نخبٌ مُعتلَّةٌ يصعب تعافيها

أثبتت النخب السياسية السودانية، مرارًا وتكرارا، أنها لا تتعلم من تجاربها. ولعل السبب امتلاؤهم بشعور كاذب، أنهم مكتملون، ولا يحتاجون جديد معرفة، أو زيادة خبرة، أو شحذا للهمة. غالبيتهم منكفئةٌ على ذاتها، مشغولةٌ بصورتها عند نفسها، وبموقعها من منظومة الثروة والسلطة والجاه. وحتى لا يظن القارئ الكريم أنني أفتئت على هذه النخب بغير شاهد أو دليل، أعيد إلى الأذهان طرفًا يسيرًا من تجاربها. دعونا ننظر، على سبيل المثال، إلى كم حزبٍ استطاعت الإنقاذ أن تقسًّم حزب الأمة والحزب الاتحادي الديموقراطي؟ والى كم فصيلٍ مسلحٍ قسمت الحركات المسلحة؟ وكم قيادي في حزب الأمة استوزروا في الإنقاذ. وكم قيادي في الحزب الاتحادي الديموقراطي استوزروا، أيضا؟ كم من قياديي الحركات المسلحة استوزروا، في الإنقاذ؟ وكم عضو من كل هذه الأحزاب والحركات نالوا، إلى جانب الوزارات، مناصب في مؤسسات الإنقاذ المختلفة؟ وإذا تساءلنا عن سر وسبب كل هذه الانقسامات، فلسوف لن نجد أي تبريرٍ، سوى جنون هذه النخب بالمال والسلطة وبريق المنصب؟
هذه النخب منعزلةٌ عن الشعب، وعن همومه عزلةً شبه تامة. فهي أخطبوط ضخم ذو أعضاء متداخلة متشابكة، بعضه من بعض. لا يختلف من يكون منهم في الحكم، عمن يكون في المعارضة. فمن يحكم منهم، يمد الجسور للذين أقصاهم لكي يدخلوا معه في الحلبة، ويقوموا بأدوارٍ ثانوية، “كومبارس”، من أجل إضفاء مشروعية على ما هو قائم. وأكثرية من يدعوهم الحاكم الذي أقصاهم يقبلون دعوته، ويأتوا ليتحلقوا حوله، ويزينوا له عرشه، لقاء أعطيات مالية ووجاهية. حدث هذا في عهد نميري، وفي عهد البشير سواءً بسواء. يقوم الشعب بثورات يظهر فيها من النبل ومن أصائل الطبائع، ورفيع الخصال، ومن كراهية الظلم، وحب العدالة، والحرية، ومن توقد الروح وتوثبها، ومن الشغف العارم بالتغيير، ما يبهر العالم. لكن الحصيلة لا تتعدى الإبقاء على ما هو قائم من تخلفٍ وعجز وقلة حيلة.
أفضت ثورتا أكتوبر 1964، وأبريل 1985، إلى تراجع. وحتى ثورة ديسمبر هذه، على عظمتها التي شهد بها القاصي والداني، تعمل هذه النخب، الآن، لكي تحيلها إلى موات، شأنها شأن سابقتيها. التقدم السلحفائي المتعثر لمحادثات السلام في جوبا، والتنازع حول خطوة تعيين الولاة المدنيين، والمجلس التشريعي، وانسحاب حزب الأمة من قوى الحرية والتغيير، إلى أجل غير مسمى، ورفضه أخذ نصيبٍ في قائمة الولاة وفي المجلس التشريعي، كلها مؤشرات دالَّةٌ على أن نخبنا لم تُشف من أدوائها القديمة، المزمنة. أما شق النخب الذي يدير دفة الحكم للفترة الانتقالية، فبينه وبين روح الثورة هوَّةٌ سحيقةٌ. فروح الثورة التي أفعمت الصدور، لم يظهر لها أثرٌ ملموس على الواقع المتردي. كل شيءٍ يشير، حتى الآن، إلى أن رحلة هذه الثورة، لا تزال طويلة، وأن أمدًا لا يزال يفصل بيننا وبين بروز قياداتٍ، ثوريةٍ، تقود تحولاً ديموقراطيًا، حقيقيًا.
د. النور حمد
[email protected]
التيار
إنها النخب السياسية السودانية و إدمان الفشل…تبا لهم
إن وضعنا السياسي الحالي، ما هو إلا إنعكاس بائن، لإنعدام الوطنية، والتي بدونها، يصبح الحديث عن الديموقراطية، مجرد أضغاث أحلام !!!!
إن جُل، إن لم يكن كل، النخب، التي تعج بها الساحة حالياً، لا تري في إدارة شئون البلاد، سوي مطية، لمنفعة شخصية/حزبية، وللوصول إليها، فإنهم يلجأون إلي الغدر والخيانة، والتخريب، والمؤامرات، والدسائس، والضرب تحت الحزام، لا بل إن بعض هذه الأحزاب، لا يردعها رادع من ممارسة الإرهاب والإجرام والفساد، علي الرغم من أن كل هذه الممارسات، ما هي إلا جرائم وخيانة عظمي، يجب أن يُحاسب عليها القانون، دونما محابة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لقد تفاءلنا خيراً بجيل الثورة الشامخة – جيل الوطنية، إلا أن نفس النخب – عديمة الوطنية، هي التي تآمرت علي الثورة، ووقفت حجر عثرة أمامها، للحؤول دون بلوغها غاياتها، لأن ذلك يعني لهم، التفريط في مصالحهم الخاصة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
من المستحيل، أن تبني النخب أللاوطنية، أي ديموقراطية period
كلام صحيح يادكتور
لكن من الانصاف ايراد الحزب الجمهوري وانشقاقاته ودخول الحمهوري عوض الكريم موسي الانقاذ من اوسع ابوابها (بوابة المؤتمر الوطني) ولا ماكدة برضو ولا انتو بعيدين ومحصنين من فشل النخب