أخبار السودان

الفزاعة والحجّة السحرية..!

يوسف الجلال

في العام 1989م قالت الحركة الإسلامية إن الوضع الأمني السوداني الهش، يتطلب التدخل العاجل للحفاظ على البلاد، وحمايتها من خطر الحرب الأهلية، وبناء على ذلك امتطت الحركة مدرعات الجيش ونفذت انقلابها، بحجة إنقاذ السودان، انطلاقاً من شرعية الأزمة التي صنعتها في مخيلة الكثيرين..!

وفي العام 2017م، أي بعد أكثر من ربع قرن من الزمان، يأتي المؤتمر الوطني الذراع السياسي للحركة الإسلامية، ويحقن أوردة الأحزاب التي تشارك في الحوار، بالأمصال والحُجّة السحرية القديمة، القائلة بوجود خطر يهدد الدولة السودانية في وجودها، وكل ذلك في سبيل استمرار تقييد النشاط الحزبي. وفي سبيل إقناع القوى السياسية ? وخاصة المؤتمر الشعبي ? بالتخلي عن فكرة تجريد جهاز الأمن من صلاحياته..!

وفي كلا الحالتين، ينجح المؤتمر الوطني في سجن بعض المكونات الحزبية، في محابس الخوف من وقوع سيناريو الفوضى. ببساطة لأنه يتقن الترويج لفزاعة اسمها انهيار الدولة السودانية، حال تخليه عن السلطة، أو في حال تفكيك دولته المركزية القابضة، لصالح دولة القانون والمؤسسات..!

وهنا – في اعتقادي – تكمن عبقرية الحزب الحاكم الذي أفلح في استدعاء مبررات القرون الماضية، واستخدمها كأفيون يخدِّر به القوى السياسية في أزمنة الألفية الجديدة.. وأيضاً يكمن خطل التقديرات السياسية للآخرين، الذين يشاركونه المسرح السياسي سواء في مربع الموالاة أو الممانعة..!

الغريب في الأمر أن غالبية القوى السياسية التي شاركت في الحوار الوطني تعزف بكورالية ممجوجة على المبررات، التي تذرّع بها المؤتمر الوطني لعدم إطلاق سراح النشاط السياسي الحر. بل إن تلك القوى تصفِّق الآن لاستمرار الوضع المقيّد على ما هو عليه سابقاً..!

ولكن مع ذلك فإن المفارقة لا تكمن في مواقف أحزاب الحوار، وإنما تتجلى في موقف المؤتمر الشعبي، الذي ركب ذات الموجة، بعدما تدلى من قطار المصادمة المتوهمة، وارتضى أن يسبح مع التيار الساعي لإيجاد مبرر لعدم إطلاق الحريات..!

انظر إلى بشير آدم رحمة وهو قيادي بارز في حزب المؤتمر الشعبي، تجده يردد ذات الأسطوانة التي حذقها المؤتمر الوطني، ووزعها على حلفائه، والقائلة بأن الوضع الأمني السوداني الهش، يتطلب تقييد العمل السياسي للحفاظ على البلاد..!

انظر إلى رحمة وتفحّص حديثه جيداً، سوف تسمعه يقول نصاً، إن “التعديلات الخاصة بجهاز الأمن لم تأتِ كما يتمنى المؤتمر الشعبي، ولكنها يمكن أن تفسح مجالاً للعمل السياسي المنضبط حسب ظروف السودان الداخلية، وخاصة في ظل ما تعانيه البلاد من حروب أهلية، وفي ظل الوضع الإقليمي المتدهور من حولنا”.

إذن، فالشعبي يساند استبقاء القوانين المقيِّدة للحريات، بمزاعم أن هناك مخاطر قد تقود البلاد إلى أتون المحرقة، حال غابت القوانين الرادعة، وهذا من حقه، ولكن لماذا قام بأداء الأدوار العبثية، التي كانت ترهن مشاركته في الحكومة، بإجازة ملحق الحريات كما يشتهي هو، لا كما يتمنى المؤتمر الوطني..!

دعونا من “الشعبي”، ولاحظوا أن الأسباب التي يروّج لها “الوطني” للإبقاء على القيود السلطوية، هي نفسها المبررات التي شرعنت بها الحركة الإسلامية لانقلاب الإنقاذ، وهي نفسها التي ظلت ترددها طوال الفترة الماضية، تخويفاً من فزاعة متوهّمة اسهمها الفوضى..!

حسناً، فإذا كان الوضع في حالة خطوات تنظيم منذ الثلاثين من يونيو 1989م وحتى يوم الناس هذا، فما الذي كان يفعله المؤتمر الوطني أو الحركة الإسلامية، منذ أن قالت للناس إنها أجهزت على الديمقراطية الثالثة، حتى لا تُزهق روح السودان..!

الصيحة

تعليق واحد

  1. الله يفتح عليك يا يوسف والله فضحت الوطنى والشعبى ولكن من يقنع المعارضة الناعمة بان هذا النظام اسد على الناعمين ونعامة مع الامريكان وفار مع من يحمل السلاح فلن يقتنع هذا النظام بالتداول السلمى للسلطة الا اذا ظهر المسيح كما تعوى كلابهم امثال نافع وربيع الواطى ولن يجلس للتفاوض الا مرغما من المجتمع الدولى الذى باع قضية الحريات والديمقراطية مقابل وقف الهجرة غير الشرعية لحماية اوربا من خطر الارهاب والمشاكل التى يفرزها اللجوء ونقول للمعارضة المحرش ما بكاتل وما حك جلدك مثل ظفرك

  2. الوطني ، الشعبي ، الإصلاح الآن ، و من والاهم من احزاب الفكة ، كلهم اوجه لعملة واحدة ، يختلفوا ليتفقوا بصورة اقوى .

  3. الله يفتح عليك يا يوسف والله فضحت الوطنى والشعبى ولكن من يقنع المعارضة الناعمة بان هذا النظام اسد على الناعمين ونعامة مع الامريكان وفار مع من يحمل السلاح فلن يقتنع هذا النظام بالتداول السلمى للسلطة الا اذا ظهر المسيح كما تعوى كلابهم امثال نافع وربيع الواطى ولن يجلس للتفاوض الا مرغما من المجتمع الدولى الذى باع قضية الحريات والديمقراطية مقابل وقف الهجرة غير الشرعية لحماية اوربا من خطر الارهاب والمشاكل التى يفرزها اللجوء ونقول للمعارضة المحرش ما بكاتل وما حك جلدك مثل ظفرك

  4. الوطني ، الشعبي ، الإصلاح الآن ، و من والاهم من احزاب الفكة ، كلهم اوجه لعملة واحدة ، يختلفوا ليتفقوا بصورة اقوى .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..