الذهب السوداني.. بريق سري في “صندوق الحرب” الروسية

في وقت يرتفع فيه شبح المسغبة في السودان، وتُعلن فيه وزارة المالية السودانية بأن عجزاً مُخيفاً يتوسد أدراج ميزانيتها خلال الشهور المُقبلة، وفي زمن تشهد فيه الأسواق السودانية أزيز الرحلة الصاروخية لسعر الدولار وهو يحلق مُتصاعداً لأعلى سقوفات ممكنة.
وهو ما يجعل كل السلع الحيوية بعيدة عن متناول أيادي المواطنين بسبب الغلاء الفاحش، وفي غضون هذا المشهد المشحون بحفيف الانهيار الاقتصادي، لا يرى السودانيين بريق الذهب الذي تمتلئ به بواطن أرضهم ، ولا يعلمون كيف يتم تصديره خارج خزانة الدولة ومصارفها الرسمية؟.
ومن هي الجهات المسؤولية عن ذلك؟ رغم انشغال الصحافة والإعلام بموضوع الذهب، وكل ما كُتب عن علاقة روسيا بالصادر السوداني من الذهب بطرق غير شرعية لا تصب في وزارة المالية.
وحينما توغلت روسيا في غزوها لدولة أوكرانيا وفتح العالم أفواهه أمام شبح الحرب العالمية الثالثة التي تملأ الأفق، هناك تسلل رعب الأمريكيين والأوروبيين وفاض يغمر الميديا وكل منصات الإعلام الرقمي، حديثاً عن ضرورة معاقبة روسيا وردعها وفرض عقوبات اقتصادية قاسية عليها، في هذا التوقيت تحديداً الذي ينشغل فيه العالم بالحرب الروسية الأوكرانية.
تأتي سيرة السودان وذهبه محمولة على صفحات الصحف الأوروبية، حيث قالت صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حضّر للعقوبات الدولية بأطنان من الذهب الأفريقي.
وأشارت – في تقرير لها – إلى أن السودان هي المصدر الرئيسي للذهب إلى روسيا التي هرّبت مئات الأطنان من الذهب السوداني خلال السنوات الماضية، كجزء من بناء “روسيا القلعة” ومنع تداعيات العقوبات التي قد تُفرض عليها إذا غزت أوكرانيا.
وجاء في تقرير الصحيفة البريطانية، أن الكرملين ضاعف حجم الذهب الذي أودعه البنك المركزي بأربع مرات منذ عام 2010، بشكل أدى إلى إنشاء “صندوق حرب” عبر خليط من الواردات الأجنبية والاحتياطي الكبير من الذهب المحلي، باعتبار روسيا ثالث أكبر منتج للأحجار الكريمة في العالم. وأصبح لدى روسيا ذهب أكثر من الدولارات الأمريكية لأول مرة منذ يونيو 2020.
وتصل نسبة سبائك الذهب إلى 23% من الاحتياطي، وارتفعت قيمتها إلى 630 مليار دولار حتى الشهر الماضي. وفي الوقت الذي لا تظهر إحصائيات الحكومة أي صادرات للذهب من السودان إلى روسيا، إلا أن مديرا تنفيذيا لأكبر شركة إنتاج ذهب في السودان أخبر “ديلي تليغراف” أن الكرملين هو أكبر لاعب في قطاع التنقيب عن الذهب في السودان.
وقال المصدر: “روسيا لديها الكثير من العمليات في الذهب السوداني وتم تهريب الكم الأكبر منه إلى روسيا عبر طائرات صغيرة “.
ويُعتقد أن 30 طنا من الذهب السوداني نقلت إلى روسيا كل عام، مع أنه من الصعب تحديد حجم العملية الروسية في الذهب السوداني. ويرى محللون أن السودان قد يكون المصدر الأهم لروسيا في عمليات الحصول على الذهب، إلا أنه ليس الوحيد الواقع تحت رادار موسكو.
حميرتي أجنبي، ما سوداني، عشان كدا