فساد الأخلاق في دولة ( الكيزان)..غيض من فيض !!

لاخلاف وفقاً لمعطيات الواقع أن هذا النظام الإنقاذي هو تجسيد للفساد في ابشع صوره .. وهو فساد قد سمم حياتنا كلها وشوه كل المعاني النبيلة ومكارم الأخلاق التي دعا إليها ديننا الحنيف ولسنا نجافي الحقيقة إذا قلنا أن فساد هذا النظام لم يكتسب بشاعته إلا لأنه فساد تم بإسم الدين .. وهو ديننا الإسلامي خير الأديان .. ومما لا شك فيه أن أهون أنواع الفساد هو الفساد المالي والإداري ذلك أن رائحته تزكم الأنوف سريعاً لأن الدراهم تأبي إلا أن تطل براسها ..وهو بهذا المعني فساد يمكن محاربته عند تغير الأنظمة والحكومات أو مرور طائف بالنظام ليجعله كالرميم وذلك معلوم للجميع .
أما الفساد الذي يستعصي برئه ولا يرجي شفائه فهو فساد الأخلاق ذلك لأنه يمس جوهر الضمير وروح الأمة فيصيب المجتمع بداء لاعلاج له ولا شفاء ..والحق يقال أن هذا النظام كان وما زال هو أكثر الأنظمة فساداَ في أخلاقه بلا وازع من ضمير ولا خشية من الله عز وجل ومن يفسد أخلاق الأمة إلا ذوي الضمائر الميتة والقلوب الخاوية من الإيمان ؟؟
ومن نافلة القول هنا أن نقر حقيقة هامة وهي أن ما سيكتب في السطور التالية هي حقائق تم إستقاؤها من مصادرها هذا أولاَ وثانياً ما يشار إليه هو غيض من فيض للفساد الأخلاقي لهذا النظام دون الإشارة إلي خصلة ظلت لزمان طويل تلتصق بهذا النظام ولا يجد من سبيل للفكاك من براثنها وهي الكذب وتحريه لأنه نعت وصفة أصبحت تسري في جسده سريان الدماء في عروقه كما أصبح فساد الأخلاق في دولة الكيزان سمة تجتاح حياتنا وتحيلنا إلي أمة ليس في قاموسها معنيً لحسن الخلق إلا من رحم ربي والأمثلة علي ذلك كثيرة في حياتنا ولن تتسع حروف الدنيا كلها لإيفاء هذه الخصلة حقها ..ولكن!!
ومانود الإشارة إليه هو فساد أخلاقي مستتر لا نكاد نحسه أو نراه رأي العين بل هو فساد يتواري عن أنظارنا ولا نعلم به إلا من أطراف شاركت فيه او كانت جزءاً من وقائعه وغالباً ما ينقل إلينا كما يقال : ( من فم إلي صماخ) فتصيب أجسادنا قشعريرة من هول ما نسمع ونفغر أفواهنا دهشة مما يحدثه هذا النظام في أخلاقنا ومبادئنا وكل قيمنا النبيلة لندرك متأخراً حجم الماساة التي نعيشها وهول الكارثة التي حلت علينا بليل ونحن لا ندري و لا تتوقف ألسنتنا من الدعاء والإبتهال في كل يوم تشرق فيه الشمس حتي يريحنا الله من هذا البلاء بقدرته وعظيم سلطانه .. وربما أحاول وفي عجالة الإستعانة ببعض الأمثلة للإستدلال علي هذا الفساد وكلي ثقة في مصادر هذه المعلومة ذلك أن الكذب والإختلاق ليس من سماتهم كما أنه لايفيدهم في شيء ..ولايطمعون من ورائه في مكسب.
ومن أمثلة ذلك الفساد الأخلاقي المستتر واقعة حدثت في حي من احياء الخرطوم الراقية وتتمثل وقائعها في إجتماع حشد من الرجال الفاسدين مع ثلة من الحسان التائهات في جلسة أقل ما توصف أنها خلوة غير شرعية وإختلاط غير عفيف وتشاء الصدف أن ذلك التجمع كان مرصوداً من شرطة أمن المجتمع لتفاجأ الحملة التي يقودها أحد الضباط وأفراد برتب متفاوتة أن هذا التجمع ضم افراداً من العيار الثقيل ومنهم طبيب شهير ودبلوماسي عربي وإبن وزير يعمل في التجارة ولديه أملاك حازها بعد إستوزاره ولما أسقط في يد الضابط قائد الحملة لم يجد وهو حديث عهد بالخدمة بد من أن يتصل برئيسه ليخطره بوقائع الحملة وقصة الطبيب الشهير والدبلوماسي العربي وإبن الوزير وكانت التعليمات واضحة ومحددة : ( إطلاق سراح الدبلوماسي وإبن الوزير من الأبواب الخلفية ) ورفع من تبقي من الرجال والنساء في ( الدفار) وكانت المحصلة أن إبن الوزير نام في أحضان والده وغادر الدبلوماسي في عربته ذات الأرقام الدبلوماسية وقدم الطبيب الشهير للمحاكمة والجلد بالسياط وسقطت الشرطة في مستنقع الفساد الأخلاقي للنظام وتحول شعارها الأبدي من ( مكافحة الجريمة وإكتشاف ما يقع منها ) إلي (مكافحة الجرائم وفقاً للظروف المواتية ) وكان التغيير موائماً للمعايير الأخلاقية للنظام.
ولا عزاء لأحد وضع نفسه في موضع الشبهات .. ولكن تحت سطوة هذا النظام وإنحطاط أسس ومعاييرأخلاقياته فالمواطنون ليسوا كلهم سواسية أمام القانون ومعيار المساواة هنا أن يجلد إبن الوزير والدبلوماسي العربي ويتم ترحيله لأنه عبث بأخلاق الدولة التي إحتضنته وخان رسالة الدبلوماسية والأمانة التي يحملها بين جنبيه ولكن هيهات … هيهات.
مثال آخر للفساد الأخلاقي وهو أموال شركة (زين) للإتصالات والقصة بإختصار أن طبيعة التعاقد الذي أبرمته الشركة مع الحكومة يتيح لها تحويل أرباحها لعملة صعبة بمعرفة بنك السودان إلي رئاسة الشركة بالكويت ولكن هذا لم يتم لتعلل بنك السودان بشح العملة الصعبة حتي بلغت الأموال المودعة ببنك الخرطوم مليارات الجنيهات السودانية دون أن تتمكن إدارة الشركة من تحويل (مليم أحمر) وإستقر الرأي المالي والإداري للإنسحاب من البلاد لتقليل الخسائر المالية للشركة..ولكن بعض العقلاء والذين فهموا جيداً أسرار اللعبة التي تجري في البلاد وبمعايير أبعد ماتكون عن مباديء الشفافية نصحوهم بالإتصال برئيس الجمهورية !! ..تصور معي أن صاحب الحق يعجز عن إستلام حقه إلا بتدخل رئيس الجمهورية وكان هناك وسيط لتدبير لقاء مع رئيس الجمهورية ( واسطة يعني) وخلاصة الرواية والحكاية أن الوسيط تمكن من تدبير لقاء مع رئيس الجمهورية الذي أكد لهم أنه ليس لديه علم بأن وزير ماليته ومحافظ بنك البلاد المركزي إتجهت نيتهم لهضم الحقوق المالية للشركة بالمماطلة والتسويف وختام القصة أن الوفد الذي قابل رئيس البلاد خرج بتصديق مبدئي فوري مبلغ (450) مليون دولار من حقوق الشركة تدفع علي أقساط خصماً من العملة الصعبة المودعة ببنك السودان .. وأترك لفطنة القاريء تخمين شخصية الوسيط وكم كان ثمن تدبيراللقاء مع رئيس الجمهورية خصماً من حقوق الشركة .. وقصة الفساد الأخلاقي هنا هي لماذا يحدث هذا في بلادنا ؟؟ ومتي تحول الوطن إلي ضيعة خاصة برئيس البلاد ليقرر متي يمنح صاحب الحقوق ما يملكه قانوناً ومتي يحرم من ذلك الحق؟؟ ولعمري ليس من فساد أخلاقي أسوأ من أكل الحقوق دون وجه حق وعدم الوفاء بالعقود وهو من ثوابت الدين فلا يطيع صاحب الأمر آية من أيات القرآن الكريم إلا بعد أن يأذن له صاحب الضيعة حتي تحولت أحد ثوابت العقيدة وتحورت إلي مفهموم جديد هو ( لاطاعة لخالق في معصية المخلوق) .. سبحان الله !! وشركة (زين) إختلفنا معها أو إتفقنا هي في نهاية الأمر صاحبة عقد وجب الوفاء به و لايحتاج لرئيس الضيعة لياذن بذلك .
وقائع اخري تحكي قمة السقوط الأخلاقي لهذا النظام وهي قصة أسامة بن لادن وأمواله وصلة النظام بأبناء بن لادن بدأت منذ إنشاء مطار بورتسودان الدولي الذي أنشأته شركة بن لادن في أوائل التسعينات (23كلم جنوب مدينة بورتسودان) ومن ثم دعوة النظام لفتح الحدود للأفغان العرب وكان هذا تعريفاً للعرب الذين جاهدوا في أفغانستان ضد الغزو السوفيتي في اواخر سبعينيات القرن الماضي وكان من الذين دخلوا أسامة بن لادن وإستقبله رئيس الجمهورية بنفسه في مطار الخرطوم إستقبال الفاتحين في خرق واضح لبروتوكولات الدبلوماسية وقواعدها الراسخة في العالم أجمع ومن ثم سرعان ما تكشف لأسامة بن لادن الخدعة الكبري في هؤلاء المدعين وتجار الدين عندما قاموا بالإستيلاء علي كل أمواله ( ملايين الدولارات) ثم خفروا جواره عندما عرضوا علي الإدارة الأمريكية القبض عليه وتسليمه لهم وعندما جاء رد الإدارة الأمريكية أن المذكور ليس في قائمة المطلوبين لديهم لم يجدوا مناص من طرده من البلاد حتي دون تسليمه أمواله التي أنفقها في بلادهم لينحرف سبيل المذكور من مجاهد ضد الإتحاد السوفيتي إلي مجاهد ضد الشيطان الأكبر (الولايات المتحدة الأمريكية ) ليلقي مصيره المحتوم والمكتوب بمدينة ( آبوت أباد) في العام 2011م ليغيب الموت جسده ويخلف أيتاماً لأبيهم أموال في ذمة هؤلاء ويأبي من في الخرطوم إعطاء اليتامي حقهم وينامون بالليل كما ينام الأطفال بلا خوف من عقاب من الله ولا وخز من ضمير .
ختماً وعوداً إلي بدء للتديل علي سقوط أخلاق هذا المجتمع الذي كان مجتمعاً معافيً في زمان مضي قبل رسوبنا في إبتلاء مكارم الأخلاق ما تناقلته أجهزة الإعلام ومجالس المجتمع عن قيام معلم بمدينة بحري بإغتصاب أكثر من ستة وعشرين تلميذ مستقلاً هيمنته كمعلم علي تلاميذه وأمام ناظري إدارة المدرسة ومكتب التعليم الذي عينه ضارباً بذلك أسوأ مثال للرسالة السامية للمعلم الذي كاد بوظيفته أن يرتقي إلي مصاف الرسل حتي غيرت هذه الدولة ذلك المفهوم كما غيرت مفاهيماً غيرها كنا وما زلنا ننظر للتعليم علي أنها واجب الرسل والأنبياء وكل ذلك في دولة تدعي تطبيق أحكام الشريعة التي لو كانت مخلوق ينطق لقالت (أنا منكم بريئة ) ولكن يأبي المولي عز وجل إلا أن يريهم أعمالهم حسرات عليهم لبيان نفاقهم في الدين وفساد أخلاقهم حتي أصبحت دولتهم دولة منبوذة لا وزن لها وإنتشروا في البلاد وكل أركان الدنيا يستجدون الهبات فلا يستجاب لهم ويطلبون العون فلا يجدون آذاناَ صاغية .. فليتهم نهبوا البلاد وثرواتها وتركوا لنا أخلاقنا علي حالها فخير لنا أن تقضي آجالنا ونلقي الله بقلب سليم وأخلاق عفيفة من أن نموت أغنياء وليس في قلوبنا ذرة من إحسان وقد أفسد تجار الدين أخلاقنا وإلتمسنا الحجة عند المسألة فألقمنا الله تعالي حجراً لسوء أخلاقنا وفسادها في ما إستقبلنا في هذه الدنيا ولامعقب لنا .

عمر موسي عمر – المحامي
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..