مخاض جمهورية الأماتونج

مخاض جمهورية الأماتونج (1)
إبراهيم عيسى هدل
تناولت المصادر التاريخية ممالك السودان القديم وتحدثت عن حضارة كوش وملوك النوبة كاشتا وبعانخي وتهراقا وغيرهم من حكام (مصر والسودان) . . وبعد اضمحلال مروي القديمة قامت ثلاث ممالك نوبية، فكانت في الشمال مملكة النوباطيين التي تمتد من الشلال الأول إلى الشلال الثالث وعاصمتها « فرس». ويليها جنوبـاً مملكة المغرة التي تنتهي حدودها الجنوبية عند «الأبواب « التي تقع بالقرب من كبوشية جنوب مروي القديمة، وهذه المملكة عاصمتها «دنقلا العجوز»، ثم مملكة علوة وعاصمتها «سوبا» جنوبي الخرطوم. واتحدت مملكتا النوباطيين والمغرة فيما بين عامي(650-710 م) وصارتا مملكة واحدة، وصلت النوبة قوة مجدها في القرن العاشر الميلادي وكان ملك النوبة المدافع الأول عن بطريرك الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، ولما انهزم «كودنيس» آخر ملك على مملكة دنقلا عام 1323م، انتهت الدولة المسيحية الشمالية .
وفي القرن العاشر الميلادي كان السودان منقسماً إلى مملكة المقرة في الشمال وعاصمتها دنقلا ومملكة علوة على النيل الأزرق وعاصمتها سوبا ومملكة البجة في شرق السودان ومقر ملكها في هجر، وفي عهد الظاهر بيبرس تم إرسال حملة للقضاء على مملكة المقرة المسيحية سنة 1276م وهُزِمَ الملك داود، واستمر الزحف الإسلامي جنوباً حتى وصل المسلمون مملكة علوة المسيحية، فتحالف العرب بقيادة عبدالله جماع مع الفونج وهاجموا علوة عبر بوابة أربجي ــ الميناء الرئيسي لعلوة على النيل الأزرق ــ وبعد معركة أربجي 1504م وانتصار الفونج دخل الغزاة سوبا وعاثوا فيها خراباً صار مضرباً للمثل «خراب سوبا»وبانتصار الفونج وحلفائهم العرب في 1504م بدأت أول سلطنة عربية إسلامية في السودان وكان سلطانها هو قائد الفونج «عمارة دونقس» وكان قائد العرب «عبد الله جماع» وزيراً له، حيث تم الاتفاق على أن يكون السلاطين من الفونج والوزراء من العرب، ثم تلاحق المد الإسلامي بالسودان في الشمال والشرق والغرب والوسط والقليل بالمناطق الجنوبية، وانتشرت مع الدين الإسلامي اللغة العربية التي بدأت تمتزج بلغات السودانيين وتتطور بنكهاتهم المحلية حتى تكونت العامية السودانية الحديثة .
وكهذا يحفل السودان القديم بممالكه المتعددة وثنائياته المتلازمة التي لم تؤرخ لدولة موحدة تضم كافة أرجاء ومكونات البلاد الحالية إلا في عهود الاحتلال الأجنبي (التركي ثم الإنجليزي) فالحديث عن الدولة السودانية الواحدة المتحدة التي ورثناها عبر التاريخ لنحافظ عليها ما هو إلا تلبيس يجافيه التاريخ الموثق للسودان القديم وينكره الواقع الماثل منذ فجر الاستقلال، حيث نشأت أحزاب شمالية وأخرى جنوبية وإقليمية ذات أجندات وأولويات وطنية متباينة تباين الثقافات والأعراق المتعددة واللغات واللهجات المختلفة
الصحافة
من أيام الدراسة في مصر قبل تلانين سنة كان زميلنا الجنوبي يرسم خريتة الجنوب و يكتب عليها جمهورية الأماتونج, يعني الجماعة من زمان مفكرين في اللنفصال.
يا أخي الكريم كأني اراك تبشر بميلاد دولة جديدة تمتد حدودها من دار الشلك و حتى منطقة البحيرات في وسط افريقيا حسب المعلومات المنشورة عن تلك الدولة المزمعة ولكنك لو كنت تعلم تاريخ السودان جيداً لاتضح لك أن السودان قد ظل دولة موحدة منذ العام 1821 أي بعدما تسميه أنت بالغزو التركي الذي لا نراه غزواً لأنه وضع الأسس لحدود السودان القائمة حالياً بعدما تدعمت ايام الثورة المهديةحيث أتفق على أن تكون حدود السودان عند آخر نقطة وصلت إليها جيوش المهدية وليكن معلوماً لديك أن دولة الاماتونج هذه هي حلم يراود دعاة العنصرية في الجنوب وبعض دول الجوار الجنوبي تماماً مثل الحلم بقيام دولة الزغاوة الكبرى في دارفور وتشاد و الهدف من ذلك هو دفع القبائل العربية إلى العيش في بوادي الشرق (منطقة البجا) و طحراء بيوضة في الشمال و الصحراء الكبرى في شمال كردفان وبذلك يكون العرب في السودان قد عادوا إلى سكنى الصحراء حتى لا يكون لهم دور في القطر الشاسع الذي شارك اسلافهم في تاريخه وتحوله من وهدة التخلف و الفرقة إلىبلد له كيان يسوده الامن والاستقرار في معظم الوقت و يا ليت لوتعود مرة أخرى لتاريخ مملكة سنار التي قامت إثر ذلك الحلف الكبير العربي- الافريقي وكانت واحدة من اعظم الممالك التي قامت في منطقة الوسط الافريقي ومهدت لاتصال السودان بالعالم الخارجي و سعت لتحضر أهل السودان وبسط العدل بينهم ونشر العلم والمعرفة و توحيدهم تحت سلطة واحدة ولذلك سعت لبسط نفوذها على كل اقاليم السودان ولم نسمع أو نقرأ بانها قد أزلت أهل منطقة أوقتلتهم بدون وجه حق لأنهاكانت تقوم على أساس متين من العقيدة.