خطر التحرش يحدق بالطفلات المتشردات في شوارع الخرطوم

بمناسبة ال ١٦ يوم لمناهضة العنف ضد المرأة ..
طفلات متسولات يتجولن بشوارع الخرطوم .
د. بلدو خطر التحرش يحدق بهن ولا ضمان لمستقبلهن.
الخرطوم / حواء رحمة
نسترجع العديد من الظواهر في مقدمتها ظاهرة تسول الفتيات والصغيرات في شوارع الخرطوم والتي مازالت حاضرة بل في تزايد بسبب الضغوط المعيشية التي تحاصر المجتمع وفي احصائية سابقة لوزارة الرعاية الأجتماعية بولاية الخرطوم بلغ عدد المتسولين والمشردين حوالى (2700) بما فيهم أطفال ، ووصف مهتمين استغلال الاطفال في التسول بالظاهرة الشاذة اذ يعتبر التسول انتهاكا لحق الطفولة ويعرض الصغيرات لخطر التحرش والقسوة والسخرية .
وبالرغم من تواجد هذه الفئة بمواقف المركبات العامة الا أن الظاهرة لم تجد أي اهتمام من الحكومة البائدة وكان ناشطون قد لفتوا اليها لاجاد معالجة لها في ظل حكومة الفترة الانتقالية التي لم تنفذ حتى الان براماج واضحة على ارض الواقع .
صغيرات حائرات ..
في عمر الزهور تتراوح اعمارهن ما بين ( ٥٧ 10) سنوات ينتشرن على الارصفة ومواقف المواصلات والاسواق( يتسولن )طول اليوم لا يعرفن طعم الراحة في حراك دائم بين تلك السيارات الفارهة يصعدن الى الحافلات ( يسألن الركاب ) يرددن ( الله كريم ، الله يفتح عليكم ، الله يعرس ليك ) في محاولة لاستدرار العطف والشفقة مقابل ( واحد جنيه او خمسة جنيهات) لا يغني ولا تثمن من جوع، فهنالك من يرأف لحالهن ومنهم من يستخف ويصرخ في وجههن .
وفئة تحاول أن تذهب عنهن الحرج بالمزاح وكلمات المواساة، ومابين هذا وذاك يبقى السؤال من المسؤول عن ضياع مستقبل تلكم( الصغيرات ) وفي اطار حملة ال ١٦ يوم لمناهضة العنف ضد المرأة ينادي مهتمون بقضايا المرأة والطفل بأن تكون هناك برامج واضحة تستوعب العمالة من الطفلات والمتسولات والمشردات على الطرقات للتأهيل واعادة الدمج في المجتمع وذلك يقع على عاتق وزارة الرعاية الاجتماعية ومؤسسات الطفولة في الحكومة الانتقالية الحالية .
ظاهرة تحتاج بحث !!
قد لا ينتبه الكثيرون الى تمدد ظاهرة التسول التي اصبحت مهنة لكثيرين من الفئات العمرية المختلفة بسبب انشغال الناس ( بحالهم )، الا أن لفت النظر الى تسول الاطفال سوى كانوا وافدين او نازحين او اياً كانت الظروف التي ارغمتهم على امتهان التسول يجب أن تكون هنالك دراسة جادة لحصر هذه الشريحة المهمة لايجاد حلول ناجعة لها ، وقد تعذرت الحكومة البائدة مراراً بأن هؤلاء المتسولون اغلبهم وافدين من دول الجوار وقد وضعت برنامج لترحيلهم الا أن الاعداد كانت في ازدياد مطرد ، بموقف الاستاد بالخرطوم، وعلى ارصفة الطرق الرئيسية يلاحظ أن جل هذه الفئة من السودانيين وأن الاجانب نسبة قليلة وما يلفت النظر ان الفتيات والطفلات اعدادهن في تزايد مستمر يواجهن نظرات المجتمع و الاستفسارية والفضولية .
ظروف قاهرة …
ويجع عدد من المهتمين بشؤون الاسرة والطفل الى أن الحياة بكل ابعادها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لها تأثير مباشر على حياة المجتمعات ، فهنالك فئات بعينها تكون اكثر عرضة للقهر والظلم والمتاعب ، الاطفال دائماً ما يكونوا عرضة لانعكاسات هذه التضاربات ويقع عليهم العبء الاكبر ( فتيات الارصفة ) صغيرات ضللن طريقهن الى الطرقات بحثاً عن ما يسد الرمق قد يكن مرغمات من قبل ( اسرهن ) او مضطرات للبحث عن مأوى اومأكل ومشرب فتضطرهن المعاناة لامتهان التسول غصباً عنهن وتتواجد هذه الفئه في كثيرفي الطرقات ومواقف المواصلات وامام المحال التجارية . .
فن وبراءة !!
تتمتع الصغيرات رغم المعاناة بأساليب راقية حينما يمددن ايديهن لسؤال الناس دعاء ورجاء ( وتحنيس ) ومنها ( الله كريم ، كرامة لله يامحسنين ، الله يفتح عليك ، الله يعرس ليك ) بجانب المزاح مع ( ركاب الحافلة ) ببساطة ومرح وبراءة ، حقاً انها الحياة حينما تقسوا وتخلف مزيداً من الالام .
مواهب عبدالله قالت : ان المجتمع يجب ان ينتبه لمثل هذه الظواهر خاصة المتعلقة بالمرأة والفتيات والطفلات الصغيرات ومعالجت كل مشاكلهن المجتمعية التي تعيق تقدمهن وتقف حائلاً امام مستقبلهن ، واضافت القسوة الاسرية والمجتمعية تلعب دوراً كبيراً في تفاقم مشكلات هذه الفئات ، ويواجهن هضم الحقوق ويتعرض للعنف النفسي والبدني وضياع المستقبل وظاهرت المتسولات انتشرت مؤخراً وما يلفت النظر استغلال الطفلات من قبل اسرهن للتسول ويتم تلقينهن بعض العبارات لتعاطف الناس معهن ، وهذا يعتبر انتهاكاً للطفولة فهناك اضرارا نفسية بليغة تقع على هذه االفئة من خلال المواقف التي تحدث لهن .
ومن منظور البروفسير على بلدو استشاري الطب النفسي والعصبي فان هنالك عنفا مجتمعيا ضخما يمارس ضد الطفلات بمختلف صورة واشكالة وانماطه منها الختان والزواج المبكر وزواج القاصرات والاعتداءت الجنسية والاغتصابات وما شابة ثم جاء اخيرا موضوع تسول الطفلات كواحدة من الظواره السالبة في المجتمع والتي تعكس مستوي تردي الحالة النفسية والاجتماعية في الاونة الاخيرة مما دفع الكثير جدا من الطفلات واليافعات للتسول في الطرقات وعلى ابواب المنازل كمظهر من مظاهر التهتك المجتمعي وانهيار المنظومة الاقتصادية والاجتماعية ،وبكل ما به من خطورة اثار مدمرة وقاتله على هذه الطفلة البريئة التي ساقها سوء الحظ وتخبط السياسات الحكومة البائدة لعدم القدرة علي الايفاء بحياتها الكريمة نتيجة الهجرة والنزوح والمشاكل الاسرية والاجتماعية والمشاحنات داخل اطار الاسرة الواحدة مما دفعها خارج المنزل كمتشردة او متسولة وهذا يعرضها في المقام الاول للاستغلال بكافة اشكالة واخطره الاستغلال البدني والجسدي مما يؤدي الى اصابات خطيرة او الوفاة او انتقال الامراض المنقولة تناسلياً وغيرها من الاشكالات الخاصة بهذا الجانب وكذلك الشعور الدائم بالدونية والعنف اللفظي والمعنوي من الاخرين والمطاردة من الكشات والحملات والدخول للاصلاحيات والسجون في سن مبكرة مما يدمر شخصية الطفلة ويجعلها غير سوية نفسياً في المستقبل وتحمل الكثير من العقد النفسية والاسقاطات السايكلوجية المتمركزة في عقلها الباطن والمتمثله في السلوك السالب مثل السرقة والجنوح والرغبة في التشفي من المجتمع وتكون الاحقاد تجاه الاخرين .
وايضا التراكمات النفسية السالبة وتؤدي كل هذه الاشياء للشعور الدائم بعدم الامان المحتمعي وفقدان الايمان بالمجتمع كما يكون حرمانا اساسياً بحق من حقوق الطفل بالتمتع بالحياة الكريمة وتكوين مهاراته وتنمية ملكاته بصورة سليمة وكذلك الابعاد من مقاعد الدراسة وتفشي الامية وحرمان هذه الطفلة من فرصة هامة بان تكون فردا هاما في المجتمع بالتربية والتعليم كما تشكل واحده من مظاهر التفسق التي نراها كثيرا في عدة اوجه التي ظهرة اخيرا على السطح في جوانب مختلفة من مجتمعنا السوداني الذي بدا يفقد عافيته في الاونة الاخيرة.
وايضا نجد هذه الطفلة المتسولة ينمو لديها دوما الشعور بالاحتياج للاخرين وفقد الثقة وعدم القدرة على التفكير بصورة تطبيعية وتدمير جزء اساسي من شخصيتها المستقبلية وتكون مهزوزة وغير مستقرة تفقد الايمان بالاعراف والتقاليد المجتمعية ويضيف بلدو بان هذه الطفلة تصاب بالاكتئاب الشديد نتتيجة للحياة غير السعيدة مما يجعل الكثير جدا من الطفلات بان تنتابهم الرغبة في عدم الحياة او حتى وضع حد لحياتهن بصور مختلفة والولوج لعالم المخدرات والترويج لاشياء اخري وبانماط مختلفة او حتى ان يتم الستغلال لهن بصورة منتزمة ويكون التسول لهن عبارة عن غطاء يتم من خلاله الكثير جدا من الممارسات غير الاخلاقية سوى من هذه الجهة او الجهة الاخري وهذا كلة يؤدي لتكوين ذهنية غير مستقرة .
على من تقع المسؤولية ؟!
اعتادت الجهات المسؤولة في السابق على تعليق كل الظواهر ( الشاذة ) في المجتمع على خلل في النسيج الاجتماعي مستبعدة تماماً سياسات الدولة التي من واجبها اصلاح حال المواطن وتوفير كل الضروريات من اجل ( حياة ) كريمة ومتوازنة ، كما أن شماعة غزو الاجانب للعاصمة واعتبارها احدى اسباب انتشار ظاهرة التسول يعتبر سبباً واهياً لا يلغي دور الحكومة في محاربة الفقر ومكافحة التسول بتوفير خدمات لمواطنيها خاصة وأن الدولة تعاني من حروبات في جبهات متفرقة .
يشكل استغلال الاطفال والطفلات بعلى وجه الخصوص في التسول ظاهرة سلبية بكل المقاييس لانها تعرضهن لمخاطر نفسية وجسدية وهذا ما يجب على الجهات المنوط بها معالجة مشاكل وقضايا الطفولة أن تراعيها وتوليها إهتماماً وتساعد ذوي هؤلاء الطفلات على تجاوز المشاكل الاقتصادية التي تدفع هذه الاسر بـإستغلال اطفالهم في التسول بهذه العبارات ابتدر خالد حمد حديثه واضاف هي ازمة فقر وحوجة تدفع هذه الاسر الى الخروج الى الشوارع.
الظاهرة زادت في السنوات الاخيرة بعد تفاقم الازم الاقتصادية التي يمر بها المواطن السوداني بجانب نزوح اعداد كبيرة من الاسر بسبب الحروب ،بهذه العبارات تحدث الناشط الاجتماعي عبد الكريم عمر واضاف لابد من ايجاد حلول لهذه الظاهرة حتى تعود الصغيرات لمقاعد الدراسة واردف وهذا واجب الدولة عليها مساعدة افراد المجتمع الذين تضرروا من افرازات الحرب والفقر.