شعب لم يبلغ الفطام

بلا حدود

يبدو أننا كشعب كتب علينا أن نكون بلا هوية.
لا ثبات على مبدأ ولا مجال لتوقع ما يحمله الغد، مفاجآت أرهقت الشعب حتى بات فاقداً لأي ردة فعل أو دهشة.
شعارنا لا محبة دائمة ولا عداوة دائمة، ونطبق بدقة مقولة أصدقاء اليوم أعداء الأمس، والعكس.
شتمنا دولة هذا العام، ثم ندفن رؤوسنا، ثم نهرول اليهم فاتحين لهم أذرعنا بحثاً عن حليف استراتيجي يقينا شر أصدقاء اليوم لأنهم بالتأكيد سيكونون أعداء الغد.
أصبحنا نخطط ونضع استراتيجيات ونصرح ونكثف من حملاتنا الإعلامية، ثم ما نلبث أن نغرد خارج السرب، وما أسهل نكران الساسة عملا بمقولة (الشينة منكورة)
هو يقول وذاك يردد، ونحن نريد والله يفعل ما يريد، وقال المثل: (التسوي بي إيدك، يغلب أجاويدك).
لن نكون في يوم من الأيام دولة حريفة، تلعب وفق خطط، لها سياساتها الواضحة داخلياً وخارجياً، بل سنظل نرهن قرارنا للآخرين وسنعمل بمبدأ رزق اليوم باليوم.
العشوائية و(الطربقة) التي يتعامل بها ساستنا وينتهجونها جعلت منا أضحوكة العالم، ومثار تندر الشعب.
ظللنا نبحث عن هويتنا الغائبة حاملين صورة مليحة الملامح، رقيقة التقاسيم، والتي خرجت قبل 28 عاماً ونيف، ولا زلنا في رحلة البحث عنها، تواجهنا صعوبة التعرف عليها، فملامح الصورة غير واضحة حتى الآن، فهي تتشكل كل يوم بشكل جديد وترتدي لباساً جديد، وتنتعل حذاءاً جديد، وتتحدث لغة جديدة، ورغم ذلك تظل الأمنيات قائمة في ثباتها على الشكل القديم على أسوأ الفروض.
(الطربقة)، مصطلح يقال للشخص الذي يطلق الأحاديث العشوائية التي لا تتناسب مكاناً ولا زماناً، وتخالف طبيعة المرحلة، أياً كانت، وكبار مسؤولينا معروف عنهم الطربقة لزوم (مسك قرون البقرة).
لا أحد يعلم ما يدور في مطبخ النظام، ولا أعتقد أن أهل النظام انفسهم يعلمون سر الطبخة الحالية ولا القادمة، فباتوا يطربقون كل على هواه في صفحاتهم وعلى حسابتهم الاسفيرية في وضع يدعو للرثاء.
(الأكابر) عادة ما يترفعون عن حشر (الصغار) في حكاويهم وقصصهم التي لا تنتهي، والشعب بالنسبة لأكابرنا مولود لم يبلغ سن الفطام بعد، وبالتالي لا علاقة له بما يدور في مطبخ السياسة، فهي أمور أكبر من مستوى تفكيره ووعيه، بحسب نظرتهم.
ما ننتظره من أكابرنا ينبغي اللا يتجاوز حدود الأمنيات، وإلا فأننا هالكون، والعبرة بأحداث سبتمبر، ولا زال أولياء الدم يبحثون عن عقار لتضميد جراحهم على سوح لم تعرف الإنصاف يوماً.
ولا زلنا ننتظر رضا الغرب، وعطايا الشرق، وفي النهاية القرعة واحدة والسياسة هي السياسة ولعبة المصالح هي التي تكسب.
الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..