خالفين رجل على رجل.!ا

تراسيم

(خالفين رجل على رجل)!!

عبدالباقي الظافر
[email protected]

عقد الحزب الحاكم مؤتمراً تداعى له ستة آلاف عضو.. وحج إليه ثلاثين ضيفاً أجنبياً ليشهدوا منافع لهم.. المؤتمر التنشيطي كان تتويجاً لجهد 21 ألف مؤتمرا صغيرا عقدت في مختلف أرجاء السودان. المؤتمر المهم خاطب جلسته الافتتاحية رئيس الجمهورية ونقلت تفاصيل جلساته وكالة سونا الرسمية.. وتكفل التلفاز الحكومي بتغطية معظم مناشطه.
في الجانب الآخر تصطف الأحزاب الفقيرة.. المعارضة التي يتمنى لها رئيس الجمهورية تمام العافية.. حزب الشرق الذي ترأسه الأستاذة آمنة ضرار يعجز عن دفع إيجار أحد مقرّاته وكاد إعساره أن يصل المحاكم.. في ذات يوم الحشد العظيم كان حزب المؤتمر الشعبي يسعى بالحسنى بين الصحف لنشره إعلانات مؤتمره العام مجاناً.. الحزب الشيوعي بلغ فقره أن تطلّ صحيفته التاريخية (الميدان) لقرائها مرة في الأسبوع.
ولن تكتمل الصورة إلا بالاطلاع على خبر مثير نشرته أمس الزميلة الآن.. (الآن) حددت مطالب الحزب الاتحادي في الكيكة.. الحزب المندفع للسلطة طالب حسب الزميلة الآن بممثل في المحكمة الدستورية وثلاث قضاة في المحكمة العليا وثلاثين مستشاراً بوزارة العدل.. هذا بالإضافة لمساعد رئيس ومستشار رئاسي وعدد من الوزراء والمعتمدين.. استغربت لماذا استحى مولانا الميرغني ولم يطالب بحصته في الجيش والشرطة والأمن والخدمة الإلزامية.
ارتباط الحزب الحاكم بتمويل الدولة لم يعد سراً.. فقد صرح الشيخ أحمد عبدالرحمن في حوار مع (التيار) أن المؤتمر الوطني مثل سائر الأحزاب الحاكمة في العالم الثالث يرضع من ثدي الدولة.. لنترك اجتهاد الشيخ أحمد عبدالرحمن جانباً.. إذا أجرينا استبياناً على الستة آلاف عضو المجتعين في دار الحزب الحاكم لوجدنا لمعظمهم صلة عضوية ومصلحية مباشرة مع الحكومة كجهاز تنفيذي منوط به تسيير أمور المواطنين.
سآتي لكم من جانب آخر.. الدكتور نافع علي نافع نشر إعلاناً مدفوع القيمة يطلب فيه من تجار حزبه الاحتشاد لاجتماع مهم.. القائمة شملت كافة رموز الرأسمالية في البلد من السر الكريل الى أمين النفيدي وعلي أبرسي مروراً بآل البرير.. هل كل هؤلاء التجار جبهة؟.. بالطبع الإجابة تقول: لا وألف لا.. ولكن منطق السوق يقول: من ليس مع الحكومة فهو ضدها.. ومن من التجار يرضى بأن يكون خصماً لمثل هذه الحكومة.

النتيجة جاءت بتصريح نقلته الانتباهة عن رئيس الجمهورية “أي تراخٍ في المؤتمر الوطني سيؤدي لسقوط الدولة”.. في الدولة ذات المؤسسات تتوالى الأحزاب على سدة الحكم وتسقط الحكومات.. حتى في الشموليات المحترمة يسقط الحزب ويظل الجيش صمام أمان للأمة.. في مصر تم خلع مبارك وحظر حزبه ولكن المؤسسات العامة ظلت على حيدتها في الصراع.. في تونس هرب بن علي وترك وراءه جهازاً عدلياً لم يجد حرجاً في معاقبة رموز التجمع الدستوري المباد.

الآن يجب أن يدرك المؤتمر الوطني لماذا يحكم وحيداً (وخالف رجل على رجل).. ولماذا يطالب الشريك الجديد بنصيبه في كل شيء من الوزارة للسفارة إلى الوظيفة العامة.. الولاية العامة في السودان الآن تعني الاحتلال الكامل لممتلكات الشعب.

التيار