الغنوشي وفصل الدين عن السياسة

عبد الرحمن الراشد

الشيخ راشد الغنوشي شخصية قيادية في ساحة عمل الإسلام السياسي. وهو من القلة٬ مثل الزعيم السوداني الراحل حسن الترابي٬ التي لها من الحضور والنفوذ ما يمكنها من تغيير مسار الحركات٬ والحكومات الإسلامية٬ وإنقاذها من نفسها٬ وإنقاذ المنطقة من مشاريعها بالهيمنة على الحكم.

لكّن هناك نسختين مختلفتين من الشيخ٬ هناك راشد الغنوشي الذي يخاطب الغرب٬ وراشد الغنوشي رئيس حزب النهضة التونسي.

تزامًنا مع المؤتمر العاشر لحركة النهضة التونسية المنعقد الأيام الماضية٬ قال الغنوشي لصحيفة «لوموند» الفرنسية: «نحن نؤكد أن النهضة حزب سياسي٬ ديمقراطي ومدني له مرجعية قيم حضاريةُمْسلمة وحداثية. نحن نتجه نحو حزب يختص فقط بالأنشطة السياسية.. سنخرج من الإسلام السياسي لندخل في الديمقراطية الُمْسلمة. نحن مسلمون ديمقراطيون ولاُنعّرف أنفسنا بأننا من الإسلام السياسي.. نريد أن يكون النشاط الديني مستقلاً تماًما عن النشاط السياسي. وإن هذا أمر جيد للسياسيين لأنهم لن يكونوا مستقبلاً متهمين بتوظيف الدين لغايات سياسية٬ وجيد أيًضا للدين حتى لا يكون رهين السياسة وموظًفا من قبل السياسيين».. كلام عظيم في زمن يحتاج إلى مثل هذا الطرح.

إنما النسخة الأخرى من الغنوشي سمعناها في كلمته للحزب في نفس اليوم٬ قال: «نستغرب إصرار البعض على إقصاء الدين من الحياة الوطنية٬ رغم أن زعماء الحركة الوطنية تاريخًيا كانوا متشبثين بديننا الإسلامي الحنيف».
أصابنا بالحيرة لأنه يقول كلاًما متناقًضا في نفس النهار. فالحياة الوطنية المعني بها العمل السياسي٬ يستنكر هنا على من يريد الفصل٬ في حين أن حديثه للفرنسيين يعد بفك الديني عن السياسي!
وأكثرية العاملين في الأحزاب الأخرى هم أيًضا توانسة وطنيون ومسلمون٬ لكن «النهضة» تريد أن تقدم أنها ممثلة الإسلام. وهنا يقع الخلاف٬ فالإسلام عقيدة ثابتة٬ أما السياسة فهي عمل مدني متغير٬ وقد دأب طلاب السلطة من المشتغلين في الدين على استخدامه.
رئيس تونس الذي ذهب ليلقي كلمته أمام حزب النهضة قال إنه تردد في الحضور لمؤتمر الحزب٬ نظًرا لكثرة الأحزاب المرخص لها في تونس٬ نحو ٬204 لكنهَخَّص٬» النهضة» لأنه حزب له دور مهم٬ وحثه على التحول نحو المدنية.

ورغم تناقضها٬ استقبلت تصريحات الغنوشي لـ«لوموند» الفرنسية بحماس وترحيب في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من قبل شخصيات فكرية وسياسية٬ اعتبروها تحولاً فكرًيا وتاريخًيا مهًما. وأن الشيخ٬ بهذا الفكر٬ سيقود٬ لا تونس وحدها٬ بل العالم الإسلامي نحو مشروع تحديث مفهوم ودور الإسلام السياسي. وحديثه٬ إن كان يعنيه٬ يعكس فكًرا متطوًرا متقدًما على غيره من شيوخ الدين السياسي٬ إنما لا نعرف حًقا من نصدق غنوشي «اللوموند» أو غنوشي «النهضة الدينية التونسية»؟! وهو ليس وحيًدا في ازدواجية الخطاب.

ما الذي يجعل القيادات الموسومة بـ«المعتدلة» تتبنى خطابات متناقضة؟ هل هي سياسة التقية؟ أو التسويق لشخصياتهم وأحزابهم مع الغرب؟ أم أنهم يعيشون حالة متناقضة؟

سبق لي أن جلست مع كثير منهم وناقشتهم٬ بمن فيهم الشيخ راشد٬ ورغم الخلاف بيننا٬ الذي وصل إلى المحاكم البريطانية٬ فهو شخصية فكرية كبيرة٬ ويملك طرًحا مجدًدا٬ وقد عايش التيارات المختلفة٬ وتعلم منها٬ وأثر فيها٬ لكنني أرى الشيخ ثعلًبا٬ ككل ثعالب السياسة. وهذا لا يقلل من قيمة فكره٬ وأنا أتصوره يعني ما يقوله عن رغبته في تطوير الفكر الحزبي الإسلامي ليقترب من التجربة الغربية الأوروبية٬ بحيث يستطيع أصحاب الأفكار الإسلامية الاشتغال بالسياسة والتأثير عليها من وجهة نظرهم الدينية٬ وفي نفس الوقت احترام البرامج والأحزاب والشخصيات المنافسة لهم ضمن المفهوم الديمقراطي الواسع. إلا أن الذي قد يعيق هذا الفكر المتسامح رغبته في البقاء في السلطة٬ لأنه كقيادي عليه تبني فكر رفاق الحزب٬ وأغلبهم لا يشاطرونه الأفكار الليبرالية الغربية.

لهذا نراه يلبس قبعتين٬ كمفكر إسلامي غربي ليبرالي٬ وأخرى حزبي إسلامي إقصائي هّمه البقاء في السلطة. كرئيس لحزب النهضة٬ الغنوشي حريص على إرضاء جماهير الحزب٬ والجمهور الإسلامي الواسع الذي في أغلبه ضد فكرة التعايش مع الآخر٬ ويتبنى مبدأ احتكار الحكم وإلغاء الآخر. هذا ما فعله الدكتور الترابي في السودان٬ وهذا ما كشف عنه حزب الإخوان في مصر٬ بعد أن ركب الديمقراطية ووصل للحكم٬ وبعد أن تسلّم السلطة التنفيذية سعى للهيمنة٬ متخلًيا عن احترام قواعد العمل الديمقراطي٬ مما أعطت ممارساته ذريعة لغيره للوصول للحكم.

الشرق الأوسط

تعليق واحد

  1. درس فى الديمقراطيه من شخص يعيش تحت نظام خليجى ديمقراطى !!!!
    انت برضو متناقض يا استاذ راشد

  2. هذا ماقلته منذ اللجظة الأولي فالغنوشي ثعلب مخادع كالهالك الترابي.

    ان المنافقون يخادعون الله وهو خادعهم.
    ويخادعون الله والذين آمنوا ومايخدعون الا أنفسهم
    في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما
    كانوا يكذبون.

  3. كما ذكرت فقه التقيه عندهم يحلل لهم كل شي السرقه والمكر والقتل والكذب والتدليس والتشريد باسم الدين علي الأقل هذا ماحصل عندنا في عهد إخوان الترابي

  4. مقال ممتاز جدا فهو قد قام بتشريح الاسلام السياسي بنبضه الجراح البارع و بالطبع هذا التحليل ينطبق على المرحوم الترابى ايضا و لذلك فان استخدام كلمة ثعالب فى محلها تماما

  5. السيد عبد الرحمن الراشد يمثل تيار ليبرالى . أقول له المتطرفين العلمانيين هم الزين شجعوا المتطرفين المسلمين . خرق الثوابت يؤدى للتطرف الدينى . بالله يا عبد الرحمن أسألك سؤال هل هناك داعى لإلغاء الجمعة كإجازة الأسبوع و إستبدالها بالاحد هل هناك أستفزاز لمشاعر المسلمين اكثر من ذلك ( هذا فعل الملعون الديكتاتور بن على ) لكى يكسب ود فرنسا. يجب ان تكون هنالك ثوابت . فى السعودية مثلا بغض النظر عن النواقص ( الكمال لله ) توجد ثوابت يعتز فيها أى مسلم. لماذا تباع الخمر علنا فى مطارات الدول العربية المسلمة الأن عدا السعودية و السودان . فى السعودية توجد كل أجناس العالم لم نسمع ان هناك شخص توفى او مرض لعدم وجود الشراب. و الشىء الجميل فى السعودية حتى الامريكيات يذهبن للأسواق مستورات محترمات . هل العيب أن نقدم الحضارة الإسلامية أم نقلد الغير فى كل شىء. ختاما أقول التطرف العلمانى يولد التطرف الإسلامى . الوسطية ثم الوسطية مع الإحتفاظ على الثوابت .

  6. لايوجد أي تناقض في حديث راشد الغنوشي

    واضح لكل ذي لب

    لكن سريرتك الكارهة لما هو اسلام اوجدت هذا الاحساس بالتناقض

  7. لكن «النهضة» تريد أن تقدم أنها ممثلة الإسلام. وهنا يقع الخلاف٬ فالإسلام عقيدة ثابتة٬ أما السياسة فهي عمل مدني متغير٬ وقد دأب طلاب السلطة من المشتغلين في الدين على استخدامه

    العبارة اعلاه توضح بما لايدع مجالا للشك سطحية الرجل وسقم فهمه عن الاسلام

    الاسلام ليس عقيدة ثابتة فقط

    بل عقيدة وشريعة

    والشريعة احكام ومنهج فيه الثابت والمتغير المعتمد على الفقه النابع من اجتهاد من لديه ادواته

    حقيقة هذا الراشد الذي اشك ان ليس له من اسمه نصيب

    علماني متطرف سطحي رأسمالي متطفل لاهم له الا التحرر من كل القيم

    حفاة الهوية عراة القيم

  8. السيد عبد الرحمن الراشد يمثل تيار ليبرالى . أقول له المتطرفين العلمانيين هم الزين شجعوا المتطرفين المسلمين . خرق الثوابت يؤدى للتطرف الدينى . بالله يا عبد الرحمن أسألك سؤال هل هناك داعى لإلغاء الجمعة كإجازة الأسبوع و إستبدالها بالاحد هل هناك أستفزاز لمشاعر المسلمين اكثر من ذلك ( هذا فعل الملعون الديكتاتور بن على ) لكى يكسب ود فرنسا. يجب ان تكون هنالك ثوابت . فى السعودية مثلا بغض النظر عن النواقص ( الكمال لله ) توجد ثوابت يعتز فيها أى مسلم. لماذا تباع الخمر علنا فى مطارات الدول العربية المسلمة الأن عدا السعودية و السودان . فى السعودية توجد كل أجناس العالم لم نسمع ان هناك شخص توفى او مرض لعدم وجود الشراب. و الشىء الجميل فى السعودية حتى الامريكيات يذهبن للأسواق مستورات محترمات . هل العيب أن نقدم الحضارة الإسلامية أم نقلد الغير فى كل شىء. ختاما أقول التطرف العلمانى يولد التطرف الإسلامى . الوسطية ثم الوسطية مع الإحتفاظ على الثوابت .

  9. لايوجد أي تناقض في حديث راشد الغنوشي

    واضح لكل ذي لب

    لكن سريرتك الكارهة لما هو اسلام اوجدت هذا الاحساس بالتناقض

  10. لكن «النهضة» تريد أن تقدم أنها ممثلة الإسلام. وهنا يقع الخلاف٬ فالإسلام عقيدة ثابتة٬ أما السياسة فهي عمل مدني متغير٬ وقد دأب طلاب السلطة من المشتغلين في الدين على استخدامه

    العبارة اعلاه توضح بما لايدع مجالا للشك سطحية الرجل وسقم فهمه عن الاسلام

    الاسلام ليس عقيدة ثابتة فقط

    بل عقيدة وشريعة

    والشريعة احكام ومنهج فيه الثابت والمتغير المعتمد على الفقه النابع من اجتهاد من لديه ادواته

    حقيقة هذا الراشد الذي اشك ان ليس له من اسمه نصيب

    علماني متطرف سطحي رأسمالي متطفل لاهم له الا التحرر من كل القيم

    حفاة الهوية عراة القيم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..