السياسة وبعض العنصرية العربية

فى ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضى ، وربما قبل ذلك ، كان الاتحاد السوفيتى والكتلة الاشتراكية ملجأ للعديد من من لايجدون مكانا للتعليم فى بلدانهم من العالم الثالث. غير ان بعض سكان تلك البلدان وخصوصا الشباب الفالت ، الذى كان يعرف بأسم ” الهوليحانز ” ، كان لايعجبه هذا ، ويعبر عن غضبه بشتى الطرق ، بما فى ذلك الكلام وأحيانا الفعل العنصرى . يحكى بعض اصدقاؤنا الذين درسوا فى روسيا فى ذلك الزمان ، بان صديقنا فاروق كدودة ، المشهور بالمعيته وسرعة بديهته ، ركب المترو مع مجموعة من الطلبة السودانيين ، وعند دخولهم لعربة المترو واجههم أحداولئك الشباب الروس مستفزا بكلمة ” تشيرنى ” أى أسود باللغة الروسية ، فما كان من فاروق الا ان رد عليه بنفس الحماس والمط ” بييييييييييلى” أى أبيض ! وضجت عربة المترو بالضحك ! كلمة واحدة معبرة عن ألف مقال : ان كنت تعتبر السواد سبة ،فأنا أعتبر البياض سبة !!
تذكرت هذه القصة وأنا أطلع على السباب الذى يكيله بعض الصحفيين وأصحاب المواقع الاسفيرية العرب على الشعب السودانى ، دون ذنب جناه غير صموده لكل انواع الاذلال والهبل السياسى الذى تمارسه قيادته الانقلابية الحالية،وبشكل من اشكال الاعانة من بعض الانظمة العربية ، بما فى ذلك الاعتراف بالانقلاب فى المكان الاول ! . سباب لاعلاقة له بالسياسة ولا بالدين ولا بالاخلاق الطبيعية ، ولكنه يكشف عن عقيدة ثابتة لدى هؤلاء بأن من يوجه اليهم ذلك السباب لايصلحون الا لمهنة البواب ! هذا الشعور ليس جديدا ،لا بسبب مايقال هذه الايام ، ولكنه يجد الدليل يوميا من تصرفات ذلك البعض ، فمثلا :كنت استغل سيارة أجرة فى أحدى البلدان العربية ، وكالعادة بدأت ثرثرة بينى والسائق ، وكان الموضوع الساخن يومها انفصال جنوب السودان . سألنى السائق : من السودان ؟ قلت نعم . قال ايه الحصل للجنوب علشان ينفصل ؟ وعندما فتحت فمى لأرد ، فاجأنى السائق : خلينى أنا أقول لك أيه اللى حصل ؟! فتصور يسأل ويجيب ، بالرغم من اننى لست سودانيا فحسب وانما خبير فى الموضوع ، حيث اننى كنت مستشارا لوزارة شئون الجنوب ! هذا مثال واحد من الآف الامثلة التى تبين كيف ان هذا البعض لايساوره أدنى شك فى انه يعلم أفضل منى لأن لون بشرته ابيض من لون بشرتى !!!
ولعلك تلاحظ كم الاخطاء التاريخية والسياسية والجغرافية التى يرتكبها هذا البعض عند الحديث عن العلاقات العربية السودانية . وأهم تلك الاخطاء الخلط بين افعال الانظمة والشعب. فبعض البلدان العربية تمعن فى تأييد النظام السودانى لمصلحة حاضرة فتطيل من عمره ولا تغير علاقتها به الابعد ” ان يقع الفاس فى الراس “!
اما اذا عدنا الى الربط بين اللون والعقل ، الذى يكاد يكون عقيدة ثابتة لدى هذا البعض ، فاننى سأورد بعض الامثلة التى تدل على فساده فسادا مابعده فساد :
– أمريكا التى مثلت ابشع نماذج التفرقة العنصرية ، عندما أجبرت بواسطة ذوى السحن السوداء على التخلى عن العنصرية ، برز فيها الفنانون والشعراء والرياضيون والقانونيون السود ، ووصل فيها أحدهم الى سدة الرئاسة مكتسحا فى طريقه العديد من ذوى السحنة الاكثر بياضا ! وجاء بعده أبيض اشقر ، أبله !!
– جنوب افريقيا ، التى استطاع فيها السجين الاسود نيلسون مانديلا ان يجد حلا عبقريا لقضية العنصرية حفظت لأمته وحدتها وجنبتها اراقة الدماء ، ومع ذلك فلم يستغل جماهيريته الطاغية ليبقى فى الحكم كيف يشاء .
– واذا جئنا الى مربط الفرس ، السودان ، فيكفيه معرفة وعلما ، انه كان أول بلد عربى يزيل دكتاتوريتين عسكريتين بثورات شعبية ، وهو فى طريقه لانجاز الثالثة ، لو ان الله كفاه شر المتدخلين .
أسالوا ورثة الشيخ زايد عن نصيحة البريطانيين له بعد استقلال الامارات بان يستعين بالاداريين السودانيين ، وهم الذين وضعوا الاسس للتطور الباهر الذى حدث هناك، وأسألوا حكام الخليج الآخرين عن أداء كل السودانيين السود الذين عملوا لديهم من الطبيب والمهندس وحتى البواب ! بل أسالوا العرب الآخرين الذين زاملوا السودانيين السود فى العمل بتلك البلدان . أسالوا البريطانيين عن الخمسة ألاف طبيب الذين يعملون لديهم كتفا بكتف مع زملائهم البريطانيين ، أسالوا الامريكان والكنديين والاستراليين عن السودانيين الذين لجأوا اليهم من بطش الجماعة .
وفى الختام اليكم جميعا ايها البعض الذى لايعلم ولايريد ان يعلم هذا التحدى المفتوح: اختبار فى المعلومات العامة بين أى راعى اغنام فى أقصى غرب السودان وبين أى خريج جامعى من اولئك العنصريين الذين لايعلمون ولايعلمون انهم لا يعلمون ، ستكون نتيجته ..! على ان يكون ذلك الراعى من اسودهم سحنة ؟!!!

تعليق واحد

  1. كاتب المقال مع خالص احترامي، من الذي قال لل ان السودان دولة عربية، حتي تستشهد به كأول دولة عربية خرجت علي الديكتاتورية.

  2. القال ليك منو السودان دوله عربيه

    عليكم الله خلونا نكون واقعيين

    ولو لسنه واااااااحده بس

    عشان نشوف الفرق

    السودان معروف اسيادو منو وبنتمو لوين

    خلونا نحترم واقعنا عشان الناس يحترموا

    عربيه قال

  3. القال ليك منو السودان دوله عربيه

    عليكم الله خلونا نكون واقعيين

    ولو لسنه واااااااحده بس

    عشان نشوف الفرق

    السودان معروف اسيادو منو وبنتمو لوين

    خلونا نحترم واقعنا عشان الناس يحترموا

    عربيه قال

  4. كاتب المقال مع خالص احترامي، من الذي قال لل ان السودان دولة عربية، حتي تستشهد به كأول دولة عربية خرجت علي الديكتاتورية.

  5. القال ليك منو السودان دوله عربيه

    عليكم الله خلونا نكون واقعيين

    ولو لسنه واااااااحده بس

    عشان نشوف الفرق

    السودان معروف اسيادو منو وبنتمو لوين

    خلونا نحترم واقعنا عشان الناس يحترموا

    عربيه قال

  6. القال ليك منو السودان دوله عربيه

    عليكم الله خلونا نكون واقعيين

    ولو لسنه واااااااحده بس

    عشان نشوف الفرق

    السودان معروف اسيادو منو وبنتمو لوين

    خلونا نحترم واقعنا عشان الناس يحترموا

    عربيه قال

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..