“الدهابة الصغار يحرثون أرض كوش بلا طائل”

محمد حسن شوربجي
تفاقمت البطاله فى بلادى بدرجات مخيفه وذلك باعتراف الكيزان الذين كانوا سببا مباشرا وقد أرادوا التخلص من جيوش العاطلين الذين امتلأت بهم ساحات العاصمة جلوسا في برنداتها.
فأعداد العاطلين عن العمل قد ارتفع في السودان من ثلاثة ملايين إلى تسعة ملايين خلال السنوات السبع الماضية واصبحت الارقام خرافيه فى ظل غياب المعالجات اوالحلول مما دفع الشباب لطرق ابواب الهجرة بطرق مختلفه لم تشهدها البلاد من قبل.
فانطلقوا شرقا وغربا وفي كل أصقاع الأرض وركبوا المخاطر من سنابيك وغيرها.
وأصبحنا نسمع عن الهجرات الجماعية والتهريب عبر ليبيا وبهجرات الأطباء والمهندسين وبأجور زهيده جدا إلى دول الخليج.
فكان ان تمخض جمل الكيزان ليولد فأرا وبفكرة غبية اضرت بالكثير من الشباب.
حيث تم ايهامهم بالعمل في التعدين مما دفع الكثيرين منهم ليغوصوا فى اكبر صحراء في أفريقيا ما بين واهم ومقتنع وغير مصدق فراح جلهم ضحية عطش وضياع ومات اكثرهم بلسعات هوام وحيوانات مفترسه .
وفقط نقل الذهب بعضهم من ركوب الحمير إلى ركوب البكاسي.
واغتني القليل جدا منهم فقط.
وكأني امام مقولة هتلر في كتابه “كفاحي” وقد استخدمها الكيزان في خداع الشعب حيث قال :
يقع الناس ضحية سهلة للكذبة الكبيرة عن الكذبة الصغيرة ، لأنهم انفسهم يكذبون كذبات صغيرة كثيرة في مسائل تافهة ولكنهم يخجلون من التورط بكذب واسع المدى. فلا يخطر على بالهم ابدا تلفيق أكاذيب مهولة، ولا يصدقون أن الاخرين يمكن ان يفعلوا ذلك ، حتى لو جوبهوا بالأدلة التي تثبت ذلك ، فهم سيظلون يشككون بها ويستمرون في الاعتقاد بأنه لابد أن يكون هناك تفسير آخر” انتهى.
فحكومة الانقاذ قد اتقنت كذبة الذهب الكبرى بعد ان تفاقمت اعداد العطالة ووقع الشباب في فخ تلك الكذبة الكبرى.
ما نود التنبيه له هو أن التعدين في الوادي النوبي شمالا وفي الصحراء هو ذو مخاطر بالغة.
وفقط استفادت منه الشركات الكيزانية الكبيرة والكثير من المتنفذين الذين قسمت لهم الحكومة المربعات الدسمة والغنية بالمعدن النفيس.
فهذه الشركات تمتلك أجهزة متطورة جدا وقد تركت للعامة وعددهم أكثر من ٢ مليون معدن باقي الصحراء لينقبوا بعشوائية وبدائية و دون طائل.
والمشكله ان اكثرهم يعملون بعيدا عن رقابة الدولة وجهات الاختصاص وبدون معرفة للاضرار الصحية والبيئية التي بدأت الآن نتائجها تظهر أمراضا وسط الشباب.
والمشكله ان هناك الكثير من الأطفال يعملون في هذا المجال.
وبالإضافة إلى الشباب والشيوخ من مزارعين و موظفين وخريجي جامعات من مختلف مناطق السودان والنتيجة صفر .
فهم يأتون الي مواقع التنقيب في مجموعات دون علم بمخاطر الزئبق والسيانيد الخطيرة والتي لها تأثيرات كبيرة على البيئة وصحة الإنسان وهو مستخدم فى الشمال بكثرة.
ودون رحمة تفرض عليهم الحكومة جبايات متعددة في أثناء طريقهم وهم ينقلون الأحجار إلى مناطق الطواحين ولا خدمات في المقابل.
وفي المستشفيات القريبه من مناطق التعدين يشهد الأطباء بتكاثر عمليات بتر الأصابع والأمراض السرطانية التي تصيب الشباب بسبب الزئبق والسيانيد وهناك طبعا جرائم القتل التي لا قبل لها و تفشي المخدرات والخمور.
لقد بلغ إنتاج الذهب في السودان ١٠٧ أطنان في ٢٠١٧ و ٩٣.٧ طن من الذهب في ٢٠١٨ وبمتوسط سنوي في حدود ١٠٠ طن وان كان الانتاج الحقيقي يتراوح ما بين ٢٠٠ و ٢٥٠ طناً من الذهب سنوياً،
وقال البعض أنه أكثر من ٥٠٠ طن سنوياً.
وهذا يعني أن الأرقام كلها متضاربة وان الامر خطير للغاية أن كان الإنتاج غير معروف للحكومة الانتقاليه الحاليه .
وخوفي أن ينفذ ذهب أرض كوش والنوبة واللصوص الكبار يسيطرون عليه إلى يوم الدين.
والمؤسف حقا أن تهريب الذهب لم يتوقف ابدا وقد خرج علينا البرهان صارخا وحين طالبه المدنيون بالشركات والذهب الذي تسيطر عليه الشركات الأمنيه.
هناك اخوتي مافيا خطيرة تهرب الذهب عبر الحدود ولا تستفيد منه البلاد اطلاقا. فهم يستخدمون الكثير من الطرق السرية في الصحراء ويتم احيانا تخزين الذهب في بطون الإبل ليهرب شمالا وهذا غير الذي يهرب عبر مطار الخرطوم وبتواطؤ مع مسؤولين في المطار.
ولعل ما يحزننا أكثر ان ذهب شمال السودان لا يستفيد منه مواطن الشمال أو شبابه العاطل الذي يعيش كل التهميش فقرا وغربة .
وقلة قليلة جدا هي لصوص السودان الكبار هم من يسرقون هذا المعدن النفيس.
لعنة الله عليها.
المقال لم يتطرق الى (الأفراد) الأجانب الذين يعملون في هذا المجال (دون رقابة) من جهات ذات الاختصاص الى متى يكون السودان مستباحا ؟