نماذج احتيالية؟!

*(من وثق بنفسه لا يحتاج إلى مدح الناس
إياه.. ومن طلب الثناء فقد دل على ارتيابه في
قيمة نفسه..).
– غوستاف لوبون ?
.. ليس كل شهير مبدعاً، وليس كل مبدع شهيراً. هذه المقولة الصحيحة تكشف خللاً في القيمة الأدبية السائدة في وسطنا الثقافي والإعلامي. ثمة شهيرون كثر إذا وضع نتاجهم الأدبي والفكري على محك (الحوكمة)، لتبين أنهم لم يكتبوا أكثر من مواضيع إنشاء قد لا تصلح لتقديمها لمدرس الثانوية حتى يمنحها درجات مناسبة. مما يؤدي إلى الاستنتاج بأن هؤلاء قد حققوا شهرة لا تتناسب مع قيمة ما قدموه أو حققوه. وبالتالي فإن ما يتمتعون به من شهرة ? تعطيهم المكانة وتمنحهم الحظوة في المحافل الأدبية والمنابر الإعلامية ? ليست أكثر من حالة تزييف وغش. وهم يستثمرون هذه الحالة إلى أقصى مدى فيقصون هذا، ويخفضون هذه، ويرفعون ذاك، وينبذون تلك، ويمارسون سلطتهم (المزيفة) على كل أنواع الإبداع وأجناسه، فأحدهم هو سيد القصة، ورب القوافي، وكاتب المقالة، والناقد الذي لا يشق له غبار!. وحين يبدأ الوهج في الخفوت من حوله، وتنفضح حكايته المزيفة يبدأ بالصراخ والعويل، والزعم أن حرباً تشن عليه، وأن الجيل الجديد ناكر للجميل، أو لا يحترم سابقيه من (الرواد)!
إن أمثال هذا النموذج الاحتيالي في الأدب وعالم الصحافة في السودان، لا نقصد به شخصاً بعينه، بقدر ما نشير إلى شريحة معينة اتبعت أساليب غير إبداعية، لتضع أفرادها بين المبدعين، فبعضهم استند إلى الجماعة السياسية حيناً للترويج له كرافع شعار لهذا التيار السياسي أو ذاك، كما اعتمد على الشللية التي يروج أفرادها لبعضهم بعضاً، ويتناوبون في كيل المديح والتقريظ كلٌ للآخر، وكما احتكروا أحياناً المنابر الإعلامية، فإننا نراهم قد أحكموا الطوق على نشاطات المراكز الثقافية، والاحتفالات الأدبية والثقافية المختلفة، حتى بات بعضهم يشكل سطح (الظاهرة الثقافية والسياسية)، منكراً ما عداه، ومستبعداً كل مَنْ يخالفه في النهج أو الرأي.
ولعل الأخطر في ظاهرة الأدباء المزيفين والشهيرين في آن، تعمدهم إقصاء الآخر وعدم الاعتراف به ونبذه وفرض الحصار عليه بأسلوب (الميليشيات) في الوقت الذي تستمر فيه عملية تعزيز الحضور والشهرة بالتكرار وليس بالإبداع. ثم نرى أحدهم ? وياللمصادفة الغريبة ? يصرخ: إننا نعاني حالة ركود ثقافي؟! دون أن يدري أن تطفله على الحالة الثقافية وعطالته عن الإبداع، وعدم قدرته عليه هو ما يعطيها انطباع الركود.
وفي مقابل المزيفين الشهيرين وما يصاحبهم من عمليات تطفل على الأدب، وانتحال للثقافة، فإننا نرى ونعرف مبدعين حقيقيين، مغمورين، يكاد لا يعرفهم إلا من قرأ لهم، أو اطلع على أعمالهم، وبعض هؤلاء لا تغريهم شهرة زائفة، وبعضهم الآخر يتعرض لحرب الإقصاء والإلغاء من الرائجين على السطح.
وإذا كان البعض قد استمرأ عملية التزييف وتصنيع الشهرة بالتكرار عبر المنابر الإعلامية والثقافية والسياسية، وخلال عشرات السنين، فإننا نشهد منذ بعض الوقت محاولات شللية تحاول إعادة الكرّة على نسق السابقين.
ولكن هذه المرة تحت عنوان (الحداثة واللبيرالية). ولعلنا رأينا العجب من هؤلاء الحداثويين والليبراليين، الذين يتشدقون بكل القيم وأولها الحرية والديمقراطية في الأدب، لكن أول ما يفعلونه هو إعلان حالة الحرب والإلغاء على كل من يخالفهم في الرأي.
أمام الحالة الراهنة، هل نرى أنفسنا بحاجة إلى الاستعانة بجمعية حماية المستهلك، كي تفتح فروعاً لها في اتحاد الصحفيين والكتّاب، وفي وزارة الثقافة والمراكز الثقافية، ومختلف المنتديات والمنابر؟ وذلك كي تحمي الأدب والثقافة من عمليات الغش والتزوير والتدليس؟!
[email][email protected][/email]
والله ما قلت إلا الحقيقة. ناس كتار طلعوا إلى السطح بدون مؤهلات وآخرون لم يجدوا حظهم من الشهرة ولو على خفيف رغم أنهم مبدعون حقيقيون تُسكرك أعمالهم الأدبية
شكراً لك
” قد لا تصلح لتقديمها لمدرس الثانوية حتى يمنحها درجات مناسبة ”
الم تكن الثانوية او ما دونها عتبة من عتبات الصعود إلى عالم المعرفة؟
نعم أتفق معك في أن المنافسة الشريفة ما عادة معياراً يعمل به في زماننا هذا إلا و أن ذلك لا يمنحنا حق بخس الأخرين و اعمالهم مهما كان حجم الضرر الذي يلحقه سلوكهم على عصرنا و مكتسباته.