروفة ونشرت بالصحف السودانية والاجنبية، الا انه مقال يدق ناقوس الخطر ويلفت أنظار المسؤولين في السلطة التي تحكم البلاد الي التدهور المريع الذي ضرب بقوة المؤسسة العسكرية واختلط فيها حابل القرارات العسكرية الخاطئة بنابل فوضى تداخل أعمال المؤسسة العسكرية. وأصبح من الصعب فهم طبيعة عمل كل مؤسسة عسكرية علي حدة!!.).
مقال سابق من مكتبتي في صحيفة
“الراكوبة” وله علاقة بالموضوع الحالي:
كيف نشأ جهاز الأمن القومي السوداني?!!
مقدمة:
حتي عام ١٩٧٢ ما كان السودان يعرف شيء اسمه (جهاز الأمن)، حتي جاء البكباشي/ جعفر النميري للحكم وقام بتاسيس اول جهاز أمني في البلاد حمل اسم (جهاز الأمن القومي) برئاسة العميد/ الرشيد نور الدين.
١-
تعود القصة الي عام ١٩٧٠ عندما زار الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر الخرطوم لتهنئة النميري بالذكري الاولي علي انقلاب مايو ١٩٦٩، وفي إحدى الجلسات ما بين النميري وعبد الناصر والقذافي الذي حضر ايضا للتهنئة، نصح القذافي النميري بتأسيس جهاز أمن وطني علي غرار أجهزة المخابرات الموجودة في اغلب دول العالم لحماية النظام في السودان. بعدها بدأ نميري في مشاوراته مع زملاءه (الضباط الاحرار) القابضون علي زمام أمور البلاد، وبعد جلسات طويلة حول من يرأس هذا الجهاز الأمني الجديد، اتفقت الاراء حول اللواء خالد حسن عباس، ولكن حسن اعتذر عن الاقتراح، فتم تكليف مأمون عوض أبوزيد القيام بتأسيس الجهاز واعطوه مطلق الحرية في الاستعانة بمن يراهم هو أكفاء للعمل بالجهاز.
٢-
بدأ الجهاز عمله بمجموعة صغيرة من ضباط القوات المسلحة بمختلف الرتب العسكرية، وما كانت عندهم اصلآ دراية وخبرات كافية بالشؤون الأمنية مما استدعى الامر الي ارسال ضباط وجنود في بعثات تدريبية للقاهرة. ستعان مأمون عوض أبوزيد بمجموعة من خريجي جامعة القاهرة فرع الخرطوم ، والذين كانوا ينتمون لتنظيم (القوميين العرب) واشتهروا باسم (الناصريين) -اي الذين يدينون بالولاء لجمال عبدالناصر-، وتوسع عمل الجهاز بعد تخصيص ميزانية كبيرة ومفتوحة.
٣-
جاءت أولى المشاكل عندما أوعز احد اصدقاء نميري له بخطورة ما يجري في الجهاز من أمور غريبة، وان الجهاز اصبح بيد (الناصريين) الذين قويت شوكتهم بعد تخريج الدفعة الثانية من مصر.
٤-
لفت صديق للنميري نظره ايضا الي ان هذا الجهاز بوضعه الحالي ووجود عناصر تدين بالولاء لمصر، يعني احتمال انقلاب أمني علي النظام القائم متى شعروا اعضاء الجهاز بان سياسات البلاد لا تسير في صالح العلاقات السودانية- المصرية. ولمح صديق النميري له مجددآ وذكره، ان الرئيس جمال عبدالناصر في عام ١٩٥٤- اي بعد عامين من الانقلاب المصري عام ١٩٥٢ الانقلاب علي الملك فاروق – قد قام بانقلاب ضد رئيسه اللواء محمد نجيب وعزله تماما من السلطة ، وحبسه وابقاه بعيدا عن الاعين، وان عبدالناصر قد استعان بمؤيديه من ضباط جهاز الاستخبارات ونفذوا الانقلاب، وليس ببعيد ان ما وقع في مصر قد يتكرر في الخرطوم. وما ان انتهي صديق النميري من كلامه مع النميري ، إلا وجاءت الأخبار فيما بعد وافادت بتعيين مدير جهاز أمن جديد بدل عن مامون عوض ابوزيد، وكان الرئيس الجديد هو الرشيد نور الدين الذي كان معروفا عنه بالكراهية والمقت الشديد للمصريين…وكانت هذه اول اطاحة في تاريخ “جهاز الأمن القومي” طالت مامون عوض ابوزيد بسبب وشاية ومكائد!!
٥-
هناك رواية أخري تقول:
ومن اكبر الأخطاء التي ارتكبها الرشيد، انه في الوقت الذي كان فيه النميري يتقرب بشدة لمصر التي ساندت انقلابه، كان الرشيد كرئيس للجهاز لا يخفي كرهه ومقته للمصريين وحبه للغرب علانية!!، اشتدت الضغوط المصرية علي النميري للاطاحة برئيس الجهاز، فتقدم الرشيد باستقالته لنميري وعاد لصفوف القوات المسلحة.
٦-
رؤساء تعاقبوا علي حكم جهاز الأمن:
(أ)- العميد/ الرشيد نور الدين.
(ب)- الرائد/ مامون عوض ابوزيد.
(ج)- اللواء/ عمر محمد الطيب.
(د)- اللواء/ الفاتح عروة.
(هـ)- الدكتور/ قطبي المهدي.
(و)- الدكتور/ نافع علي نافع.
(ز)- الفريق/ محمد عطا.
(ح)- الفريق أول/ صلاح عبدالله قوش.- شغل المنصب مرتين ٢٠٠٤- ٢٠١٨-
(ط)- الفريق أول/ بابكر حسن مصطفي دمبلاب.
(ي)- الفريق/ جمال عبد المجيد قسم السيد.
(ك)- الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.