اجترار الحزن الاقتصادي و مضاعفات الألم !!!!!

المتتبع لمسيرة الاقتصاد السودانى منذ الاستقلال ومقارنة بالوضع فى هذه الايام نجد بأن الجنيه السودانى احتفظ بقوته عند الاستقلال ثم بدأ يتراجع رويدا رويدا منذ مايو 1969 وهذا التراجع فى اقتصاد السودان بسبب ايلاء الامر الى غير اهله وسوء ادارة بائن بينونة كبرى!!! ففى عهد النميري كان الوضع افضل بكثير جتى العام 1978 فقد احتفظت حكومة نميري ببعض المؤسسات و الشركات الحكومية التى كانت تدعم الدولة بالنقد الاجنبى عبر صادرات الشركات الحكومية والخطوط البحرية و السودانية …الخ والمكون المحلى ايضا عبر بعض المؤسسات الحكومية كالسكة حديد .والنقل النهري ..الخ أما اهل الانقاذ فقد قاموا بتحويل اقتصاد السودان من اقتصاد دولة الى اقتصاد افراد وقد تحولت الدولة الى دولة عاطلة عن العمل تتحصل على مصاريفها لتصريف اعمالها من وضع الرسوم على السلع المنتجة محليا (ضرائب وزكاة ورسوم متنوعة )و السلع المستوردة و ضعت عليها (-جمارك و ضرائب و قيمة مضافة وزكاة ….الخ) لم تكن موجودة يهذه الصورة التى اقعدت بها راس المال العامل فى الاستيراد و التصدير والانتاج واستمرأت اضعاف القوة الشرائية للجنية السودانى بوضع تلك الجبايات واكتفت بأن تكتف اياديها وتعطل الدورة الانتاجية لصالح جيوب المافيا وتنتظر اكل اموال الناس بالباطل !!! وعند رؤية علماء الاقتصاد نجد بأن جميع الجبايات من جمارك و ضرائب ورسوم مصدرها قرارات سياسية وليست بنظريات فى علم الاقتصاد وصارت السياسة هى التى تنظر فى الوضع الاقتصادي !!!!
فى اعتقادي لا يمكن حل المشكلة الاقتصادية فى السودان بمنأى عن وضع هذه الجبايات على طاولة المفاوضات للوصول للمصدر و المنبع الاساسى لهذه الجبايات و المتمثلة فى الاعتماد على جيب المواطن !!!فهل يعقل أن يقوم اقتصاد دولة بهذه الكيفية !!!!وهل يعقل ان تعتمد دولة بحجم السودان ذو الموارد الاقتصادية الهائلة على حفنة من مافيا المصدرين لتوفير النقد الاجنبى !!! لقد تمكن صندوق النقد الدولى ببرمجة عقول قادة العمل الاقتصادي فى كل دول العالم الثالث بأن تخصخص الشركات الحكومية و تطور من نظام الرسوم و الضرائب و الجمارك وزيادة رسوم الكهرباء وكل ذلك يحدث لايقاف و تعطيل الدورة الانتاجية بإرتفاع اسعار المنتجات و الابطاء من دورة رأس المال الانتاجية ثم الكساد فى الاسواق الذي يحدث الان ثم هروب رأس المال فى تجارة تضر بالاقتصاد مثل تجارة العملات العشوائية خارج القنوات الرسمية للدولة وقد يستفيد من ذلك بعض الافراد على حساب الدولة و المواطن !!!وكمثال آخر عندما تقوم الدولة برفع التعريفة الجمركية ظنا منها بأن هذا دخل للدولة ودعم للاقتصاد ودون علم او دراية فأنها تجرعت السم وفتحت افاقا للتهريب عبر حدود السودان الممتدة الشاسعة واضعفت الانتاج و اضعفت البنوك من اداء دورها الداعم للاقتصاد واضعفت القوة الشرائية للجنيه السودانى رمز السيادة ،أضف الى ذلك بأنها فتحت ابوابا من الجحيم عبر خلق مافيا النفوذ الداعم للتهريب المقنن عبر منافذ السودان الجمركية المختلفة .هذه المافيا المخلقة بسبب الجمارك مصلحتها العليا زيادة الجمارك بإستمرار حتى يتمكنوا من استيراد بضائعهم وادخالها للبلاد معفاة من الجمارك بقدرة نفوذهم ويجنون الارباح الطائلة لعدم المنافسة بين عامة المستوردين الذين يدفعون الاموال الطائلة للجمارك و يغرمها الشعب المسكين…!!وكما سبق و ذكرت بأن جبايات مصلحة الجمارك ليست بنظرية اقتصادية و لكن هى قرارات سياسية تؤثرتاثيرا مباشرا سلبا على الاداء الاقتصادي للبلاد وعلى دخل الفرد السودانى المسكين وعلى دورة رأس المال الطبيعية عبر القنوات الرسمية للاقتصاد (البنوك) ولا بد من استصحابها فى اي حل للمشكلة الاقتصادية فى السودان .!!!!وعندما نتعمق فى التفكير نجد عصابات التهريب العشوائى و عصابات التهريب المقنن المنتفعون من بقاء هذه المصلحة يعضون عليها بقوة و لا يريدون زوالها حتى لا تنهار مصالحهم و تدك حصون ممالكهم وبما ان منتسبى مصلحة الجمارك هم مواطنون سودانيون يتأثرون بالوضع الاقتصادي الكلى للبلاد و يتضررون بطريقة غير مباشرة عندما يذهبون للاسواق لشراء المنتجات المستوردة عالية التكلفة فيصيبهم الضرر هم و واهلهم اجمعين وهم بفعلهم الجمركى يتوهمون بأنهم يخدمون الاقتصاد وهم فى حقيقة الامر يخدمون شريحة المافيا التى ذكرتها -وكما هو الحال ايضا فى مافيا تجار العملات العشوائية و المنتفعين من هذه التجارة فى ازدياد مضطرد بحكم انها هى الطريق الاسرع للثروة وهى الاستثمار الانفع لصاحب كل رأس مال ولذلك نجد جميع الاجناس التى أتت الى السودان تمارس هذا النشاط فنجد تجار العملة النيجيريون والصينيون والسوريون و الاتراك وهلم جرا يمارسون هذا النشاط و يضاربون فى العملات ويمارسون ممارسات البنك المركزي للبلاد بتوفير العملات للمستوردين المهربين العشوائيين ومافيا المستوردين المقننين الشركات و الاشخاص الذين يعملون فى الاستيراد وكل ذلك يحدث لغياب البنك المركزي وعدم تمكنه من السيطرة على الوضع تقوم مافيا الافراد بعمل البنك المركزي فى توفير النقد الاجنبى !!!!وياحسرتى و ياوجعى على هذا البلد الامين .!!!!
أضف الى ذلك كل الشركات العالمية يستحيل العمل وفتح تواكيل ومكاتب لها بالسودان بسبب ان الشركات العالمية لا تعرف اللف و الدوران وتحب ان تعمل بشفافية و مهنية عالية فعند مزاولة نشاطها التجاري داخل السودان تتفاجأة بان بضاعها موجودة فى الاسواق عن طريق حدود السودان بالنشاط التهريبى مما يخرجها من المنافسة و هى تدفع كل الالتزامات الجبائية وغيرها لا يدفع مما يضطرها لوقف النشاط !!!!
ما يحيرنى حقيقة مصلحة مثل الجمارك و شئون العاملين بالخارج فى بعض الاحيان تتحصل من المواطنين مبالغ بالعملات الصعبة لا تعترف بالجنية السودانى ظنا منهم بأن تحصيل الرسوم بالعملات الصعبة يمكن ان يطور من أداء الاقتصاد و هم لا يعلمون بأنهم تجاسروا و انتهكوا سيادة عملتنا و عدم الاعتراف بها هو موقف مخزئ يبين تماما عدم احترام المؤسسات الحكومية لمعزة وسيادة الدولة ، فإذا انت دولة لا تعترف بعملتك الوطنية المبرئة للذمة فمن ياتري من الدول او الناس سوف يقوم بإحترامك ؟؟؟؟!!!!!!
هناك مافيا الجامعات الخاصة التى تقبض رسوم الدراسة من الاجانب بالعملة الصعبة فى ظاهرة أغرب الى الخيال و فى انتهاك بيَن قل ما يوجد فى العالم ان تنتهك سيادة العملة الوطنية و تصبح الجامعات الخاصة متجر للعملات الصعبة كيف يحدث هذا على مرمى و مسمع من وزارة المالية و محافظ البنك المركزي بإهانة العملة السودانية و عدم الاعتراف بها من قبل هذه الجامعات الخاصة وقد انتشر السرطان حتى فى الجامعات الحكومية وهذا دون شك هو عمل بنك السودان فى ان يصدر منشورا عاما لكل المؤسسات العاملة فى السودان بإحترام سيادة العملة السودانية و عدم التعامل بغيرها حفاظا على رمز من رموز سيادتنا الوطنية الخاصة وشراؤها لصالح البنك المركزي الذي هو الجهة صاحبة الاختصاص!!!!
حقيقة التحكم و السيطرة و توفير النقد الاجنبى مسئولية الدولة بصفة عامة و بنك السودان بصفة خاصة والمنبع لهذا النقد الاجنبى مصدره الاول الصادرات ونجد وحسب التجارب التاريخية بأن العملات الصعبة كانت متوفرة لدي الدولة عندما كانت الدولة تصدر المنتجات الرئيسية عبر شركات المساهمة العامة مثل شركةالاقطان و الصمغ العربى و الحبوب الزيتية فالسلع الاستراتيجية من المفترض ان تسوق عبر وزارة التجارة الخارجية والتى تم تهميشها من اداء دورها الحيوي فى تسويق المنتجات السودانية عبر طرح العطاءآت فى سفارات السودان المنتشرة فى جميع انحاء العالم حيث نجد تقليص دور الملحق التجاري فى تلك السفارات وقد تم اجلاسه دون اعباء تذكر فى كنبة المتفرجين تصرف عليه الدولة هو وطاقم السفاره بالعملة الصعبة من جيب المواطن المسكين !!!!!
سياسات الدولة الاقتصادية تمثل إجترارا لمزيد من تفاقم الالم الاقتصادي ويظهر ذلك جليا عبر التخبط العشوائى فى الطاقم الاقتصادي و الذي يتحفنا بقرارات و مناشير تظهر جليا مدي ضعفهم و ضحالة خبرآتهم العلمية و العملية وعدم تفهمهم بأن الجنية السودانى رمز من رموز السيادة وبأن الشركات الاستثمارية الاجنبية العاملة فى السودان مثل شركات الاتصال و الطيران و غيرها تحتاج لتحويل مدخراتها بالعملة السودانية الى عملات اجنبية و لديها قيمة عالمية معترف بها ، أضف الى ذلك شركات الاستيراد السودانية و طالبى العلاج بالخارج و الطلاب جلهم و كلهم أذا لم يستطع البنك المركزي من توفير المقابل بالنقد الاجنبى و يعرف ادارة الدورة النقدية للنقد الاجنبى و المحلى الذي هو من صميم عمله ويعلم تماما بأن منابع النقد الاجنبى فى السيطرة على السلع الاستراتيجية للصادرات والسياحة بكل انواعها و تفعيل دور البنوك العاملة لتؤدي دورها المطلوب فى حركة السيولة ودعم الاقتصاد فى تقديري سوف يستمر الفشل و اجترار الحزن و الالم للجميع .!!!!!!
عبدالمنعم على التوم
التاسع من فبرائر 2018
[email][email protected][/email]