مليونية الوفاء للشهداء.. مواكب الجسارة والفداء

الخرطوم: عيسي جديد
“يا حسن خليك معاي، حسن خليك معاي، سامعني يا حسن، خليك صاحي يا حسن” .. هكذا بكل حرقة وأسى وحزن النفس ولوعتها وجذعها، كان رفيق الشهيد حسن إبراهيم يحمله بين ذراعيه وهو مصاب برصاصة الغدر، يركض به لإسعافه ويحاول أن يتحدث معه حتى لا يفقد وعيه، لكن روحه الطاهرة فارقت الحياة، ليكون مع رفاقه في ذلك اليوم شهيداً بعد مسيرة حافلة بالثورة والنضال، فالشهيد حسن إبراهيم، الناشط في لجان مقاومة جنوب الحزام، عرف بأنه ثائر مقدام ومقتحم، ودائماً ما يكون في الصفوف الأمامية، مثله مثل كل رفاقه الثوار، وبالأمس كانت مواكب الوفاء لشهداء مليونية 17 يناير 2022م الذين قدموا أنفسهم للوطن بكل الجسارة، خرجت تنسيقية لجان مقاومة جنوب الحزام في موكب مهيب ضمن مليونية الوفاء للشهداء، تنديداً بالمجزرة الوحشية التي ارتكبتها القوات الأمنية، قبل يومين وسط الخرطوم، ليلتئم مع مواكب تنسيقية لجان مقاومة الخرطوم شرق في ملحمة ثورية درجت عليها لجان المقاومة في تنظيمها تخليداً لذكرى الشهداء وتجديد العهد بأن الشهداء لم يموتوا، بل أحياء مع الثوار.
رفاق الشهداء
تنسيقية لجان مقاومة جنوب الحزام حددت مسارات مليونية الوفاء للشهداء والتي ابتدرتها بالهتاف (يا شهيد أدانا روحو وخلّى في إيدنا الامانة) ورفعت أعلام السودان وصور الشهداء، منددة بالمجزرة الوحشية التي ارتكبتها القوات الأمنية، وذلك عند نقطة التجمع بمنطقة السلمة البقالة، في تمام الساعة 11 صباحاً ومن بعدها تحرك الموكب في تمام الساعة 12 ظهراً نحو منزل شهيد جنوب الحزام، حسن إبراهيم، ومنه إلى شارع الستين ليلتحم بمواكب تنسيقية الخرطوم شرق، شاهرين هتافهم بأن “لا تفاوض ولا شراكة ولا مساومة” و”المشنقة بس”. ومن جانبها كانت تنسيقية الخرطوم شرق قد أعلنت بدورها عن تسييرها لمليونية الوفاء للشهداء بشارع الستين، حيث جاء الرد من لجان مقاومة جنوب الحزام بأن لن تسيروا وحدكم، فترد عليهم لجان الخرطوم شرق بأن: “ستظل وقفتنا بخط النار رائعة طويلة.. سنعلم التاريخ ما معنى الصمود وما البطولة”.
وأعلنت في بيانها بأن إستمرار العمل السلمي الجماهيري هو الضامن لإسقاط الإنقلاب العسكري وحلفاءه، مشيرين بأنهم لا يعرفون وفاء للشهداء إلا بإستكمال طريق الثورة وتحقيق الغايات النبيلة، موضحين بأن هذا الشعب السوداني الذي لم يعرف الهزيمة، بل عرف بالنضال الممتد والعزم الذي لا يلين، حيث سدد الضربات المتوالية لأركان نظام الفساد والعمالة والإستبداد، الذي أصبح على مقربة من السقوط نحو الهاوية، وقالوا إن ما حدث في السابع عشر من يناير الدامي هو جسارة ثوار، سطروا أحرفاً من نار ونور في سجلات البطولة ورغم الألم وعظيم الفقد لأرواح قدمت جهدها وأرواحها في سبيل إستمرار العمل الثوري، إلا أنهم اثبتوا بحق وحقيقة بأنهم الشعب الذي لا يعرف الهزيمة والذي اختار أن يخوض اللهب ويتحدى الرصاص في سبيل إستعادة كرامته وسيادته ومدنية الدولة، فكان الرد الفوري بإعلان الإضراب الذي تداعت له كافة الأجسام المهنية الثورية المناهضة للإنقلاب وبالتتريس الكامل في مدن الخرطوم الثلاث حتى اضحت الخرطوم عاصمة مغلقة بأمر الشعب، وعلى قمة جبينها يرتسم الغضب الرافض للإنتهاكات، موضحين بأن استمرار العمل الثوري السلمي الجماهيري يشكل ضامناً حقيقياً لإسقاط الإنقلاب وحلفاءه.
شارع الستين
شارع الستين الذي سجل اسمه في دفتر الحضور الثوري عبر مواكبه الحاشدة، كان نقطة التقاء مواكب أحياء (بري، المنشية، الرياض، الطائف، الجريف) بتقاطع الشرقي مع الستين والتي توجهت للإلتقاء بموكب لجان مقاومة اركويت بتقاطع الستين مع الفردوس، بينما التقت مواكب أحياء (سوبا، المجاهدين، المعمورة) بتقاطع الستين مع شارع الشهيد عباس فرح (لفة جوبا سابقاً)، وتوجهت لتقاطع الستين مع الفردوس، كما شارك ملوك الاشتباك برايتهم المعروفة بالقبضة السوداء هاتفين باسم عضو المجموعة المعتقل “توباك” بتهمة قتل عميد الشرطة قائلين (توباك ما قاتل.. توباك ده اخوانا مناضل). وكانت الهتافات الثورية عالية تنادي بالقصاص لدم الشهداء واستمرار الثورة ورفض الانقلاب العسكري والمطالبة بالمدنية.
وسط الالتزام بالموجهات للقيادة الميدانية الواضحة للثوار على ضرورة التتريس اثناء حركة الموكب مع التعاون مع اللجان الطبية وإفساح المجال لها لأداء أعمالها، وكذلك الانتباه للتأمين عبر رصد المندسين وإخطار لجان التأمين، كان الثوار قد “ترسوا” مدخل الشارع بالركشات والسيارات التي تكدست كـ”ترس” لا يمكن تجاوزه من قبل السلطات الامنية.
تقول ولاء أحمد عضو لجنة مقاومة الخرطوم شرق بأنهم على الرغم من حالة التعب والقهر من موكب 17 يناير وفقدان الأخوة الشهداء، وكل الوجع الموجود: “خرجنا في مواكب الوفاء داخل الاحياء، وأمام بيوت الشهداء وفاء لهم وتعبيراً عن مواصلة الطريق الذي بدأناه معاً، وضحوا هم بارواحهم في سبيل الثورة، وأضافت ولاء بأنه في يوم الجمعة ستكون هنالك ختمات للقرآن الكريم على أرواح الشهداء، الذين بدأوا الدرب ونحن الثوار الآن نعمل على استكماله وفاءاً لهم وتعبيراً عن رفضنا القاطع الاستسلام، وأضافت ولاء: “أن السلطة قرار الشعب“.
مدن في الخط
من جانبها خرجت بعض المدن السودان في مواكب للوفاء للشهداء، فهناك مدينة ود مدني التي خرجت لجان مقاومتها تحمل صور شهداء 17يناير وتهتف بالقصاص، كما خرج طلاب جامعة النيل الأزرق في موكب هادر عرفانا وتقديرا لزميلهم الشهيد الريح، وحملوا صورته بجانب صور الشهداء السبعة، أما في بحري بالخرطوم فكانت المؤسسة نقطة التقاء مواكب أحياء بحري التي خرجت وفاءا للشهداء، وتوجه ثوار ام درمان الى منزل الشهيد جون، شهيد تروس ودنوباوي الذي سقط أول الأمس ووقفوا معزيين والدته وأسرته، معلنين بأن الثورة مستمرة، وتقدم الشهيد تلو الشهيد وتعطي الظالمين دروسا في الوطنية وحب الحرية والفداء والجسارة.
توضيح:
توضح الجريدة ان الهدف من التصوير عن قرب للاناشيد هو إظهار تعابير الوجه ولغة الجسد التي تصاحب من لديه ملكة الالقاء وقوة الطرح وجودته ما يسهل الولوج لقلب المتلقي وليس كما يعلق البعض بوضعهم للاستهداف ، جدير بالذكر ان الفيديو موضع التعليق تمت مناقشته ميدانيا مع لجنة التأمين وتلقينا منها الضوء الأخضر ، ورغم قناعتنا بأن فيديو يتخطي ال الف شير ملهم للثوار في بقاع الوطن خارج محيط المليونية الا اننا سنراجع طريقة التغطية في الظروف الحالية ، التحية للثوار والمجد للشهداء
الجريدة