حوار مع الروائي يوسف العطا الفائز الثاني بجائزة الطيب صالح .. من العوامل المساعدة ان تكتب عن اشياءا تعرفها

حوار مع الروائي يوسف العطا الفائز الثاني بجائزة الطيب صالح .. من العوامل المساعدة ان تكتب عن اشياءا تعرفها
*لماذا كتابة الرواية تحديداً؟
ـ لأنها الأرحب مساحة يُتاح فيها للكاتب ما لا يجده في غيرها. هي نافذة نطل منها على الحياة. إن عُنيت القصة القصيرة بلحظة خاطفة ووميض فإن الروية هي الغيث والرعد والزرع. هي الحياة كاملة الدسم.
*ما هي أول أعمالك الروائية؟
ـ أولها روايتي ( بعد الميلاد ) نُشرت في ملحق الأيام الأدبي نهاية السبعينيات، ولم يُقدر لها أن تُنشر. ثم أعقبتها ( الخطوة الأولى ) الصادرة العام 1982م.
*هل وجدت صعوبة في كتابة الرواية؟
ـ المخاض يصحب كل ولادة. لو كان الأمر ميسوراً لاستكثرت من الخير. زاد الأمر تفاقماً أنني شُغلت عن الكتابة بكسب عيشي من موارد أخرى مثلي في ذلك مثل غيري. حرفة الأدب لا تُطعم أهلها خبزاً لذلك الاهتمام بالكتابة عندنا يأتي تالياً وليس له النصيب الأوفى. من المصاعب أيضاً كثرة الأعطال في مسيرتي حال عربة موديل 1980م على طريق غير معبّد. لابد من دفعة، كركرة ودخان. ثالثة الأثافي أنه ينتابني الشعور أن الحقل قد نضب ولا شيء تجري به السطور. الخريف كل عام أستر يا ستار. لكن على غير ميعاد تنفرج الأبواب بالخطو نحوها. على غير ميعاد حين أضرب على لوحة المفاتيح تأخذني الأمواج والريح إلى حيث أدري ولا أدري.
*ما هي العوامل التي تساعد على كتابة الرواية؟
ـ الزاد أوصي به نفسي وغيري. حين السفر كنا نأخذ كسرة متمرة وبيضاً مسلوق وقربة ماء. زاد الكاتب القراطيس. صحبته الناس. مداده المحبة. حين طمع أبو نواس أن يُؤذن له في قرض الشعر أمره أستاذه خلف الأحمر أن يحفظ ثلاثة آلاف بيت من الشعر ولما فعل ظن أن الباب قد انفتح. المفتاح كان ينسى هذه الآلاف المقنطرة من الذهب والفضة. من العوامل المساعدة أن نكتب عن أشياء نخبرها. من المفاتيح أن نتقن لغة ثانية حتى يقع علينا مكر أهلها في هذا الفن. أذكر بالخير شيخي عثمان حسن أحمد ـ رحمه الله ـ المستشار الثقافي في واشنطن كان يوصيني كثيراً. رسائله إليّ ( خير ناقد نفسك ). وقبل هذا التحبير نقلت لي أنت ما فحواه أن لا يفرح الفائزون تختارهم اللجان، وألا يبتئسوا يفوتهم القطار. قال بمثل ذلك صاحب مائة عام من العزلة. لابد من التعب والتجريب حتى نصل إلى الخلطة السرية التي بعده تؤكل الأصابع. ثم بالهناء والشفاء يا سادتي.
*لابد من تجربة حياتية يأخذ منها الروائي مادتها الفنية؟
هذا صحيح. لا يكتب الكاتب من فراغ ولابد من منهل يغرف منه. كثيرة هي الصفحات في كتاب الحياة ولكن ليست كلها صالحة للنشر. لابد من تحوير وتدوير وتزوير. لابد من قص ولصق. قد تفيد الغربة تنظر للبلد من بعيد تجعلها في صرة. قد يصيبك داء الحنين الذي لا تداوى منه إلا بالكتابة. قد يضرب الحب. لابد من تجربة قوية. إذا لم تنفع فضر. إنما خُلق الفتى لينفع أو يضر!
*لابد أيضاً للروائي من حرفية، وهذه تأتي بالممارسة والقراءة للمنتج الروائي محلياً وعالمياً. هل يمكن أن توضح لنا هذا؟
بعض هذا المكر ندركه ـ كما تقدم ـ بتعلم اللسان الآخر. لابد من كسر الحاجز اللغوي إلى الضفة الأخرى من الإبداع. هذا يقتضي تعلم فن العوم. فن الرواية ما له ساحل. وقبل هذا علينا أن نتقن لغتنا الأم التي في شبابها لم تكن منقوطة. حين ترهلت جُعل عليها النقط ومنه قولهم ( وضع النقط على الحروف ). ثم هي الآن شاخت مكتوبة مشكولة يسقط فيها التلاميذ في امتحان الشهادة السودانية. حين الإحصاء وجدوا الأمريكي يقرأ ثلاثة عشر كتاباً كل عام يليه البريطاني. وحظنا صفحات. لا تخلو حقيبة مسافر عندهم من كتاب. يضحكون. يسخرون. روايتهم المريرة: ما وجه الشبه بين الديناصور والسوداني النشط. إجابتهم: كلاهما انقرض!
*من عاصرت من كتاب الرواية؟
جيل السبعينات جيلي. أدركت طرفاً من ذالكبار قبلاً: عثمان الحوري، إبراهيم اسحق، عيسى الحلو وجمال عبد الملك ابن خلدون. أعمارهم كبيرة وأقلامهم. ثم دار الزمان. تجربتي عامان فقط ثم غربة طويلة ـ حسبتها جملة اعتراضية ـ فإذا بها تلتهم جل حصتي من العمر. حكايتي مع الكتّاب والرواية المبتدأ ولما الخبر.
*كيف ترى المشهد الروائي الآن؟
كنا نلهث حتى نجد حيزاً للنشر. الآن يلهثون لتغطية المساحة المتاحة في وسائط الإعلام من تلفزة وصحف. برغم هذا الفيض يعاني الكتاب من الأمراض المزمنة المصاحبة لنشره وتوزيعه وقراءته. المشهد الروائي مجمله : ما أكثرنا حين تعدنا ولكنا حين الإبداع قليل.
أعمالأمأأأااا
الراي العام