مقالات وآراء

حرب الإخوان في السودان: نُذر تمزّق وسط تحالف الجيش

 

عبد المنعم سليمان

قبل اندلاع الحرب التي أشعلها الإخوان المسلمون (الكيزان) في الخامس عشر من أبريل 2023، كانت “كتيبة البراء بن مالك” – وهي ميليشيا تابعة لتنظيم الكيزان – على أهبة الاستعداد، بكامل العدّة والعتاد، تتهيأ بخبثٍ ودهاءٍ لخوض معركةٍ مصيرية، بعلمٍ وتخطيطٍ دقيق من التنظيم العسكري الكيزاني المتغلغل في مفاصل الجيش، والمهيمن على جلّ مراتب القيادة العليا. فقد أحكمت الجماعة قبضتها بزرع كوادرها طيلة ثلاثين عامًا من الحكم، في شرايين المؤسسات الأمنية كافة: الجيش، والشرطة، وجهاز الأمن والمخابرات، وسائر أجهزة الدولة العميقة.

وخلال حربها الراهنة، التي شنّتها ضد قوات الدعم السريع في مسعى يائس للعودة إلى السلطة عبر بندقية الجيش والأجهزة الأمنية والشرطية الرسمية، ارتكبت هذه الميليشيا الإرهابية فظائع مروّعة، وأهوالًا لا تخطر على قلب بشر؛ فبقروا البطون، وقطعوا الرؤوس، وأكلوا الأكباد، وصوّروا كل ذلك بأيديهم لبثّ الرعب في نفوس المواطنين، وكل من يعارض عودتهم إلى السلطة، في مشاهد دامية تقشعرّ لها الأبدان، وتشهد على انحدار أخلاقي لم يبلغه السودان من قبل. لم يسلم من بطشهم أحد؛ فتوعّدوا القوى المدنية والثورية، واستباحوا دماء المواطنين العُزّل لمجرّد الاشتباه في تعاونهم مع قوات الدعم السريع.

ورغم هذه المجازر، ظلّت قيادة الجيش في صمتٍ مريب، لا تحرك ساكنًا، بل إن بعض أركانها باركوا تلك الأفعال ودافعوا عنها، وعلى رأسهم الفريق ياسر العطا، مساعد القائد العام للقوات المسلحة، الذي وصفه كثيرون بأنه يعمل “جنديًا وفيًا تحت إمرة قائد ميليشيا البراء، الإخواني المصباح أبو زيد طلحة”.

ومع انسحاب قوات الدعم السريع من ولاية الجزيرة ومدينة الخرطوم، أطلت هذه الميليشيات من جديد بوجهها القبيح، لتمنح نفسها – دون تفويض أو سند قانوني – سلطة التحقيق والاعتقال والتصفية الجسدية، تحت ذريعة التعاون مع العدو. فمارست القتل الوحشي خارج إطار القانون، ونصبت نقاط تفتيش أمنية تعبث بأمن الناس وتفتك بالمشتبهين ظلمًا وعدوانًا، حتى خرج الفريق أول شمس الدين كباشي – نائب قائد الجيش – في خطاب جماهيري يُحذّر – غامزاً دون أن يشير إليها بالاسم- من خطورة هذا التمدد، قبل أن يصدر قرارًا باحتكار المؤسسة العسكرية لسلطة التفتيش والتحري والاعتقال.

لكن ميليشيا البراء لم تُعر تلك التحذيرات أي اهتمام؛ ففي تحدٍّ صارخ وسخريةٍ فجة من القرار، عادت بعد أسبوعٍ واحد لتُعيد تثبيت نقاط تفتيشها، وتشكل لجانًا أمنية في أحياء العاصمة تمارس سلطات مطلقة في الاعتقال والتحقيق، وربما حتى تنفيذ الإعدامات في معتقلاتها السرية. وفي ردٍّ وقح على الكباشي، صرّح قائد الميليشيا بأنهم لا يخضعون لأحد، مُعترفًا – للمرة الأولى – بأنهم جزء من “كتائب الظل” التي تحدث عنها؛ علي عثمان محمد طه، النائب السابق للبشير والمرشد الفعلي للحركة الإسلامية، في إشارة لا تحتمل التأويل إلى أنهم يعملون بأوامر الجماعة لا القيادة العسكرية الرسمية.

هذا، إضافةً إلى ما تردّد عن قرار للجيش بوقف تزويد الميليشيات المتحالفة معه بالسلاح، والاكتفاء بتزويدها بالذخيرة فقط، وأيضًا التكالب والتدافع المحموم حول الوظائف والسلطة من قِبَل الميليشيات القبلية وبعض الحركات الدارفورية المسلحة (حركتي مناوي وجبريل)، والإسلاميين، حتى قبل أن تضع الحرب أوزارها، وتدافعهم جميعًا لأخذ نصيبهم من الثروة – رغم قلّتها – وسط أجواء حربية وسياسية مضطربة تعيشها بورتسودان وسلطتها؛ في مشهد يجسّد حقيقة ما كتبه المفكر الدكتور منصور في كتابه الموسوم بـ “تكاثر الزعازع وتناقص الأوتاد.”

وسط هذه الأجواء المربكة، يجلس قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يُراوغ بين هذه الجبهات، وهو المعروف بحربائيته وميله مع التيار حيث يميل: تارةً مع الميليشيات القبلية، وأخرى مع حركات الارتزاق المسلحة، و(تاراتٍ) أُخر يغازل بعض المدنيين (المخدوعين منهم والطامعين)، يساومهم على سلطةٍ اغتصبها منهم بالقتل والعنف (!)، وهو دائمًا مع الإسلاميين وميليشياتهم؛ ما جعل الكثيرين – وأنا منهم – يتوجّسون ويشكّون في أن نفخة الكباشي الأخيرة لا تخرج عن إطار لعبة توزيع الأدوار التي يتقنونها معاً، وقد جرّبوها من قبل مع المدنيين وأثمرت حينها؛ فهما دائمًا في الخداع إخوان، وعلى غيرهم أعوان!

وبناءً على هذا السياق المضطرب، وعلى كثيرٍ مما لم تسعه هذه المساحة، يتّضح أن خلافًا عميقًا بدأ ينهش جسد الجيش وسلطته القائمة في بورتسودان، وهو خلافٌ محوري تدور رحاه حول السلطة والثروة – والأخيرة تُقرأ: السرقة – وكل ما يجري هناك ليس سوى إرهاصات لانفجار وشيك، قد يعيد البلاد إلى أتون حربٍ أشدّ فتكًا من سابقتها. ومع استمرار المناورة والانقسام، فإن تأجيل الحسم لن يمنع الكارثة، بل يُؤسّس لها.

إن النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

‫7 تعليقات

  1. ارجو من الاستاذ منعم سلمان الإطلاع على تعليقى على خبر بعنوان (جماعات متطرفه تبث الرعب فى الخوى الخ …) بتاريخ اليوم الاحد كواحد من الباحثين الإستقصائيين الذين اثق فى إستطلاعاته و بحوثه!!
    شخصى فى تعليقى كتبت ما وسعته الزاكره عن جرائم على عثمان محمد طه وليست لدى ملكة الكتابه كما هو واضح من سياق التعليق .

  2. أنا أيضا من المعجبين بكتابات السيد منعم الرائعة وقدرته البارعة على التقصي والإستقصاء وصبره على الكتابة الإبداعية.

    أرجو قراءة هذين المقالين الرائعين الذين كتبهما أحد الصحفيين الرائعين عن جرائم علي كرتي في حق السودان والسودانيين:

    المقال الأول:
    https://www.sudanjem.com/sudan-alt/arabic/freepens/2004_news/2004_text/20041015_free1_darfur%20rebillion.htm

    المقال الثاني:
    https://sudanjem.com/sudan-alt/arabic/freepens/2004_news/2004_text/20041026_free2a_Moniem2.htm

  3. كتائب البراء دافعت عن المواطنين وارواحهم وشرفهم وانت وجنجويدك نهبتوهم واعتديتوا عليهم بدعاوى انكم جايبين ليهم الديمقراطية ديمقراطية تتجاب من نهب بيوت المواطنين واجهزة بيوتهم وهدومهم وسرقة عرباتهم غلبنا نفهمها دي ديمقراطية شنو فالبراءون اشرف منك ومن جنجويدك الحرامية الدافعين ليك يا منعم بيجو يا مفنوس انت بالذات ما بتقدر تنكر انك قابض منهم

  4. محمد الفاتح الكوز النجس، وا زلتم في ضلالكم ودعمكم للارهاب اينما كان،، لا يمكنكم تزييف الحقائق وطمس الادلة ومحاولتكم تبرئة رؤووس الارهاب الاسلامي اللعين،،، الكيزان امثالك هم من صنعو الجنجويد وسلحوه، ودربوه على قتل اهلنا في دارفور، كنتم تهللون وتكبرون مثل اشجاركم وقرودكم عندما تم ذبح وحرق واغتصاب اهل دارفور من نفس الجنجويد،، كان لاهل دارفور بيوت مثل بيوتكم ونساء مثل نساءكم واموال مثل اموالكم، ماذا تغير ايها الكوز النجس، انتم والله اسوء من الجنجويد، الذين قتلو واغتصبو ولكنهم لم ينكرو جراءمكم، كانو يقولون ان كل هذه الاوامر منكم،، اما البراء والخراء وجماعات الارهاب الاسلامي اللعين فسياتي يوما تنكرونهم كما نكرتم الجنجويد وسترمون اللوم على الشيوعين وتتهمونهم بانهم الذين صنعو البراء والخراء وذبالة الارهاب الاسلامي

    1. انت بتفكر بي ورا ولا شنو ؟ هل في زول انكر انه الكيزان صنعوا الجنجويد !! قاعد ترد حسب ما يمليه عليك مخك المعفن ياباطل عشان تقدر تغبش الحقيقة وتطلس على القراء هل المواطنين هم من صنعوا الجنجويد؟ ذنبهم شنو يتم اقحامهم كطرف في الحرب ويدخل الاوباش الجنجويد اللصوص بيوتهم ويسرقوها ويغتصبوا النساوين دي ديمقراطية بتاعة جعبتك ما تقعد تلوك في لبانة الكيزان صنعوا الجنحويد ده كلام راعي الضان في الخلا عارفه صحيح نحن بنتكلم عن المواطن المواطن المواطن ياعجل ليه يتسرق ويتنهب ويتم تشريده واغتصابه بتفهم ياعجل ولا يفنقسوك ويحشروا ليك الكلام ده بي قدك عشان تستوعب كرهتونا بي الكيزان صنعوا الجنجويد الكيزان صنعوا الجنجويد هل الشعب والمواطن السوداني التم انتهاكه ونهبه ده كله تابع للكيزان هل المواطنين منظمين تبع حزب الكيزان هل المواطنين الابرياء صنعوا الجنجويد انت عايز تحمل المواطن مسؤلية شيء ما عمله الله يلعنك ويلعن مخك التخين ده

      1. باقي ليك تخرا يا كوز يا نجس،،، كلنا تصررنا ونهبنا وسرقنا من قبل الجنجويد يا باطل الهك الباطل برضو شتام وسباب ولعان زيكم يا كيزان يا انجاس،، نحن لمن وقفنا ضد الجنجويد الكيزان كان بزغردو لمن كانو بضربو العجائز والاطفال في الشوارع كان الكيزان الزيك يشتمونا باننا لسنا رجال،، قلنا من زمان الجنجويد ينحل والجيش للثكنات، متذكر الكلام دا يا كوز يا خنيث؟؟ نحن اتكوينا من الجنجويد والكيزان،، كلكم سجم رماد وكلكلم مخلوطين باسلام عرب الصحراء، زناة صباح رمضان، كلكم كنتو جاريين للحور العين وغلمان الجنة،، وانتو بجنجويدكم دمرتو السودان وشعب السودان ما تتملصو من جرائمكم لانو ببساطة ما في زول ح يصدقكم، بس ارعو بقيدكم لمن تخلصو. من بعض تعالونا،، نحن لسع ما متنا

        1. انت يازول بليد ولا شنو؟ ياخ انا ما كوز افهم ماتبقى زول مخك تخين ثم ما اي زول بيهاجم الجنجويد معناتها ده كوز تشيل عكازك وتجري وراهو وتهاجمه انا مواطن عادي غير سياسي ولا شغال بي السياسة وتاجر ابن تجار في ولاية الخرطوم اتنهبت كل مصانعي ومعارضي ومخازني والله خسائري والبضاعة المنهوبة مني بالاف المليارات يعني ترليونات انا ما سرقوا عفش بيتي زيك عشان تجي تقول متضرر زيي انا متضرر فوق مما تتصور فما تقعد تسوط وتعوس ساي انت سرقوا منك عنقريبين وتلاجة وشاشة وكم كرسي وسرير حوش وعفش بيت وبالكتير عربية فتجي تقول كلنا اتضررنا من الجنجويد سوا ياسيد نحن عندنا مصانع اتنهب المكن الفيها الدفعنا فيه ملايين الدولارات مش الجنيهات افهم انا متضرر عشان كده حاقد على الجنجويد لا كوز ولا بشجع الكيزان وماعندي بيهم شغله خير شر نحن تجار اولاد تجار وننتمي تاريخيا في جيل آباءنا واجدادنا كاسرة عريقة للحزب الاتحادي وبنكره الكيزان جدا سواء المع الجيش او المع الجنجويد نفس السوء واحد بتفهم ولا يفهموك كيف الواحد احتار لماذا تدافع عن من سرق اموالنا ومصانعنا ومعارضنا محلاتنا عشان شنو؟ عشان بتكره الكيزان ياخ طز في الكيزان من كبيرهم حسن البنا للعجل الترابي لاصغر كوز لافي اعرف انه الكيزان داخل الجنجويد اكتر من جنجويد الجيش يعني انت لازلت بتدافع عن الكيزان وانت لاتدري الكيزان لاعبين بينا كورة عشان يحكموا وضاعت اموالنا وتشردنا من بلدنا افهم يازول انا متضرر متضرر وسرقوني الجنجويد وشفت ده بعبوني وعيانا بيانا عشان ماتجي تردد لي الكيزان صنعوا الحنجويد والكلام الفارغ القاعد تلوكه انت والقحاتة البيدعموا في مليشيا الحنجويد على اساس انهم ضد الكيزان طيب ما الجنجويد برضهم كيزان وكل قباداتهم من الكيزان والبقود المعاىك من طرف الجنجويد هم برضهم كيزان وكبار مسؤلي الجنجويد برضهم كيزان بل الكيزان في مليشيا الجنجويد لا يقلوا خباثا وعفنا عن كيزان جيش البرهان ياخ اتعبتنا ما تحسب كل صيحة عليك مثل المنافقين وتجي جاري تدافع عن كلاب الكيزان الصنعوهم الكيزان ففي النهاية لازلت بتدافع عن الكيزان خليك زول راكز وراشد نحن الضرر حقنا ما اظن يتعوض وما اظن احد اتضرر مثلنا الا قلة قليلة من تجار الخرطوم اللهم بلغت اللهم اشهد وتاني ماني راد عليك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..