أهم الأخبار والمقالات

الدعم السريع على مشارف الفاشر: السيطرة على المدينة تغير معادلة الحرب والسلام

تؤدي سيطرة قوات الدعم السريع على مناطق حيوية في إقليم دافور وتفوقها على قوات الجيش أخيرا إلى فتح الطريق أمامها خلال الأيام المقبلة لاستكمال مسيرتها لدخول مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، ذات الرمزية المادية والمعنوية، ومحاولة التغلب على الصعوبات الكامنة في هذه المدينة.

وأعلنت قوات الدعم السريع عبر منصة إكس الأربعاء سيطرتها الكاملة على “اللواء 24” مشاة أم كدادة بولاية شمال دارفور ‏بقيادة اللواء أبونشوك، وقالت إنها تطلق التحذير الأخير للفرقة السادسة بالفاشر.

ووصلت قوات الدعم السريع إلى حامية ومنطقة أم كدادة في شمال دارفور وفرضت سيطرتها عليها بعد معارك ضارية أدت إلى انسحاب قوات الجيش والشرطة منها.

وتبعد أم كدادة نحو 200 كيلومتر عن الفاشر، وتحدها من الشمال الغربي محلية الكومة ومن الجنوب الطويشة ومن الشرق ولاية غرب كردفان، وغرباً محلية كلمندو.

ويتوقف إحكام السيطرة على مدى القدرة على تجاوز عقبات يمكن أن تواجهها هناك، حيث تتمركز حركات مسلحة شكّلت تحالفا للدفاع عن المدينة عقب اندلاع الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع في الخرطوم، لكن التحالف لم يحقق أغراضه الأمنية.

الزحف الحالي نحو الفاشر سيغير الموقف العسكري للدعم السريع، ويشير إلى تصميمها على طرد وحدات الجيش من دارفور

ويعزز الزحف الحالي نحو الفاشر الموقف العسكري للدعم السريع، ويشير إلى تصميمها على طرد وحدات الجيش من دارفور كاملة، ما يعني هزيمة منكرة لعناصره وإضعافا للروح المعنوية لقادته الذين قللوا من قدرة خصومهم على الصمود أمامهم.

وتأتي أهمية التقدم العسكري الذي تحرزه قوات الدعم السريع في مناطق عدة بدارفور من إمكانية الذهاب إلى ترتيب أوضاع الإقليم أمنيا وسياسيا، والتفرغ لحسم معركة الخرطوم التي مرت خلال الأشهر الماضية بمنعطفات مختلفة.

وتدعم السيطرة على مساحات كبيرة من دارفور الموقف التفاوضي للدعم السريع في منبر جدة الذي لم يتمكن من التوصل إلى تفاهم يؤدي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وكل ما تمّ تحقيقه في الجولة الأخيرة بإشراف الوساطة السعودية – الأميركية ومشاركة الاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد” هو البحث في قضايا إنسانية ووعود بمواصلة الحوار.

وأعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان لها مساء الثلاثاء التزام الجيش والدعم السريع بالانخراط في آلية إنسانية مشتركة بقيادة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة لمعالجة معوقات إيصال المساعدات الإغاثية.

واعتبرت قوى سياسية وحركات مسلحة توصل طرفي النزاع إلى تفاهم في الملف الإنساني في مفاوضات جدة خطوة جيدة قد تساعد في التوصل إلى وقف لإطلاق النار لاحقا.

بينما رأت قوى أخرى أن المسافات متباعدة بين الطرفين، وأصداء ما يجري في دارفور ستترك أثرها على سير المحادثات في جدة، فالخلل الحاصل في ميزان القوى الذي يصب في صالح الدعم السريع يمكّن وفدها التفاوضي من فرض شروطه.

ويؤدي دخول الفاشر، بعد نيالا وزالنجي والجنينة، إلى سيطرة الدعم السريع على إقليم دارفور، والسعي إلى إيجاد قواسم مشتركة مع الجماعات العرقية والحركات المسلحة لضمان عدم تجدد القتال وبحث مصير الإقليم بناء على التطورات الجديدة.

وقال المحلل السياسي السوداني محمد تورشين في تصريح لـ”العرب” إن قوات الدعم السريع تواجه تحديات في مهمة السيطرة على الفاشر التي تختلف عن المدن الثلاث التي أحكمت سيطرتها عليها سابقا، فهي أكبر حاضنة لحركات مسلحة ظلت سنوات طويلة تقاتل نظام الرئيس السابق عمر البشير وحزب المؤتمر الوطني.

وتتواجد في شمال دارفور حاليا قوات تابعة لحركة جيش تحرير السودان جناح مني أركو ميناوي، وحركة العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم، وتجمع قوى تحرير السودان برئاسة الطاهر حجر، والبعض من قوات تحرير السودان المجلس المركزي.

وأوضح تورشين أن كل هذه القوات تتواجد في مدنية الفاشر، وفقاً لما نص عليه اتفاق جوبا للسلام بشأن تشكيل قوات أمنية مشتركة لحماية المدنيين، وبعد أن راجت أنباء عن قرب الدعم السريع من المدينة عززت الحركات تواجد عناصرها في الشوارع الرئيسية بمدينة ينظرون إليها باعتبارها ذات رمزية مهمة لتواجدهم في دارفور.

وشدد في حديثه لـ”العرب” على أن الحركات المسلحة تدرك أن خسارة الفاشر تعني تغيير المعادلة السياسية، وأن قوات الدعم ستكون صاحبة الكلمة العليا في الإقليم بوجه عام، وإذا لم يتم الاتفاق مع الحركات المسلحة فإن الاشتباك معها من الوارد حدوثه.

وتابع “الحركات المسلحة قد تخسر آخر ما تبقى لها من دعم شعبي إذا تماهت مع الدعم السريع، لأنها ستكون قد نقضت خطابها أمام جماهير ساندتها كثيرا”، ولذلك فالسيطرة على الفاشر عملية معقدة ومليئة بالتحديات، ومجتمع دارفور يعج بتعدديات إثنية وقبلية، ما قد يدفع الإقليم إلى دخول حرب مفتوحة.

وتريد قوات الدعم السريع إزالة رواسب المرحلة السابقة التي كانت فيها جزءا من المؤسسة العسكرية في عهد البشير، والاستفادة من الانحيازات القبلية لها وتحصلها على مساندات عديدة من قوى رئيسية في دارفور لفتح صفحة جديدة.

ويتوقف تحقيق هذا الهدف على الخطاب الذي تتوجه به الدعم السريع لقيادات وسكان الإقليم، والذي رشحت إشارات منه تقول إنها ترغب في طي الصفحة القاتمة الماضية، والسعي لتغليب القواسم التي تمكّن الإقليم من تأصيل العلاقة مع الخرطوم.

ويقول مراقبون إن الحرب في السودان دخلت في مسارات عدة، ولم تعد قاصرة على معارك تفضي إلى تحديد من يكسبها أو يخسرها بصورة حاسمة، ودخلت مجالا يعتمد على تسجيل كل طرف لنقاط في مرمى الآخر، واستمرارها نحو سبعة أشهر دون انتصار نهائي لأحدهما يؤكد أن إدارتها باتت مختلفة عمّا كانت عليه في بدايتها.

ويضيف هؤلاء المراقبون أن الأيام المقبلة ستكون فاصلة في تشكيل المشهد السياسي العام في السودان، والمشهد السياسي الخاص في إقليم دارفور، والذي سوف يتحول مع تزايد سيطرة الدعم السريع على مناطقه لورقة مهمة في إدارة الحرب وتوابعها.

وكشفت مصادر سودانية لـ”العرب” أن الانكسارات الميدانية التي يواجهها الجيش تضعف موقفه أمام الشعب السوداني بعد أن وعده بنصر سريع، وقد ظهرت ملامح تغير في انحيازات قوى وفئات مختلفة، وبدأ بعضها يعلن صراحة عدم يقينه في إمكانية تفوق المؤسسة العسكرية في الحرب.

وإذا لم تنحز هذه الأصوات إلى الدعم السريع مباشرة، فإن انفضاضها من حول الجيش يعد خسارة سياسية كبيرة له ستلقي بظلالها على الجولة المقبلة من محادثات جدة، ما لم يقرر الجيش عدم التفاوض أو يرفع خصومه سقف مطالبهم بعد التقدم العسكري.

العرب

‫2 تعليقات

  1. حتى يتعافى الوطن الجريح يجب على الجميع تناسي المرارات السابقة وتقديم بعض التنازلات
    نحن امام لحظه تاريخية فارقه في تاريخ امتنا السودانية قد تقودنا إما الى نموذج مشرف (رواندا)
    أو إلى نماذج اخرى فاشلة كما في بعض البلدان من حولنا التي سيطرت عليها جماعات متناحرة متشاكسه
    والتي ادت فيها الصراعات والحروب الى دوامة لامتناهية من العنف والعنف والمضاد والقتل والدمار
    نرجو من القادة الافاضل :-
    الدعم السريع
    شرفاء القوات المسلحة
    الاحزاب السياسية الوطنية
    حركة جيش تحرير السودان جناح مني أركو مناوي
    حركة العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم
    تجمع قوى تحرير السودان برئاسة الطاهر حجر
    كومندان عبدالعزيز الحلو
    كومندان عبدالواحد محمد نور
    قادة قوات تحرير السودان المجلس المركزي.
    ان يضعوا بصمتهم في ان يكون لهم الشرف في ايقاف هذه الحرب والى الابد بين الاشقاء
    واقامة دولة السودان الديمقراطية الحديثة والانطلاق نحو المستقبل المشرق بإذن الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..