موت سريري.!

صمتٌ مطبقٌ تحول إليه المشهد السياسي، تجاوز حالة الجمود ليدخل مرحلة تقترب من الموت السريري، لم يعد هناك حدث يحرك المشهد، بل لم يعد هناك تصريح يثير جدلاً، تحول الفعل إلى أخبار فضائحية وانتهاك خصوصية وسفاسف وعلى أفضل الأحوال تسيطر الشائعات وتتصدر اهتمامات الناس.

حالة الجمود التي استقر عليها المشهد السياسي حولت السودان إلى جثة هامدة والعالم حوله يتحرك باستمرار، على الدوام هناك أحداث هناك ما يستحق الوقوف عنده.

العالم يتحرك من حولنا، باتجاهات عدة، أحداث ذات أثر على الساحة، قرارات سياسية كبرى، تحولات اقتصادية، وأخرى على مستوى العلاقات الخارجية.. الإقليم من حولنا، لم تتوقف الأحداث فيه منذ تفجر الربيع العربي، صحيح ليس هناك استقرار بما يكفي لكن المهم أنِّ هناك حركة وليس سكوناً.

يمكنك أن تقرأ الصحيفة بعد شهر كامل، ولن تجد فيها جديداً، كما لن تجد ما هو يستحق اهتمامك خلال شهر كامل.
هذا الجمود الذي يقترب من الموت هو تعبير صارخ عن حالة عجز بلغ مداه، عجزت الحكومة وعجزت المعارضة وعجز الشعب، المشهد في الشارع يعبر بوضوح عن حالة لا مبالاة غير مسبوقة.

حلَّ الفراغ العريض محل كل شيء وباتت الأمور التافهة سيدة الساحة، وأصبح الرأي العام يلتف حول لا شيء، وسرعان ما ينتهي هذا ?اللاشيء? ليتحول الرأي العام إلى ?لا شيء? جديد.

على مدى السنوات القليلة الماضية تحول المشهد السياسي إلى مسارح للكلام، وعلى الرغم من غياب الفعل إلاَّ أنَّ هذا الكلام كان نوعاً ما يجذب الاهتمام، أما الآن فلم يعد حتى حديث الرئيس يثير اهتمام الناس.

في الانتخابات الأخيرة 2015م، هل تذكرون حينما أعلنت المعارضة عن بداية حملة شعبية لمقاطعة الانتخابات، لا زلت أذكر جيداً أول ندوة للمعارضة لإعلان وتدشين حملة المقاطعة وسط سخط شعبي لافت تجاه الحكومة، الصورة من موقع الندوة كانت كافية للتعبير عن حالة اللامبالاة الشعبية، فلم يعد الشارع يستجيب للمعارضة بالمقابل فقد بلغ سخطه من الحكومة مبلغاً.
هذا الوضع لا يُمكن عده هدوءاً أو استكانة، هذا الوضع خطير للغاية، حالة اللامبالاة الرسمية والشعبية التي سيطرت على كل شيء مسألة غاية في الخطورة، هذا واقع يحتاج إلى اسعاف سريع قبل الموت.. أدركوه.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..