
تعتبر المغالطات المنطقية من الفخاخ التي ينصبها المحاورون للنيل من خصومهم، وذلك بايهامهم بأن ما يدعون هو الحق، لذلك وجب الانتباه لهذه الخدع، وأن نحاول بقدر الامكان تفاديها. فكثير منا بعلم او بدون علم يبدأ من النتيجة قبل بناء الحجة التي تدعم هذه النتيجة. فمثلا يقول لك (الشيوعية هي الأفضل لأنها نظرية علمية)، فهو افترض ان الشيوعية هي الأفضل وافترض ان قول ماركس وهو صاحب النظرية صحيح وبالتالي هي الأفضل، أو (الاسلاميين هم الأفضل لان أفكارهم مستنبطة من الاسلام)، هو افترض ان الاسلاميين هم الأفضل ثم افترض ان أفكارهم مستمدة من الاسلام، وهذه المغالطة تسمى مغالطة الدور. احيانا يكون الادعاء صحيح ولكن الحجة باطلة، كأن تقول ابي صادق لانه أبي، فالحجة باطلة ولكن الادعاء يمكن أن يكون صحيح وهو أن يكون ابوك صادق بالفعل.
في هذا المقال البسيط سنسلط الضوء على مغالطة منطقية شائعة جداً، ولا يكاد يخلو منها حوار، وهي محاولة ايهام الطرف الآخر بأن الحياة تقوم على خيارين فقط، أحدهما واضح البطلان، فتجد نفسك في مأزق ومضطر لاختيار الخيار الآخر، ولنضرب على ذلك مثالاً، وبالمثال يتضح المقال:
عندما يتحاور اسلامي أو ملحد مع مواطن مسلم (طبيعي) غير مؤدلج، فإن الخيارات المتوفرة ستكون اما ان تكون اسلامي أو ملحد:
إما أن تختار (اسلامي) أو تختار (ملحد). لا توجد هناك خيارات أخرى. بطبيعة الحال فإن المسلم (الطبيعي) غير المؤدلج لا يمكن أن يختار أن يكون (ملحداً). وبالتالي فإن خيار (اسلامي) هو الاختيار الصحيح!
والعكس صحيح فإن الملحد يجعلك تختار ما بين العقلانية والاستنارة وما بين الرجعية والتخلف والتكلس الفكري ودين المظاهر الذي يقوم على النفاق، ويضرب لك مثال على (الكيزان)، وبالتالي ستختار بدون وعي ان تكون ملحداً، أو على أقل تقدير متشككاً في دينك!
الحياة غير محصورة بين خيارين فقط، إما معي أوضدي، اسلامي أو ملحد! وإنما الحقيقة هي أن كلا الاسلامي والمُلحد في مثل هذا الحوار متطرف واقصائي! فهنالك خيارات لا حصر لها، فأنت يمكن أن تكون مسلم ملتزم وتختار أحزاب أخرى، أو لا تختار أحزاب بالمرة.
فمن ينتقد حكومة حمدوك مثلاً، لا يعني ذلك أنه اسلامي، ولا يعني أنه ضد الثورة أو ضد الحكومة، ولكن ربما يعني أنه من شدة حبه لحمدوك ينتقده حتى لا ينغلق على ذاته ويخرج عن نهج الثورة، ويفسح المجال لعودة النظام القديم.
فلا تجعل من نفسك فريسة سهلة يتلاعب بعقلك عدوك الجاهل كيف شاء! انت مسلم ولديك من الخيارات ما لا حصر له ولا عد، لذلك يقول الصوفية (الطرق الى الله بعدد أنفاس الخلاق)!
صديق النعمة الطيب
[email protected]
مدهش