إذا اختلف الشريكان ظهر المسروق

شئ من حتي

إذا اختلف الشريكان ظهر المسروق

د.صديق تاور كافي

أظهر سجال الحملة الانتخابية فى ولاية جنوب كردفان زيف الكثير من الأباطيل حول الشراكة النموذجية والعلاقة المتميزة بين الشريكين التى تُضرب بها الأمثال، قبل أن يكشف هذا السجال وهم السلام الشامل الذى وعد به شريكا نيفاشا أهل السودان قبل ست سنوات ولم يتحقق منه شئ الى أن انتهى أمده، ولم تعد الاتفاقية الثنائية التى بشرنا بها طرفاها، غير هدنة قسرية فُرضت على المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتوضيب أجندة الأطراف الدولية التى صممت هذا الاتفاق وفرضته فرضاً عليها، دون أن يكون أمامها غير السمع والطاعة. كذلك كشف السجال أن الطرفين لا يجيدان غير لعبة الحرب والاحتكام الى العنف والتصعيد، وهذه وسيلة فاقد المنطق والحيلة. فقد دفع المؤتمر الوطني بكل ثقله التنظيمي لنجدة أحمد هارون فى انتخابات الوالي بجنوب كردفان من علي عثمان ونافع علي نافع وحاج ماجد فضلاً عن قيادات دائرة جنوب كردفان فى الحزب. الخطاب الذى تفضل به هؤلاء لم يضف جديداً للمواطنين مما هو مفيد. واذا استثنينا خطاب علي عثمان فى المنطقة الشرقية للولاية، فان خطاب المؤتمر الوطني المصاحب للحملة الانتخابية لايختلف عما اعتاد الناس صدوره من أمثال نافع وتلميذه حاج ماجد فى كثير من المناسبات. علي عثمان تحدث عن التنمية واستمرارها وعن الاستقرار فى الوقت الذى كان فيه ضحايا الفلتان الامني فى الفيض وخور الدليب تنزف ونيران البيوت المحترقة بسبب هذه الفوضى الأمنية لم تنطفئ. ولم يكلف الرجل نفسه بزيارة لهذه المنطقة المنكوبة وهو يهم بزيارة دلامي وتلودي فى ذات النطاق الجغرافي للتبشير باللجنة التى سوف يأتي بها أحمد هارون حال منحه الناس أصواتهم فى الانتخابات. وفى هذه الجزئية نحيل السيد الأول الى فقر ة من بيان مجلس شورى قبيلة تقلي بخصوص الأحداث المشار اليها حيث نقرأ فى الفقرة «3» «ظلت الأجهزة الأمنية تشكل غياباً دائماً فى المنطقة، لذلك لم تتمكن من رصد التحركات التى سبقت هذه الأحداث ووأدها فى حينها ». وفى الفقرة «4»نقرأ « ظلت الأجهزة الحكومية عاجزة عن احتواء الأحداث بجد كبيرة، كذلك حكومة الولاية لم تتحرك بفعالية لاحتواء الأمر، وماتم من معالجات حتى الآن يرقى لمستوى ادارة الأزمة». وهو نفس ما توصل اليه البيان الصادر من مجلس شورى قبيلة الحوازمة حول ذات الأحداث، حيث يؤكد أن هذه الأحداث الدافع الرئيس فيها هو قصور الأجهزة الأمنية والعدلية فى المنطقة والولاية، وأنه كان يمكن تلافى هذه الأحداث قبل أن تقع لولا تهاون السلطات الحكومية فى الولاية.
واذا رصدنا سلسلة التجاوزات الأمنية من هذا النوع فى المنطقة أو على طول الولاية وعرضها، فانه يستحيل عن أمن واستقرار لا فى عهد الوالي أحمد هارون ولا قبله، لأن الطريقة التى تعالج بها مثل هذه الاشكالات تقوم دائماً على التعايش معها وليس حسمها. بل أنه يمكن القول بأن محترفى الفوضى الأمنية هؤلاء ضروريون للشريكين لتصفية الحسابات وحروب الوكالة .
من جهته حاول نافع علي نافع العزف على وتر مشكلة أبيي التى أوجدها حزبه أساساً، وأكمل الشريك الآخر الدور المتناغم معه. فالقطع بعدم التنازل عن أبيي ولو سالت الدماء ، عندما يصدر عبر الحملة الانتخابية فى استاد كادقلي لا يفهم منه أكثر من الضحك على عقول مواطنى القطاع الغربي، الذين طفح بهم الكيل بعد أن استخدمهم المؤتمر الوطني فى كل حروبه ثم ألقى بهم فى البحر، الآن يراد استجداءهم بعودة ولاية غرب كردفان، وبعدم التفريط فى أبيي، وتوظيف الخريجين مع بداية العام، وبالتنمية لقد كانت هناك فرصة كافية لاحداث تحول حقيقي فى أوضاع مواطن جنوب كردفان كلها خلال السنوات الماضية قبل نيفاشا أو أثنائها. ولكن هذه الولاية تحت ادارة المؤتمر الوطني منفرداً كانت نموذجاً سيئاً للحكم وبؤر متعفنة من بؤر الفساد الذى يزكم الأنوف، ولم يتبدل هذا الحال فى ظل شراكة نيفاشا التى تلفظ آخر أنفاسها.
الحركة الشعبية من جانبها لم تكن أحسن أداءً من شريكها اللدود ان لم تكن أسوأ منه، لا من حيث ممارساتها فى السلطة ولا من حيث التسبب فى التوترات الأمنية ولا طريقة التعبير عن نفسها فى الحملة الانتخابية. فطيلة سنوات الحركة الشعبية فى حكم جنوب كردفان لم يرتق أداءها الى مستوى المسؤولية المطلوب لادارة منطقة مأزومة. فقد انتقلت الحركة الشعبية بنفس الروح العدائية والتعبئة السالبة والشحن المتشنج الى قمة السلطة. وعُرف عن منسوبيها بشكل عام عدم احترام القانون والسلوك الفوضوى وغوغائية التصرف. كما أن من وضعتهم على مواقع المسؤولية التنفيذية أو التشريعية ظلوا بعيدين تماماً عن فهم ما هو المطلوب منهم، وهكذا صارت الحركة فى السلطة هى وجه آخر من عملة المؤتمر الوطني. وزاد الطين بلة اندفاع الحركة الشعبية نحو الاستقطاب القبلي._ العنصري بطريقة أسهمت فى تسييس القبائل بدرحة مؤذية للمجتمع، وحتى تدخلها فى النزاعات ذات الطابع القبلي لم تكن بغير صب الزيت على النار. ومن جهة أخرى فاحتفاظ الحركة الشعبية بجيوبها المسلحة على خلفية معسكرات ماقبل نيفاشا،ظل يشكل عنصراً أساسياً من عناصر التوتر الأمني وانعدام القدرة على بسط سلطة القانون . من أهم الجيوب الأمنية ذات الانعكاس السلبي للأمن فى المنطقة، معسكر منطقة الأبيض، ومعسكرات المنطقة الشرقية والشمالية. وهذه كلها تمثل وجوداً مسلحاً خارج سيطرة الدولة وظلت باستمرار بؤرا ناشطة عند الأزمات. وقد حدث مؤخراً أن تم اختطاف بعض المواطنين فى منطقة البرام بالريف الجنوبي للولاية وثم اقتيادهم الى معسكر الأبيض وتعرضوا للتعذيب لبضعة أيام هناك.
أما من ناحية المنجزات والمكاسب التى جاءت بها الحركة الشعبية لانسان هذه الولاية، فان رصيدها هو دون الصفر. لم تتمكن الحركة وهى فى الحكومة من مجرد كشف ملفات الفساد للمواطنين، ناهيك عن الاسهام فى تحقيق منجزات عملية على الأرض. ولم تنجح فى فتح صفحة جديدة تطمئن بها أهل الولاية على أنها سوف لن تكون طرفاً فى جر المنطقة الى الحرب مرة أخرى، فضلاً عن موقفها من مشكلة أبيي ذات الحساسية العالية للقطاع الغربي خاصة.
أكثر من ذلك فانها بتنصلها عن الالتزام بما اتفقت عليه مع الآخرين بخصوص المشورة الشعبية، ومحاولة استنساخ نموذج النيل الأزرق لجنوب كردفان، فان ذلك قد أفقدها مصداقيتها لدى الآخرين،وكشف عن نوايا غير معلنة لوضع الولاية فى خدمة أجندة ومخططات دولة الجنوب الجديدة. واذا ما أضفنا الى ما سبق تعمد قيادة الحلو الابقاء على ملف أبناء الجبال فى الجيش الشعبي بالجنوب معلقاً رغم الحديث المبكر عنه، وضلوع قيادة الحركة فى الولاية فى عملية اعتقال اللواء تلفون كوكو أبو جلحة لعامين فى سجون الحركة الشعبية فى جوبا، رغم اقرار الانفصال واعلان الدولة الجنوبية، فان الحركة الشعبية فى جنوب كردفان تضع نفسها أمام الرأي العام فى موقف لا تحسد عليه.
وفى كل الأحوال فان الاتهامات التى يكيلها الطرفان لبعضهما البعض وحدها كافية الى أن تقودنا لنتيجة مهمة أساسية، وهى لا أهلية أى من الشريكين أو كليهما على ادارة هذه الولاية. وأنه اذا ما جرت انتخابات حقيقية فالاثنان سوف يحصدان الفشل.
الانتخابات الحالية هى انتخابات بين الشريكين فقط، وهما طرفان لا علاقة لهما بالانتخابات والرأي والرأي الآخر أو بالديمقراطية وممارستها، لذلك فهما يتسابقان للاعلان عن النتيجة قبل أن تبدأ الانتخابات. يقول حاج ماجد «اذا رفضت الحركة نتيجة الانتخابات وقالت انها مزورة، سنرفع نحن فى المؤتمر الوطني راية تزوير استفتاء الجنوب» فهو يريد أن يقول أن النتيجة هى لصالح حزبه قبل ان تنتهى الحملة الانتخابية وقبل أن يبدأ الاقتراع. أهم ما فى حديث حاج ماجد هو أن المؤتمر الوطني قد يعلم بأن استفتاء جنوب السودان مزور ولكنه سكت عن ذلك. وهذه جريمة لاتضاهيها جريمة لان الاستفتاء نتيجته تقود الى فصل ثلث البلد والشعب ويعيد رسم خارطة السودان كله، فهل سكت المؤتمر الوطني خوفاً وجبناً ام مجاملة فيما لايقبل المجاملة. وماذا يبرر المؤتمر الوطني للشعب بهذا السكوت الكارثي خاصة وأن رئيس الحزب «عمر البشير» كان قد التزم للشعب السوداني بتسليم السودان موحداً للأجيال القادمة؟ أما د. عبدالله تية القيادي بالحركة الشعبية فقد ذكر فى أكثر من منبر عام بان النتيجة الطبيعية هى فوز الحركة الشعبية بالانتخابات، واذا لم يحدث ذلك فهذا يعني أن الانتخابات مزورة وهذا أيضاً حديث غير ديمقراطي. وظهرت فى مسرح الولاية هذه الأيام عبارات مثل «الهجمة أو النجمة» «وهارون أو الطوفان»………الخ.
انتخابات جنوب كردفان هى انتخابات تزييف ارادة المواطنين لأنها تدار بطريقة التهديد بالعنف والتعبئة القبلية ، وابتزاز المواطنين بالتنمية والاستقرار وهكذا. و تدار كذلك بامكانات الدولة و مناصبها. على مستوى منصب الوالي هناك ثلاثة متنافسين أهمهم للمؤتمر الوطني والثاني للحركة الشعبية أما الثالث فهو اللواء تلفون كوكو الذى اتفق الطرفان على عدم السماح له بمجرد مخاطبة جمهوره. وتم التضييق عليه بمنعه من الزيارات والاتصالات الهاتفية من قبل حكومة الجنوب رغم انه ينتمي الى اقليم لا يتبع للجنوب ورغم أن الحركة الشعبية قد وفقت أوضاعها التنظيمية بين الشمال والجنوب، ورغم انه يخوض الانتخابات كمستقل وليس عضواً بالحركة. وأى مواطن فى جنوب كردفان يريد أن يسمع مبرراً مقنعاً من اى من منسوبي الحركة ابتداء من الحلو نفسه لهذا المسلك الغريب. من بعد هذا التضييق تتعرض حملته الانتخابية للتخريب بتمزيق الملصقات ومضايقة أنصاره بطريقة سيئة جداً، ما تفعله الحركة الشعبية فى الجنوب مع اللواء تلفون فيه استفزاز سافر لكل مواطني جنوب كردفان خاصة بعد اختيارها للانفصال.
على صعيد القوى السياسية الأخرى فانها تعانى التهميش و الاقصاء من الشريكين. و تعانى مصادرة الممتلكات و التضييق الأمنى و التعتيم الاعلامى. و تعانى انحياز الاعلام الرسمى لصالح المؤتمر الوطنى. لذلك فهى ليست طرفا فاعلا فى المعادلة الانتخابية المختلة أساسا.

الصحافة

تعليق واحد

  1. يا اخ اذا لديك كرامه صوت للحركه الشعبيه واتمني ان تفهم بان اليهود عباره عن ملايكه مقارنه بالمؤتمر الوطني

  2. كلامك فى تشخيص حال المؤتمر الوطنى والحركه الشعبية فيهو قدر من الصحه
    المؤتمر الوطنى استقطب ابناء القطاع الغربى فى الحرب مع الجنوب لم يجنو شيئا
    الا الوعود الزائفه فى التنميو والحركة الشعبيه عملت على تجنيد ابناء جبال النوية
    فى جيش الحركة ومنطقه الجبال لم تجنى شيئا من الحركة الشعبية بالعكس وظفتهم
    للوصول لمبتغاها فى انفصال الجنوب 0 وبتالى علينا كابناء ولاية البحث عن مصالحنا بعيدا عن الاستقطاب الجزبى الضيق والعمل سويا من اجل هموم الولاية ونبذ القبلية

  3. ( ) مصلحتك ومصلحة ولايتك يا اخي في مصلحة الوطن كله , وهل تظن انك تستطيع مواصلة الدرب بدون وطنك الام , انك واهممم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..