تحقيق بيت الميرغني الحلقة 7

مقدمة الحلقة (7)
أمسك مولانا محمد عثمان الميرغني- بكل قوة- بمفاتيح الحركة والسكون في حزبه الاتحادي الديموقراطي، وتكرَّست له هذه القبضة بعد مؤتمر المرجيعات في القاهرة، والذي أشرنا إليه في الحلقة الماضية.
الشيخ أبو سبيب
أحد القيادات الرفيعة في الحزب الاتحادي الديموقراطي قابلنها- وكان صريحاً في إجاباته عن أسئلتنا.
يقول أبو سبيب: إن العام 1967 شهد آخر مؤتمر عام للحزب الاتحادي الديموقراطي- أي قبل (47) عاماً كاملة.. وليس في الأفق المنظور ما يدلّ على النية لعقد مؤتمر جديد.
مولانا رئيساً بالتراضي!!
بعد وفاة الأزهري اختير مولانا محمد عثمان الميرغني رئيساً للحزب بالتراضي، لكن إلى أي مدى استمر (التراضي)؟، هل هو اختيار بلا تاريخ لنهاية صلاحية القرار؟.
يرفض أبو سبيب الاتهام بسيطرة الطريقة الختمية على مفاصل الحزب الاتحادي، أو (تسييج) محمد عثمان الميرغني لقيادة الحزب الاتحادي برجال الطائفة، لا سيما بعد رحيل الساسة الكبار كالأزهري والشريف حسين وعبد الماجد أبو حسبو ويحيى الفضلي، وغيرهم، ويقول: “الختمية جزء أصيل في الحزب، لكن تولي الميرغني رئاسة الحزب، وهو مرشد السجادة الختمية، أعطى الطائفة ميّزة إضافية، لكن ليست سيطرة بالمعنى المتعارف عليه”.
مؤتمر المرجعيات يكرِّس الرئاسة
في العام 2004م انعقد مؤتمر استثنائي في القناطر الخيرية، وجرى فيه التأكيد على رئاسة الميرغني للحزب، وسيد أحمد الحسين أميناً عاماً للحزب، وأحمد الميرغني، وعلي محمود حسنين، نائبين للرئيس عن طريق الاختيار وليس الانتخاب، وفي اقتراع سري انتخب فتح الرحمن شيلا، وتاج السر محمد صالح، نائبين للأمين العام، ولم يجتمع المكتب السياسي- الذي يتكون من (114) عضواً- بعدها مرة أخرى، حيث أصبح الحزب بلا مكتب سياسي منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، والمكتب السياسي المعين هذا فيه أناس ماتوا، وآخرون ذهبوا إلى المؤتمر الوطني، وفيه من تركوا الحزب ولزموا بيوتهم.. وراجت أقاويل على هامش مؤتمر القناطر بينها أن رجل الأعمال الشهير صلاح إدريس اقترح عودة الميرغني إلى السودان ولكن الميرغني رفض هذا الاقتراح- وبغضب- وقال: إنه لا يحتاج إلى من يحدد له تحركاته، وبعد سنوات اضطر صلاح إدريس إلى تقديم استقالته التي أحدثت ضجة متوقعة لكن سرعان ما هدأت وعادت الأمور إلى ما كنت عليه.
في السنوات الأخيرة وقعت انشقاقات كبرى في الحزب الاتحادي لكنها- وللغرابة- لم تكن ضدّ رئاسة الميرغني للحزب إنما بسبب عدم وجود مؤسسات منتخبة في الحزب.
هيئة قيادة.. لا تجتمع!!
قبل عامين كوَّن الميرغني هيئة قيادة للحزب من (40) عضواً، لكنها للأسف لا تمتلك أية صلاحيات، إذ تتركز كلها بيد الرئيس، حيث لا تتم دعوتها إلى الانعقاد إلا من قبل الرئيس- حسب اللائحة؛ لذا منذ تكوينها وحتى الآن لم تجتمع؛ لأن رئيس الحزب خارج السودان في “لندن”.. وهي لا تملك صلاحية عقد اجتماع، والدليل على ذلك أن الحزب الاتحادي الديموقراطي (الأصل) ربما هو الحزب الوحيد الذي لم يعقد ندوة سياسية، منذ أن أتاحت الحكومة للقوى السياسية عقد الندوات السياسية.
قرار المشاركة.. خير مثال!!
قبل قرار المشاركة في السلطة عقدنا (9) اجتماعات مع المؤتمر الوطني كنا (7) أشخاص من الحزب الاتحادي، الجلسات استغرقت قرابة الشهر انتهت برفض لجنة الاتحاديين المشاركة في السلطة، بعد رفض الوطني مقترحات الاتحادي الأصل- كما يقول أبو سبيب: “قلنا لهم لا بد أن تكون لدينا قوة فاعلة داخل الحكومة؛ لتضمن تنفيذ برنامج الحزب، تتمثل في نائب رئيس الجمهورية، ووزير الخارجية، ووزير الصناعة، ووزير الزراعة، ووزير العدل، كما لا بد أن يكون لدينا نصيب من مديري الجامعات الحكومية، وكذلك البنوك الحكومية، ولكن عندما قدمنا هذه الرؤية ردوا علينا (ناس المؤتمر الوطني) بأننا إن أعطيناكم هذه المناصب فمعنى ذلك الأمر أن نترك لكم الحكومة كلّها.. قلنا لهم هذا شأنكم، ولكن هذه رؤيتنا، ووصلنا معهم إلى طريق مسدود”.
ومن ثم عقدنا اجتماعًا في مكتب طه علي البشير- أحد أعضاء اللجنة- وكتبنا تقريرًا من خمس صفحات إلى مولانا الميرغني بعد الجلسات التسع التي استمرت أكثر من شهر، وقلنا له: إن رأي اللجنة استقر على عدم المشاركة في السلطة.. حيث وقع كلاً من بخاري عبد الله الجعلي، وحسن أبو سبيب، وعثمان عمر الشريف، ومحجوب علي مالك، وبابكر عبد الرحمن، وطه علي البشير، بالرفض، فيما رفض أحمد سعد عمر التوقيع، وبعد ضغوط شديدة وقَّع، وكتب أمام اسمه متحفظ”.
المشاركة قاصمة الظهر دبرت بليل!!
لكن تمت المشاركة- التي كانت قاصمة الظهر للاتحاديين- والتي يؤكد أبو سبيب أن الاستمرار فيها يخص فقط الأشخاص المشاركين في الحكومة، ولا تمت بصلة إلى جماهير وقواعد الحزب، وأضاف أن مشاركة الاتحادي في الحكومة الحالية دبرت بليل، وأنها اتخذت دون علم اللجنة- التي كونها الحزب؛ لدراسة قرار المشاركة، ودون علم قيادات مؤثرة في الحزب، ووصف الأمر بأنه لغز استشكل حله.
مولانا أبو سبيب بهذه الإفادات رسم صورة قابضة لرئاسة مولانا محمد عثمان الميرغني للحزب، صورة تغيب فيها المؤسسات، وتلعب دورها (كارزيما الصمت)، التي يعالج بها مولانا محمد عثمان الميرغني أعتى الخلافات.
المشاركة.. أضرّت بمستقبل (بيت الميرغني)
لا يختلف اثنان أن المشاركة في السلطة أثرت تأثيراً كبيراً على الحزب، يقول أبو سبيب: (وأذكر في اجتماع المشاركة وقف تاج السر محمد سر الختم، وقال لمولانا: المشاركة غلط، وبتفرتق الحزب، وأضرت به، ومحمد عثمان الميرغني ميّزته أنه الرجل رحب الصدر، عميق التهذيب، ويجيد الاستماع إلى الآخرين.. يحب السودان، ومن هذا المنطلق قام بتوقيع اتفاقية السلام السودانية، التي سميت باتفاق الميرغني قرنق.
لكن المشاركة استمرت رغم كل هذا.. ولا يزال الحزب الاتحادي الديموقراطي يدفع الثمن باهظاً- حسب إفادة الشيخ حسن أبو سبيب لنا.
إرهاصات..
كل الخبراء الذين تحدثنا إليهم في سياق هذا التحقيق أجمعوا على نقطتين محوريتين:
الأولى: أن تكريس قيادة الحزب والطريقة في شخص مولانا محمد عثمان الميرغني كل هذه الفترة أضعف كثيراً المؤسسات وحولها إلى مجرد لافتات.
والثانية: أن غياب مولانا محمد عثمان الميرغني منذ مطلع التسعينيات في القرن الماضي أثر كثيراً على صعيدين خطرين للغاية، الأول: على صعيد الحزب الاتحادي الديموقراطي، الذي تشظى، وهرب منه الكثيرون إلى أحزاب أخرى، على رأسها المؤتمر الوطني.. والثاني: تأثير بالغ على الطريقة الختمية- نفسها- التي باتت لأول مرة في تأريخها تواجه وضعاً غاية في التعقيد.. المرشد غائب، ومعه المال، الذي بدونه لا تتحرك الأشياء كما يجب.
نواصل في الحلقة القادمة.. عن مؤسسة (الخلفاء).. الماكينة الداخلية للطريقة الختمية و(بيت الميرغني).
نواصل غداً- بإذن الله..
التيار
وضح جليا أن الأحزاب الطائفية لا يهمها الى مصالحها الضيقة …. أختلفوا مع المؤتمر الوطنى لأختلافهم فى توزيع الوزارات لا مصلحة هذا الشعب المغلوب على أمره ….. أقول للمرة المائة أن هذه الأحزاب الطائفية شبب رئيسى فى بقاء المؤتمر الوطنى الفاسد فى الحكم كل هذه المدة… الشعب يجب أن يحارب هذه الأحزاب الطائفية جنبا الى جنب مع المؤتمر الوطنى
طيب مستنين شنو؟؟؟ والميرغني يحترمكم كيف وانتم لا موقف لكم؟؟؟؟