الفطام المستحيل

يبدو ان السيد رئيس الجمهورية هو وحده الذي يعلم بحقيقة الربط العضوي القوي والوصال الممتد بين المؤتمر الوطني وثدي الحكومة والا لما هدد البشير بالفطام ..وهي ذات الحقيقة التي يخشي اهل المؤتمر الوطني الافصاح عنها حتي لا تتالب عليهم الدوائر والاحزاب وكل الجفاف والخصب والمراحل التي مرت بها الانقاذ ظل المؤتمر الوطني في حضنها يابي علي الفطام رغم انتهاء فترة الشرع ..وتنقل هذا الحزب بكل مراحل النمو وهو في الحضن منذ الرضاعة والطفولة مرورا بمرحلة الصبا والشباب والكهولة وحتي مرحلة الشيخوخة وهو لازال في الحضن ففطامه مستحيل في هذه السن المتاخرة فهو لم يجرب الاكل من عرق جبينه ولهذا فان أي محاولة لنزعه من هذا الحضن او الثدي سيدخل النزاع بين الام والابن وربما يتطور نزاعهما الي مفاصلة وحرب وقد يكون السيناريو القادم هو ربما يتحلل السيد الرئيس من ثوب الحزب الي فضاء القومية التي يبدو انها اصبحت احدي الاستحقاقات العاجلة للخروج من مازق الانتخابات القادمة والبداية ربما هي ما ينتهجه السيد رئيس الجمهورية في النقد الذاتي للحزب في شكل وطبيعة ادائه وتجازباته واحتقاناته الداخلية وهو نهج حديث قر ينال الرضاء من كل المكونات السياسية والحزبية ويعزز في ذات الوقت خيارات الحلول القومية لان كل ما ظلت تقوله المعارضة بشان المؤتمر الوطني والحكومة يقوله رئيس الجمهورية الان بكل وضوح واعترافات .هذه هي محاولة لتو صيف العلاقة بين الحكومة وحزبها .
وسكت “غازي” ..!
لم يكن الراحل غازي سليمان محاميا ضليعا او مناضلا سياسيا فحسب ولكنه شخصية سودانية بكل قلقها واعتزازاتها وبراحاتها وقيمها السمحة ..مسيرة حافلة بكل محطات الكسب والعطاء والمواقف عاشها ود ام النصر كما قال عنه صديقه الدكتور ابراهيم دقش بان غازي كان وطنيا بطريقته ومناضلا بطريقته ويساريا بطريقته وقانونيا بطريقته .
خاصم الانقاذ بجسارة وشجاعة وهي في اشد عنفوانها وثوريتها تطارد الاخرين ..غازي كان موقفا ..وصوتا سياسيا يجلجل في فضاءات السياسة والمنابرحينما كان الاخرين من اصحاب المعاطف والعباءات والشعارات يتوارون خلف الظلال كان وحده غازي صوتا مجلجلا وقلقلا مستمر شغل اجهزة الدولة بكل سلطاتها وهيبتها حتي ان الانقاذ في بواكيرها اعترفت في قرارة نفسها وبعظمة لسانها في عبارة اطلقها السيد رئيس الجمهورية في مطلع النصف الثاني من حقبة التسعينيات بان يمارس ادب المعارضة بكل شرف ووضوح وقتها كتبت عنه الصحافة ماشيتات “غازي معاضا للحكومة بالتعيين” ولهذا ظل الراحل غازي سليمان صوتا ومنبرا لانتاج الاخبار والتقاريرالمقلقة واصبحت الدائرة التي يطل عليها مكتبه بشارع الجمهورية تحت رقابة وعيون اجهزة الدولة
تفويضات “ممزقة” ..!
الدكتور امين حسن عمر قال ان هناك احزاب صغيرة ليست لها تجارب حكم تروج لتاجيل الانتخابات وتريد ان تحكم هذه البلاد عبر حكومة انتقالية بلا تفويض شعبي ..هذا طموح مشروع يا دكتور لان ذات الاحزاب الصغيرة هي التي اعطت الحكومة التفويض بالحكم واطالت امده ..وحتي الذين منحهم الشعب تفويضا بالحكم من منظومة الولاة ماذا قدموا له سوي ان اورثوه الفقر والمسغبة والشقاق ومزقوا اوصاله واحدثوا في حياته حالة من الانشغال الدائم بحثا عن ماكله ومشربه ومسكنه وامنه وخدماته ولكنها بكل اسف ظلت هكذا قضايا مؤجلة بلا اصلاح ولا افراح لكنها احتقانات واحزان باقية وظلت حالة “الاستثناء” هي الشكل الطاقي في حياة السودانيين ولن تفلح الانتخابات في اصلاح كل هذه الاعطاب اذا اجريت اليوم قبل الغد طالما انها قائمة علي ذات الفكرة والموروث القديم والمسرح الذي بلا جمهور والقانون الذي بلا نصير ..فيا رجال المؤتمر الوطني ..اعيدوا فكرة ومشروعية الانتخابات الي عملية جرد حقيقي وشامل من الفها الي يائها فولاة الولايات الحاليين هم الان بكامل تفويضهم وشرعيتهم ولكنهم عاجزين تماما في ان يعطوا لهذا التفويض كل استحقاقاته .
محنة النظافة ..!
تقف حكومة ولاية الخرطوم وكانها عاجزة تماما من ان تاتي بحلول جزرية لازمة النظافة المستوطنة بلا علاجات ..فالخرطوم الان تنام وتصحو علي جبال واكوام من النفايات والاشلاء والوساخ المتراكمة فانهارت البئة وسقطت المشروعات وتلاشت الافكار ودخلت كل المنظومة التي تتعاطي مع صحة البئة في محنة من امرها لا جديد لديه ولكنها تجارب مكرورة ..كل ما اتخذته حكومة عبد الرحمن الخضر من اجراءات وتهديدات وتشريعات ومارصدته من ميزانيات لم تجني منها الولاية شيئا بل ان كل ما يؤخذ من المواطن من رسوم باسم النفايات لا يعود نفعه في نظافة جلباب الولاية واخر التوجهات ان الحكومة بدات تفكر بجد في استجلاب خبير اجنبي يخرجها من هذه المستنقع الاسن ويضع علي خدودها بعض المساحيق التجميلية
اقتحام “كنانة” ..!
يبدو ان المراجع العام كسب قوة دفع جديدة او انه حصل علي تفويض اضافي يمكنه من هدم كل الحصون وتجريف كل المتاريس والمطبات التي تعترض مهمته في مراجعة مؤسسات الدولة والتحقق من ذمتها المالية وكشف حساباتها بكل شفافية فبالامس انفردت” الانتباهة” بصدور امر قبض بحق مدير شركة كنانة محمد المرضي التجاني واقتحام شركته عنوة بغرض مراجعة حساباتها والتي لم تحدث منذ اكثر من 35 عاما وهي خطوة غير مسبوقة وغير متوقعة الا اذا فهمنا هذه الخطوة في سياق اخر او في ظل تبدلات جديدة تجعل من هذه الخطوة ممكنة .. خاصة انه لم يكن للمراجع العام تجارب سابقة تخول له اقتحام كل المؤسسات المتمنعة او الت تتكلي علي حسب ونسب ونفوذ خارج الاطر التي تحكم مؤسسات الخدمة المدنية وقد سيتمر هذا النهج في مؤسسات اخري لم تكن تقبل باي محاولة لكشف حساباتها .
قرصنة بالشعبية ..!
كثير من احياء ولاية الخرطوم ظلت تشكو من ظاهرة القرصنة علي ميادينها وفسحاتها من قبل سلطات الولاية فالارض هنا بالخرطوم اصبحت من اسهل الحلول لجلب الاموال والايرادات لخزان الحكومة وفي الايام القلية الماضية تفاجأ سكان حي الشعبية جنوب بمحلية بحري بان عمليات بناء وتشييد تتم وبشك متعجل في الميدان الذي يعتبر المتنفس الوحيد لسكان الحي واكتشفوا فيما بعد الحقيقة القاسية بان هذا الميدان تم تحويله الي مركز تجاري باسم “فتح الرحمن البشير” فتجمع المواطنين واحتجوا علي هذا الاعتداء علي ميدانهم وحاولوا وقف عمليات البناء ولكن صاحب التصديق “المسنود” بقوة اخري مستترة استعان بالشرطة مما ادي لتصاعد الموقف والاحتجاجات وكان الوضع ان يتفجر الي ان تدخل السيد المعتمد واوقف عمليات البناء الي حين الوصول الي معالجات ولكن لازال الوضع محتقنا وخطرا والمواطنين يناشدون السلطات العليا لحماية هذا الميدان من الاعتداء .