مقالات وآراء

توأم روح الريان

عثمان يوسف خليل

بقلم السيده ميم

 

صادفته في احدي الندوات الثقافية في الجامعة وكانت عن الشاعر والروائي الروسي إيفان بونين. تعارفنا وتلاقينا مرات عديدة في قهوة النشاط بالجامعة أحببته واحبني تعاهدنا علي الزواج بعد التخرج..

كان توأم روحي يسميني من عنده بالريان ويسمي نفسه توأم روح الريان. كان يكبرني بثلاث سنوات.

تخرج قبلي وعمل بإحدي البنوك. اصر عليه اهله وكان يتيم الأبوين الزواج من بت عمه رفض وسافر ولم اسمع منه مباشرة شيئا وبعد سنوات عرفت من صديقنا انه في احدي الدول الإسكندنافية وانه سأل عني وقال لصديقنا لم انسي الريان وانا لم انساه ابدا.

 

لما كنت صغيرة كانت لي ضفيرتان سميتهم الشمس والقمر لاني احببت الشروق والليالي القمرية. مع اخي وهو اكبر مني كنت احب اللعب ومع أصحابه. تعلمت ركوب العجلة وكنت احب لباس الأردية والبنطلونات متل اخي. أبي وامي لا يمانعان. سموني محمد ولد وكنت سعيدة بالاسم داك..

 

دخلت المدرسة والجامعة ومريت بمراحل الطفولة والمراهقة وتعرفت علي انوثتي. امي لم تبخل علي بالمعرفة والمساعدة وصرنا أنا وامي اصدقاء خاصة وانا بنتها الوحيدة. صارحتها بحبي لتوأم روح الريان وقابلته عندما زارتني في الجامعة .. وقالت لي (مالو والله ولد زي العجب ومهذب)..

 

تخرجت واشتغلت وتزوجت من شخص ميسور الحال من أقرباء أبي سألوني رأيي سكت واعتبروا السكات رضي. امي تعلم أنني لم انسي توأم روحي. ثم رزقت ببنت وولد كانا بالنسبة لي كالشمس والقمر. شمسي كانت الريان بنتي الكبيرة ومرت السنوات وصرنا وابنائي الريان وقمري اصدقاء. بعد الولادة تركت الشغل وتفرغت للبيت والعيال.

اخي كان قد تزوج قبلي وامي ظلت مع اخت لها في بيتها بعد وفاة أبي. أبي توفاه الله بعد زواجي بسنوات قليله بعدما فرح بأحفاده. وكان أبي يداعبني ضاحكا وهو يلاعب الريان وقمر ويقول حكمة الله محمد ولد عملت ليها ضفيرتين بت وولد.

 

في يوم جميل أشرقت فيه الشمس بكل الوفاء صارحني زوجي برغبته في الزواج مرة اخري. لم ارفض وفي داخلي فرحت ولكن قلت له لو حصل يوم طلبت منك الطلاق هل حتوافق. أجاب إذا كانت تلك رغبتك فلن ارفض…تزوج وحباه الله بأطفال كتار وكان سعيدا بهم.

 

لم تسمع منه شيئا منذ ان غادر المطار الي دبي وارسل لها ورقة مع صديقه كتب فيها

(مهما طال الزمن ومرت السنين ساستقر في بلد ما واعود ابحث عن الريان

مع حبي

توأم روح الريان)

والشئ الوحيد البتعرفه من صديقه ومن خلال كروت كان يرسلها من كل مطار يصل اليه جملة واحدة وصلت أمستردام وبعدها بزمن وصلت لندن ومرة وصلت فرانكفورت واخيراً كتب وصلت كوبنهاجن وسأل عني)

 

كانت قبل زواجها وفي عيد ميلادها تلبس نفس الملابس ألتي لبستها في آخر مرة قابلته وتتعطر بنفس العطر من كريستيان ديور والذي اهده لها وبعدها تذهب الي غرفتها وتقرأ تلك الرسالة الأخيرة وتسرح وتتمتم : غدا يعود

ولكن بعد زواجها تركت تلك الملابس والعطر والورقة في دولابها في غرفتها في بيت امها

ولم تلبس تلك الملابس وتتعطر بالعطر وتقرأ الرسالة الأخيرة إلا بعد ان تزوج فيها زوجها وفرحت لما وافق علي طلاقها متي ما طلبت. فرحت بزواجه لانها احست كانّها صارت مطلقة! .

وفي كل عيد ميلاد بعدها حافظت علي لبس تلك الملابس والعطر في بيت امها وقراءة الورقة وتتمتم: حتما يعود لل الريان

ومرة سألتها بنتها الريان

“يا امي انت بقيتي في عيد ميلادك بتلبسي نفس الملابس القديمة وتتعطري بنفس العطر ليه؟”

ردت :

“ديل ياالريان يذكروني بشبابي وذكريات الشباب الجميلة .. وبيهم بحس في كل عيد ميلاد انا لسه شابة وكمان بحس انه أنا شابة يستاهل يعرسوها وما يعرسوا فيها” .

ضحكت الريان وابتسمت الام العارفة القصة الحقيقية.

 

ظهر فجأة في المدينة طيف سماوي وكان توأم روحي. سأل عني والتقينا في بيت صديقنا المشترك وقد كنت صديقة لزوجته منذ ايام الجامعة. قال لي لم انساك فتزوجت بعد سنوات بعد ان سمعت من صديقنا عن زواجك وكنت قد صارحت قبل زواجنا زوجتي الدنماركية بقصة حبنا في الجامعة ولما قلت لها أنا ذاهب لبلدي

سألتني هل ستراها؟

قلت سأبحث عن الريان

رفضت السفر معي وطلبت الطلاق.

وبدون ان اسأل قال : لا ليس لدينا أطفال

والآن جيت البلد افتش عن الريان.

 

شاورت امي. سكتت. طلبت الطلاق من زوجي. وافق. أولادي وكانوا وقتها طلاب في الجامعة. كلمتهم بقصتنا ورغبتي في الطلاق من ابوهم. صمتوا وبعد فترة قالت الريان

“انت امنا ياروح الريان وقمر وستظلين كذلك الي الأبد”. ثم تطلقت وسافر بعد شهور توأم روح الريان وووعدني بانه سيعود..

 

كان قبل سفره زارنا في البيت وكانت جلسة

جميلة شعرت فيها باريتاح الجميع لبعضهم البعض حتي امي التي كان يعاملها بحب كأمه الذي افتقدها منذ زمن طويل.

 

رجع بعد شهور. تزوجنا بطريقة بسيطة وسافرت معه. أنا الان جالسة في مطار كوبنهاحن في انتظار وصول بنتي الريان وولدي قمر (مون) وقد تم قبولهما بالجامعة الدنماركية. وسيكملان بها تعليمهما.

 

توأم روحي يحبهم ويبتسم كلما نظر الي الريان وامي تسعد بلقيانا جميعا عبر محادثات الفيديو.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..