أصغر منك دوسو

بلا حدود
أصغر منك دوسو
* تناول الزميل مزمل صديق مراسل (الجريدة) من ود مدني قبل أيام خبر احتجاج 52 موظفاً وموظفة من (الكادر الطبي) بمستشفى الذرة بودمدني لعدم استلامهم رواتبهم منذ تعيينهم في ديسمبر الماضي، والتي بلغت 325 ألف جنيه.
* الخبر مزعج للغاية ولم يجد استجابة من الجهات المسؤولة حتى يوم أمس حسبما أفاد مصدر من داخل المستشفى، وأعني هنا وزارة المالية والصحة الاتحاديتين، ما يعزز فرص تصعيد القضية من قبل المتضريين الذين يجدون كل السند والتعاطف من قبل إدارة المستشفي التي تتخوف من دخولهم في إضراب مؤكد سيربك حسابات المرضى قبل الكادر الطبي وإدارة المستشفى.
* عدم المسؤولية وانعدام الضمير أصبح من المسلمات في حكومة الإنقاذ، وصحة المريض تعتبر آخر أولويات وزارة الصحة، والمواطن آخر أولويات وزارة المالية وقيادات الدولة بشكل عام، لذا من الطبيعي أن يكون هذا الصمت و(تقل الدم) من قبل وزيري المالية والصحة الاتحاديين وعدم استشعارهما لخطورة الوضع.
* مستشفى الذرة بود مدني معروف أنه نقطة ارتكاز رئيسية لمرضى السرطان بكافة ولايات السودان بما فيها العاصمة الخرطوم نفسها، ويقصده مواطنو الخرطوم أكثر من غيرهم لصعوبة تلقيهم العلاج بانتظام في مستشفى الذرة بالخرطوم للملابسات الكثيرة المعلومة للجميع.
* لذا من الصعب جداً التكهن بمصير المرضى المتزايد بشكل يومي وبنسب مخيفة حال دخل هؤلاء العاملون في إضراب احتجاجاً على عدم صرف رواتبهم، رغم انتظامهم في عملهم حتى اللحظة، خاصة وأن الحق القانوني في صفهم بعد أن أكملوا كافة إجراءات التعيين الخاصة بهم بما فيها التصديق واستلام العمل اتحادياً عبر وزارة الصحة الاتحادية ومفوضية الاختيار القومية للخدمة العامة منذ ديسمبر 2016 مع اكتمال كافة الإجراءات الخاصة بصرف رواتبهم.
* يبدو أن السيد وزير المالية الاتحادي ووزير الصحة الاتحادي أيضاً لم يستوعبا حديث رسولنا الكريم (اعطِ الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، لأنه لو كانت فيهما ذرة من إحساس أو إنسانية لما ماطلا في تسليم العاملين رواتبهم كل هذا الوقت، إلا إن كانا يعتقدان أن هذه المرتبات غير مستحقة وعبارة عن مكرمة أو عطية، وحتى إن كان الأمر كذلك فمن باب الشهامة والإنسانية أن يطرقا باب ديوان الزكاة لمنح هؤلاء المساكين ما يعينهم على مواجهة متطلبات الحياة المتزايدة، ناهيك أن ما يطالبون به حق أجازه القانون والدستور والشرع.
* سؤال للسيد وزير الصحة الاتحادي، هل حدث وأن غاب عنك مرتبك أو نثرية مكتبك أو توقف عنك بنزين الحكومة أو توقفت مخصصاتك ولو يوم واحد عن موعدها؟؟
* سؤال لوزير المالية، هل أخرت يوماً راتب رئيس الجمهورية والوزراء والولاة والدستوريين المقدر عددهم بالآلاف، وهل تجرأت على إيقاف مخصصات أيٍ من هؤلاء الأكابر ولو ليوم واحد فقط؟ أم إن القصة تخضع لسياسة الخيار والفقوس، أو كما قال المثل الدارجي (أصغر منك دوسو).
* 52 موظفاً ليس بالعدد الكبير حتى يبالغ وزير المالية في ظلمهم، ويمنع عنهم حقهم المالي تحت سمع وشوف وزير الصحة الاتحادي الذي توهط مرة أخرى متمدداً طولاً وعرضاً على كرسي الوزارة دون مؤهل أو إنجاز يحسب له ويشفع له بالعودة وكأن حواء السودانية عقرت عن إنجاب غيره.
* مصير المرضى مرهون بمصير هذا الكادر الطبي من أطباء وممرضين ومساعدين طبيين وغيرهم من أصحاب التخصصات الطبية التي يحتاجها مستشفى الذرة مدني، وما لم تتم المعالجة فآلاف الأرواح مهددة، ويكفي الأرواح التي ذهبت لربها بسبب الكوليرا ولا زالت، وذنبها معلق في رقبة المسؤولين الفاشلين.
هنادي الصديق
الجريدة



