الإبداع في السودان بين الجهل بأهميته ومحاولة إنتاج (مبدعين) موالين للسلطة

أغلب السودانيون لا يعرفون ان قبر فنانهم الكبير سروراحد اهم رواد الغناء في السوداني في ارتريا . تعرف اثيوبيا وارتريا والصومال وغيرها وردي واحمد المصطفى وسيد خليفة ويعرف الخليج الكابلي ويعرفنا العالم بالطيب صالح وتعرفنا نيجيريا وغرب افريقيا والخليج بالعلامة عبدالله الطيب.لم نحسن تسويق اثنين من عباقرة الفن السوداني الحديث هما وردي ومصطفى سيداحمد .قضيا أغلب فترة نضجهما الفني ووقت انتاجهما في الخارج .بدلا من ان يستندا على اعمالهما الخالدة ويقدما الأفضل أمضيا الوقت في السفر المنافي بعيد عن بلد تلاحق مبدعيها . بينما أمضت السلطات وقتها في ملاحقتهم ومنع اذاعة أعمالهما بدلا من الترويج لهما.
اختلف سياسيو مصر في كيفية حكمها زمانا .حكم ملكي أم عسكري أم ديمقراطي. إلا انهم جميعا اتفقوا على قيمة ام كلثوم. واختلف اللبنانيون زمانا وتفرقوا إلى طوائف ولكنهم اتفقوا على صوت فيروز الملائكي .
السلطة تغلق مراكز الإستنارة فقط لأنها تريد ان تسمع صدى صوتها ولا تريد الحقيقة .احتكرت السلطة والمال والإعلام. وزحفت على ما تبقى منه حتى امسى يردد صوتها وصدى صوتها .فعلت ذلك حتى لا تسمع عن الفساد الذي استشرى وأخذ يتربص بالشرفاء والنزهاء حتى لا يبقى نظيف يرميها بحجر.تحارب المبدعين وتسفِّه انتاجهم الفكري .وتضع العراقيل امام الإنتاج الزراعي والصناعي وتكبله بالرسوم والإجراءات الإدارية في مقابل محاباة ودعم البعض بالعملة الصعبة ليستورد الغث من الخارج. تكتشف الدولة انها استوردت بالغالي بضائع رخصة ونفايات تحتاج للمزيد من الأمو ال للتخلص منها .
تمتلئ بيوت المبدعين بالكثير من المخطوطات القيمة ولا يسأل عنهم المسؤلون. وان ذهب الكتاب لتسجيل أعمالهم فإن الدولة تأخذ رسوما على ابداعهم .. ولها رأي واضح في كل مبدع لا يواليها حتى وإن لم يعاديها. السلطة تريد ان تنتج اناس تملي عليهم ما تريده جيل يساعدها على البقاء والمحافظة على الأوضاع كما هي عليه .هكذا خسر السودان ويخسر الكثير من الأفكار . وهو أمر يستنزف السودان بصورة متواصلة. بقيت أعمال المبدعون حبيسة ادراجهم . أما لبخل الدولة عليهم بالتمويل أو حبيسة عقولهم خوفا من تسفيهها ومحاربتها . هذا مما يدفع بهم للهجرة. فيه تأخير مباشر و استنزاف يتحد مع استنزاف الديون الخارجية وكلاهما لا يوليه المسئولون ما يستحق من التفكر.
يعيش كثيرمن كتابنا في اوربا – بريطانيا وغيرها وفي الخليج واستراليا .ولا إعتراض لنا على السفر ففيه فوائد جمة منها التعرف على شعوب والإنفتاح على ثقافات اخرى. لكن يجب جذبهم للتشبع بمخزون معرفي من ربوع السودان والتواصل معهم وتقديرهم والإحتفاء بهم حتى لا ينْبَّتَوا عنا ويمضون كل أعمارهم في المنافي. وقد تشرد بعضهم حتى مات من الجوع والبرد.
المخترعين لا دار تجمعهم ولا دعم يصلهم ولا إهتمام بأفكارهم. الكثير من الموظفين مشغولون بما يقتل الوقت. وإن انتبهوا لا يفهموا ما يعرضه المخترع فيلجأون لأسهل الحلول. وأسهل الحلول لهم هي أصعبها على المخترع. يجد نفسه في دوامة من الإجراءات الروتينية تستهلك طاقته وتكرّهه في تقديم المزيد من الأفكار . وما ينتجه لا يجد التشجيع ولا الرعاية.. بينما الناس يجوعون ويعانون من ضائقة اقتصادية والأراضي شاسعة والمياه سطحية ونهرية وبحرية ومطرية وجوفيه والأيدي العاملة ارتالا والبذور ارطالا وبتكلفة لا تذكر . والسلطة لا تسمتع للمخترعين ولا ترى حلولهم. فهي مشغولة بالإغداق على الباحثين الموظفين وليس المبدعين. والفرق كبير بين موظف يعمل باحث وكل همه مخصصاته وألقابه وبين باحث مبدع يريد ان يقدم شئيا للسودان والإنسانية.
وحتى المحظوظ الذي يجد القليل من الدعم يأخذ بعض المسؤولون منه اكثر مما يصل للمبدع. قد لا يرى المشروع النور إن لم يضمن المسئول حصته من المبلغ المصدق به. وربما أخذ معاونوه الظروف وتركوا المبدع للظروف. فلا الدولة تستفيد من إبداع بنيها الذي يبنيها ولا يجد المبدع ما يعينه على مواصلة الإبداع. تفعل السلطة ذلك حتى يأتيها الإبداع من الخارج فيدهشها وتدفع الكثير في مقابله.
الدول الأخرى تبحث بجدية عن هؤلاء. فهي تعي جيدا انهم سر تقدمها وضمان تفوقها. وإن وافق المبدع على بيع فكرته بالمقابل المغري فمن يلومه حين ترفضها دولته ؟
إن الفكرة الجيدة إن انتجت ما يخفف على الناس ويعينهم على شئون حياتهم وإعمار الأرض وعبادة ربهم ففيها ربح لكل من ساعد على إنجاحها.
السؤال المهم أهو جهل المسئولين بأهمية الإبداع في تطور ونماء الدول وتقدم الشعوب وزيادة الوعي أم هو حسد بعض أصحاب التفكير الخامل ؟

حسبنا الله ونعم الوكيل
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هنالك ايضا التحاسد بين المبدعين انفسهم وحجتهم هنا ان الدولة متى كرمت المبدع فليس ذلك لقيمة ابداعه وانما لاقترابه الايدولوجي من النظام وهي حيلة سخيفة للتخلص من المبدع المتفوق.اما حديثك عن تكائب المسؤللين على اختطاف جائزة المبدع فقد تأكد لي ذلك من تجربتي العام الماضي في التكريم فقد اعلنت انني لا اقبل اي جائزة مالية عن ابداعي وعلى الفور سحبت احدى الولايات الجائزة المقررة لي لصالج وزيرها والعاملين معه.واهدتني نفابة معينة مبلغا معتبرا فقمت باعادته اليها ولكنه لم يعد الى خزينتها وانما لمصلحة المسئولين الماليين فيها.وعاب البعض على مبدع كبير قبوله شيك الدائوة من يدي مسئول كبير ولكن عددا كبيرا من المبدعين يتقاضونمبالغ ومكافآت اكبر من ذلك الشيك عبر الشباك الخلفي.فصبرا جميلا والله المستعان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..