الجبهة الثورية استراتيجية الحرب وخيارات التغيير

بسم الله الرحمن الرحيم
قبيل استقلال السودان تفجرت ثورة مسلحة في الجنوب تطالب بحقوق الجنوبيين في الحكم الذاتي والإ الانفصال . ولكن الحكومات الوطنية المتعاقبة استطاعت ان تحصر الحرب في اطار حرب العصابات . وظل الشعب على قناعة أنهم مجرد متمردون لهم مطالب سياسية مما مكن القوات المسلحة من أداء دورها في حماية الوطن ، لتستمر الحرب خمسون عاماً سجالاً بين الحركة الشعبية والحكومات المركزية حتى توقيع اتفاقية نيفاشا 2005م والتي بعدها تم الانفصال .
وتتجدد الحرب في دارفور قبل توقيع السلام الجنوبي على ذات المنوال .أقاليم طرفية تطالب بنصيبها من الثروة والسلطة . ولكن هذه المرة كانت النتائج كارثية . اتهامات بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية ،فيما لم تشهده حرب الجنوب الطويلة إفريقيا. وبعد أكثر من عشر سنين يستفيد المسلحون الدار فوريون من درس الحرب في الجنوب .حيث لم يتغير شئ في المركز طالما ميدان الحرب بعيداً عن الخرطوم ،ولم يتأثر مواطن الشمال إلا بقدر الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي خلفتها الحرب .ولم يتغير موقف الجيش السوداني رغم اختلاف الآيدولوجيات التي حكمت الخرطوم . ليأتي تجدد الحرب في شكلها الجديد بعد انضمام جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان لركب الأقاليم المتأزمة . تقودها الحركة الشعبية قطاع الشمال . ولكن الدرس الغالي الذي وعته الحركة الشعبية من يوم الاثنين الأسود ، جعل الحرب محصورة بين حركة سياسية (الجبهة الثورية) والحكومة المركزية (المؤتمر الوطني) لتقوم الحركة الشعبية بحشد سياسي من القوى السياسية الشمالية لها حتى يهربوا من الاستقطاب القبلي الذي انزلقت فيه بعض القوى الدار فورية كردة فعل للخطاب الحكومي .
الدرس هو أن أي قوة مسلحة تهاجم الخرطوم غازية ويتصدى لها الجيش ستجد كل الشعب يلتف حول قواته المسلحة ضد الغزاة كما حدث في 76 أيام النميري ودخول خليل إبراهيم لأمدرمان عام 2008م . أما ردة الفعل العنيفة لتفلتات بعض المغبونين من مقتل جون قرنق كانت كافية لأن يعرف كل متهور أن نهايته حتمية إن هو عزف على وتر العنصرية والاستقطاب القبلي على مشارف الخرطوم .
إن ما يجري على مسرح العمليات في جنوب كردفان وشمالها وتصاعد القتال هناك رغم هدوء الأحوال الأمنية في جبهتي دارفور والنيل الأزرق يرجع الى :-
1- الوضع في دارفور حالياً تغيب فيه السلطة عن معظم ولايات دارفور الخمس الا بعض العواصم والمدن الكبرى التي تحيط بها معسكرات النزوح ، فإن فكرت الحركات المسلحة في الاستيلاء عليها واسقاطها كلياً سيكون هذا الأمر في غير صالحها .كونها ستخاطب المواطنين هناك وتبشرهم أن مقدمها لأجل سلامتهم ورفاهيتهم .إلا أن الوضع سيكون غير ،كون دارفور تعتمد في الغذاء والوقود على وارد الخرطوم .مما يعني بعد نفاد المخزون قيام ثورة مضادة من شعب دارفور بعد أن يخرجه الجوع من وقاره .ويعير الحكام الجدد بالوضع السابق ولن يرضى ببقائهم وسيتحسر على الوضع القديم . مما يعني فشل الثوار في مشروعهم للتقدم تجاه الخرطوم بسند شعبي.
2- إذن البديل لإسقاط دارفور وتحريرها من نظام الإنقاذ هو مهاجمة المركز وتغيير الحكم في الخرطوم عبر الثورة المسلحة .ولكن الذاكرة القديمة والهواجس المتجددة تجعل تقبل الشعب السوداني لهكذا تغيير دون انقسام أمراً عسيراً مما يعني أن تعم الفوضى ويشيع الدمار في البلد وهنا يكون خطاب الحكومة صادقاً في توقعاته لتكسب مزيد من المؤيدين ممن كانوا على الرصيف أو معارضين حتى.
3- إذن الخيار البديل أمام الجبهة الثورية لتحقيق أهدافها السياسية ونجاحات عسكرية هو نقل الحرب الى كردفان وهذا ما يجري الآن . وقبل أن نحدث عن المكان نجد الزمان متشابه في مواقيته منذ حرب الجنوب حيث تنشط العمليات العسكرية في هذا الفصل من العام حتى تحقق الحركات المسلحة تقدم على الأرض تحتفظ به حتى فصل الخريف حين تتعذر الحركة البرية وتمثل المناطق المستلمة من المتمردين ضغط سياسي على الحكومة في ظل عجز الجيش عن التقدم لتحريرها . أما نقل ميدان الحرب الى كردفان له فوائد عدة تجنيها الجبهة الثورية .فهي إن استطاعت أن تقطع الطريق الغربي أو زرع حالة من الفزع يتوقف عندها رأس المال من المجازفة بالتجارة مع دارفور خوفاً ،تكون دارفور أقرب الى السقوط التلقائي بعد توقف إمدادات المواد التموينية والوقود .فتكون ثورة الجوع في دارفور سند ودعم للجبهة الثورية في تقدمها نحو المركز .ويكون الوضع بعد سقوط دارفور وزعزعة الأمن في كردفان وخروجها من دائرة الإنتاج أن نصف السودان الشمالي خارج سيطرة حكومة البشير. والأمر الآخر المستفاد من نقل العمليات الحربية الى كردفان هو جعل ميدان القتال قريباً من المركز يشعر به المواطن العادي ويهتم بأخباره ويخاف تطوراته مما يمثل ضغط سياسي على النظام الذي لن يستطيع تجاوز حالة الركود التجاري بعد خروج السوق المحلي في دارفور والإقليمي في شاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان ـ مما يدخل قطاع واسع من المواطنين عداد العطالى وتزداد خسائر التجار والمنتجين وتتسع دائرة الفقر . إضافة إلى الوضع الاقتصادي المتهالك أصلاً ،مما يزيد فرص الثورة على نظام البشير، حينها لن تكون الجبهة الثورية محرجة في نصرة الشعب الثائر على الإنقاذ بل تكون بذلك حققت إستراتيجيتها بإسقاط البشير عبر الثورة المسلحة كما حدث للقذافي.
عليه من واقع الأحداث على الأرض نجد أن قوات الجبهة الثورية حققت نجاحاً مقدراً بالاستيلاء على أبكرشولا والمناطق المجاورة لها والبقاء فيها شهراً أوقف حركة التجارة غرباً خوف النهب المسلح كما أن الأعداد الكبيرة من النازحين تعني فقدان المزارعين لأرضهم في توقيت هم أحوج ما يكون للاستقرار للاستعداد للخريف وبما أنه ليس هناك أمل في الاستقرار في أقل من شهر قادم تكون البلد فقدت موسم الزراعة وقل مورد الغذاء مما يعني اتجاه الحكومة للاستيراد لسد الفجوة والضغط على الدولار المفقود أصلاً مما يعني ارتفاع الأسعار وفي هذا وحده سبب كافي لثورة الجياع القادمة .
والحقيقة المرة التي أكدتها أحداث أم روابة أبكرشولا هو عجز العقلية التي تدير القوات المسلحة فهي لازالت تصر على نهج قديم مستهلك في التصدي لحركات التمرد الداخلي رغم الحرب الطويلة التي خاضها الجيش السوداني في حرب الجنوب وتمرد دارفور فالخسائر عالية والاستنزاف مستمر وكان بدلاً من مناورات عسكرية بحرية مع إيران كلفتنا خسائر في علاقاتنا الخارجية كان الاتجاه الى تركيا والاستفادة من تجربة الدولة التركية في التعامل مع حزب العمال الكردستاني الذي سلم سلاحه بعد أن سئم حياة الجبال ، لماذا يصر الجيش السوداني على التمركز في المدن الكبرى ثم يحرك الكتائب كلما هاجم المتمردون قرية صغيرة أو قطعوا طريقاً وليتعلم من الجيش التركي الذي لم يحرك آلية واحدة يطارد بها المتمردين ولكن أغلق عليهم كل المنافذ حتى استسلموا وهذا هو الحل العسكري الوحيد .أما الحل السياسي اتركه لمرة قادمة.
م. إسماعيل فرج الله
24مايو2013م
[email][email protected][/email]
الليلة لو الثوار وصلوا الخرطوم ثلث الخرطوم حتقيف معاها ومتين كان هنالك إنتفاضة شعبية قامت في اﻷطراف وسقطت حكومة الخرطوم؟ الشئ المعروف إنتفاضة المركز هي البتسقط الدكتاتوريات وزي مابقولوا البرجوازية الخرطوم محاصرة بالحزام اﻷسود .ومعروف ساكني الحزام الأسود ديل هم إبناء الهامش السوداني البتقاتل الجبهة الثورية من أجلهم وطبيعي جدا” يستقبلوهم بكل أريحية لمنقذيهم.
خيال عسكري بعيد عن واقع السودان.
ثبت في الحديث عن ابن عباس ? رضى الله عنهما ?ان النبي (ص) ، بعث معاذاً إلى اليمن وقال له : (اتق دعوة الظلوم ، فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ) رواه البخاري ومسلم ..
وليس شرطاً أن يكون المظلوم مؤمناً ، فدعوة الكافر المظلوم تصعد الى الله تعالى ، لأن كفره على نفسه كما جاء في رواية أنس بن مالك ? رضي الله عنه : ( دعوة المظلوم وإن كان كافراً ليس دونها حجاب ) ، رواه أحمد في مسنده ..
وفي رواية مسلم عن أبي هريرة ذكر رسول الله (ص) الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء ، يارب يارب ، ومأكله حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنا يستجاب له ) ..
من الأحاديث نستخلص أن دعوة المظلوم مستجابه وليست بينها وبين الله حجاب ، ولوكان هذا المظلوم كافراً ، وما اكثر المظاليم اليوم ، فمن يقف محتجاً عن تاخر مرتبه الذي يطعم منه أسرته هو مظلوم ، ومن مرض ولم يجد مستشفيات مجهزة يتلقى فيها العلاج هو واطفاله هو مظلوم ، ومن لم يجد مصاريف كافية لإدخال أبناءه مدارس خاصة هو مظلوم ، ومن يقف بالساعات في الشمس الحارقة في إنتظار المواصلات هو مظلوم ، ومن يذهب لشراء الدواء ويجده غالياً وفوق طاقته هو مظلوم ، النازحون مظاليم ، المهمشون مظاليم ، والظلم هنا وقع من الدولة ، والدولة هي الحزب الحاكم ، والحزب الحاكم هو مجموعة الأشخاص المنضويين تحت رايته ، من قيادات وقواعد ، فجميعهم سواء في هذا الظلم ، فالظلم الذي يقع على المواطن بسبب سياسات الدولة الخاطئة ، يتحمل مسؤوليته قيادات وقواعد الحزب الحاكم ، فهؤلاء دعوتهم مستجابة ولا حجاب بينها وبين الخالق ، فهي تستجاب ولو بعد حين ..
أما من يرفع يديه إلى السماء ويقول يارب ، يارب ، وهو ظالم ، ومأكله حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغذي بالحرام ، ومرتشي ، ويقود سيارة بالحرام ، ويتم توظيفه دون حق ، ودون كفاءة ، ويستغل الواسطة والمحسوبية لتمرير أعماله ، ويوظف أقاربه ، ويكذب ليل نهار على المواطن دون رادع ، ويستغل مؤسسات الدولة لصالح حزبه ، فأنا يستجاب له الدعاء والتضرع ..
نعم الدعاء سلاح خطير جداً ، وفعال جداً ولكن هو سلاح غير فعال وغير مجدي وليس ذو قيمة عندما يستخدمه من لا يعرف شروط إستخدامه ، ولكن عندما يرفع المظلوم يديه للسماء ويقول ، يارب لا تسلط علينا من لايرحمنا ، لا تسلط علينا من مات ضميره ، لا تسلط علينا من لا يعدل ، لا تسلط علينا ظالم ، حينها دون شك ستأتي الإجابة ولو بعد حين ..