مقالات سياسية

مستشفيات خطرة

بعض المستشفيات الخاصة عمومًا في الخرطوم لا ترتقي إلى هذا المسمى فهي لا تختلف عن الحكومية إلا في الحجم وبعض الإضافات الشكلية، وكثير منها في وسط أم درمان منطقة الشهداء تحديدًا عبارة عن بيوت قديمة أدخلت عليها بعض التعديلات والتوسعة، ورغم ذلك لا تستحق أن تمنح تصريحًا للعمل كمستشفيات، ولكن لأن التصريح بمبالغ كبيرة فوزارة الصحة على ما يبدو فضلت المال على المصلحة العامة، وكل التهديدات التي كان يطلقها وزير الصحة مأمون حميدة كانت عبارة عن قنابل هواء فقط فتلك المستشفيات لا يمكن أن تصبح يومًا مطابقة للمواصفات كمستشفيات بل هي خطرة على البيئة العامة ويجب أن توقف فورًا.
قبل أيام قضيت بعض الوقت رفقة الوالدة بأحد هذه المستشفيات التي تبدو من الخارج خاصة ولكن من الداخل لا علاقة لها بالخصوصية، هذا المستشفى الخاص ذو الاسم الرنان يشبه إلى حد بعيد سوق أم درمان، فالمستشفى أنشئ في أحد بيوت أم درمان القديمة وربما أكثر من بيت تم ربطهم بطريقة ما، حين وصلنا كان الجو ممطرًا فكانت المياه تنهمر من خلال السقف المصنوع من الزنك والسقف المستعار.
عنبرالحوادث في منتهى القرف مكيفاته لا تعمل وموصلة بطريقة عشوائية عن طريق توصيلات خارجية، والأرضية متسخة وبعض السراميك مكسر وهناك توصيلات خلف أسرِة المرضى تشبه توصيلات المياه عبارة عن أنبوب كبير واثنين أقل، باقي المستشفى مقسم إلى عدد كبير من المكاتب الضيقة الخاصة بالاختصاصيين بالإضافة إلى المعامل المكاتب الإدارية، وهناك كثير من الممرات والمنعرجات تشبه المتاهة وبها عدد كبير من كراسي الانتظار، أما الحمامات فحدث ولا حرج.
ولأن المستشفى مقفل على بعضه فهو ساخن جدًا، مكيفات مكاتب الأطباء تبرد الداخل وتلفظ الهواء الساخن في تلك الممرات وفوق رؤوس المرضى المنتظرين، ممرات الانتظار بها مكيفات لا تبرد بما فيه الكفاية ولها صوت عالٍ ومزعج، الاستقبال عبارة عن كاونتر تحيطه رفوف مزحومة بمئات كروت المتابعة، والمستشفى عمومًا متسخ لدرجة القرف، ورغم هذا مزدحم بعشرات الناس و لم أجد تفسيرًا لتلك الزحمة، فالمستشفى لا يختلف كثيرًا عن حوادث أم درمان إلا في أسماء الاطباء ويبدو أنه السر الوحيد.
وأنا في طريقي إلى خارج المستشفى صادفت (سيد اللبن) وهو يحمل ذاك الإناء التقليدي وبه كمية ليست بكبيرة من اللبن كما يفعل في الأحياء. بالضبط متجهًا إلى المطبخ في آخر المستشفى.
بعد كل هذا المستشفى لديه طوابق في الأعلى لا أدري كم عددها وكيف حالها.
الحق يقال لولا أن هناك مرضى وأطباء فمناخ المستشفى يشبه إلى حد كبير سوق أم درمان لا ينقصه إلا (الفريشين) على الأرض ونداءاتهم للزبائن ليكتمل المنظر ..
والغريبة أن هذا الوصف ينطبق على عدد من مستشفيات أم درمان في منطقة الشهداء مع اختلاف طريقة توزيع المكاتب والعنابر والمعامل، وكلها تضج بذات الزحمة، كما أن سيارات الشفط بالهواء (للصرف الصحي) تعمل على مدار اليوم لم يحدث أن ممرت بتلك المنطقة ولم أر تلك السيارات تعمل، وعليه مستشفيات الشهداء بأم درمان كلها تشكل خطرًا على البيئة والصحة العامة.
لو كنت المسؤولة عن الصحة لما سمحت بإقامة مستشفيات خاصة في منطقة الشهداء بالذات ولكن يبدو أن القائمين على أمر الصحة ومعهم بعض كبار الأطباء في هذه البلد هم فعلاً ناس سوق لا علاقة لهم بالمسؤولية وقيم المهنة، ولذلك لا فرق بين مواصفات المستشفى عندهم ومواصفات السوق.

التيار

تعليق واحد

  1. يا أخت أسماء لم يعد أحد فى السودان بقادر على الكتابة عن الصحة عموماً لأن الناس كل الناس قرفوا من هذا الموضوع و نحن نصلى و ندعوا اللة سبحانة و تعالى أن يجبر الفقر بالعافية .

    طبيب بالمعاش

  2. ولذلك لا فرق بين مواصفات المستشفى عندهم ومواصفات السوق.

    أوافقك الرأي اخت اسماء في استهتار الحكومة والجهات المعنية بأمر المستشفيات الخاصة وتصريح اي غرفة لتكون مستشفى خاص دون ان يكلفوا انفسهم تقييمها ان كانت صالحة ام لا … لكن من قال لك ان مواصفات الاسواق تقل أهمية عن مواصفات المستشفيات، الاسواق اذا كانت من غير مواصفات ح تودينا المستشفى، الوقاية خير من العلاج … حتى لا تفسدي الموضوع الهام بطبزة السوق… النظام والمواصفات والمعايير تنطبق على كل المرافق سوق كان ام مستشفى … وشكرا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..