تفاؤل محفوف بالمخاوف.. والوضع الاقتصادي أجبرهما على الاتفاق.. النفط.. ملف شائك يقصم ظهر اقتصاد السودانيْن

الخرطوم ـ طارق عثمان

على الرغم من أن التوصل إليه جاء متأخرا في نظر الكثيرين، إلا أن الاتفاق النفطي الذي تم التوقيع عليه بين السودانيْن ينظر من قبل كثير من السودانيين في الدولتين باعتباره المنقذ، خاصة بعد الانهيار والتدهور الخطير الذي أودى باقتصاد البلدين بعد قرار دولة جنوب السودان إغلاق أنابيب نفطها عقب الفشل المتكرر الذي صاحب كل جولات التفاوض التي احتضنتها العاصمة الاثيوبية أديس أبابا دون نتائج.

وتباينت الآراء بشأن فرص نجاح الاتفاق الذي يمنح الخرطوم مبلغ 25 دولاراً و80 سنتا كرسوم لعبور ومعالجة نفط جوبا في المنشآت النفطية السودانية من عدمه، ومدى الالتزام به من قبل الطرفين جراء أزمة الثقة التي ظلت تخيم على الأجواء بينهما طيلة ستة أعوام صاحبت بدء تنفيذ اتفاقية السلام الشامل التي انهت حربا أهلية امتدت لأكثر من نصف قرن وأفضت إلى ولادة دولة الجنوب، أحدث كيان في المنظومة الدولية.

ويرى عدد من السودانيين الذين تحدثت إليهم «البيان» في الخرطوم أن النجاح سيكون مصيرا لاتفاق النفط الأخير وذلك لسبب بسيط وهو الضغط الاقتصادي الداخلي الذي تواجهه الدولتان والضغط الدولي الذي يمارسه المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن، بينما يرى آخرون أن نجاح الاتفاق مرهون بالإرادة وتوفر الثقة بين طرفيه وتوقع عدد من السودانيين فشله حال لم يتم التوصل إلى معالجات جذرية لبقية الملفات العالقة بين الطرفين.

تفاوض وضغط

ويقول الناشط السياسي والقيادي بحزب البعث العربي وجدي صالح عبده لـ«البيان»: «لكم تمنيت أن يراعي طرفا التفاوض بالجانبين المصالح المشتركة التي تجمع بين شعبي البلدين، وكان عليهما مراعاة التكامل الاقتصادي والتجاري بين الدولتين».

ويردف أن «أسلوب المناورة الذي يتبعه وفدا التفاوض غير مجد في الوصول إلى اتفاق، غير أنه استبعد فشل جولات التفاوض المقبلة في تسوية الملفات الأخرى خاصة الملف الأمني الذي يتوقف على حسمه تنفيذ الاتفاق النفطي».

واضاف: «نعلم علم اليقين أن أطراف التفاوض غير حرة في مساراتها أو قراراتها.. ونعلم أنهما ينفذان تفاصيل قرار دولي صادر من مجلس الامن»، مرجحا التوصل لاتفاق فيما تبقى من قضايا تحت هذا الضغط الدولي الحالي، غير أنه شدد على أن «التكامل الاقتصادي هو السبيل الأوحد لتحقيق الاستقرار خاصة وأن الشعبين كانا تظلهما دولة واحدة يمكن أن تتوحد مرة أخرى».

وتابع عبده: «أنا لا أتحدث من باب العواطف وإنما المصالح المشتركة بين السودان وجنوب السودان تتطلب التوحد»، مبدياً أسفه الشديد «لما يثيره وفدا التفاوض من نقاط غير موضعية باعتقاد تعزيز الموقف التفاوضي وهما لا يدريان بأن ذلك يباعد بين البلدين اكثر من أن يجمع بينهما، خاصة وأن كلا الطرفين يعرف الآخر ويعلم إمكانياته الاقتصادية والعسكرية».

أزمة ثقة

ويرى بعض الذين استطلعت «البيان» آراءهم حول الاتفاق النفطي أن الفرص تضاءلت للطرفين في ظل ما يعيشانه من تدهور اقتصادي مريع، حيث لم يتبق لهما سوى حسم الملفات العالقة.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس القسم السياسي في صحيفة «السوداني» أحمد دقش أن «الواقع الاقتصادي الذي تعيشه دولتا السودان وجنوب السودان لا يمنحهما فرصة لمزيد من المراوغة، أو الاستمرار في التفاوض من على حافة الهاوية التي وصلا اليها، إذ فاقت نسبة التضخم في جوبا 80 في المئة وفي الخرطوم تجاوزت 40 في المئة، وبالتالي فإن المشاكل الاقتصادية المتردية داخل البلدين تجبرهما على ضرورة التوصل لتسوية شاملة للقضايا العالقة، وتشكل ورقة ضغط على الطرفين لتقديم تنازلات أكبر في ملفات أخرى مقابل إعادة ضخ نفط الجنوب عبر أراضي السودان».

لكن دقش أكد أن الاتفاق النفطي مهدد «في ظل أجواء انعدام الثقة التي لازمت العلاقة بين الطرفين طوال الأعوام الماضية، حيث إن أزمة الثقة هي التي جعلت كل طرف يبحث عن خيارات ووسائل ضغط على الطرف الآخر ومن بينها دعم وإيواء الحركات المسلحة المتمردة على الطرف الآخر، ما عقد القضايا المحددة للنقاش بينهما بنص اتفاقية السلام الشامل وفتح المجال للحوار في مستجدات خارج الاتفاقية مثل الأوضاع السياسية الجديدة التي خلفها تمرد منطقتي جنوب كردفان والنيل الازرق».

ويستطرد: «كما أن الاتفاق المرتقب مهدد بوجود مجموعات ضغط فاعلة في الخرطوم وجوبا تناهض أي تقارب بين الدولتين، وبوجود مجموعات مسلحة مضادة للخرطوم وجوبا، وتتحرك من داخل أراضي كل طرف ضد الآخر».

وأردف دقش: «يبدو واضحا أن الولايات المتحدة لعبت دورا كبيرا في الضغط على الطرفين للتوصل للاتفاق الأخير بشأن النفط»، مشيرا إلى أنه «من المعطيات الماثلة أنها ستواصل في ذلك حفاظا على مصالحها بالمنطقة وخوفا من تمدد مجموعات تصنفها الولايات المتحدة بأنها إرهابية يمكن أن تنشط حال تطور الأوضاع بين السودان والجنوب للأسوأ».

مؤشرات فشل

من جهته، يقول الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة المتمردة جبريل بلال ان فرص نجاح اتفاق النفط «ضئيلة جدا نتيجة لعدم توفر الإرادة السياسية لتنفيذه خاصة من قبل حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير»، مضيفاً ان «مؤشرات فشل الاتفاق بدت من خلال ربط المؤتمر الوطني التوقيع عليه وتنفيذه بحسم الملفات الأمنية بين البلدين»، حيث يرى أن الحزب الحاكم «يهدف بذلك للتنصل من الاتفاق أكثر من حرصه على الأمن.

إذ إن الحكومة السودانية لا تريد استقرارا في دولة الجنوب لاعتقادها بأن استقرار الجنوب يعني دعم المقاومة المسلحة التي تسعى لإسقاطه عن الحكم»، على حد تعبيره. ويرى بلال إلى أن الاتفاق مع حزب المؤتمر الوطني «تحكمه العقلية الامنية التي تعتقد التآمر على الشيء قبل بدايته».

وشدد بلال على أن الاتفاق ستواجهه صعوبات جمة سيما وأن الحكومة السودانية تبحث عن التمويل العاجل لسد الفجوة التي ضربت اقتصاد السودان عقب انفصال الجنوب وتفرض على الجنوب سدها في الوقت الذي لا يستطيع الجنوب أن يسد فجوته هو، ويضيف بلال «المؤتمر الوطني يتخذ الاتفاقيات مخرج من أزمة محددة ولكنه لا يفكر في جدوى تلك الاتفاقيات» مشيرا إلى أن الحكومة السودانية لديها سوابق كثيرة في نقض الاتفاقيات ومع الحركة الشعبية نفسها قبل الانفصال إذ إن عدم تنفيذ اتفاق السلام الشامل هو الذي قاد الى الانقسام».

تداخل الأجندة

من جهته، اعتبر مساعد الأمين العام لشؤون التنظيم في حزب الأمة الواثق البرير أن «غياب الثقة وعدم توافق الرؤى داخل حزب المؤتمر الوطني نفسه وداخل دولة الجنوب ستقود إلى عدم التوصل إلى اتفاق عادل وعرقلته».

ويضيف البرير في حديثه لـ«البيان» انه يعتقد أن الوصول إلى اتفاق بين الطرفين «غير وارد في ظل انعدام الثقة وأطماع بعض الأطراف الأخرى»، حيث يبرر رأيه في ذلك بأن هناك «مجموعات داخل حزب المؤتمر الوطني الحاكم غير راغبة في الوصول إلى اتفاق مع الجنوب لأسباب عديدة»، لم يفصح عنها.

وتابع البرير: «هذا ما ظهر من خلال البيانات التي خرجت من بعض الهيئات الحكومية مثل هيئة علماء السودان ومنبر السلام العادل بزعامة الطيب مصطفى خال البشير»، مشيراً إلى أن «هناك في الجنوب مجموعات ترى بأن الوصول إلى اتفاقية مع المؤتمر الوطني ستؤثر على مسعاهم لتغييره لاعتقادهم بأن استمرار المؤتمر الوطني في حكم السودان يهدد بقاء الجنوب كدولة مستقرة».

ولافتاً إلى أن «تداخل الأجندة في كلا البلدين سيقود إلى فشل الاتفاق»، غير أنه لم يستبعد التوصل لتسوية للملفات المتبقية باعتبار أن حزب المؤتمر الوطني «سيقدم تنازلات يمكن ان تقود الى اتفاق في سبيل محاولاته البقاء في السلطة»، على حد تعبيره.

تفاؤل حذر

اقترنت رؤية رجل الشارع العادي في السودان بين التفاؤل بالاتفاق النفطي بين الخرطوم وجوبا وبين مخاوفه من عدم تنفيذ الاتفاق الذي تم رهنه بملفات أخرى. ويقول المواطن عبدالحي منصور، مدرس، ان «نسبة فشل الاتفاق أكبر من نجاحه بعد ربطه بتسوية الملفات الأمنية، خاصة وأن انعدام الثقة بين الجانبين هو المسيطر على شكل العلاقة فيما بينهما، حيث إن لحكومة الجنوب تجارب في نقض العهود لأنها لم ولن تفي بأي اتفاق يتم معها». ويضيف عبدالحي أن «الأزمة الاقتصادية والفجوة الغذائية التي ضربت الجنوب هي التي أرغمت الجنوبيين على الاتفاق النفطي».

البيان

تعليق واحد

  1. كل عام وانتم بالف خير واجمل التهاني والتبريكات لهذا الشعب الصامد.واحب ان اعلمكم ان الفتره القادمه النسخه الثانيه من الثوره السودانيه الظافره.ماخرجنا من اجله في النسخه الاولي ذادت اضعاف اضعاف من غلاء للمعيشه وتدني مستو الخدمات وشهداء نيالا الابرار وفشل عام في النواحي الاقتصاديه والاجتماعيه.كل ذالك يدعونا للتواصل والمتابعه للخروج في مظاهرات اقوي من السابقه والاستفاده من كل الثغرات.ومن ضمن هذه الثغرات قفل الراكوبه وحريات وتلافي لهذا الحدث نرجو من الجميع انزال هذا البرنامج حتي نكون متواصلين حتي بعد قفل الهيئه القوميه
    Hotspot-Shield
    مظاهراتنا باذن الله سوف تكون في الاسبوع الثاني من عيد المبارك
    وكل ثوره وانتم بالف خير
    وكل ثوره والشعب السوداني بالف خير
    عاش نضال الشعب السوداني

  2. ياسيادة الرئيس عليك الله كمل جميلك بالمرة شيل الجزء الاخضر دا برة كمان الله يخرب بيتك وسبعة من جيرانك فى كافورى

  3. اتركونا مرة واحدة نتفاءل بالخير ولعل الله سوف يعطينا لاننا صبرنا كثيرا ونسأل الله الخير لكل الشعب الغلبان

  4. رغم المعاناة والضنك والفقر التى اصبحت تميز الحالة الاقتصادية والمعيشية للشعب السودانى والتى تسببت فيها عصابة الجبهة الاسلاموية بممارساتها ونهبها لكل الموارد التى تشكل عصب الاقتصاد السودانى ورغم كل ذلك نقول للاخوة فى حكومة الجنوب وبالتحديد الحركة الشعبية ان يعلموا ان اى اتفاق مع هذة العصابة وبالتحديد هذا الاتفاق الذى تم واتضحت بعض ملامحه يعنى وبشكل مباشر استمرار هذة الطغمة المتسلطة فى تسلطها واستمرارها فى برامج القتل والابادة لما تبقى من شعب السودان ، كما يعنى استمرارها فى خلق الصراعات والفتن بين مكونات الشعب السودانى المختلفة ولن يسلم من ذلك شعب الجنوب وحكومته ، هذة العصابة ادمنت سرقة الموارد وصناعة الحروب والفتن التى قد يتسع مداها ليشمل كل الدول والمجتمعات المجاورة ، لذلك نقول لكم وبالفم المليان انكم بهذا الاتفاق وماتم فيه وماسوف يتم فيه مستقبلا انكم تعملون على الانتحار لانفسكم وتعملون على نحر شعب الشمال الذى يكن لكم كل الاحترام والتقدير ، اتركوهم فى هذة الاوضاع التى تنذر بسقوطهم فى القريب العاجل ونحن على استعداد فى تحمل كل الظروف والاوضاع التى تترتب على هذا الانهيار الاقتصادى ، لتعلموا ان اى دولار سوف يعود على هذة العصابة سوف يصرف نصفه على تسليح وتعبئة مليشيات هذا النظام اما النصف الاخر سوف يتم نهبه وتحويله لخارج البلاد فى البنوك الاجنبية خاصة ماليزيا ودول الخليج ولن ستفيد منه الشعب السودانى الفضل ، نرجوكم اعادة النظر فى امر هذة الاتفاقيات ولا تكترثوا للضغوط الخارجية خاصة وانه قد اتضح ان المجتمع الدولى يريد استمرار هذة العصابة فى سدة السلطة لخدمة بعض الاجندة والمصالح الدولية وليس تحقيق مصالح الشعب السودانى

  5. الكاراكاتير:

    (1) “” ميرى مهابة جوانه هيهى ,, جوانه هيهى “”

    (2) “” صندوق مفتوح فى السوق سنه دا بنا دا ماسفاها الا ده .

  6. اول حاجة لبسونى جلابيه الترابى طلعت ضيقة وشفافه وكمان قصيرة ** ولفو راسى بى عمة ود الجبل , طلعته
    بس ترباس ** وبى نضارة نافع شفت الدنيا كلها طشاش ** وتانى مافى سفر وله مشى جزمة سفا ظلططنى خلاس .

  7. وتباينت الآراء بشأن فرص نجاح الاتفاق الذي يمنح الخرطوم مبلغ 25 دولاراً و80 سنتا كرسوم لعبور ومعالجة نفط جوبا في المنشآت النفطية السودانية من عدمه،أريد أن أسأل كاتب المقال |طارق عثمان من أين أتى بهذا المبلغ 25 دولاراً و80 سنتا في حين أن كل السودان يعلم أن رسوم العبور ومعالجة النفط التي تم الاتفاق عليهامع حكومة جنوب السودان هي 9 دولار و10 سنتاَ والشركة صاحبة الأنابيب لها 8 دولار من هذه التسعة يعنى ما تبقى لحكومة السودان هو واحد دولار و10 سنتاَ في البرميل الواحد أما مبلغ 3,2 مليار دولار المنحة المشروطة هي طعم كما نعلم لتنازلات كثيرة آتية لا نعلم نهاياتها فرجاء منك أيها الكاتب أن لا تحاول أن تضلل بعض الناس فالأمر معلوم حتى لصبيان المدارس في مرحلة الاساس .

  8. بعد ان ضرب الغلاء الفاحش البلاد نتيجة حتمية لاصابة الاقتصاد بالمرض الهولندي مع تفشي الفساد وعدم صرف موارد البترول على الزراعة والصناعة قان الذهب ورسوم العبور للنفط الجنوبي لن تصلح الحال لان البناء على حيطة مائلة نتيجته كسابقتها
    علاج المرض الهولندي يتم بمزيد من الانتاج وليس بفرض ضرائب مضاعفة وهذا معلوم ومعلوم ان المواطن السوداني يحمل حمل ثقيل جدا يتمثل في حكومة مترهلة جدا حيث يصرف المواطن على جيش جرار من الدستوريين ومازالوا في تزايد لان كل من تمرد ينتظر الدخول للقصر الجمهوري او ينتظر وزارة او وزير دولة او حتى يتم تفصيل ولاية جديدة له ولرفاق سلاحه بينما حاجة البلاد لعدد 15 وزارة اتحادية و6 ولايات فقط
    وبعدم ذلك كاننا لم نقدم شئ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..