جريمة على مقرن النيلين

شراهة الإستثمار ونهش موارد وتاريخ السودان
قفل الواجهات المائية وغابة السنط:
ياسر عرمان
-1-
عندما وصل دكتور جون قرنق ديمابيورإلى الخرطوم يوم الجمعة الموافق 8 يوليو 2005، وقد أستقبل إستقبالا غير مسبوق وتاريخي، انتشرت نكتة في ذلك الوقت أطلعته عليها وقد أعجبته وأستغرق في الضحك، وقد كانت النكتة تقول لماذا أختار الدكتور جون قرنق الإقامة في فندق الهيلتون؟
الإجابة: لانه بالقرب من الغابة الوحيدة في الخرطوم.
-2-
حينما كنت رئيسا لكتلة الحركة الشعبية في البرلمان الإنتقالي 2005-2010، والتي ضمت حوالى (147) نائبا ونائبة، عملت على تعطيل مشروع غابة السنط وقمت بعمل حملة إعلامية واسعة ضد هذا المشروع الذي يمتد من مقرن النيلين إلى غابة السنط، وقد طرحت على الرآي العام مع مجموعة من الشابات والشباب الأوفياء لمستقبل البلاد والحفاظ على تاريخها ومواردها وآثارها ودخلت في صراع مع والي الخرطوم آنذاك وأحد أهم رجال الأعمال الذي كان يتولي مشروع غابة السنط، وقد اهتم الراحل الدكتور معتصم نمر، رئيس جمعية البيئة بهذه القضية وعقد مناظرة حولها كنت أحد أطرافها في جمعية البيئة السودانية.
المشروع كان يرمي إلى إقامة (ملعب للغولف) في منطقة المقرن عند إلتقاء النيلين واقامة بنايات شاهقة تحجب مقرن النيلين ذلك المنظر الطبيعي والعالمي والتاريخي والجغرافي الفريد الذي هو ملك للآجيال السودانية والبشرية ومسجل عند منظمة اليونسكو كتراث طبيعي عالمي.
يأخذ مشروع غابة السنط حوالى 25% بتصميمه القديم من غابة السنط ليقيم (ملعب للغولف) والغابة محمية طبيعية بقانون منذ عام 1925، وتاتي إليها الطيور من المكسيك وأميركا الجنوبية، وإدخال الكهرباء والمباني والشوارع سيحدث خلل بيئي، والغابة هي الوحيدة التي ظلت في قلب الخرطوم، وشهدت كل الأحداث الجسام، ولم يفكر أحد في امتلاكها أو امتلاك منطقة المقرن، وإقامة المباني الشاهقة سوف يغلق الى الأبد منظر إلتقاء النيلين، ويصاحب ذلك قفل الواجهات المائية على النيل الأبيض بالاسمنت والخرسانة حتي يتم منع المياه التي تتمدد في الخريف من الوصول الى تلك المباني. وقفل الواجهات المائية سيؤدي الى اغراق قرى الصيادين والجزر في النيل الأبيض.
في ذلك الوقت، بعثت برسائل لعدد من كبار المبدعين والمثقفين والمفكرين وعلى رأسهم الراحل الدكتور عبد الله بولا والبروفيسور حسن موسى حول هذه القضية الهامة التي تلخص الصراع الذي يدور ضد الهجمة الإستثمارية وشراهة الإستثمار الطفيلي.
-3-
بعد أن تم وقف ذلك المشروع ولكن قبل اسبوعين كنت في طريقي الى اجتماع في دار حزب الأمة بام درمان ورايت عمارة شاهقة نهضت عند واجهة المقرن تزاحمه وتسد الطريق إليه، ورايت آليات ثقيلة ورافعات تعمل على شق الطرق واقامة المباني، وحاولت الدخول لرؤية ما يجري ومنعني حراس مدججين، وقالوا لي أن مشروع السنط ممنوع الدخول إليه، وأدركت أن مشروع السنط قد عاد على ظهر الهجمة الإستثمارية التي تستهدف موارد السودان وآثاره الحضارية وتاريخه وأراضيه، وقد أرتبطت هذه المرة في كثير من جوانبها بعواصم اقليمية ودولية.
عند ثورة ديسمبر وذاكرة الديسمبريات والديسمبريين فإن وقف هذه المشاريع واجب فهي تستهدف ماضي وحاضر ومستقبل السودان. كما إن محاولات في السابق قد جرى الحديث عنها لبيع الوزارات والمباني في شارع النيل بما في ذلك مباني تابعة لجامعة الخرطوم ضمن أجندة النظام السابق وإستثماراته الطفيلية التي تهدف إلى اقامة ابراج سكنية عالية على النيل دون اي احتياطيات تمنع نزول اطنان الفضلات على النيل، وتقفل الواجهات المائية وتلوث البيئة مثل ما جرى مع شركات البترول التي أدت إلى تلوث المياه والأرض اهم موارد السودان. يتم كل ذلك دون شفافية وتخطيط محترم وإشراك اصحاب المصلحة والمستفيدين من سكان العاصمة والسودان.
-4-
إن قضية الارض سيما المرتطبة بالنيل سجلت حضورا في دفاتر ثورة ديسمبر مثل ما هو الحال في بري والجريف والحلفايا والشجرة واستهداف اراضي السكان الاصليين في استثمار شره وشرس لا يراعي الحقوق، وقد أصبح هذا الإستثمار ذو أنياب خارجية، وهذه من قضايا الحاضر والمستقبل.
-5-
إننا نحتاج لوقف هذه المشاريع وعمل جماهيري وقانوني معا ففي ذلك دفاع عن مستقبل بلادنا وحياتنا. إن النيل سليل الفراديس أكبر ظاهرة جغرافية وتاريخية وحضارية على امتداد وجودنا الإنساني.
إننا نحتاج أن نبني مدننا على نحو يجسد شخصيتنا التاريخية دون محاكاة لاحد، وأن تكون مدننا صديقة للبيئة والتاريخ، وعلى نسق من التوافق مع إرثنا وآثارنا، وأن تشبه السودان مستفيدة من التطور الحضاري والعمراني العالمي دون إخلال.
إننا نحتاج إلى إعادة الوجه المنتج إلى الريف بعيدا عن نهب الثروات والربط العضوي بين الريف والمدينة لمصلحة إنسان الريف وإنسان المدن.
الخرطوم، 3 أبريل 2022
كويس انكم بديتوا تبحثوا عن البطولات خارج مضمار السياسة لانو في السياسة كلكم صفر في صفر.
يا جماعة الواحد عندما يكتب كلام جميل قولوا ليه أحسنت كونو أوقف المشروع دا قبل كدا يشكر على ذلك
غاباتنا ثروة قومية لا يجب ان يتعرض لها احد
كده كلام جميل، اللصوص كتار صحيح، و فهمنا حرامي الأراضي عميل الإعراب ده منو البيبني لهم مدن و منتجعات قرب النيل لانه موطنهم الصحراوي مجرد غابات اسمنت في صحراء؛ و طبعاً عميله هذا كان معه لما امر العميل السجمان الرسمي بالحضور عنده في قصره، لكن العميل المدني تحت ستار رجال أعمال حاول يتخفّى عن الكاميرا، و لكن الله كشف عمالته كسمسار قواد رخيص يبيع وطنه و شعبه من أجل مليار دولار، اما العميل السجمان فهو أصلاً قاتل لأهله.
تعرضت الخرطوم ، وغيرها من مدن السودان ،
إلى أسوأ أنواع الخراب والقبح وفساد الذوق
والإضرار بصحة البيئة ، على مر السنين .
ولم تعد الحلول الجزئية والمؤقتة تفيد بشيئ .
ولذلك لا بد من حل جذري يعيد الأمور إلى نصابها .
ويكمن هذا الحل فى إعادة منظر واجهة الخرطوم على
مجرى نهر النيل إلى المنظر والوضع الذى كانت عليه فى
تاريخ ١٩٥٦/١/١ .
ويستدعى هذا الحل هدم وإزالة كل المبانى والمنشآت
والعوائق التى أقيمت حول شواطئ النهر ، بما فى ذلك :
قاعة الصداقة ، وعمارة القذافى ، والمبانى السكنية ،والفنادق
والمساجد المستحدثة ، وجميع الأكشاك والقهاوي ، والقاعات
والأندية وأي منشآت أخرى .
جميع هذه المنشآت المقترح هدمها وإزالتها يمكن إقامتها
فى مواقع أخرى مناسبه فى العاصمة بعيدا عن واجهة النهر .
المبنى الضخم أو البرح الضخم الذي يقصده ياسر عرمان هو لرئيس مجلس ادارة بنك التضامن .
لك الاحترام والتقدير ياسر عرمان
في زمن الانحطاط كل شئ متوقع
مثلما ظل النيل يمدنا بالماء و الطمي فقد ظل يمثل مسارا هوائيا يمنع التلوث في المدن الثلاث. انشاء ابراج عالية يؤدي الى تراكم الحرارة فيما يعرف بالجزيرة الحرارية. و يؤدي الى تراكم الدخان و الغبار و بقية الملوثات مما يزيد من حدة امراض الجهاز التنفسي. خنق النيل هو خنق لجميع سكان العاصمة.
كلامى وطنى لزول همه على الوطن … ربنا يسلم من شخصنة الطرح ويجى واحد ناطى يقول ليك ده كلام واحد شيوعى … السودان لن ينصلح حاله لو ما تقبلنا بعضنا البعض … مهاجمة الناس للكيزان بسبب افعالهم _ قتل وسلب ونهب _ مفروض تكون ثوابت الناس حول هذه الاشياء نخالف كل من يقتل وينهب ويسلب ونقف مع كل داعم للحرية والسلام والعدالة …
حسنا يا ياسر الاهتمام بالبيئة والخضرة
لكن ارجوا من زعيمك القابع في كراسى مجلس السيادة ان يهتم بالإنسان وحقوقه ، ترون دماء الشباب تسيل يوميا في شوارع الخرطوم ولا تهتمون بها ولا تكتبون عنها وتثيركم منظر قطع الأشجار( قال عجبت لكم يا اهل العراق ترون الحرمة في دم البعوضة ولا ترون الحرمة في دم الحسين )
مزاج الجبهجيه الممحونيين الفنقسه للعرب ومكنتهم شرع الله الغلط المستمد من الجاهليه الكبرى والجاهل عدو نفسه بيع السودانيين عبيد ومرتزقه رخيصين للخليج وتيوس للمصريين وانفصال الجنوب وسبعين فصيل تمرد ومناجمكم يخطفوها المصريين حمرة عين واحتلال حلايب والفشقه ورئيس مطلوب القبض عليه وتشويه الإسلام ووصف الناس بالكفر والالحاد يخس على بني حاسد والعقليه الرعويه لخراب سوبا والسودان وكما فاكينها لحميرتي عشان يتم الناقصه
دا مضمار السياسة العالمية ..الرأسمالية..عشق الكيزان سلب ونهب المساكين..وتدمير البلد لصالح الأجنبي.. الحلا واسع يمشوا يبنوا هناك ماف مشكلة ..لا ضرر ولا ضرار..البلد واسعة اختوا المساكين
تساؤل ياسر عرمان عن مشروع (السنط) !
لم يتطرق الأخ ياسر عرمان الى حقيقة نجزم بانه يعرفها تماماً ولكنه يتحاشى ذكرها، وهى حقيقة أن السودان قد ظل تحت استعمار المخابرات المصرية بمساعدة عساكر الكيزان منذ فشل محاولة اغتيال الرئيس المعزول حسنى مبارك، وان كل مشاريع القوات المسلحة السودانية وشركات أمن نظام البشير هي نوافذ لشركات الجيش المصرى، يسهر على حراستها كبار ضباط الكيزان الذين يشرفون على تقتيل أبناء الشعب في المظاهرات التي تطالب برحيلهم. ان هذا الاستعمار السرى هو الذى ينهب خيرات السودان، وسوف يظل هذا الاستعمار داعماً لعملائه ومتشبساً بكل الاسلاب التي ظل يجمع فيها طيلة العشرين عاماً الماضية، سواء كانت هذه الاسلاب هي أسواق المواشى في غرب السودان أو المشاريع العمرانية في قلب العاصمة مثل مشروع (سنط) الذى فتح الله على الأخ ياسر عرمان بان يقول عنه كلمة اخيراً. علماً بان هذا المشروع الذى ابتدأت المؤامرة حوله منذ عام 2008
ثم اننا نشير الى المقال التالى الذى تم نشره في عدد من مواقع الصحف الاكترونية في ذلك الوقت. الى المقال
ماذا وراء موقع مشروع (السنط)
بقلم أبوبكر بشير الخليفة
25/يناير /2008
لا شك أن أغلب السودانيين قد سمعوا بمشروع (السنط) المزمع انشاؤه فى منطقة الغابة بمدينة الخرطوم، ولا شك أن أغلبهم قد أعجبوا بالصور و الرسومات وأشرطة الفيديو التى تعرض مجسمات البنايات العصرية، الشاهقة، التى تتلألأ حوائطها الزجاجية مع أشعة الشمس، تحيط بها المياه الزرقاء وتتخللها الشوارع الاسفلتية بخطوطها الجانبية الأنيقة، ولا شك أن كل ذلك قد أحدث أثره فى المشاهدين، وأعجبهم، وجعلهم يتحرقون شوقا ليصبح هذا الحلم حقيقة ، وفى أسرع وقت، حتى نتنفس جميعا الصعداء أن صارت لنا عاصمة جميلة نستطيع أن نفاخر بها الآخرين كبقية البشر. وفى حقيقة الأمر أن عاصمتنا (كانت) مبعث فخر، و (كانت) جميلة، و(كنا) فخورين بها وبسودانيتنا. ولا شك أن شعب السودان لديه الكثير الذى يمكن أن يكون مبعث فخر هو به جدير، متى ما منّ الله عليه بحكومة تمثله و تليق به.
ولنعود الآن لما رآه أغلب السودانيين عن مشروع (السنط)، ولنبادر بذكر حقيقة مهمة، وهى أن العالم ،اليوم، يذخر بملايين التصورات الأولية لمشاريع التنمية العمرانية، وقد وٌضعت هذه التصورات الأولية واُعّدت لجذب المشترين والمستثمرين فى مجال العقارات. جميع هذه التصورات تُستخدم فيها مواد وأفكار وبرامج كمبيوتر معروفة ورخيصة الثمن و قد تم أعداد هذه البرامج وهذه المواد خصيصا لهذا الأمر ،أعنى أمر العرض والتسويق، وقد يحالف الحظ جزء يسير من هذه التصورات الأولية فتنجح فى جذب المشترين أو المستثمرين، ويذهب الجزء الأكبر منها الى سلة المهملات أو الى أرشيف مكاتب التصميم المعمارى. والجدير بالذكر أن مثل هذه الصور والمجسمات وأشرطة الفيديو ليست معقدة، أو صعبة، أذ أن المواد والبرامج التى تستعمل فيها، يمكن أعتبارها كألعاب الأطفال إذا ما قيست بالأعمال الهندسية الأخرى التى تحتاجها مثل هذه المشاريع لكى ترى النور وتصير حقيقة ماثلة، نعم هذه التصورات الأولية تحتاج لمهندس معمارى، يمكن أن يكون خريجا جديدا، أو حتى على وشك التخرج، لينفق بعض الوقت أمام الكمبيوتر ليستعمل برامج بسيطة، تستخدم منذ زمن طويل فى كل المكاتب الهندسية، وفى كل كليات الهندسة، وفى كل معاهد الهندسة، وفى كل المدارس الصناعية، وحاليا يمكن الإلمام بهذه البرامج وإتقانها فى وقت لا يتجاوز أربعة شهور، وبدون أن تكون لديك شهادة فى الهندسة ، وتستطيع بعدها أن تجهز مثل هذه الصور الجميلة وأشرطة الفيديو للبنايات الشاهقة، الجميلة، ذات الطابع العصرى. أردت من هذه المقدمة أن أقول أن ما رأيناه من صور وأفلام عن مشروع (السنط) لا يتعدى أن يكون أحدى انجازات رسام هندسى، أو مشروع تخريج لطالب هندسة معمارية، ويجب الا نسمح لهذه الصور الجميلة أن تصرف نظرنا عن حقيقة المشروع فنصبح بذلك كالأطفال الذين تجذبهم الرسومات الملونة المصقولة عن محتوى الكتاب أو عن محتوى المجلة.
أذا أردنا أن ننظر لمحتوى وحقيقة المشروع (مشروع السنط) فيجب النظر اليه فى كثير من التفاصيل، جميع هذه التفاصيل تحتاج لشرح ونقاش ولكن يمكن القول أن أهم هذه التفاصيل على الإطلاق إنما هو موقع المشروع، ولا أعتقد بان مثل هذه الصور والأفلام كان يمكنها أن تثير نقاشا أو جدلا لو كان موقعها المقترح فى أحد أطراف العاصمة، أو أى أرض خالية أخرى.
موقع المشروع المزمع يقع على ضفاف احد أطول الأنهار فى العالم، و فى ملتقى نهرين كبيرين، وفى قلب عاصمة مكتظة بالسكان، وفى أرض عامة يمتد أثر اى نشاط فيها الى مواقع أخرى ومثل هذه المواقع فى جميع الدول المتقدمة لا يمكن المساس بها، و دائما ما تعتبر ملك عام لا يمكن بيعه لأحد ، كل ذلك يجعل من اختيار هذا الموقع لإنشاء البنايات الشاهقة خطأ فادح، وسوف يكون لهذا الخطأ، أذا ما تم، أسوأ العواقب على النهر، وعلى ملتقى النهرين، وعلى العاصمة، بل أن أثره السلبى سوف يظهر على كل الإنشاءات التى تقع على ضفاف النيلين، الأبيض و الأزرق، جنوب موقع المشروع وأيضا على الإنشاءات التى تقع على ضفاف النيل شماله.
لكل نهر فى العالم حرم أو منطقة معينة تسمى حوض النهر، ولاى نهر مناطق معينة داخل الحوض تسمى مناطق فيضان ، تستعمل هذه المناطق فى أوقات الفيضانات الموسمي ليتمدد فيها النهر ويتسع، فتقل سرعة جريانه وتقل بالتالى طاقته على الحفر والنحت، أو، قل، تقل طاقته على تدمير المنشئات على ضفافه، وتسمى هذه المناطق صمامات الامان، وموقع المشروع معروف لجميع سكان العاصمة بانه منطقة فيضان تغمرها مياه النيل الأبيض خلال فترة الصيف وترتفع فيها المياه لتغطى الأشجار تماما وتصل حتى حدود فندق الهيلتون. وبالتالى فان هذه المنطقة هى أحدى صمامات الأمان التى ينفث النهر من خلالها طاقته متى ما زادت هذه الطاقة عن مقدرة احتمال المجرى المعهود.
فى بداية أعمال مشروع (السنط) تم إنشاء حوائط حاجزة فى هذه المنطقة لحجز مياه النهر داخل مجرى محدد وضيق ، وبذلك فقد تم إغلاق صمام الأمان ، وسوف تصل مياه الفيضان فى الأعوام القادمة الى هذه المنطقة، فيتم حجزها داخل المجرى المحدد بهذه الحوائط ، فتزيد سرعتها وسوف تصطدم بالمياه السريعة القادمة من النيل الأزرق لتصبح الحالة فى هذه المنطقة حالة ولادة متعسرة لطاقة نحت وتجريف كبيرة و خطيرة وفى جميع الاتجاهات. ولن تهدأ هذه الحالة حتى تجد متنفس آخر يمكن للنهر ان يتمدد فيه، وسوف تزيد مقدرة النهر على ما يسمى بالحفر الموضعى، وهو الحفر حول أعمدة الجسور والكبارى. وبالتالى فان عاصمتنا القومية سوف تكون مهددة بالغرق و فى جميع الاتجاهات ، وستصبح منشئاتنا على ضفاف النيل معرضة للانهيار . قد نرى هذا الأثر فى سنة واحدة متى ما تعرضنا فيها لفيضانا قياسيا، كما يمكن ان يتم هذا الدمار على مراحل تمتد لعدد من السنين. واعتقد انه من المعلوم أن معالجة مثل هذه الحالات من الفيضانات والغرق وانسداد المجارى وانهيار الطرق والكبارى يستلزم صرف المال العام ، الأمر الذى يلقى باثره على جميع السودانيين ولن ينحصر هذا الأثر السلبى على شركة دال أو على معتمدية الخرطوم.
من بديهيات هندسة الأنهار أن النهر يعتبر جسما حيا مليئا بالطاقة، لا يمكن المساس به دون أن يتحرك بردة فعل ، وقد تكون ردة فعله ذات اثر كبير ومبالغ فيه، ولذلك فان توخى الحذر واجراء الدراسات، المبنية على تمثيل مصغر للحالة، أمر ضروري، قد تمتد هذه الدراسة لمدة طويلة لتغطى كافة الاحتمالات التى قد تؤثر على النهر. ومن البديهى أيضا ان مناطق التقاء نهرين هى من أكثر المناطق تعقيدأ من حيث حساسيتها لأية تغييرات قد تطرأ فى طبيعة المجرى أو فى كمية المياه، فان صح كل ذلك: فهل قامت معتمديه الخرطوم أو شركة دال، بوصفهم ملاك المشروع، بإجراء مثل هذه الدراسات؟ لا أعتقد، بل هم لا يعرفون أهميتها فى أغلب الظن.
أمر آخر : هل يعرف أعضاء حكومة الوحدة الوطنية تفاصيل هذا المشروع، وهل يعرف أعضاء حكومة الوحدة الوطنية أن مسئولية الأنهار يجب أن تكون مسئولية قومية، ليس لحكومات الولايات التقرير بشأنها دون أخذ موافقة الحكومة القومية، وذلك لان قيام مشروع على النهر سوف يصل أثره الى جميع الولايات، سواء كان هذا المشروع جسرا، أو سدأ، او مجرى لتفريغ المياه المعالجة، أو حتى مشروعا زراعيا.
لا أشك لحظة فى أن كل السادة الوزراء قد باتوا يستشعرون انبلاج فجر محاسبة المسئولين فى دول العالم الثالث و فى اعتقادى المتواضع أن كل من السادة وزير النقل ووزيرالرى ووزير البيئة بحكومة الوحدة الوطنية تقع على عاتقهم مسئولية دراسة هذا المشروع بغرض تغيير موقعه.