حديث المهدي موجه للسلطة لا للشعب

قال السيد الصادق المهدي بميدان الخليفة بأم درمان في 29 يونيو 2013م : (إن أمام البلاد خياران، إما انتفاضة مدنية أو مائدة مستديرة للخروج من الورطة التي أدخلنا فيها المؤتمر الوطني) ورأى أن محاولة إسقاط النظام بالقوة مصيرها النجاح أو الفشل. والأثنان غير مقبولين علي حد تعبيره ، إذا نجحا تصبح البلاد في حالة استقطاب حاد وإذا فشلا فذلك يعطي النظام شرعية استخدام القوة.

حديث مثقل بالتناقضات ويضع الجماهير أمام دهشة بالغة وربكة لا تدرى معه ما تفعله. وهذا ما يهدف إليه الصادق المهدي. لقد توافقت قوى الإجماع الوطني على إسقاط النظام عبر وسائلها المجربة كالعصيان المدني والانتفاضة الشعبية وليس من بينها الإنقلابات العسكرية أو العمل المسلح. هذا ما أكده السيد عبد الجليل الباشا القائد البارز في حزب الأمة الذي نفى فيه تصريحاً مماثلاً سابقاً للسيد الصادق وأكد بوصفه ممثلاً لحزبه في قوى الإجماع الوطني إن برنامج الـ(100) يوم التعبوي هو ما تم الإتفاق والتوقيع عليه داخل دار حزب الأمة. فمن أين أتى السيد الصادق بعبارة:( إسقاط النظام بالقوة) أنه يلوي عنق الحقائق ويفسر الماء بعد الجهد بالماء عندما يقول أن إسقاط النظام بالقوة مصيره النجاح أو الفشل. هذا أمر بديهي لا يحتاج إلى (لولوة)، بل كيف تحدث حالة استقطاب حاد؟ وهل الوضع الآن غير ذلك؟ أو ليس النظام يقف معزولاً ومحاصراً في أضيق زاوية حادة في مواجهة شعب السودان الرافض لسياسته، بما في ذلك أعضاء في المؤتمر الوطني مدنيين وعسكريين من أخلص خلصائه ونسب إليهم النظام محاولة الإطاحة به بالانقلاب العسكري.

نسأل السيد الصادق، لماذا تلقي بهذه التصريحات المحبطة للشعب والمُخزِّلة له كلما بدأ في تصعيد نضاله ضد النظام الشمولي؟ نحن على قناعة تامة أن مثل هذه التصريحات ليست موجهة للشعب، فالجماهير أصبحت قادرة على فرز المواقف التي تخدم مصالحها وتلك التي تعيق مسيرتها. إنه حديث موجه للسلطة لتعرف موقفك المعلن. إنك دائماً تربط هذا الموقف بتأكيد وجودك داخل تحالف المعارضة أو شتمها بأفظع الألفاظ . وهو غير صحيح ويدحضه توافق قوى المعارضة على البرنامج الديمقراطي البديل وكيفية الإطاحة بالسلطة الخ.. وإذا كان السيد الصادق جاداً وحادباً على وحدة المعارضة وتقويتها ـ لا إضعافها ـ فلماذا لا يقول كلامه هذا داخل اجتماعاتها ويقدم ما يساعد في تصحيح الأخطاء وتقويم الأداء؟ ونسأل السيد الصادق أيضاً: هل في ظل الصراع البائن والمستتر داخل الحزب الحاكم يملك البشير مفاتيح الحل للأزمة الشاملة للوطن والشعب ?وفقاً لحديثك الذي تطلب فيه من البشير اغتنام الفرصة وحل الأزمة؟ هذا حديث لا يستقيم مع حقيقة أن نظام الإنقاذ الذي يقف على رأسه البشير حوالي ربع قرن من الزمان لم يفشل في حل أزمة الوطن وحسب، بل عمقها عن قصد انحيازاً لمصالح الرأسمالية الطفيلية، وهو موقف طبقي أصيل لا إصلاح له سوى إقتلاعه.

الميدان