فارق الذهب..!

فيما يشبه التحريض، قبل أيام قال والي نهر النيل إن البنك المركزي لا يقدم عروضاً مغرية لشراء الذهب، وإنه باعتباره والياً على ولاية منتجة للمعدن النفيس سوف يدعو المنتجين والمعدنين بعدم بيع الذهب للبنك المركزي، أي، هو يحرضهم على التهريب.
حديث الوالي منطقي، إذا لم يشجع البنك المركزي شراء الذهب من المعدن فلا شيء يجبره على بيعه بسعر زهيد، بينما بالإمكان أن يدر عليه ملايين الدولارات في دبي على سبيل المثال.
أمس قالت وزارة المعادن، إن حجم الفاقد بين الذهب المنتج والمصدّر للخارج من جانب الحكومة، بلغ 48.8 طناً، في النصف الأول من العام الحالي. 48.8 طناً مفقودة، وأن مشتريات بنك السودان المركزي من الذهب تمثل فقط 10% من كميات الذهب المنتج.
بلغ إنتاج السودان من الذهب خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 63.3 طناً، بنسبة فاقد بلغت 77%، ذلك جراء عمليات التهريب.
نهاية العام الماضي، قالت ذات الوزارة إن إيرادات الذهب بلغت “1.5” تريليون جنيه، حتى أن الوزير وضع عائدات الذهب بحجم تعادل عائدات النفط قبل انفصال الجنوب، وبلغ إنتاج البلاد من الذهب خلال الفترة من يناير وحتى نوفمبر 2017م نحو 95.1 طناً بقيمة 3 مليارات دولار، بمعنى أن هذا ما دخل خزينة الدولة.
الطبيعي إذا كانت عائدات الذهب تساوي عائدات النفط قبل الانفصال فمن غير المنطقي، أن يتدهور الجنيه ليصل أكثر من 40 أمام الدولار.
هناك احتمالات، إما أن تكون هذه العائدات الضخمة صحيحة مائة بالمائة وفقاً لإحصائيات الوزارة المعلنة، وإذا كانت صحيحة، السؤال أين تذهب هذه العائدات؟
أو أن الوزارة تمارس مثل كثير من المؤسسات سياسة التضليل الإعلامي ليصب خطابها في النهاية إلى إنكار الأزمة الاقتصادية، ويبدو أن هذا الاحتمال الراجح لأن الوزارة الآن تتحدث عن فاقد يقترب من الـ (80%) للذهب المنتج.
في الحالتين فإنَّ الوزارة مطالبة بإجابة شفافة، فماذا نعتمد من تقاريرها، أتلك التي تتحدث عن حجم عائدات الذهب التي تساوي عائدات النفط قبل الانفصال، أم تلك التي تتحدث عن فاقد يصل 77% وأن ما يدخل خزينة الدولة فقط 10%؟؟
قبل الحديث عن التهريب نحتاج أولاً أن نتلقى معلومات شفافة وحقيقية من الوزارة، فليس معقولاً أن تحدثنا الوزارة العام الماضي عن أن عائد الذهب يُمكن أن يغطي فجوة النفط، ثم تأتي اليوم لتتباكى على فاقد يبلغ 77% من الذهب المنتج.
التيار