وزير الصحة بالنيل الأبيض: هناك من يرى توزيع المواقع في الوزارة لأولاد التنظيم والصراعات داخل الصحة أخذت منا وقتاً طويلاً

حاوره: راشد أوشي
كثيرة هي الاتهامات التي تواجه وزير الصحة بولاية النيل الأبيض طارق بريقع، فالرجل متهم بأنه جاء إلى الوزارة من الحزب الاتحادي الديمقراطي لتصفية كوادر المؤتمر الوطني في الوزارة.. الاتهام السابق ساقنا في حوارنا هذا الذي استغرق زهاء الساعة ونصف الساعة، للحديث عن المشاكل التي يعاني منها القطاع الصحي خاصة في كبرى مستشفيات الولاية، بجانب ضعف النظام الصحي في الأرياف مما أدى لارتفاع في وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة، إضافة إلى مشاكل لا تحصى ولا تعد في توفير الكادر الطبي ووقوع أخطاء طبية أدت لوفيات، ومدى استفادة الولاية من وباء الإسهالات الذي ضرب أنحاء متفرِّقة منها وأدى لإصابة نحو (8) آلاف مواطن، ووفاة أكثر من (100) شخص.. التفاصيل في السياق التالي:
هنالك اتهام موجه إليك بعدم تنفيذ توجيهات الوالي السابق بإصلاح الخدمة المدنية، حيث قمت بتعيين أشخاص في مواقع لا تتناسب مع وصفهم الوظيفي مثل مدير الرعاية الصحية الأساسية وهي ضابط صحة وليست طبيباً؟
الذي أثار هذه الضجة أننا بدأنا فعلياً في تنفيذ توجيهات الرئيس البشير والوالي السابق عبد الحميد موسى كاشا، بإصلاح الدولة وإعادة الهيكلة ووضع الموظفين حسب المؤهل والدرجة الوظيفية، عندما استلمت مهامي في الوزارة وجدت أن المدير العام المكلف في الدرجة السابعة ومديري إدارات في الدرجة الثامنة، في حين أن بالوزارة موظفين في الدرجة الأولى والثانية، وعندما بدأنا في عملية الإصلاح واجهتنا مشاكل إذ يرى البعض أن توزع المواقع لأولاد التنظيم وأصحاب الحظوة، ولكن الوالي السابق رفض (هذا الكلام)، وفيما يتعلق بمدير الرعاية الصحية الأساسية وهي ضابط صحة وليست طبيباً فأنا لم اتخذ قرار التعيين بنفسي، بل استشرت وزيرة الدولة بوزارة الصحة آنذاك سمية أكد، التي أكدت لي أن تعيين ضابط صحة في منصب مدير الرعاية الصحية الأساسية يعود لتقديرات وزارة الصحة بالولاية.
ولكن موضوع مدير الرعاية الصحية الأساسية شكَّل مدخلاً لاتهامات أخرى بأنك تستهدف كوادر المؤتمر الوطني في الوزارة بحكم أنك منتمٍ للاتحادي الديمقراطي من ضمنهم مدير الرعاية الصحية الأساسية السابق الذي غادر البلاد إلى السعودية بعد اتهامه لك باستهدافه؟
لم استهدف أياً من كوادر الوطني والدليل أن بعضاً ممن حلوا محل آخرين في الإدارات هم كوادر الوطني، و……..
ولكن الاتهام لا يتعلق باستهداف الكوادر فقط، بل يمتد ليشمل أنك تضع الأضعف، حتى من بين كوادر الوطني، في الإدارات أو الوظائف العليا؟
هذا غير صحيح، بل على العكس، عندما باشرت مهامي في الوزارة وجدت أن هنالك كوادر جيِّدة من الوطني تم استهدافها وإقصاؤها.
هل تريد أن تقول بحديثك هذا إنه كان هنالك صراع داخل الوزارة بين كوادر الوطني للهيمنة على الوزارة؟
أنا لا أقول إن الصراع كان بين كوادر الوطني، ولكن كان هنالك صراع (قبل جيتي الوزارة)، وقد أخذ منا هذا الصراع (زمناً طويلاً عشان نعيد صياغة الوزارة)، وتزامن مع هذا الصراع حينها إضرابات الأطباء في مستشفى كوستي والإسهالات المائية، وقد ثبت لنا تماماً أن إيجاد كوادر جيَّدة لوضعها في قيادات الوزارة أمر مرهق جداً لأنه لا تتوفر المحفزات المادية والمعنوية والدورات التدريبية للأطباء، وحتى نقوم بعملية الإحلال والإبدال في الوزارة أخذ ذلك منا وقتاً طويلاً وإلى الآن (عندنا شغل كتير لم يتم بعد)، وأعود وأقول إنه ليس هنالك صراع بين الوزير وكوادر المؤتمر الوطني، ولكن قد يكون من كان يحظى بحظوة اجتماعية فقدها بسبب الهيكلة، أو حظوة مالية أو تنظيمية بمناصبهم فقدوها أيضاً، ولذلك تبدأ مثل هذه الجلبة.
سبق لوزير الصحة الاتحادي بحر إدريس أبو قردة أن وجه خطاباً إلى وزارتكم باسترداد مبلغ (7) آلاف جنيه، من أموال الدعم العالمي المخصص لمكافحة الدرن والملاريا والأيدز، وحذَّر الخطاب من أن تصرُّف الوزارة من شأنه حرمان البلاد من أموال الدعم العالمي.. كيف تصرَّفت الوزارة في المبلغ ولماذا؟
هذا الحديث عارٍ تماماً من الصحة، صحيح أنه هنالك خطاب من وزير الصحة الاتحادي بهذا الخصوص، ولكن في شهر أغسطس من العام الماضي، وصل إلى حساب وزارة المالية بالولاية مبلغ (7,450) آلاف جنيه، من الاتحادية، هذا المبلغ لم يكن معلوماً بالنسبة إلينا (جا لي منو وما في زول هبشو)، في نهاية السنة المالية السابقة خاطبت وزارة الصحة إدارات البرامج فوصلتنا إفادة بأن المبلغ يخص إدارة الدرن للتدريب، من جهتها قامت وزارة المالية حينها بسحب المبلغ كأمانات ولم يتم توريده في حساب وزارة الصحة، وأعود وأقول هل كان هنالك من يقف وراء اتهامنا بالتصرُّف في أموال الدعم العالمي، وهل دس الوزير الصحة الاتحادي الذي عرف الحقيقة ولمصلحة من تم كل هذا؟
هنالك مشاكل حقيقية في توفر الكوادر الطبية بالولاية خاصة الاختصاصيين علماً بأن الولاية كلها لا يوجد بها اختصاصي تخدير؟
في أول اجتماع بيننا وبين السيد الوالي تعرَّضنا لهذه القضية وجدناه متفهماً لقضية استبقاء الكوادر، وكانت له تجربة في غرب كردفان عندما كان والياً عليها، إذ قام بفرض رسوم رمزية على بعض السلع وفرت مبلغ (1,500) مليون جنيه، في الشهر لصالح الاستبقاء، والوالي نفسه مقتنع بأنه لن يكون هنالك وجود لوزارة الصحة إلا بوجود استبقاء محفز خاصة وأن الولاية قريبة من المركز، الآن نحن نعمل في موضوع التوظيف العادي والتحفيز الاستثنائي، وهنالك اتجاه لتطوير فنيي التخدير بكورسات مع وجود اختصاصي يتم الرجوع إليه في كل الأشياء.
ولكن المشكل لا يتوقف على توفر الاختصاصيين فقط، بلى الكوادر الطبية المساعدة، وحتى بعض هؤلاء يعملون بدون شهادات وأبلغ دليل على ذلك وفاة مريضة في مستشفى كوستي جراء حقنها بجرعة زائدة من الكينين بواسطة ممرضة اعترفت بخطئها؟
هذه الممرضة أتتنا من الخدمة الوطنية، وبصورة عامة الأخطاء الطبية موجودة عالمياً، ولكن هذا -أيضاً- ليس بمبرر، وفيما يختص بالتعيينات والكوادر هذا هم كل الولاية بمن فيهم الوالي.
مستشفيات الولاية الكبرى في كوستي والدويم وربك لا يوجد بها مشرحة؟
عند حضوري للوزارة لم نجد أي مشرحة في المستشفيات المذكورة والذي عمل قبلنا في هذا المنصب وجد الوضع على ما هو عليه و…
عفواً للمقاطعة ولكن هل هذا عذر؟
ليس عذراً، ولكن الآن هنالك قرار واضح من حكومة الولاية بضرورة توفر مشرح في مستشفيات تندلتي وكوستي وربك والدويم والقطينة، وبدأنا التفاوض والحوار مع المركز والجهات الداعمة لأهميتها في الطب العدلي.
لماذا ينفر الاختصاصيون من تولي مهمة إدارة المستشفيات، ولماذا يتم تغيير إدارات المستشفيات باستمرار؟
هنالك عدة أسباب، نذكر منها أن ما تقدمه الوزارة للاختصاصي لتولي إدارة أي مستشفى لا يساوي 10% من العائد المادي في عيادته الخاصة، الشيء الآخر أن كثيرين من الاختصاصيين يعتقدون أنه ماذا تولوا إدارة المستشفيات وليس لديهم المال الكافي لتسيير العمل، فهذا يعني دخولهم في تجربة فاشلة، لذلك قلت إنه لابد أن نعمل محفزات لاستبقاء الأطباء.
الملاحظ أن غالبية العيادات والمعامل الخاصة موجودة في منازل قديمة ومتهالكة، فأين هي الوزارة من الرقابة على العيادات والصيدليات والمستشفيات الخاصة؟
كلامك صحيح، بدورنا طلبنا من الإدارات المختصة تصميم أنموذج للعيادات والمعامل والمستوصفات الخاصة يتم تسليمها لهم قبل (4) أشهر، من انتهاء السنة، ثم سنقوم بزيارات ميدانية لهذه العيادات فإذا وجدناها لم تلتزم بالمواصفات المطلوبة سنقوم بإغلاقها فوراً وعدم التجديد لها مستقبلاً.
السؤال السابق يقودنا لسؤال حول كثرة الشكاوى من أخطاء التشخيص؟
التشخيص محتاج لمراقبة مستمرة إذ يقوم البعض بتصديق المعمل وتركه لمن هم أقل خبرة وستكون هنالك غرامة كبيرة جداً للمخالفات.
ولاية النيل الأبيض من الولايات التي يساهم فيها المواطن بجهد شعبي بنسبة كبيرة جداً، وهنالك مؤسسات خدمية وعلاجية ضخمة قامت في كوستي وربك والدويم والقطينة، وفي الريف يقوم المواطنون بتشييد المراكز الصحية والمستشفيات الريفية، ولكن هنالك مرافق خدمية لم تعمل لأن الوزارة لم توفر المعدات والكوادر الطبية، ألا تعتقد أن هذا تقاعس من قبل وزارتكم؟
مواطن ولاية النيل مفترض (ياخد وسام الإنجاز)، ونحن في الوزارة أعددنا ورقة سوف نقدِّمها في شهر نوفمبر القادم لإبراز الجهد الشعبي الضخم في الولاية، وهذا يحتم علينا أن نوفر له الأجهزة والمعدات والكادر البشري.
على ذكر المياه النقية الصالحة للشرب، وهذا يقودنا لسؤال عن الدروس والعبر التي استفادتها الولاية من وباء الإسهالات التي ضربت الولاية العام الماضي، أدى لإصابة (8) آلاف شخص، ووفاة أكثر من (100) شخص، وهل تعتقد أن الولاية باتت مستعدة في حال ضرب الوباء الولاية مرة أخرى؟
بالتأكيد الولاية (دخلت في مدرسة حقيقية) في العام السابق، لكن كان هنالك جهد ضخم من الكادر الولائي بقيادة المدير العام للوزارة مع المركز، ولكن نحن كنا مطالبين بمراقبة أكثر من (1089) مضرب مياه خارج الشبكة تسببت في اتساع رقعة الإصابة بالإسهالات المائية، الشاهد أن النيل الأبيض صارت لدى المركز، من الولايات التي تعاني هشاشة في صحة البيئة، وقد خرجنا من تجربة الإسهالات بضرورة تقوية النظام الصحي المحلي، الشيء الآخر أن درجة وعي المواطن وثقافته أصبحت عالية إذا أصيب بالإسهال إذ تلقينا بلاغات بعد العيد بوجود إسهالات وصلت المستشفى في مرحلة مبكرة.
هنال جدل يدور حول أن العلاج المجاني للأطفال دون سن الخامسة غير متوفر بالمستشفيات وأنه يتم بيعه؟
العلاج دون سن الخامسة متوفر، ولكن (عندنا إشكالية في التوزيع)، صحيح أن هنالك شكاوى للمواطنين، ولكن هنالك اتجاه لإدخال الدواء المجاني للأطفال دون سن الخامسة في التأمين الصحي، وهذه التجربة بدأت في شمال كردفان وعممت على حوالي خمس ولايات، وأثبتت نجاحها تماماً.
هنالك ارتفاع في معدَّلات الإصابة بالملاريا والبهارسيا والتايفويد في الولاية، ألا يدل ذلك على وجود ضعف في جانب الطب الوقائي؟
فيما يختص بالبلهارسيا هنالك معمل متكامل لأن البلهارسيا مستوطنة في عدد من المناطق بالولاية التي تم تركيب شبكات المياه فيها، وأما الملاريا في حاجة (لشغل في إصحاح البيئة) وهذا العمل عمل تكاملي بين الوزارة والمحليات، والمناطق الجنوبية من الولاية التي تقع في حزام السافنا بها توالد كثيف للباعوض وتحتاج لمكافحة مستمرة.