وين يا شباب

عبر الزمن تغيرت نظرة الرجال السودانيين للتوب، فالرجل – زمان – كان يقدس لبس الثوب والحشمة التي يسبلها على المرأة، ورغم أنه كان لا يرى بأسا عندما تكشف زوجته عن شعرها للرقص وسط الدارة بل ويتلقى منها الشبال بكل فخر، إلا أنه يغضب غضبة مضرية إذا ما تقاعست زوجته عن رفع الثوب إلى رأسها، عندما يغافلها النسيم في الطريق ويسحب الثوب من فوقه، كما أن المجتمع كان لا يتسامح بتاتا مع المرأة التي تتعامل بإهمال مع ثوبها ولا تحافظ على تحكمها في أطرافه فتنعت بـ (الخفة) و(اللقلقة)، أما الآن فمع تغير الخامات انتهجت الثياب نهج الشفافية فصارت تصف وتشف عما تحتها، مما جعلها تتخلى طواعية عن صفتها كسترة ومقنع للكاشفات، وبالتالي تخلت الكثير من النساء عن اثوابهن واستبدلنها باللبس الساتر سواء ان كان (عباية) أو (المجنونة مرقت) .. حتى الرجال تغيرت حساسيتهم تجاة لباس الثوب فترى الواحد فيهم لا يرى بأسا في أن تلقي زوجته ثوبها على كتفيها نظام (استايل)، أو تتعمد أن تتركه كاشفا في الحفلة حرصا على التسريحة من أن (تتنكش) !!
محاولة استقصاء فهم الرجال لحق القوامة الذي يجب ان يحكم العلاقة بين الزوجين، واعطاءها للرجل حق التحكم في الصورة التي يرغب ان تظهر بها زوجته للمجتمع محاولة مربكة، فهناك اختلاف كبير بين فهم كل زوج واخر لهذا الحق، وكيفية استغلاله لإدارة شئون مملكته الصغيرة ..
رغم أن (مدثر) الرجل الأربعيني يمكن أن يعتبر- حسب فئته العمرية – من الشباب ، إلا أن عقليته (دقة قديمة) – كما افتت بذلك زوجته (لمياء) – تشابه طريقة تفكير أجدادنا القدماء، ولكنها تعودت طبعه الحامي، وطريقته المتزمتة في ادارة شئون مملكته الصغيرة، كما تعودت على الامتثال التام لكل اوامره ونواهيه دون جدل أو مناقشة، فقد علمتها تجربة عشر سنوات من الحياة الزوجية المشتركة، أن تختصر الطريق وتعفي نفسها من دوشة (حوار الطرشان)، لأنها لا تستطيع أن تغير رأيه – ولو قلبت الهوبة – عن أمر قد قرره أو عزم على القيام به .. وأقرب مثال على ذلك الطبع كان نشاف الدماغ الذي مارسه معها، عندما طلبت منه السماح لها بالتخلي عن الثوب السوداني عند ذهابها للعمل والاكتفاء بزي محتشم وساتر، لأن الثوب غير عملي بالنسبة لوظيفتها التي تتطلب الكثير من الحركة والتنقل وتعاني من اعاقتها بالثوب مقارنة بزميلاتها الـ (علي الموضة) .. جادلته قائلة:
هسي فيها شنو لو لبستا لي اسكيرت جينز واسع ومعاهو طرحة وبلوزة (free size) ؟ والله حشمة وساتر أكتر من التوب البتوقع منّي النهار ما طال .. مرة ينزلق من الراس ومرة (الخُلالة) تزوغ من تحت يدي ومرة الجدعة تتجرجر بالواطة .. ياخ الشغل مع التوب عذاب عديييل والله !!
أجابها (مدثر) وكأنه لم يسمع مرافعتها الطويلة عن (قولة الروب من لباس التوب):
التوب ده ياهو لباس نسوانا من الله خلق الدنيا ما سمعنا حبوباتنا شكن منو يوم .. يزرعن بيهو ويردن بيهو الموية من البحر ويفزعن بيهو للغابة عشان يجيبو الحطب .. خلي حبوبتنا الزمان انتي حصل يوم سمعتي أمك قالت التوب اتنصل مني وللا خلاص غلبني وما دايرا البسو تاني؟ المشكلة مافي التوب .. في الخامات العجيبة البقيتو تعملوهو منها !
وهكذا أنهى انتفاضة (لمياء) على لبس التوب، بالجملته الخالدة:
دي طريقتي .. نظامي كده .. لو عجبك يبقى خير وبركة إن ما عجبك قشة ما تعتر ليك !!
لم يكن تمرد (لمياء) على التوب هي مشكلتها الوحيدة مع (مدثر)، فقد كان أيضا دائم الانتقاد لاريحيتها وتباسطها مع الناس، لذلك لم تكن ثورته عليها في مساء أحد الأيام ببعيدة عن هذا التباين بينهما .. قضت (لمياء) أمسيتها في مطبخها تدير غرفة عمليات طوارئ عندما حل بضيافتهم مجموعة من أصدقاء ورفقاء (مدثر) في العمل بدون سابق انزار، فقررت أن تجتهد في اخراج وجبة عشاء مميزة تكرم بها ضيوفه، وقبيل تجهيز السفرة بقليل سمعت صوت الضيوف وهم يلقون تحية الوداع قبل خروجهم .. تركت مافي يدها واندفعت نحو الباب وصاحت من خلفهم:
وين يا شباب؟ ما ممكن تمشوا بعد تعبي ده كلو .. عليكم الله كان ما قعدتوا اتعشيتو معانا.
اعتذر الشباب عن العشاء بالاستعجال لتقضي (لمياء) ليلتها قضما في أظافرها بسبب إقامة (مدثر) عليها الليل نكدا ونقة:
كمان جابت ليها وين يا شباب؟ صحبانك ؟ أولاد شلتك ؟ بترفعي معاهم الكلفة ليه ؟ مالك ومالهم يتعشوا وللا ما اتعشوا .. أنا جيت قلتا ليك سوي ليهم عشاء ؟!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. نهاية مفتوحة يجب أن يثار حولها منتدى أولا أنا أرى ان الرجل يجب أن تكون له غيرة على أسرته حتى يكون موضع إحترام ولكن بصورة متحضرة مش دا نظامي الطفل لو فرضت عليهو قيود لا تستطيع تربيه وتخرج منه انسان سوي في بعض الأشياء يجب ان تبحث قبل الزواج حتى لا تكثر الخلافات مع انو يوجد من ينط عن الاتفاقات بعد الزواج من الطرفين ربنا يطيب الخواطر

  2. مدثر دا بذكرني بواحد صاحبي منجض مرتو نجاض شديد. مطلع صليبها . يوم دقيت ليك فوقو مقلب بن كلب. وهسع الزول دا كل مايشوفني ما فضل ليه الا يخش بطن الواطه لكن استعدل وبقي ميه في الميه . المساله عايزه ليها شوك بضم الواو من اصحابو الشباب لو بحسو ولو هم زيو اختنا دا الله معاها ووقعت في شر اعمالها

  3. منتظرين مقالك يا أستاذة/ منى عن الموضوع الحاضر بكثافة هذه الأيام و هو هجرة فتيات السودان بمواصفات معينة و ما هو رأيك؟
    لا تكوني سلبية في الكتابة عن هذا الموضوع أو غيره من المواضيع التي تهم الناس في حياتهم الحاضرة و نعتقد أن دعمك لهذا النظام لا يمنعك من ذلك لأن الكثير من قيادات هذا النظام انتقدته.

    مع احترامنا لما تكتبينه من مقالاتك نرى انها فقط للتسلية و ليس هذا هو وقتها و عندما يأتي وقتها ( تكون الناس شبعانة و عايشة بكرامة) فسوف يكون لها معنى و طعم.

    مع تقديري

  4. ما هكذا تنعتينا بالبخل والسذاجة – وما هكذا نجهل فن التعامل مع الآخرين – ما هكذا الثقة منزوعة في تصرفات شريكات حياتنا – اختي منى لا تظلمينا الى هذا الحد – واقول لك ان كان ذلك حقا فيعتبر حالة شاذة ولا تحكمي بها على عامة الشباب – بالقدر الذي تثنين فيه على ( ليميا )ادافع به عن ( مدثر )

  5. والله يا خالتو منى قصتك حلللللوة وانا من المعجبين بيك يا شابة انتي ههههههههههه
    غايتو انا شايف لبس الثوب حاجة حلوة وجميلة وساترة وكرررررهتي في الدنيا دي البولزات البتكون ضيييييقة دي الاسمها شنو كده ما عارف ديك لكن بس مدثر ده مزودة شويتين مع مرتو في كلمة ويييييييين يا شباب دي ههههههههههههههه بس عجبتني كلمة صحبانك هم اولا شلتك

  6. من يهن يسهل الهوان عليه!

    تستاهل البيعملو فيها لأنها قبلت بالقعاد مع دكتاتور متسلط متخلف غير واثق في نفسه زي الجاهل مدثر ده..!!!

    قفلها معاي الزول المتخلف ده .. وقفلتها معاي أكتر الزولة الإرتضت لنفسها تعيش عيشة الغنم دي!

    ملحوظة:
    البيت ليس مملكة الرجل ولا مملكة الزوجة! البيت هو مملكتهما معاً!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..