من صنع الطاغية…!؟

د. هاشم حسين بابكر

*الدولة في السودان دائمآ في حالة اختطاف,حتي جاز عليها وصف الدولة الفاشلة…!!
*وتاريخ الحكم العسكري في السودان يغطي أكثر من 80% من الفترة ما بين الاستقلال والي اليوم,ففي خلال ستين عامآ بعد الاستقلال حكم العسكر اثنان وخمسين عامآ…!!!
*أمر غريب ولكن الأكثر غرابة منه أن السياسيين هم من تسببوا في اختطاف العسكر للدولة,ففي أول انقلاب كان هناك أمر عسكري لاستلام السلطة,وافق عليه السياسيون والسادة وباركوه,بل تسابقوا علي نيل وده…!!!
*الطائفية التي طغت في ذلك الزمان كانت ذكية بسبب السياسيين الذين عجزوا عن ادارة البلاد فتسلم الجيش السلطة,من حكومة قادها الأنصار متمثلين في حزب الأمة,وكان الذكاء في اختيار قائد الانقلاب الذي كان من طائفة الختمية,التي مثلها حزب الشعب الديمقراطي,والطائفتان أيدتا الانقلاب ولسان حالهم يقول (زيتنا في بيتنا)…!!!
*وبعدها أيقن العقائديون أن أسهل الطرق للوصول الي الحكم هو الانقلاب العسكري,فكان انقلاب مايو الذي سيطر عليه اليساريون,لفترة وجيزة,حاول اليساريون الاستيلاء علي السلطة بانقلاب في وضح النهار,فكان ما كان من تصفيات ودماء سالت أضعفت دور اليسار الي الحد الأدني في الشارع السياسي..!!!
*ولم يع الاسلاميون الدرس بل واصلوا استخدام الجيش وسيلة للاستيلاء علي السلطة,بديلآ عن الشوري التي لطالما عانت آذاننا من ترديدهم لها…!!!
*وكلاهما ارتكب خطئآ جسيمآ,وهو انهم قاموا بتصوير قائد الانقلاب بأنه الملهم وانه الأوحد المنقذ وانه ابو الجميع بالرغم من انه في الحالتين كان عقيمآ…!!!
*وقد برع العقائديون في صناعة الطواغيت,ومن سخرية القدر أنهم كانوا أول ضحاياه…!!!
*وهذه سنة كونية فالطاغية يدرك تمامآ من صنعه,وفي ذات الوقت يخشاه اكثر ما يخشي,فالذي صنعه قادر علي أن يطيح به,فيندلع صراع خفي بينهما عادة ما ينتهي بتصفية الصانع جسديآ كما حدث لليساريين ومعنويآ كما حدث للاسلاميين,وفي اعتقادي أن التصفية المعنوية للاسلاميين كانت أقوي بكثير من تلك الجسدية التي حلت باليساريين,فقد نال الاسلاميون من البغض ما لم تنله الطائفية والأحزاب السياسية مجتمعه…!!!
*والسودان دولة معرضة للاختطاف,ثوراته مختطفه,وثرواته كذلك,اما الحكم فيه فهو الأكثر تعرضآ للاختطاف,حتي قيل في فترة من الفترات,أن الضابط الذي يصلي الصبح حاضرآ يمكنه استلام السلطة…!!!
*الخطأ القاتل الذي ارتكبه اليساريون بعد اختلافهم مع النميري أنهم اختاروا الزمن الخطأ,فقد قاموا بانقلابهم في وضح النهار,والعسكري لا يستسلم الا بمفاجئته وهو نائم أما حين يكون صاحيآ, فهو سيقاوم ولو بعد حين,اما الأمر الثاني فيتمثل في صعوبة استيعاب الجندي القبول بانقلاب علي نفسه فالجيش لا ينقلب علي الجيش,ولكنه وحسب الشواهد التاريخية فانه يقف الي جانب الشعب وينحاز له…!!!
*أما خطأ الاسلاميين فكان جسيمآ,ولم يسيروا كما سار رسول الانسانية عليه الصلاة والسلام ولم يهتدوا بهديه,فقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم مهمومآ بوضع أسس للدولة الحديثة في المدينة ومن ثم في مكة بعد فتحها,وقد استغرق ذلك أكثر من عشرين عامآ ولم يستعجل بانقلاب عسكري بل أحدث انقلابآ في المفاهيم,التي ساعدت من أتي بعده الي نشر الاسلام في ارجاء المعمورة,ولكن الاسلاميون في السودان نشروا اسلامهم في شكل فيلل في المعمورة والرياض وغيرها من أحياء الخرطوم…!!!
*وتحول شعارهم من الملكية لله,الي عكسه تمامآ,فتطاولوا في البنيان وكأني بهم قد أمنوا بمقولة الكنيسة حين قسمت المال والسياسة بين الله وقيصر فكان مال لله لله ومال قيصر لقيصر,واحتكرت هي مال الله,متناسية أن ذات قيصر شيئ لا يذكر في ضمن ما لله…!!!
*وهكذا يدور الصراع بينهم علي السلطة غير عابئين بما يحدث للبلاد من تدهور ونقصان له من اطرافه,وانهيار اقتصاده,والآخطر من ذلك كله انهيار الأخلاق بسبب الوضع الاقتصادي,والفساد المالي والأخلاقي الذي أصبح عنوانآ قميئآ للبلاد…!!!
*لن يكون حلآ اذا تنازل البشير عن السلطة,وهو أمر اقرب الي المستحيل منه الي الواقع,وكثير من أمثاله لم تتخلص منهم شعوبهم الا بعد أن نزع ملك الموت حياته انتزاعآ,ولكن الأهم من تغيير البشير هو ذلك الذي صنع البشير,فالديكتاتور لا يولد ديكتاتورآ,انما تتم صناعته,بواسطة الذين من حوله,يذهب البشير وتبقي الماكينة التي صنعته قادرة علي صنع آخر أشد غلظة وأعنف جورآ…!!!
*يجب اضعاف كل مؤسسات النظام,من حزب وجهاز أمن واحتياطي مركزي وجنجويد والمؤسسات الاقتصادية التي يقف عليها النظام.واضعاف هذه المؤسسات يعري سلطة الرئيس ويجعله بلا حول ولا قوه ويضعفه معنويآ,وهذا ما حدث للاسلاميين الذين كان قتلهم معنويآ سببآ في قبولهم المشاركة في الحوار الخوار وهم يعلمون تمامآ ما يمكن ان يجري علي مخرجاته من تزوير وتسويف…!!!
*هذه المؤسسات يصعب القضاء عليها بالمواجهة,وسبب هذه الصعوبة هو عدم وجود قيادة حقيقية تقود الشارع للثورة كما حدث في السابق,فأقوي عناصر المعارضة السياسية لا يقوي علي تسيير مظاهرة احتجاج قوام تعدادها اصابع اليد الواحدة,والبديل هو الحرب النفسية علي مؤسسات النظام وخاصة تلك المؤسسات الباطشة,مع عدم المساس بقواتنا المسلحة التي وقفت وانحازت الي جانب الشعب,والقوات المسلحة تألم تمامآ كما نالم,ولن تألوا جهدآ في المساهمة في تحرير البلاد والوقوف الي جانب الشعب,وبذا تكون الحرب النفسية انجع وسيلة في حالة السودان…!!!
*أما التهور بالمواجهة فان بديله الغوغائية واحياء الضغائن,خاصة وان البلاد والمواطنين يعيشون حياة ضنكا,والسيد غير المحترم الفقر هو الذي يسود,ولن استغرب ان سمعت بان احدآ قتل آخر ليسلبه قطعة خبز…!!!
*والثورات الشعبية في السودان معرضة للأختطاف وهذا ما شهد به التاريخ القريب,وصناعة الديكتاتور من ابرز الصناعات في سوداننا المنكوب بساسته..!!
*والحكمة وحدها من ينقذ البلاد من المأزرق القاتل الذي تعيشه…!!!

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. النبي لو كان عايز يعمل دوله مدينه ومكه كان عمله في القران في السجن وفي الوزير وهو عارف دوله يعني شنووووو؟ لكن ما عمله
    غير كده الناس ما متصوره كيف كانوا عايشين قبل الف واربعمية سنه ياخي ا في صابون ولا شامبو ولا ريحة سمحه ولا اكل سمح ولاشي
    اي دولة الانتا جااااي تقول علييييها ؟؟؟؟

  2. 1-# (وهو انهم قاموا بتصوير قائد الانقلاب … و أنه ابو الجميع بالرغم من انه في الحالتين كان عقيمآ…!!!)
    * مايو 1969م و يونيو 1989م.
    2-# أ.(*أما التهور بالمواجهة فان بديله الغوغائية واحياء الضغائن)
    # ب.(*والثورات الشعبية في السودان معرضة للأختطاف )
    # جـ.(*والحكمة وحدها من ينقذ البلاد من المأزرق القاتل الذي تعيشه)
    * د بابك، صدقت فإن العقيم قيل أنه لا يصلح أن يكون لصا محترفا ناهيك أن يكون قائدا لأمة، و من جاء بقائدي مايو و يوليو لم يتفطن لتلك الحقيقة، أو ظنا بأنه مطية لأجل قريب. * و لكن – للأسف – في مقالك هذا، أنت “تشرك و تحاحي”؛ و لم تفصح عن “الحكمة” التي تنقذ البلاد!!!!!

  3. جرفتهم غطرسة القوة والتصورات البلهاء الخاطئة إلى حتفهم الأكيد، وأخذهم الاستبداد المطلق إلى نهايتهم وقدرهم الوحيد،
    لقد كشفت الأرقام المهولة والخرافية، حجم ثروة عائلة الرئيس “المذموم” والمكروه شعبياً !ومقابل هذه النماذج هناك النماذج الأعرض والشرائح الأوسع التي تتكدس في أحزمة البؤس وعشش الصفيح والكراتين ولا تجد قوت يومها وتقتات من القمامة،والوصفة السحرية والبسيطة لكل هذا هو أطعموا شعوبكم، وأشبعوها كرامة وإنسانية، كي تحبكم شعوبكم، وكي لا تثور عليكم، وذلك أقرب للتقوى لعلكم ترعوون وتهتدون.
    هذه الجماعات وأحزابها لا تؤمن بالديمقراطية وتعتبرها بدعة غربية، وسرعان ما تنقلب عليها بعد أن تتمكن من سدة القرار وتصبح أكثر استبداداً وقمعاً وشراهة للحكم من الأنظمة التي أطاحت بها، وقد عبر أكثر من رمز إسلاموي عن ذلك وفي غير مناسبة.من يتابع إعلام التجهيل والتعتيم والتلفيق، فكل الأفئدة والعيون شاخصة إلى الشارع والأسماع تنصت لما سيقول؟ وحقيقة، لم يعد أحد اليوم يريد سماع الصوت الذي يعرف الجميع مضمونه وماذا يريد، ولم يعد كلامه مصدراً لأية أهمية فاليوم، واللحظة، والزمن، هو زمن المهمشين الذين صمتوا دهراً ونطقواً درراً، وقولهم هو القول الفصل، وصوتهم هو صوت الضمير والعقل، ولا صوت يعلو على صوتهم، فعلي الجميع أن يسمعوه، حتى وإن كان لا يروق لكثيرين.
    ان زمن الأيدلوجيات وفرض المعتقدات قد ولى وليعلم جميع منظري الأحزاب الحجريه :فحتى لفظ “الرعية” الأدنى لم تعد تنطبق عليهم، في ظل تهميشهم وإقصائهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم الآدمية وتجويعهم وإفقارهم ونهبهم ومص دمائهم، نقول لو كانت علاقة احترام متبادل، وتوزيع عادل للصلاحيات والثروات والمسؤوليات والمهام لما رأينا هذه النهايات المفحعة والمحزنة لدايات وبايات وفراعنة الزمان.
    لقد أخذ هذا النظام فرصته الكاملة في الحديث والكلام والبطر والفجور على هواه، ولم يترك مناسبة تمر إلا وأطنب فيها بالحديث والكلام والاستشعار ومدح الذات والتغزل بالمنجزات الكاذبة والسياسات الفاجرة والعاهرة التي قذفت بعشرات الملايين من أبناء إلى قيعان الفقر والبؤس والتجويع والإفقار والدمار.
    ما لم يطرأ تغيير جوهري وجذري في طبيعة وبنية التفكير الديني يقطع تهائياً مع نصوص جامدة مقدسة لا تبدل ولا تتغير ولا يمكن لأحد من الاقتراب منها، فإن أي حديث عن ديمقراطية دينية هوو هم وخيال وضرب من ضروب المحال.

  4. لا يا دكتور هاشم ثم ألف لا فنحن شعباً لن ييأس وإن أصابك الوهن فلا تظن أن السودان لم ينجب غيرجيل أكتوبر وجيل أبريل فشباب السودان الأن اكثر وعياً ولن ينخدع بإسم الدين إنهم حقاً جيل البطولات …… إن ثمانون عاماً من عمر الشعوب قليل جداً والمستقبل المشرق أمامهم .

  5. سلام عليكم
    اعتقد ان النظام الطاغية ساعد المستقبل باقصاء اجزاء هام من صناع اللصوص لكن السؤال الاهم هل قوات الجيش الحالي بعد أن تم تفكيكه وتقسيمه الي مليشيات قادر على حماية ثورة الشعب اتمنى من صميم القلب ان اكون واهم وان يكون الجيش كما كان دائما لان هاولا الفسده قد حفروا انيابهم في قلب قوات الشعب المسلحة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..