تأبى حرب الخامس عشر من أبريل إلا أن تكشف الحجب عن كل ما كان يدور خلف الأبواب المغلقة من مؤامرات في عقود الإنقاذ المظلمة، وتنزع الأغطية عن غواصات الحركة الإسلامية داخل الأحزاب والمجتمع المدني. وتبين معادن الناس مهما تكاثفت الأقنعة وتكاثرت، أو تجملت بثوب الحياد والنأي عن السياسة إلى مجالات أخرى من الاهتمامات. وقد تناقصت الدهشة – والحرب تقترب من إكمال عامها الثاني – من اكتشاف أمر غواصة كانت ترتدي لبوس المناضل الشهير، وتارة مهنية منحازة لشعبها “لكن في الخفاء”، تدّعي الملاحقة الأمنية دون ذنب أو جريرة، بل ويتم اعتقالها بالفعل ما بين حين وآخر لإبعاد الشبهات، فيما عُرف بالاعتقالات الباردة. والأمثلة على ذلك “على قفا من يشيل”.
وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يعد السودانيون يستغربون إعلان أحد مدّعي النضال في سنوات الإنقاذ المتطاولة، وراكبي قطار الثورة في مقصورة النوم، تحالفه مع كتائب علي كرتي الإرهابية، كما في حالة رئيس حزب “حشد الوحدوي” أمين سعد – أكثرهم اعتقالاً وادعاءً للنضال في عهد الإنقاذ – الذي كان مقيماً في دار الحزب الشيوعي، ملتصقاً بصديق يوسف التصاق السوار بالمعصم. وعندما سُرق اللابتوب الخاص بصديق يوسف، الذي احتوى معلومات تنظيمية سرية، لم يشك أحد في الرجل الجالس بجواره صباح مساء، والذي كان يتمثل الوداعة إلى حد البلاهة. وكثيراً ما كان يحكي القصص عن التحقيق معه خلال اعتقالاته المتكررة، التي وصلت لمعدل مرة كل شهر. لكن ما إن اندلعت حرب أبريل حتى ظهر “أمين سعد” معتمراً بندقية، معلناً انحيازه لكتائب البراء بن مالك الإخوانية. وصار من المعتاد أن تنشر صور تجمعه بقيادات حكومة بورتسودان في وسائط التواصل الاجتماعي.
واليوم، حملت الأنباء خبر تعيين المحسوب على القوى المدنية المعارضة للإنقاذ، “عمر عشاري”، من قبل الإخواني إبراهيم جابر، رئيساً للمسؤولية الاجتماعية لشركة (سوداتل) في موريتانيا والسنغال ومالي، براتب أساسي دولاري ثمين. هذا الخبر يكشف حقيقة هذا “العشاري”، الذي استطاع خداع القوى المدنية المعارضة لسنوات. لكنه، في ذات الوقت، لفت الأنظار إلى نشاطه إبان سنوات الإنقاذ، في محاولة لفهم طبيعة الخدمة التي كان يقدمها “عمر عشاري” للإخوان وأجهزتهم الأمنية خلال حكمهم، حتى يستحق منهم هذه المكافأة السخية.
لم يقل عشاري يوماً إنه من معارضي الإنقاذ، لكنه كان مقرباً منهم بدرجة كبيرة. ساعده في ذلك كونه مديراً لمنتدى “دال” الثقافي التابع لمجموعة الشركات المشهورة حينها. كان المنتدى سخياً مع المبدعين الذين أوصلتهم الإنقاذ إلى حافة الفقر، لكنهم، على الرغم من ذلك، كانوا من أشد المعارضين لنظام الحركة الإسلامية. فساهم منتدى عشاري في تليين مواقفهم عن طريق المال. كما أن المنتدى كان يقع في تلك المنطقة الرمادية، حيث يلتقي تحالف المال والسلطة خلف الأبواب المغلقة. ومن الناحية الأخلاقية، لم يجد المبدع المعارض حرجاً في أخذ المال من المنتدى، الذي نشط في تنظيم الفعاليات، كونه غير مصنف كواجهة للنظام. بل إن عشاري نفسه نال نصيباً من تلك الاعتقالات الباردة، كما حدث لرئيس حزب “حشد الوحدوي” سالف الذكر. ولذا، نجح عشاري في مسعاه بتحييد عتاة المعارضين ذوي التأثير الأكبر، من شعراء ومغنين ومبدعين، الذين دفعتهم الحاجة لتصديق ما يدعيه عشاري من نزاهة وبعد عن تنظيم الحركة الإسلامية الفاسدة.
وكان المنتدى، في كثير من الأحيان، يقيم فعاليات بعيدة كل البعد عن الواقع. ففي وقت كانت البلاد تغلي فوق صفيح ساخن، أقام المنتدى احتفائية غير معلومة الهدف بالشاعر المصري الراحل أمل دنقل. فصار “الترند” في وسائط التواصل هو الجدل حول “هل أوفى مأمون التلب أمل دنقل حقه في الحديث، أم تقعر وحاول قول شيء مختلف فخانته أدوات النقد، وهام بعيداً عن مغزى الفعالية الذي لا يتجاوز التعريف بالشاعر الراحل؟” وكان يحدث ذلك بينما البلاد تعاني الجوع والمسغبة، والحروب مشتعلة في كافة أطراف السودان. لكن موقف هذا العشاري منها كان إقامة فعاليات تلامس كل شيء إلا القضية الأكبر والأكثر إلحاحاً، وهي ديكتاتورية الحركة الإسلامية، التي سامت الناس سوء المعاملة في عقدها الثالث بعد أن توحشت ووصلت إلى حد الاختطاف والقتل خارج نطاق القانون على نطاق واسع. لكن الندوة التالية لعشاري كانت عن “أصل البشر”، وحفلت بجدل كبير أيضاً عن موطن إنسان “النياندرتال” الأصلي في بداية عهد الأرض بالرئيسيات، وليس إنسان الحركة الإسلامية داخل الجيش! ولكم أن تتخيلوا.
وأثناء عمل عشاري في منتداه الانصرافي هذا، مضى ليؤسس مقهى طبقياً سماه “رتينة”. تيسرت له التصاديق وتسهيلات العمل، في محاولة لصناعة نادٍ يرتاده المعارضون للحركة الإسلامية من الشباب، لأغراض الرصد والمراقبة الأمنية، وتحييد الفقراء منهم، وتدجين الشباب. وما خفي أعظم.
والغريب أن عشاري تمكن من افتتاح المقهى المشبوه مرة أخرى في القاهرة، وفي وقت وجيز، ينبئ عن حجم التسهيلات التي وجدها لإعادة افتتاحه.
واليوم، تزيح حرب الخامس عشر من أبريل ورقة التوت التي كانت تستر عورة “عشاري”، وتحالفه، الذي صار في حكم المعلن، مع قتلة الحركة الإسلامية. فقد تم تعيينه في هذا المنصب الرفيع في كبرى شركات الأمن الشعبي التابعة للحركة الإسلامية، دون أسباب واضحة، ما ينبئ بسقوط مدعٍ جديد. والحبل على الجرار.
هذه الحرب ليست كلها شراً.
هذه الحرب أراد الله بها كشف المنافقين الذين ينافقون بأسم الثورة وهم في الاصل جواسيس للكيزان، ولكن الله كاشف كل شيء ويوم الحساب أتى بإذن الله.
الكيزان خبثاء! وإبراهيم جابر ليس استثناءً..قد يكون هذا التعيين طُعماً لصيد ال (عُشَارِي)!!
كسرة: ليس كل من يتم تعيينه في موقع ما بواسطة الكيزان – بالضرورة- كوزاً !!!
الكيزان لا يعينون في مواقعهم الا من يضمنون كوزنته او ولاءه للكيزان. او من يسميهم القرآن (المؤلمة قلوبهم).
الشيوعيين كانو هم العدو الرئيسي للكيزان ، وقيل لولا الشيوعية لما كان الاسلام الحالي ،، لذا سعى الكيزان سعيا حثيثا لتدمير الشيوعيين من الداخل ، فكان مع كل شيوعي اثنان من شياطين الكيزان كل في كتفه الايمن والايسر ،،، لذا فقد تلوث الحزب الشيوعي باكمله خلال حكم الكيزان ، فكل افراد الحزب الشيوعي الان كشفو انفسهم خلال هذه الحرب الكيزانية فقد صمت الحزب في بدايات الحرب الكيزانية ، وبعد ذلك بداوا في ادانة واتهام الجنجويد بالسرقة والنهب دون ذكر ان الجنجويد كانو من تاليف الكيزان ، وبعد ذلك وقفو في صف جيش الكيزان بحجة ان هذا الجيش،جيش وطني ولا يمثل الكيزان ، وفي تدرج هو الاخطر من نوعه حملو السلاح ضد شعبهم بحجة الدفاع عن الارض والعرض ، وهكذا كشف ثورتنا الخالدة مقدار الخيانة الكامنة في حزب خدع شعبه طوال عصر الكيزان وتحول لونهم من الاحمر الى الاخضر تدريجيا ،، وما زال بعض البلهاء يتبعون قطيع الشيوعيين رغم كشف امرهم