تحقيق بيت الميرغني الحلقة 13 الأخيرة

مقدمة الحلقة الأخيرة:
غالبية من استطلعنا رأيهم يرون أن شمس (بيت الميرغني) السياسي أزفت بالرحيل، قد يتبقى بعض الوقت قبل ظهور الإرهاصات الحقيقية، لكن الحقائق والوقائع على الأرض تلوح بإشارات الوداع.
ثنائية البيتين..!!
طوال تأريخ السودان، بعد بزوغ فجر الثورة المهدية.. ظلت (ثنائية) بيتي (المهدي والميرغني غالبة على المشهد العام، أحياناً تبدو في شكل عداوة صريحة.. وأحياناً في شكل منافسة لدودة).
بعض المصادر الذين تحدثنا إليهم- بالتحديد الذين فضلوا حجب أسمائهم من قيادات الختمية أو الحزب الاتحادي الديموقراطي- يرون أن ثنائية البيتين تقوي استمرار وجودهما في المشهد السياسي.. فـ (بيت المهدي)- وهو الأنشط سياسياً، وفي العمل العام- عموماً- يستمد قوة دفعه، وأكسير بقائه، من ذات الخليفات الدينية، و(القداسة) التي ينطلق منها الدور السياسي لـ (بيت الميرغني).. ومن العسير افتراض زوال تأثير بيت، وبقاء الآخر، ما دام أن الأرضية التي ينطلقان منها واحدة.
لكن هذه الثنائية تطرح سؤالاً آخر حول الدور السياسي لـ (بيت المهدي) أيضاً.. هل (متلازمة البيتين) تقودهما معاً نحو الاضمحلال ثم التلاشي السياسي.
نقص المناعة المكتسب!!
كلا البيتين- (بيت المهدي) و(بيت الميرغني)- يعانيان من عيب جوهري، هو تصادمهما السافر مع أطروحات الديموقراطية، التي يقوم عليها عماد برنامج حزبيهما السياسيين- حزب الامة القومي الحزب الاتحادي الديموقراطي.
النظام الأبوي الذي نشأت عليه الممارسة السياسية لكلا الحزبين منذ بواكير النهضة الفكرية في السودان، لم يتزحزح في مفاهيمه كثيراًَ، تغيرت العهود السياسية من الاستعمار إلى عدة عهود سيايسة وطنية متناقصة، ومع ذلك ظلّ قوام الممارسة السياسية لحزبي البيتين محافظاً على سمته العام، وجوهره الفعلي، قداسة الزعامة، وزعامة القداسة.
كلا البيتين قاوم بشتى السبل الموجات الإصلاحية، التي حاولت تطوير القيادة إلى مدنية متوافقة مع معايير الديموقراطية، وكان أشهرها المجهود الإصلاحي الذي بادر به السيد الصادق المهدي في الستينيات؛ حينما كان عمه الإمام الهادي المهدي يمسك بمقاليد الزعامة الدينية، والسياسية للحزب.. لكن الزمان دارت دورته ليجد السيد الصادق المهدي- نفسه- في ذات الموقع، الذي انتقد فيه عمه، وشقّ الحزب وجماهير الأنصار بسببه.
دعوات لإصلاح الحزب داخل (البيتين) انتهت- دائماً- إلى مزيد من الانقسامات، حتى باتت الساحة السياسة تعج بمشتقات حزبي الأمة والاتحادي.
(بيت الميرغني).. ودعاوى الإصلاح..!!
لكن الفرق الرئيس بين تفاعل البيتين مع دعاوى الإصلاح، أن (بيت الميرغني) لا يكابد انقسامات داخلية، خلافاً لـ (بيت المهدي)، الذي انشقّ في فروعه الرئيسة، للدرجة التي صار فيها كيان الأنصار برأسين (الإمام الصادق المهدي.. والإمام أحمد المهدي).
ربما أسهم هذا التماسك الداخلي أن يكون (بيت الميرغني) أقل استجابة إلى دعاوى الإصلاح، بل أحياناً يبدو منصرفاً عنها تماماً، وغير آبه بمترتباتها.
غياب النجوم..!!
عندما قرر الحزب الاتحادي الديموقراطي خوض الانتخابات البرلمانية والرئاسية في العام 2010 اختار الأستاذ حاتم السر ليكون مرشحه لرئاسة الجمهورية.. أعلى منصب سيادي في البلاد، رغم أن ذات الحزب اختار السيد أحمد الميرغني- طيب الله ثراه- ليتولى منصب رأس الدولة في العام 1986، ثم اختار السيد جعفر الصادق محمد عثمان الميرغني ليكون مساعداً لرئيس الجمهورية في العام 2012.
اختيار حاتم السر يحدد السقف الذي يمكن لـ (بيت الميرغني) أن يتنازل فيه عن ثوابته، فالأستاذ حاتم السر- وإن كان من خارج حرم بيت الميرغني- إلا أنه مصنف في أعلى قائمة الالتزام المذهبي والمعنوي تجاه (بيت الميرغني)، والطريقة الختمية.
بعبارة أخرى..!!
الهزيمة المبكرة للشروط التي وضعها السيد إبراهيم الميرغني باتت واضحة، وكان إبراهيم الميرغني الناطق الرسمي للحزب الاتحادي- وهو من آل البيت- اشترط (الانفتاح) لاستمرار الدور السياسي لـ (بيت الميرغني).
لكن يبدو أن (بيت الميرغني) يسير في عكس الاتجاه المفضي إلى تلبية هذا الشرط، فعلاوة على حصر الزعامة في آل البيت، وحصر الحلقة المقربة الأولى في من هم أكثر التزاماً وانتماءً للطريقة الختمية، تبدو سماء الحزب متجهة إلى مزيد من (فراغ) النجوم، فمقارنة بأسماء النجوم الساسة في عهد مولانا السيد علي الميرغني.. ثم الجيل التالي من النجوم في عهد مولانا محمد عثمان الميرغني، في الفترة الحزبية الثالثة (1986-1989)، يبدو سماء الحزب الاتحادي الديموقراطي منحسراً، ويعاني من حالة جزر مستمر.
حقيقة صادمة..!!
قبل بداية حملة جمع معلومات هذا التحقيق الصحفي الاستقصائي، كان يساورنا إحساس أن منحنى التراجع في الدور السياسي لـ (بيت الميرغني) أقل حدة مما قد يتخيل الكثيرون.. لكن بعد جمع معلومات التحقيق، والإمعان في الغوص في تفاصيل المشهد السياسي داخل (بيت الميرغني)، بدأ يسارونا الإحساس أن الانحناء في مسار الدور السياسي لـ (بيت الميرغني) أكثر تقوساً ممّا تخلينا.. سرعة التلاشي السياسي لـ (بيت الميرغني) أكبر ممّا توقعنا.
هل يتمدد ذلك إلى الطريقة الختمية؟؟
الطريقة الختمية? ولا تتوفر إحصاءات دقيقة- هل في حالة (ثبات نسبي)، بمعنى أنها لا تكتسب مواقع جديدة، لكنها لا تفقد مدى انتشارها الجغرافي، والبشري، إلا بفعل عوامل التقادم الطبيعية، التي تجعل أجيالاً جديدة تحل محل أجيال سالفة.
تحافظ الطريقة الختمية على احترامها، على المستوى الجماهيري في المدن، والأرياف، لكنها لا تكتسب أية مساحات جديدة لا على المستوى الديني، ولا السياسي.
وقد لا يشكِّل هذا الوضع هاجساً لـ (بيت الميرغني)، لكنه بالضرورة مؤشر نحو مستقبل قد لا يكون قريباً.. مستقبل تبقى فيه الرمزيات التأريخية، وتتلاشى منه الالتزامات المذهبية.. فتبقى قبلة (سيدي الحسن) شامخة في كسلا.. مزاراً وتبركاً لا أكثر، ومثلها في الخرطوم بحري، وغيرها من مدن السودان، بذات الهيئة لكن بلا ارتباط سياسي.
الولاء للطريقة الختمية سيتحول إلى احترام، ينقصه الالتزام بأية مطلوبات أخرى، ويسهم هذا في زيادة عجلة الانحدار للدور السياسي لـ (بيت الميرغني).
ومستقبل الحزب الاتحادي نفسه!!
قد تبدو المفارقة في المعلومات التي جمعناها أن الكثير من مصادرنا لا يرون أن الحزب الاتحادي الديموقراطي خاسر من انحسار الدور السياسي لـ (بيت الميرغني)، بل البعض يرى الحزب المستفيد الأول من انحسار الدور السياسي لـ (بيت الميرغني).
(الآباء المؤسسون لهم مدى زمني محدد.. لا يشترط أن يستمر عليه الحال..)- هذا ما قاله لنا سياسي في الصف الأول للحزب الاتحادي، وقال: (مثلاً.. الحزبان الجمهوري والديموقراطي في أمريكا أنجبهما فكر آباء مؤسسين، كانوا أقرب إلى الالتزام المذهبي.. لكنهما في النهاية تحولا إلى منصتي استنارة سياسية متقدمة.. دون أن ينفصلا نفسياً عن جذورهما..).
بعبارة أخرى.. يقصد السياسي الاتحادي أن الحزب في مقدوره تطوير جماهيريته بحيث لا تعتمد بصورة كلية على أتباع الطريقة الختمية وحدهم.. وبالضرورة ولا على زعامة (بيت الميرغني)، أو دوره السياسي وحده..
صحيح دور الحزب الاتحادي الديموقراطي قادر على أن يتحرر من الارتباط العضوي المباشر مع الدور السياي لـ (بيت الميرغني)، لكن في المقابل فإن تطوير الدور السياسي لـ (بيت الميرغني) قد يقفز بالحزب إلى الأمام بأسرع مم يتوقع الكثيرون.. لكن!!.
كل المؤشرات لا تدل على أن ذلك هو ما قد يكشف عنه المستقبل.. فـ (بيت الميرغني) لا يزال يحاصر نفسه سياسياً.. ويعجِّل بساعة الغروب السياسي!!.
انتهت الحلقات!!.
التيار
هذان البيتان اسباب زبولهما كما ذهب الباحث هو التقوقع حول القداسة الدينية وعدم التفاعل مع الاطروحة الديمقراطية التى يناديان بها . و ازيد على هذا وهو السبب الرئيسى اذ انتشر الوعى بالتعليم الذى انداح فى كل اماكن نفوذهما حيث كانت الامية و الجهل المقصود يسود تلك الديار , ويرجع الفضل فى ذلك للنميرى حيث فتح التعليم الافقى على مصرعية و عم البوادى و الحضر و اتت الانقاذ بتوسعة التعليم راسيا بفتح الجامعات الاقليمية علاوة على الانفتاح الكونى المصحوب بثورة المعلوماتية بوسائلها من تلفاز و انترنت فقضت على الدوائر المغلقة للاسياد, فجيل لا نصادق غير الصادق , و عاش عاش ابوهاشم هذا الجيل وشك الانقراض و اذا لم يستطيع هذان الكيانان مخاطبة جيل العولمة بخطاب عصرى فلا اسف عليهما و سيقبران طال الزمن ام قصر.