بورتسودان العاصمة المؤقتة للسودان تعاني من نقص الخدمات
كثافة سكانية عالية في المدينة تؤثر على الخدمات المقدمة منها توفير مياه الشرب والمواصلات وحتى خدمات الصحة والتعليم.
بعد أن أضحت مدينة بورتسودان، عاصمة ولاية البحر الأحمر، العاصمة المؤقتة للسودان صارت تعاني من عدة مشكلات، أبرزها مياه الشرب وتهالك الطرق الداخلية وعدم قدرة وسائل النقل على استيعاب الكثافة السكانية الحالية.
ومع انتقال المؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية إليها، أصبحت بورتسودان مركزا سياسيا واقتصاديا وتجاريا، بجانب أنها أكبر مدن السودان استضافة لآلاف النازحين من مدن سودانية أخرى وأبرزها الخرطوم وود مدني وسنار.
وقالت وزيرة الرعاية الاجتماعية بولاية البحر الأحمر إلهام إدريس قسم الله “بسبب الحرب لدينا نحو 105 آلاف نازح يقيمون في دور الإيواء ببورتسودان.” وأضافت في تصريح لوكالة أنباء شينخوا “لدينا نحو 44 ألفا و448 أسرة تمت استضافتهم مع الأسر المقيمة في المدينة، إضافة إلى الآلاف من الوافدين الذين استأجروا منازل في المدينة.”
وتابعت “بالتأكيد هذه الأعداد الكبيرة أحدثت كثافة سكانية عالية، وهو ما يؤثر على الخدمات المقدمة في المدينة، ولاسيما ما اتصل منها بتوفير مياه الشرب والمواصلات وحتى خدمات الصحة والتعليم.”
وأشارت إلى الجهود التي تبذلها حكومة ولاية البحر في سبيل معالجة المشكلات القائمة، والاستعدادات لموسم الأمطار في البحر الأحمر، والذي يبدأ عادة في شهر نوفمبر ويستمر حتى يناير من كل عام.
وقالت “هناك جهود حكومية تبذل في العديد من المجالات، ومنها إصلاح شبكة الطرقات الداخلية، وتنظيم الأسواق لاستيعاب الحركة التجارية المتزايدة، ومع دخول موسم الأمطار نبذل جهودا أيضا لمكافحة الأوبئة الموسمية ولاسيما الكوليرا وحمى الضنك.”
تمثل مشكلة عدم توفر مياه الشرب إحدى الأزمات المستمرة في مدينة بورتسودان منذ زمن بعيد. ولا تتوفر للمدينة مصادر ثابتة للمياه العذبة، إذ تعتمد على تخزين مياه الأمطار الموسمية في سد أربعات الذي تم إنشاؤه في عام 2003.
وقال محمد أسود، وهو أحد أعيان مدينة بورتسودان، “إن مشكلة مياه الشرب تظل الهاجس الأكبر في مدينة بورتسودان.” وأضاف “بعد الانهيار الذي حدث لسد أربعات في أغسطس الماضي، تضاعفت معاناة مياه الشرب، وهو ما يستوجب إيجاد بدائل عاجلة”. وأشار أسود إلى أن أغلب سكان المدينة يعتمدون على محطات لتحلية المياه، ولكنه أوضح أنها ليست كافية، كما أنها مكلفة من الناحية الاقتصادية.
وتعرض سد أربعات للانهيار في أغسطس الماضي نتيجة الأمطار الغزيرة التي تسببت في انهيار السد الذي كان يغطي حاجة نحو 750 ألفا من سكان مدينة بورتسودان. ولم يتسن الحصول على تعليق من هيئة مياه ولاية البحر الأحمر.
وتنتشر في مدينة بورتسودان الكثير من الأسواق، ولكن غالبية المنتجات التي تعرضها الأسواق والمجمعات التجارية تأتي من خارج البلاد، بسبب عدم توفر المصانع وتوقف غالبية المصانع التي كانت تعمل في العاصمة الخرطوم بسبب القتال.
وكشفت جولة لوكالة أنباء شينخوا في السوق الرئيسية وسط مدينة بورتسودان عن ارتفاع في الأسعار، وهو أمر أرجعه تجار إلى ارتفاع تكاليف النقل وقيمة الدولار الجمركي للبضائع التي ترد عبر البحر الأحمر من السعودية وتركيا أو عبر النقل البري من مصر.
وقال التاجر محمد الفاتح عزالدين “هناك ارتفاع كبير في الأسعار، والسبب الرئيسي ارتفاع سعر العملات الأجنبية مقابل الدولار، إلى جانب ارتفاع أسعار إيجار المحلات التجارية.”
وأضاف عزالدين “بسبب إفرازات الحرب فإن القدرة الشرائية تتراجع، ومع ارتفاع الدولار الجمركي فإن أسعار المنتجات، وغالبيتها تأتي من الخارج، في ارتفاع كبير”.
ومن جانبه دعا المواطن أحمد نور، وهو أحد الوافدين إلى مدينة بورتسودان، السلطات الحكومية إلى التدخل لكبح جماح ارتفاع الأسعار، ولاسيما أسعار إيجارات المحلات التجارية والمنازل.
وقال “هناك ارتفاع كبير في أسعار الإيجارات بمدينة بورتسودان، ولا بد من معالجة ذلك ومراعاة أن غالبية الوافدين إلى المدينة نازحون.”
وأقر وزير الصناعة المكلف بولاية البحر الأحمر أحمد محمد طاهر بحاجة الولاية إلى إقامة مشروعات صناعية لسد الفجوة الناتجة عن توقف النشاط الصناعي في البلاد، والذي كان يتركز بصورة أساسية في الخرطوم.
وقال “الولاية تسعى لاستقطاب صناعيين جدد وسد الفجوة الناتجة الآن بسبب غياب عدد كبير من المصانع والصناعات التي كانت في الخرطوم، ونعمل على تأسيس شراكات مع دول وشركات.” وأضاف “لا بد من توفير المنتجات محليا من خلال إقامة مصانع في القطاعات الحيوية، وذلك من أجل تقليل تكاليف الاستيراد وإيجاد منتجات في متناول الجميع.”
تعتمد مدينة بورتسودان على شبكة قديمة للمواصلات ولاسيما داخل المدينة، وتتكون في الغالب من أتوبيسات صغيرة تسمى الواحدة محليا “حافلة”. وبسبب الكثافة السكانية في المدينة لا تستوعب شبكة المواصلات الداخلية الزيادة الكبيرة في أعداد السكان.
واشتكى سائقو مركبات في محطة المواصلات الرئيسية وسط بورتسودان من ارتفاع أسعار الوقود وتهالك الطرق الداخلية وغلاء أسعار قطع الغيار، وهو ما اضطرهم إلى زيادة تعريفة النقل داخل المدينة. وقال السائق معتز إبراهيم “هناك زيادات كبيرة في أسعار الوقود وكذلك قطع الغيار، وليس أمامنا غير زيادة تعريفة النقل للركاب.”
وأضاف إبراهيم “نحاول قدر الإمكان أن نستمر في تقديم الخدمة لأعداد كبيرة من المواطنين، ولكننا نواجه صعوبات عدة، نعمل بأسطول قديم ويحتاج إلى الصيانة باستمرار، كما تساهم الطرق المتهالكة في زيادة الأعطال.”
وتقع بورتسودان على بعد نحو 800 كيلومتر عن العاصمة السودانية الخرطوم، وهي ثاني أكبر مدن السودان وفيها مطار دولي وميناء يشكل المنفذ الرئيسي لتصدير السلع واستيرادها.
ومنذ مايو 2023 أصبحت بورتسودان العاصمة المؤقتة للسودان، ومقرا للحكومة والبعثات الدبلوماسية في البلاد. ووفقا لإحصائية حديثة لمنظمة الهجرة الدولية فإن عدد النازحين واللاجئين في السودان بلغ أكثر من 14 مليون شخص.