ناس النفسيات

اسماء جمعة

إذا قمنا بحصر عبارات الاستفزاز والاحتقار التي تفوه بها عدد من مسؤولي المؤتمر الوطني سنجد عددها كبير جدا، كما إنهم أدمنوا هذا السلوك حتى أصبح عادة للجميع، ولذلك تعدّ حكومتهم هي الوحيدة في العالم التي تمارس مع شعبها العنف اللفظي، 28 سنة لم تتعلم من حكومات العالم كيف تعامل الشعب، وما زالت كثير من تلك العبارات يرن صداها في آذان المواطنين، وحفرت في داخلهم أثرا عميقا جعل الجميع يكن لها الحقد والكراهية، بل ولكل من تعامل معها، فكل مسؤول لديه قاموس من الإساءات يكبر ويزيد كل يوم، بل وهناك آخرون جدد يظهرون كل فترة، وحقيقة الكلمات التي يتفوه بها الإنسان من الوهلة الأولى وهو يتحدث مع الناس تعبّر عمّا في داخله تجاههم حتى لو أخطأ في التعبير.

لم أنسَ حتى الآن ما قاله ياسر يوسف أيام الانتخابات حين قال من لم يصوتوا للمؤتمر الوطني أراذل قوم، إنه يرانا كذلك، وقبل عامين- تقريبا- قال إبراهيم غندور، وهو يخاطب شباب المؤتمر الوطني: نحن طينتنا مختلفة، ما يفهم من التعبير هو أنهم أفضل من بقية الشعب، هذا غير ما قاله علي محمود وزير المالية الأسبق حين طلب أن نعود إلى الكسرة؛ بسبب غلاء القمح، والحاج آدم نائب الرئيس السابق، الذي قال: إن الخرطوم قبل الإنقاذ كانت بلا ماء ولا كهرباء ولا حتى كبريت، كما قال إنه (ما كان في زول عندو قميصين والآن الدولاليب مليانة)، وإبراهيم محمود قال إن السودانيين قبل الإنقاذ كانو يتقاسمون الصابونة، وغيرهم كثير، وآخرهم علي محمود الذي قال مرة أخرى: إن وسط الخرطوم كان يضج بالوابرات في إشارة منه إلى عدم وجود الكهرباء، جميعهم يتحدثون وكأن الشعب ضيف في أملاكهم، أو أنهم جاءوا ليتسيدوا علينا- فقط- دون أن يقوموا بواجب الحكومات التي مهمتها تحقيق الرفاهية لشعبها ليتخلى عن كل ما يشقيه.

يقول المثل (كل إناء بما فيه ينضح)؛ فتلك الألفاظ ما هي إلا انعكاس لدواخل كل من تلفظ بها، وهي تفسر العقد النفسية التي يعيشونها فتخرج منهم بتلقائية، تكشف لنا عن دواخلهم- وفي الوقت نفسه- تمنحهم السعادة؛ حيث يتزين لهم أنهم- فعلا- أسيادنا، وأغرب ما في الأمر أن يجتمع كل هؤلاء في حزب واحد وكأنما أجريت لهم معاينات، وعلى قول المثل (الطيور على أشكالها تقع)، والأغرب من كل هذا أن يكون حتى ممثلو الشعب في المجالس التشريعية هم أيضا أصحاب عقد نفسية يبحثون عن الإحساس بالفوقية فيستفزون الناس بالكلمات الجارحة والعنصرية.

قبل يومين نشرت الصحف خبرا يقول: قضت محكمة الجريفات وأم دوم بالسجن ستة شهور مع وقف التنفيذ، والغرامة 50 ألف جنيه، وفي حالة عدم الدفع السجن ستة شهور على نائب بمجلس تشريعي ولاية الخرطوم؛ لإساءته مواطن، قال له: (أنا سيدك)، وتم سحب الحصانة من النائب، وإخضاعه إلى مدة اختبار حسن سير وسلوك، هذا الحكم يثبت أن هناك مشكلة حقيقية يعاني منها من هم في الحكومة، وهم لا يحتاجون إلى فترة اختبار، بل إلى فترة تأهيل؛ لأن الإنسان لا يمكن أن ينجح في أي اختبار ما لم يؤهل له، وعليه فإن جميع طاقم الحكومة في حاجة إلى التأهيل النفسي، ولأن ليس هناك أحد سيقوم بهذه المهمة فالأفضل أن يتم الاستغناء عنهم جميعا، واستبدالهم بمن هم مؤهلون نفسيا، وهذا لن يتم إلا بذهابهم، وهم لن يذهبوا لأنهم يصرون على البقاء في السلطة لذات السبب (العقد النفسية)، وعلى قول المثل: (المجنون في ذمة النصيح)، وليس هناك من هو أفضل من الشعب؛ ليقوم بمهمة العناية بهؤلاء (المنفسنين)، وإبعادهم عن تولي المناصب العامة؛ فقد أضرّوا بالوطن ضررا عظيما.

التيار

تعليق واحد

  1. هذه العنجهية والاستبداد علمها لهم ، شيطانهم الهالك الترابي. في البدايات وأيام سطوته ، كان يأتي بالشباب ويغرقهم بالمال والوظائف جتى ينال ولاءهم المطلق. فظهرت طبقة الكيزان الثرية والمنعمة ، وصرنا نشاهد الشاب الذي كان صائعا ومعدما ، امتلك الفيلا والبيت والسيارة وتزوج النساء. والزبير الآن منعم بمال الشعب الضائع.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..