مقالات سياسية

نظام التفاهة العالمي وكيفية مواجهته

مزمل موزارت

● ليس كل البشر سواسية في مسألة المقدرات وإدراك المفاهيم والوعي بما هو محيط بنا بصورة عميقة، لذلك كان الفلاسفة هم الأبصر من بقية الناس في توقع المنطق وغير المنطق في بعض الأحيان .. ما يحدث في العالم حالياً من حروب وفتن وعدام استقرار
لا ينفك من ارتباط وثيق بما كان يحدث من انحدار شامل في كل المجالات بداية بالاجتماعية والسياسية والإقتصادية .

● فمنذ بداية عصر النهضة الحديث وتطور التكنلوجيا السريع والخارق أصبحنا نرى مؤشرات لبداية عهد الفوضى الا متناهية بدون أن نُركز هل هي مفتعلة وخطة مدروسة أم نتاج لفوضى خلاقة لعبت الصدف دورها كالمعتاد فيها !!

● (الآن دونو) فيلسوف وسياسي كندي له اعتقادات ونظريات أشبه بالتَّنَبُّؤ من خلال تحليل معطيات الواقع فالرجل السياسي يُفترض أن يكون من نُخبة البشر وعياً وإدراكاً، من خلال سرد الفيلسوف السياسي الكندي (دونو) لمفهوم نظام التفاهة عبر كتاب يحمل نفس الاسم نستطيع بكل بساطة إدارك ما يحدث من حولنا من فوضى منظمة الهدف منها هو التغييب للعقول والمستفيد من ذلك يبقى مجهولاً الى حين ظهوره .

● من العوامل الأساسية التي تُبنى عليها التفاهة في عالمنا هي (الرداءة) في كل شيء فلكي تكون شخصاً مرموقاً فعليك بأن تصبح نجم كرة قدم أو مطرب ومقدم محتوى مُضحك أو مُثير، والملاحظ في كل هذه المجالات انها ليست ذات فائدة على حياتنا كبشر فتأثير هؤلاء النجوم في حياتنا لا يعدوا كونه مجرد متعة لحظية مرتبطة بافراز هرمون الدوبامين ولكن اذا نظرنا بعمق لما يجري نتأكد اننا محاصرون تماماً بالفوضى والتفاهة فالعالم الكيميائي والمُبتكر مجهول والراقصة الهزلية هي ذات الصيت والشهرة والمال والقدوة الحسنة لكثير من اليافعات واليافعين .. فقط انظروا لمواقع التواصل في السودان على سبيل المثال ستجد (أسافل القوم) متسيدي الساحات لأن نظام التفاهة قد هيَّأ لهم المناخ والأرض الخصبة للانتشار الكثيف، فلا حسيب ينصح ولا رقيب يردع للأسف الشديد .

● ومن أهم اللبنات التي وضعت لبناء هيكلة التفاهة في عالمنا الاعتماد على الشهادات الاكاديمية وكثرتها مقابل العلم الحقيقي والمعرفة الناتجة من موهبة الإنسان الفطرية، وكما هو معلوم فالشهادات يمكن شرائها بأبخس الأثمان لأن سيطرة المال هو أحد مخرجات ثورة عهد نظام التفاهة والفوضى، لذلك نجد شخص يمتلك عشرات الشهادات الاكاديمية العليا وهو لا يستطيع ان يتحدث لمدة خمس دقائق أمام عدسة قناة تلفزيونية !!
نظام التعلم الحالي لا يساعد على الابتكار اطلاقاً فالتعليم أصبح عبارة عن دورات تدريبية مكررة تدفع فيها الأموال لتدوير نفس المنتج لذلك لا نرى شخصيات سياسية مرموقة كما في السابق واصبحنا نعايش اصحاب المطامع والمطالب من الانتهازيين الغارقين في السطحية وعدم المعرفة ومن الملاحظ جداً غياب القادة البارزين والزعماء الحقيقيين هذه الأيام لأن النظام المتواجد حالياً في العالم لا يرغب بوجود قادة مُبتكرين بل يرغب بوجود المُسيرين عبدة المال والدولار وليس الطموح والإنجاز ..
من اهم اسقاطات كتاب نظام التفاهة على وضعنا في السودان وجود ما يسمي (بالنفاق المهني) بالاضافة لعدم العمق في التفكير وعلى سبيل المثال شاهدت قبل فترة برنامجاً في واحدة من قنواتنا المحلية فكان الضيف غارقاً في السطحية ويقول في كلام كثير لا يعني شيئاً على الأطلاق ومثل هذا الشخص من المؤمل جداً إنه ينجز اعمالاً لا تضيف أو تغير شيئاً .

● انتظار كل هذا الوقت من اجل اختيار وزراء لحكومة كامل إدريس اتمنى فقط أن يكون بسبب مزيد من المشاورات والبحث عن الأنسب وليس وجود مشاكسات في تقسيم تركة المناصب كما تعودنا سابقاً فالكثير من الناس لديهم الكثير من الآمال المعلقة على عاتق كامل إدريس رئيس الوزراء الجديد فلا مجال لصدمات أخرى .

مسك الختام :

● من الأشياء الضرورية لدينا في السودان في المرحلة القادمة هو عمل لجان الكترونية قانونية ذات طابع حكومي وظيفتها ملاحقة صاحب أي محتوى رقمي رديء في مواقع التواصل يحمل الجنسية السودانية حتى وإن كان خارج البلاد، من في الداخل يحاسب وفق القانون ومن في الخارج يحاكم غيابياً .

● كيف يستطيع الأباء والأمهات تمليك فلذات أكبادهم أجهزة هواتف ليتيحوا لهم دخول عالم الفوضى والإباحية والانحراف المقنن، ما نشاهده من قاذورات سودانية على منصة تيك توك تؤكد ان هناك خلل كبير في نظام التربية لدينا في المجتمع ..

على الدولة مراجعة القوانين المتعلقة بالنشر على مواقع التواصل تحديداً الخادش للحياء العام .. ونعشم من دكتور كامل إدريس أن يعمل على وضع اساس شامل لتغيير نظام التعليم في السودان وبداية ثورة حقيقية في مجال النهضة الكاملة، لا نريد موظف يعمل من أجل الراتب فقط، ولا ينبغي لخريج أن يكتنز عشرات الشهادات من أجل الوظيفة وهو يفتقد أقل مؤهلاتها المعرفية الحقيقية .

● يجب محاربة سواقط المجتمع في جميع المجالات والبداية بتوعية الأبناء بتفادي كل ما هو تافه وغير مفيد والتشجيع على قراءة الكتب الأدبية والعلمية منذ سن يافعة ..

● وترى الأسافل قد تعالى مجدهم .. والحُر يُعزل ما لديه صِحابُ ..

[email protected]

تعليق واحد

  1. يا موزات طالما راجي عمار في كميل إدريس تبقى واطاتك صبحت.

    أنت شكلك يا إما كوز أو مستفيد منهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..