البطينيون

مع أخبار السادسة تماما من إذاعة امدرمان يكون هناك، وفي عدد من أحياء العاصمة (الحضارية) مجموعة من الأشخاص البالغين والمسنين ومابينهما وأضعين آذانهم بنحو إحتكاكي ولاصق علي أجهزة المذياع، بإنتظار سماع اخبار الوفيات الطازجة.
بعد ساعة او أقل بقليل، يكون هؤلاء ( الأفاضل ) قد توزعوا علي بيوت العزاء واقفين متلقين للفاتحات وواقفين للقادمين بسرعة ونشاط تفوق صاحب الماتم وأقرب المقربين للمرحوم او المرحومة.
ولا بأس إذا ما جاءت ( جوعرانات من قادمين جدد) لتلتقي بمشاركة أشد (جوعرة) وبلبلة وسوائل أنفية، ودراما حركية من ( دردقة ) علي الأرض ، وربما تقطيع ملابس خارجية وداخلية من اصحابنا لدرجة لا تعطي أي فرصة( وبحكم الحياء الإجتماعي المتبقي) من أن يتمكن أحدهم ، حتي ولو كان بن المرحوم أن يسال سؤالا هاما وضروري عن علاقة المتجوعر بالمرحوم.
وغالبا ما لا يعطي أولئك فرصة لذلك بإستباق ذكي يعمدون فيه إسماع الحضور من الجميع بعبارات وجمل : مثل : الله يرحمو عم فلان او : الله يرحمو صاحبي- كان زبوني في الجزارة .
البطينيون ? أو الأكوليون – يحتكرون المناسبات الحزينة والسعيدة علي السواء علي حسابهم ، بل وينتهزون الفرص وراء الفرص للدخول إلي حوش النسوان بطلبيات متعددة مثل : زيدوا الشاي ده وكترووا اللحمة دي ، وأعملوا حساب الكبدة ، الضباح ما يشيلها وووووو.
البطينيون في إزدياد وتصاعد عددي مع تلاحق الأزمات المعيشية والازمات الإقتصادية الطاحنة، ولهم قوانين أصبحت صارمة فيما بينهم مثل:
الا يتعدي الواحد منهم حدود منطقه سكنه ومناسبات العزاء واحيانا الفرح لأهلها بسماح ان يذهبوا معهم إلي( الصالات ) إذا ما تطلب الأمر .
ويمكن تقسيم المناطق أحيانا إلي كذا الكذا وسط ، وكذا كذا كده شمال، والكده ه كده جنوب.
كنت أعرف أحدهم قبل سنوات مضت، و أذهب للتآنس او كما نقول للونسة معه عن عالمهم كلما وجدت مزاجا لذلك.
ذكر لي ذات مرة أنهم يعرفون بعضهم البعض جدا، ويتمتعون بعلاقات إجتماعية قوية ، بل يتبادلون المعلومات وهي ساخنة.
ولكن الأهم من كل ماسبق هو انهم يصنفون مستوي بيوت العزاء حسب الحالة والوضع الطبقي لأصحابها وأديانهم احيانا ، علي العكس من بيوت الافراح التي لا يتم لها أي تصنيف من قبلهم . عزاء الاقباط اكثر العزاءات المفضلة لديهم .
سألت صاحبي عن السبب فاجاب:
ياخي الأقباط ديل بيأكلوك احسن أكل، ويشربوك أحسن شراب، وكمان بعد داك يدوك قهوة ومعاها سيجارة كمان.
ضحك صاحبي لهنيهة لوحده، ونظر يسارا ويمينا مخافة ان يكون ثمة احد يسمع حديثه في سيرة الاقباط وهمس لي قائلا :
ياخي قبل يومين اتصل بي فلان بي خبرية بتاعة اتنين تلاتة اقباط ماتوا.
تسرعت في التعليق وبصوت منخفض جدا أشجعه قائلا له :
طيب ماكويس معاكم يا فلان.
اجاب وقد ضاقت عيناه (الضيقتان اصلا) ، وصغر رأسه (الصغير أصلا) واجابني ضاحكا وجسده يهتز كله، و كان الضحك قد سال يبتل به جلبابه المنتفخ العريض:
يعني يا ياخي، اتقطع؟ أتقطع أنا ياخي ؟.
فكاهة راقيةوسخرية لاذعة مما وصلت اليه الاحوال من التردي والانبطاح القسري امام قندران الحياة-اقرأ هذه القطعة وتطوف ببالي حادثةوقعت لنا قبل خمسين عاما مع جرسون في مطعم شعبي نقدناه حسابه فلاحظ اننا زدناه خمسة قروش فوق الحساب وتطوع احدنا شارحا انها مقصودة كاكرامية(بخشيش)لحسن خدمته.غضب النادل وقذف القطعة النقدية في كومة من الرمل واكد انه غير محتاج لخمسة قروش منا او من غيرنا. طبعا طان ذلك عوارة منه ولكن بصراحة عوارة زمان ولا شطارة اليومين دول
فكاهة راقيةوسخرية لاذعة مما وصلت اليه الاحوال من التردي والانبطاح القسري امام قندران الحياة-اقرأ هذه القطعة وتطوف ببالي حادثةوقعت لنا قبل خمسين عاما مع جرسون في مطعم شعبي نقدناه حسابه فلاحظ اننا زدناه خمسة قروش فوق الحساب وتطوع احدنا شارحا انها مقصودة كاكرامية(بخشيش)لحسن خدمته.غضب النادل وقذف القطعة النقدية في كومة من الرمل واكد انه غير محتاج لخمسة قروش منا او من غيرنا. طبعا طان ذلك عوارة منه ولكن بصراحة عوارة زمان ولا شطارة اليومين دول
هؤلاء يسميهم العرب الحضير,و هو الذين يحضرون العزومة أو المأتم دون دعوة و يأكلون.
السبب هو طبيعة المجتمع السوداتي و إنفتاح الناس علي بعضهم منذ قديم الزمن, و إن كان هناك ثقلاء يضايقون حتي البخلاء في مناسباتهم التي يعدونها لعدد محدود.
هاها…و يقامن ماتن!هكذا يقوها صاحنا. و يقصد و يقام المأتم في الحتة الفلانية.
يا لها من أيام حين ينصت الكل لسماع خبر الوفيات في نشرة 6 صباحآ و في نشرة الثامنةمساء من راديو أم درمان و الأخيرة تذاع في هدوء و أغلبها أخبار بايتة للمتوفين,لكن عندما يذاع المتوفي من هذه الأسرة او تلك يكون تم المراد. و عي راي الأهلين:الزول يطروا يوم طهورته و يوم عرسه و يوم موته.
يا تري هل ما زالت الإذاعة مصدر لخبر الميتين أم إستعاض عنها الأهلين بوسائل التواصل الإجتماعي.قالت تلك الخالة الموبايلات مسخت البكا و خبره!!
هؤلاء يسميهم العرب الحضير,و هو الذين يحضرون العزومة أو المأتم دون دعوة و يأكلون.
السبب هو طبيعة المجتمع السوداتي و إنفتاح الناس علي بعضهم منذ قديم الزمن, و إن كان هناك ثقلاء يضايقون حتي البخلاء في مناسباتهم التي يعدونها لعدد محدود.
هاها…و يقامن ماتن!هكذا يقوها صاحنا. و يقصد و يقام المأتم في الحتة الفلانية.
يا لها من أيام حين ينصت الكل لسماع خبر الوفيات في نشرة 6 صباحآ و في نشرة الثامنةمساء من راديو أم درمان و الأخيرة تذاع في هدوء و أغلبها أخبار بايتة للمتوفين,لكن عندما يذاع المتوفي من هذه الأسرة او تلك يكون تم المراد. و عي راي الأهلين:الزول يطروا يوم طهورته و يوم عرسه و يوم موته.
يا تري هل ما زالت الإذاعة مصدر لخبر الميتين أم إستعاض عنها الأهلين بوسائل التواصل الإجتماعي.قالت تلك الخالة الموبايلات مسخت البكا و خبره!!