أخبار السودانمقالات سياسية

نشرة .. احوال الجوية السياسية

نشرة .. احوال الجوية السياسية..

محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]

لعل محطات التلفزيون العربية الان هي في أشد الحاجة الي تعيين من يقرؤون لها توقعات الطقس السياسي تماما كما يفعل مذيعو ومذيعات النشرة الجوية التي تستشرف تحولات الطقس خلال الاربع وعشرين ساعة القادمة وفق معايير علمية يستفيد منها الناس في حركتهم لاسيما من يركبون البحر وكذلك حركة الطيران ..وفي الدول الأوربية يعتمد الناس علي نشرات الاحوال الجوية حتي في حركتهم اليومية من مساكنهم الي اماكن عملهم وبناء عليها يقررون نوعية الملابس التي يخرجون بها ..وهل يتوجب الامر ان يحملوا المظلات الواقية من المطر أم .لا. بل وان خابت توقعات النشرة واتت بما لاتشتهي سفن بعض الناس وتضرروا من اثارها فانهم ربما يرفعون قضايا ضد هيئة الارصاد لرد الضررالذي لحق بهم..
الان في المنطقة العربية وبعد سقوط القلعة الكبيرة في قاهرة المعز جراء رياح الهبة الشبابية..بدأت الكثير من ( قطاطي النظم ) تهتز ولم يعد بقاؤها الا ..مسالة وقت .. وذات الشعارات التي ترددت في ميدان التحرير بدأت تنطلق من مصادر الرياح ( الشعب يريد اسقاط النظام ) وصورة اروبا الشرقية في بداية تسعينيات القرن الماضي وعقب انهيار قلعة موسكو بدأت تعود لتتصدر نشرات الاخبار في كل شاشات الفضائيات ..
فقبل ان يكمل المشاهدون مسيرتهم مع رياح هناك الا ولوت اعناقهم اخري في مكان ما.. بل حتي المحللون لحالة الطقس السياسي باتوا حائرين في تتبع مسير تلك الرياح.. فاجمعوا علي التعميم وركنوا الي حقيقة ان كل شيء جايز وعلي الجميع أخذ الحذر .. وان المسالة ليس الا فروق زمن في حدوث الانفجارات ..لان مكونات الاحتقان واحدة .. ونفاذ صبر الشعوب معاييره متقاربه ..ومعطيات حركة الرياح متشابهة ..ومراحل تسلسل استسلام الطغاة هي ..هي .. غفلة وعناد..ثم انتباهة بعد فوات الاوان..ثم تنازلات .. وانحناءات .. ثم ركوع ثم سقوط..و قد يكابر البعض ويتحسس خزانة سلاح بندقيته .. أو يهادن آخر ويحرك مفتاح خزينة ماليته .. ليحول في حسابه الخارجي قرشا ابيض ليومه الأسود ويرمي ببعض الملاليم علي شعبه من قبيل تهدئة الخواطر الثائرة .. وقد يرتجف آخر ويمسك علي بطنه عند موضع ( التكة ) وعينه علي ابواب الخروج .. ولاأحد بات يدري علي من الدور القادم .. لكن الذي اتفق عليه المحللون ان الكأس دائرة والحبل علي الجرار..
بالامس وعبر قناة الشروق وفي برنامج مقاربات الذي يقدمه دكتور الجيلي .. كان الحوار مع الدكتور عصام احمد البشير .. الذي قال كلاما فيه تعميم الي كل الحكام الغافلين أو المتغافلين حذرهم من ان الطامة قادمة ولن تستثني أحد .. ولعله من قبيل اليك اعني واسمعي ياجارة يقول لجماعتنا ..لن ينفعنكم الكلام بانكم معصمون ولا ينطبق عليكم ما حل بالذين حلقت رؤوسهم ..وعليكم بمراعاة الله في شعبكم واصلاح حالكم المائل قبل فوات الاوان .. وكان كلامه واضحا لا لبس فيه..
ويتواكب ذلك مع اعلان الاخوان المسلمين في مصر بانهم سينتقلون من مرحلة الجماعة الجهادية الدعوية الي حزب سياسي يؤمن بالديمقراطية الليبرالية للعمل من خلال دولة مدنية لا دينية في مصر تتساوي فيها الامة بموجب عقد المواطنة التي يحكمها الدستور ..لا فرق بين مسلم وقبطي.يحتكمون لرأي الشعب في تفويض من يحكم وفق الاغلبية التي تتأتي عبر الصناديق ..وهو لعمري تحول ان هو كان صادقا ومن قبيل النقلة الاستراتيجية وليس كلاما تكتيكيا لمسايرة الموجةالثورية الحالية بغرض تمرير الريح فقط ..فانه لاشك سيمثل نقلة سيكون لها اثرها في أكثر من مكان ..لما لاخوان مصر من تأثير علي بقية التنظيمات الاخري..
فهل نأمل حقا في تمدد الرياح الثورية الديمقراطية عربيا في هذا العقد الفريد من زماننا الأغبر..؟ ربما ..!!! فماضي ذكريات العقدين الفائتين في اروبا الشرقية ليس ببعيد عن الاذهان ..بل هو تحول قد حصل فعلا هناك و.. واقع معاش..ماثل للعيان…
والله المستعان ..وهو من وراء القصد..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..