مَن منكم يعرفُ نياندينق؟ (مأساةٌ من حربٍ سبقت)
شعر : عبدالله محمد عبدالله
هبطت نياندينق
من بابِ الناقلةِ الخلفيّ
تحيطُ بها الأيدي
لم تكَدِ الأرجلُ تطأ الأرضْ ..
صرخت ألماً
فاندفع من الأنحاءِ البعض ..
حملوها
وضعوها أرضاً
و انطلقوا
بحثوا
عادوا
حملوها بسريرٍ حَبليٍّ مُرتَض
و انطلقوا نحو المستشفى
مشياً كالركض.
ماذا حل بنياندينق الحسناء؟
كانت تأتي
فينوساً شامخةً سوداء
تتآنس في مرح ٍ
مُمتد
يسطع لؤلؤها
بين الغمازات السحرية
و السمتُ المُعتد
نياندينق
حفيدة سلطان ٍمزواج
جاءتنا في الناقلةِ الهدّارةِ
دون مزاحٍ ..دون مزاج
كانت تهذي
إذ سار بها
أربعة من بعضِ ذويها فارقها
بِشرٌ كان يغطيها
رقدت في مَحْملِها
وجها محزوناً أرهقه ألمٌ ملحاح ْ
فخذاً مكسوراً تحت ضمادٍ رثٍ و جبيرة
نهداً مفتوح الجانب ِ
ينزف تحت رمادٍ ..
قاح الألم مُمض ٌ
قالوا ما نامت أسبوعاً
إلّا غفوات ٍ
تدرُكها
والليلُ سهادٌو نواح.
الروحُ ذوت حزناً و ضنىً
و الجسدُ جِراح
ظلّت زمناً
تحت التمريضِ الحاني
و معاودةِ الجرَّاح
و لنا عادت
بعد شفاءٍ
بالوجهِ الرائقِ تبسمُ و الطرف ِ اللمّاح
جلست تحكي كان جنابو ..
قالت في القريةِ
حين ركضت ُ يتابعُني ..
و يُناديني
و الجيشُ يشيعُ الذعرَ هنا و هناك
دخلت ُ ألوذُ بحضن البيتْ
فاقتحمَ (لواك)
راودها .. فيما قالت
فامتنعت
هدّدها
ابتعدتْ
غاصت في الظلمةِ
أطلق ما أوقعها أرضا
نهداً مثقوباً ينزف فوق الصدرِ
و ساقاً شُلّت
ثم مضى
غابت نياندينق
لا تذكر مما كان سوى ومضا
لكن هل يُنسى؟
ما قد كان …
و لم يذهب عرضا؟
الساقُ العرجاءُ تزلزلُ مشيتها
و النهدُ يثيرُ سؤالاً حيثُ بدا
ذبُلتْ …
و الضابطُ في أخضرِه الغامق ِو الأنواطِ
مضى
لا يعبأُ
عاش ..كمن لم يظلم في *(فارينقْ) أحدا.
من منكم يعرف نياندينق؟
عرجاء بنهدٍ مثقوب ٍ
لم تدرك أملاً أو سَعدا
ضاعت في ليلِ الحربِ سُدى
عاشت ظُلماً
ذاقت سمّاً
و قضت كمدا.
* نياندينق :Nyandeng إسم لفتاة من الدينكا. *
لواك: مسكن من الطين و القش عظيم المساحة، يتسع لسكن الأسرة و تخزين الغلال، حفظ الماء، أيواء الحيوانات و غير ذلك.
* فارينق : منطقة حدودية في اعالي النيل، بين جنوب كردفان و جنوب السودان.
مداميك