هل يتصدر الملف الروسي / الاوكراني ملف الازمة السودانية في اجندة الدبلوماسية السعودية.

يوسف عيسى عبدالكريم
تحتضن مدينة جدة السعودية هذه الأيام اجتماعات و مفاوضات لكسر الجمود الدبلوماسي بين روسيا و أوكرانيا بغرض التوصل الى اتفاق ينهي اكبر حرب يشهدها العالم في الوقت الحالي وبذلك تكون السعودية قد رمت بثقلها في معالجة الازمات العالمية ويشير هذا للتطور الكبير الذي شهدته الديبلوماسية السعودية والمنصب في اتجاه سعي المملكة لتمكين نفسها كقوة اقتصادية وسياسية في المنطقة تماشيا مع رؤيتها 2030 . و يحسب للمملكة انها تلعبت دور رئيس في محاولة التوصل الي اتفاق ينهي الازمة السودانية منذ اندلاعها وقد شهدت مدينة جدة جولات ماكوكيه بين اطراف الصراع في السودان و بتفويض مباشر من الولايات المتحدة وحيث افردت السعودية مساحة وافرة من جهدها الديبلوماسي بغرض إنجاح ملف الازمة السودانية و منبر جدة تحديدا الا ان الأطراف السودانية كانت تعول على الحسم العسكري السريع في الميدان و لم تكن راغبة في التوصل لاي اتفاق ملزم و في هذه المرحلة.
ولان منطق السياسية والعلاقات الدولية يقوم على مبدأ المصالح فان المملكة وجدت فرصة لتمكين وضعها عالميا وذلك بإلقاء ثقلها الديبلوماسي لحل الازمة الروسية الأوكرانية والتي باتت عصية على المشهد الدولي مستفيدة من موقعها كلاعب أساسي في نادي النفط العالمي . وما يعنينا هنا هو اثر دخول السعودية في خط الازمة الأوكرانية و تداعيات ذلك على الازمة السودانية .
حيث ان تركيز السعودية على الملف الروسي / الاوكراني سوف يكون حتما خصما على الملف السوداني . فمنبر جدة ظل متصدرا للأخبار باعتباره المنبر التفاوضي الإقليمي الوحيد الساعي لحل الازمة في بلد يعاني من مشاكل سياسية و اقتصادية ولا يمثل أي وزن على الخارطة الدولية قياسا بالنفوذ الروسي والموقع الجيوسياسي لأوكرانيا فاذا ما قاست السعودية الفوائد التي ستعود عليها من إدارة الملف الروسي / الاوكراني فإنها قطعا ستكون اكبر من تركيزها على الملف السوداني لذا سينصرف اهتمامها نحو الملف الجديد مما يعني ان فصل شتاء طويل سينتظر الازمة السودانية و جمود قد يستدعي الانتظار طويلا حتى يظهر وسيط اخر مؤهل لتحريك المياه الراكدة واذابة جبل الجليد لإعادة ملف الازمة السودانية الى طاولة التفاوض و يدعم ما ذهبنا اليه عودة السفير الأمريكي في السودان الى واشنطن بعد ان جاء الى جدة قبل أيام لدعم المفاوضات و حث الأطراف و لكن ربما وجد ان الأولويات قد تبدلت في جدة وان الوقت لم يعد مناسبا للملف السوداني فرجع خائبا .
يقيني ان حل الازمة السودانية يجب ان يكون سودانيا خالصا و بمبادرات سياسية سودانية تنزع فتيل الازمة وتحقن الدماء وتوقف اطلاق النار و تدعو لحل يضع البلاد على طريق السلام الشامل . طالما ان كلا الجنرالين متفقان على التفاوض اذا فليتقدم الصف أبناء السودان من طرق صوفية وادارات أهلية و قيادات أحزاب و أساتذة الجامعات و قيادات مجتمع والمنظمات الطوعية والصحفيين والمثقفين و ورجال اعمال و كل شرائح المجتمع كل من يحمل هم هذه البلد افتحوا عقولكم وابحثوا عن حل ينقذ البلاد