مقالات وآراء

النخبة السودانية … جاري الفشل.!!

إسماعيل عبدالله

  أفضل من كتب ووثّق للصفوة السودانية هو الدكتور الراحل منصور خالد ، في كتبه المتتالية “النخبة السودانية وإدمان الفشل”، “السودان والنفق المظلم”، “الفجر الكاذب” و”حوار مع الصفوة”، فقد أجاد وصف وتشريح النخبة السودانية الفاشلة، وهو الجزء والركن الركين من أركان هذه الجوقة، فيُحمد له نقده اللاذع لرفاق الأمس وأجيال اليوم ، جاءت أفكاره متمردة على سلوك ومسلك القوى المدنية ، الحاصلة على نسبة ضئيلة من حقب الحكم التي اعقبت (الاستقلال) ، وأتى من بعده مفكرون كثيرون كشفوا عن الأخطاء القاتلة التي ترقى لمستوى جرائم الخيانة العظمى ، التي ارتكبها الساسة والحكام الذين جلسوا على مقاعد قصر غردون ، وجميع التجاوزات الدستورية والمؤامرات المدبرة بين القوى المدنية والعسكر ، أخذت شكل التناسخ والاستنساخ بصورة لزجة ، فتجد الدائرة الشريرة للحكومات المدنية التي يسطو عليها العسكر ، ليقيموا بعدها حكماً عسكرياً طويل الأمد ، قد أصبحت سمة أساسية من سمات سيرورة الفعل السياسي والسلطوي في البلاد ، فحكومة (الاستقلال) انقلب عليها الفريق عبود ، والديمقراطية الثانية نحرها العقيد جعفر محمد علي نميري بانقلابه العسكري ، ورئيس الوزراء المنتخب في الديمقراطية الثالثة ، انقلب عليه العميد الاخواني عمر حسن احمد البشير ، والحكم المدني الانتقالي الأخير الذي جاء بعد ثورة ديسمبر ، سرقه الفريق أول عبدالفتاح البرهان – الضابط الاخواني ، الذي عمل تحت إمرة الدكتاتور البشير ، وما زال الحبل على الجرار كما يقول الدكتور فيصل القاسمي ، صاحب برنامج الاتجاه المعاكس بقناة الجزيرة الفضائية ، وكمحصلة طبيعية لفوضى الدائرة الشريرة أن تختتم بالحرب الشاملة الجارية أوزارها الآن ، وهذه الحرب رغم مأساتها إلّا أنها قد كسرت دورة الشر المستمر لأكثر من ستة عقود ، وصفّرت العداد ووضعت النقاط على الحروف.

 النخبة السياسية اليوم تمثلها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، والقوى المدنية المتحدة “قمم”، وما يسمى “تحالف الموز” المشارك في سلطة الحرب والانقلاب ، وبعض الكيانات والتحالفات الأخرى ، إن لم تخرج من صمتها المحايد وتصطف مع قوات الدعم السريع الكاسرة لطوق الشر سيتجاوزها المستقبل السياسي الذي سترسمه سواعد الأشاوس ، ومعهم الاوفياء المساندين لهم في حربهم من أجل الديمقراطية وإرساء دعائم الحكم المدني ، من الناشطين والسياسيين والإعلاميين والكتاب والمهتمين ، ممن طلّقوا أحزابهم وتنظيماتهم المتوارية خجلاً وراء لافتة (لا للحرب) ، هذه اليافطة الخجولة الكذوبة الممسكة للعصا من منتصفها ، تعتبر السبب الأول في التخاذل وعدم الاتساق ، ففي هذه الحرب التي يقودها الأشاوس لا مكان للحياد وادعاء الملائكية ، فإما التضامن الصريح مع القضية أو التمادي في اتخاذ المواقف الرمادية ، التي هي ديدن هذه النخبة الفاشلة منذ اكثر من ستين عاما ، فاليوم لا توجد محطة وسطى بين الجنة والنار ، فإما أن يقف كل حريص على الوطن مع جيش التحرير الوطني – قوات الدعم السريع ، أو أن يتخذ الموقف المتخاذل المسمى دلعاً (الحياد) ، فكما تفضل قائد طوفان التحرير الشامل في رسالته المطوّلة الأخيرة ، لرعاة ومؤيدي مشروع اتفاق الإطار الذي دعا للتأسيس المدني الديمقراطي ، وهيكلة الجيش ليصبح جيشاً وطنياً واحداً ، على النخبة السياسية (تقدم وقمم وأخريات) ، أن تتضامن مع قائد الطوفان ، لصراحته وإيمانه العميق بكل ما من شأنه رفعة البلاد ، وإلّا سيفوت القطار الذين تقهقروا وتأخروا عن ركب مشروع التحرير الشامل ، وتخاذلوا عن دعم ثورة التأسيس الكامل ، ويجب على القوى المدنية بجميع أطيافها ، أن تعلن عن موقف صريح عما يجري من عراك عسكري بين الفريقين.

   إنّ الحق يجب أن يقال عن هذه المعركة الأخلاقية الكبرى ، ولا مناص من القول الفصل المؤدي لإحدى أمرين ، إما الوقفة الصلبة مع جيش التحرير الوطني – الدعم السريع ، أو التماهي مع خطيئة نظام الاخوان الذي أوصل بلادنا لهذا المنعطف الخطير ، فكل من آمن بالتغيير عليه الاصطفاف بدون (لف أو دوران) ، مع الأشاوس الذين قدموا الروح في سبيل تأسيس الوطن الذي يسع الجميع ، المتساوي تحت سقفه الكل دون تمييز ، والحقيقة التي لا مواربة حولها ، أن الذين يقفون ظهيراً لجيش الفلول الكيزان ، ما هم إلّا وصمة عار على جبين التاريخ الناصع لمواقف رموز الأمة السودانية عبر العصور ، فإصرارهم على إعادة عقارب الساعة للوراء لا ينم إلّا عن وجود قوم أدمنوا الركون تحت وطأة حذاء الظلم والقهر ، فبعد السنين العجاف التي تجرع مرها الشعب الكريم ، لا اعتقد أن من الحصافة السياسية أن تقف أي قوى مدنية موقفاً محايداً في هذه الحرب ، وإني لأجد نفسي مستشعراً للعار عندما أرى القوى المدنية لا تعترف ، بفضل هؤلاء الفتية الذين يقسمون بإثنين “بس” – النصر أو الشهادة ، ويتطلعون لتحقيق الوطن الحلم ، على الأشاوس – قادة التغيير – أن لا يدعوا انجازاتهم لقمة سائغة يسيل لها لعاب المرتدين للجاكيتات الإيطالية الأنيقة وربطات العنق الفاخرة ، لأنهم هم أصحاب الفضل في إرساء دعائم الدولة الجديدة ، فليس من الحكمة أن نعيد تجربة رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي ، الذي أوصله آباء الأشاوس للسلطة ديمقراطياً ، فجبن وتخاذل عن الدفاع عن سلطة الشعب فاقتلعها الاخوان المسلمون ، ثم أمر اتباعه “الأنصار” الذين ينحدر غالبيتهم من إقليمي كردفان ودارفور ، بأن لا يرفعوا البندقية في وجه من سلبهم سلطتهم ، تماماً كما أمر حسن الترابي أنصاره الذين قرروا مواجهة انقلاب المفاصلة الرمضانية الشهيرة.

 

[email protected]

‫7 تعليقات

  1. الاخوان المسلمين فاقوا سؤ الظن العريض كما قال محمود محمد طه . والانتصار عليهم مستحيل فدولة ولهم تحالفات عالمية . فدولة قطر فتحت خزائنها لهم وايران فتحت مخازن اسلحتها حتى لا يحقق بن زايد اهدافه فى السودان وهو نكاية فيه . واقسم لك تشاهد غدا عرب دارفور يقتلون بعضهم بعضا للفوز برضا الكوز وامواله ومناصبه . وقد شاهدنا انشقاق القيادة ونزولها لبورتسودان مجموعة ود ابوك لتنفيذ مخطط الانشقاق والابادة . فلم يعودوا إلا لابادة اهلهم والكوز لا ضمير له ولا دين . والجنجويد وقود الحرب المجانى يحترق ويتبخر كل يوم ولن تنقذه التمائم والحجبات من قانون الفيزياء الصارم والدولة يمكنها القتال حقيقة لمائة عام كما قالوا وكما فعلت فى حرب الجنوب لستين عاما وبدون دولةقطر . وفى هذه الحالة سيغير كفيل الجنجويد شريحة هاتفه ويوفر امواله فهو ليس احمقا وسيبحث عن فريسة جديده. والكوز حقود لا يهمه المواطن ولا تعليمه ولا طعامه وليس من اولوياته اصلا .فى نهاية الفيلم سينتصر الكوز لانه لا يحارب فى الميدان بنفسه ويلعب بالمتحاربين بذكاء ودهاء . الم يقل لكم المرحوم فاقوا سؤ الظن العريض ؟؟

    1. رغم يقيني من كرهك للكيزان ولكن اراك تذهب في قولك هذا بتضخيم حجمهم وقوتهم بصورة تجافي الواقع تماما. صحيح ان قطر تدعمهم بالمال وتركيا بتوفير الملاذات الآمنه وايران بالسلاح ونظامهم في الخرطوم يمسك بخناق الدوله واجهزتها ولكن هذا شيء وتحقيق الإنتصار العسكري والعودة للحكم شيئ لآخر تماما.
      الكيزان هزموا سياسيا وبار مشروعهم تماما وتصدع بنياتهم وفقدت الانظمة الغربيه التي كانت ترجح كفتهم ضد النفوذ الايراني الثقة فيهم تماما ولم يعد لهم حاجه ولذلك تمت التضحيه بمرسي في مصر والغنوشي في تونس والزنداني في اليمن وحماس في فلسطين واخوان سوريا والخليج والصومال واطيح بحكمهم في السودان ولازال الدبيبه ينازع للبقاء في ليبيبا.
      عسكريا تمت هزيمتهم في السودان منذ بدايات العام 2024 و وليس هناك هزيمة عسكريه اكثر من سقوط العاصمه و قصرها الجمهوري مقر الحكم ومطارها ومقارها السياديه مضاف اليها سقوط ثلاثة ارباع مدن وحواضر وقري السودان.
      ما نراه هو فراغ سياسي فقط ناجم عن عدم وجود قوي سياسيه مدنيه تملأ فراغ اجهزة الدوله نتيجة لضعف او سوء تقدير اوتقاعس الاحزاب السياسيه اما عن تقصير او عن اصطفاف جهوي عنصري ضد الدعم السريع.
      و بالطبع إستغل الكيزان هذا الفراغ ليملأوا الدنيا ضجيجا بإعلامهم الكاذب ويصورون الأمر للعالم والشعب المغيب كما لو انهم المسيطرين وانهم يمثلون الحكومة والشرعيه في حين ان واقعهم يقول ان حكومتهم لا تسيطر حتي علي بورتسودان التي نقلت مقرات الحكم إليها ولا يستطيعون حتي توفير حبة دواء الصداع ومياه الشرب لمواطني البحر الاحمر دعك من بقية مواطني السودان مترامي الاطراف الذي اقتصروه علي بورتسودان-شندي-عطبره وبالعكس!

  2. النخبة السودانية هي اكثر من دفعت ثمن الانقلابات والحروب وماذا تنتظر من النخبة إن كانت الجماهير مثل البهائم تمشي خلف الشعارات الدينية و العصبية القبلية وأنت يا أسماعيل عبدالله رجل مثقف ولكن تعتبر اكبر مثال لما يحدث في السودان حيث قضيت اكثر من ثلاثين عام من عمرك تدافع وتنافح عن مشروع فاشل ومجموعة مجرمة بمعنى الكلمة واختطفتك الشعارات والمصالح الذاتية كما اختطفت الكثير من امثالك هي لله هي لله كم وثلاثين سنة وأنت رافض أن تفتح عينك وترى الواقع دع عنك تفتح عقلك لتفهم وللاسف ما قرر أحدكم الخروج من الكيزان من أجل الوطن وإنما بدوافع قبلية ضيقة – للاسف اهل السودان وبالاخص دارفور لا يفهمون غير لغة الرصاص لحل قضاياهم ومشاكلهم

  3. مثل هذا الكاتب العنصري البغيض يظن انه من النخبة السودانية وكثيرون يشكون في انتمائه للسودان اصلا ناهيك من انتمائه لاي نخبة
    لان من ينتمي للسودان لا يكتب مثل المقالات التي كتبها هذا العنصري البغيض والتي جلها كان يدعو لتهشيم نسيج المجتمع السوداني لارضاء عقدة نفسية موجودة في نفسه هو واضرابه من العنصريين وهي ليست لها واقع اجتماعي في السودان يشبه نخب السودان المحترمة ان نعم شاب بعضها الفشل المذكور في كتاب الدكتور منصور خالد اقصد النخب لكن ليس له منحى عنصري اصلا …..
    تبا لكل عنصري فاشل حاقد

  4. الجنحويد هم طوق الشر نفسه فقد فعلوا ما فعلوا في المواطنين السلميين ما لم يفعله الاتراك والانجليز والمصريين مجتمعين. الآن هم يحاربون المواطن ولا يحاربون الجيش ولا كتائب الكيزان. انا شخصيا قبل هذه الحرب استبشرت خيرا فيهم ونظرت اليهم بانهم المسيح المخلص للأمة السودانية من درن الكيزان. لكن للأسف اثبتوا انهم أسوأ من الكيزان. الكيزان فعلا نهبوا المال العام ولكنهم لم تسمع حتى في دارفور حيث كانت الحركات المتمرد تخوض اشرس المعارك انهم قاموا ينهب ممتلكات المواطنين وسرقة سياراتهم كما يفعل الجنحويد اليوم في الجزيرة هذه الولاية الوديعة التي تحملت تكلفة حرب دارفور منذ بدايتها فاوت أهل دارفور وتقاسمت معهم لقم العيش لكن للأسف كما قال الشاعر ان انت أكرمت الكريم ملكته وانت أكرمت اللئيم تمرد. فقد تمر أهل دارفور الموجودين في الجزيرة على أهلها وتعاونوا مع الجنحويد على ازلال واهانة مواطن الجزيرة. وما قاموا به اثبت انه لا يمكن التعايش مع هؤلاء الهوام والطحالب البشرية القادمون من وراء المعرفة والتاريخ. هؤلاء دمامل يملاؤها الحقد والان هجروا أهل القرى الأبرياء الذين كانوا مقتنعون ما قسم الله لهم من رزق يأكلون الغديد ومنهم من لم يذق ابدا طعم العنب والتفاح. فلماذا هجم عليهم هؤلاء البربر الرعاع الذين يعيشون بعلقية الإنسان الأول. لكن الشعب السوداني مثل الشعب الجزائري الذي لم يكسره الفرنسيون بأفعالهم الهمجية من سفك للدماء واغتصاب واختم بما قاله شاعر فلسطين العظيم محمود درويش في قصيدته الأوراس التي يمجد فيها الثورة الجزائرية وما أعظمها من ثورة حيث يقول :
    فالوحش يقتل ثائراً والأرض تنبت ألف ثائر
    يا كبرياء الجرح لو متنا لحاربت المقابر
    فملاحم الدم في ترابك ما لها أواخر

  5. يا جهلول افندي ( النكب السياسية ) هي ما أتت بالفريق عبود و جعفر نميري ( رحمهما الله ) و البشير و الفريق عبود لم يأتي عبر انقلاب عسكري كما تزعم بل جاء عبر تسليم و تسلم… النكب السياسية من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار سبب رئيسي لفشل الدولة السودانية… هذه حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو جاهل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..