أخبار السودان

إلى (قحت) ووزرائها … تداركوا الطوفان قبل فوات الأوان!!!

المنظومة الوطنية لمعايير الاختيار للوظائف القيادية ومراقبة الأداء هي الحل!!!

في البدء نسال الله تعالى أن يحفظ البلاد والعباد من كل آفة أو جائحة تهدد الأنفس والأرواح، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
……………….

في الأثناء التي كانت أنظار الرأي العام السوداني متجهة نحو تحديد أسماء من سيتولون إدارة مؤسسات الحكم في الفترة الانتقالية كنا ننادي بأن الأهم في تلك المرحلة لم يكن يتمثل في تحديد الأسماء وما تتزين به من ألقاب ومسميات رنانة (ومضللة في غالب الأحيان) من شاكلة الخبير الاستراتيجي، والخبير الإعلامي، والخبير الاقتصادي، والمستشار الوطني، والبروفيسور، والناشط السياسي وغيرها من المسميات التي لا يسندها أي إنجاز علمي أو مجتمعي (إلا ما رحم ربي)، وقد كنا أكثر تحديداً عندما أشرنا بوضوح إلى أن النجاح في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق أهداف الثورة مرهون بدرجة كبيرة بتوافر خمسة عناصر أساسية:

أولاً: إعلاء مبدأ الشفافية والمصارحة مع الشعب.

ثانياً: تبني مجموعة من المعايير المهنية والعلمية في عمليات الاختيار والتعيين في الوظائف العامة وعلى كافة المستويات (وبصفة خاصة القيادية منها)، تتاح فيها فرص المنافسة لكافة السودانيين في سياق من الشفافية والوضوح والعدالة.

ثالثاً: تبني العمل المؤسسي القائم على التخطيط الاستراتيجي، حيث كانت مناداتنا (في مقال تم نشره قبل عملية اختيار الوزراء) بأن يقوم السيد رئيس مجلس الوزراء بإلزام كل وزير بإعداد خطة/برنامج عمل لوزارته يراعى فيها تحقيق أعلى معايير إعداد الخطط والبرامج.

رابعاً: الترسيخ لمرحلة غير مسبوقة في مجال إنتاج البيانات والاحصاءات الوطنية وإدارتها، مع ضرورة النظر إليها على أساس أنها واحدة من القضايا الاستراتيجية للدولة.

خامساً: أن تتوافر لمجلس السيادة ومجلس الوزراء درجات عالية من الاهتمام والحرص على وجود منظومة وطنية لمراقبة وتقييم الأداء الحكومي ولمتابعة مدى نجاح مؤسسات الحكم الانتقالي في تلبية تطلعات الشعب السوداني، تتمثل مرجعيتها الرئيسة في الخطط/البرامج المطورة من قبل الوزارات، مع ضرورة أن تتشكل وحدة فنية تابعة لمجلس الوزراء تتولى مهام إدارة تلك المنظومة. وقد تم صياغة تلك الآراء في شكل مقالات وجهت لمجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء قبل اختيار الوزراء بفترة، ولبعض الوزراء والمسؤولين بعد تشكيل الحكومة….. ولكن للأسف…. لا حياة لمن تنادي.

الآن، يمكن القول بدرجة عالية من الثقة أن لسان حال الغالبية العظمى من المتابعين والمهتمين هو القول (أن الفأس قد وقع في الرأس)، وذلك بسبب غياب الشفافية والتخطيط في العديد من ممارسات (قحت) في إدارة مؤسسات الدولة. حيث بدأ واضحاً التخبط وعدم الحرص على توافر معايير تراعي الكفاءة في عمليات الاختيار للعديد من الوظائف العامة، تزامن مع ذلك غياب العمل المؤسسي القائم على التخطيط الاستراتيجي في تسيير أنظمة العمل بالوزارات، وعدم تبني آلية فاعلة وواضحة لمراقبة أداء الوزراء والمسؤولين، مما أسهم في بروز العديد من المؤشرات الدالة على الفشل في إحداث التغيير المنشود.
وفي المقابل، علينا أن لا نغفل حقيقة أننا قد ساهمنا بشكل أو بآخر في ما آل إليه الحال، وذلك بسبب أن تفاعلنا مع ممارسات (قحت) في إدارة شؤون الوطن ظل على الدوام يأتي في سياق رد الفعل لتلك الممارسات، وهو بالتأكيد أمر لا يتوافق مع روح الثورة وتلبية تطلعات الشعب السوداني الصابر على فشل قادته السياسيين على مر العقود.

لذلك علينا إدراك أنه قد حان الأوان لأن ينتقل تفاعلنا مع ممارسات (قحت) من مربع ردة الفعل إلى صناعة الفعل، من أهم متطلبات هذا الانتقال أن نبتعد عن التنظير وإرسال الرسائل القصيرة (عبر منصات التواصل الاجتماعي) في سياق يفتقر للموضوعية والعلمية (في أحيان كثيرة)، وذلك حتى لا يتسلل إلى من يتحكمون في صناعة القرار (على مستوى قحت) الاحساس أننا مجرد (منظراتية) أو (نشطاء فيسبوك) أو غيرها من مسميات توحي بأن لا قيمة من ما يتم نشره وتداوله عبر تلك المنصات.

وفي سياق المناداة بضرورة إحداث تغيير جذري في تفاعلنا مع ممارسات (قحت) أتوجه عبر هذا (المقال) لكافة المتابعين والمهتمين والنشطاء داخل السودان وخارجه وأدعوهم للتفكير الجاد والمساهمة الفاعلة في دعم مساعينا الرامية لإطلاق مبادرة: تطوير منظومة وطنية لمعايير الاختيار للوظائف العامة بالدولة، تستهدف المنظومة بشكل أساسي المواقع القيادية في مؤسسات الدولة المختلفة، والوظائف ذات الطبيعية الفنية على مستوى الوزارات.

ويأتي إطلاق المبادرة ليضيف بعداً جديداً لم يكن متاحاً لعقود خلت، وللأسف ما زال هذا البعد مفقوداً حتى يومنا هذا (بصورة متعمدة ومقصودة لخدمة أجندة ليست ذات صلة بالوطن والمواطنين)، وهو بعد الشفافية وتبني الأسس الموضوعية والعلمية في عمليات الاختيار، والأمثلة أمامنا عديدة يتمثل أبرزها في اختيارات (قحت) لمناصب الوزراء ومديري الجامعات والمستشارين ورؤساء المفوضيات والمدير العام للجهاز المركزي للاحصاء ومحافظ بنك السودان المركزي، ومدير المركز القومي للمناهج والبحث التربوي وغيرها الكثير، فالواضح أن جميع هذه الاختيارات لم يكن يعلم الشعب السوداني عنها شيئاً سوي خطاب التعيين/التكليف الصادر من السيد رئيس مجلس الوزراء، ورغم ذلك باركها الشعب السوداني وارتضاها من أجل مساندة الحكومة ودعمها لتتهيأ لها الظروف لإحداث التغيير وتحقيق شعارات الثورة وغاياتها، الا أنه للأسف توارى معظم الوزراء والمسؤولين خلف أسوار الوزارات ومكاتبها الفخيمة (والتفضل) على الشعب السوداني ببعض مرات الظهور الإعلامي (الخجولة) والتي تحمل بين طياتها الكثير من الخطب الرنانة المشحونة بالوعود الزائفة.

وأشير إلى أنني على أتم الاستعداد لصياغة الإطار العام للمبادرة ومشاركته مع المهتمين والراغبين في المشاركة بآرائهم ووجهات نظرهم بما يسهم في تطوير معايير إختيار وطنية على درجة عالية من الموضوعية، ووفق أسس علمية تواكب أفضل الممارسات في مجال إدارة الأداء على مستوى الدول والمؤسسات، بحيث يمكن استخدامها لتقود عمليات الاختيار، ومتابعة وتقييم مستويات أداء من سيقع عليهم الاختيار. ويجب علينا إدراك أن إطلاق مثل هذه المبادرة لا يرتبط فقط بتصحيح الخلل الذي أوقعتنا فيه (سلحفائية) حكومتنا وعدم كفاءة العديد من وزرائها في قيادة التغيير الذي كنا ننشده بعد (التدمير الممنهج) الذي أصاب مؤسساتنا الوطنية في عهد الكيزان (البائد)، بل ستكون هي واحدة من أدوات الشعب للتفاعل المستقبلي مع قضايا إدارة مؤسسات الدولة، ولتجاوز أخطاء الماضي بصورة علمية وموضوعية، وبعيداً عن التنظير وإطلاق الشعارات التي لا تجسد على أرض الواقع بما يخدم الوطن والمواطنين.

وحتى نكون عمليين في هذا الطرح دعونا نسعى لإطلاق نسخة مبدئية من منظومة المعايير (المقترحة) لتكون واحدة من مرجعيات الاختيار لمناصب ولاة الولايات وأعضاء المجلس التشريعي (التي لا نعلم عنها شيئاً حتى الآن)، وعلى (قحت) ومجلس السيادة ومجلس الوزراء أن يدركوا أننا شركاء في هذا الوطن، ولن نرضى بأن نلعب دور المتفرجين بعد اليوم. فقد كانت ثقتنا فيكم عالية (بما فيه الكفاية) لقيادة التغيير المنشود وتحقيق تطلعات الشعب السوداني، إلا أن الفترة الماضية من حكمكم أثبتت لنا بما لا يدعو مجالاً للشك أن منظومتكم (مليئة) بالعديد من متواضعي القدرات والكفاءة، (ومزدحمة) بوزراء ومسؤولين لا ترتقي مستويات أدائهم إلى المستوى المطلوب لتحقيق شعارات الثورة، وتضحيات شبابها الذين ضحوا بأرواحهم فداءً لهذا الوطن…. ولولا تلك التضحيات لما كنتم في مواقعكم الحالية، لذلك عليكم بالتواضع والاستماع للآراء والمقترحات قبل فوات الأوان.

أخيراً، أتمنى من الجميع مشاركة المقال مع كل المهتمين إن كانت فكرته المطروحة متوافقة مع تطلعات التغيير التي ينشدها الجميع. كما أتمنى أن يصل هذا المقال لأعضاء مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء (وأن لا يتم تجاوز فكرته كما هو حالهم مع عديد المقترحات التي تقدمنا بها في فترات سابقة)…….. ولنا عودة باذن الله
وفقنا الله وإياكم في خدمة المجتمع السوداني

د. سليمان زكريا سليمان عبدالله
أستاذ مساعد بجامعة السلطان قابوس – سلطنة عمان
أستاذ مساعد (سابقاً) بكل من جامعة بخت الرضا وجامعة الخرطوم
[email protected]

‫7 تعليقات

  1. كلامك صاح مية المية يا دكتور, تجربة الحكومة الانتقالية حتي الآن تحتاج إلى تصحيح و مراقبة من الشعب السوداني لأن الأحزاب و العسكر يعملون لمصلحتهم و لاجندات خاصة. يجب تكوين لجان مراقبة, oversight committees, من داخل لجان المقاومة في كل أنحاء البلاد لمراقبة أداء الحكومة.

  2. د.سلیمان تواضع شویة: کنت قد کتبت،اصدار احکام قاطعة ،اتهامات بالتقیر من قحت،اتهامات مجانیة بالتنظیر.من انتم؟ انت راکبک وهم بانک خطیر،یااخی أقعد فی الواطه دی!

  3. الزول دا ناوي يخترع ديموقراطية ثانية، غير ديموقراطية أبو الكلام العسكرية، ولا شنو ؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!

    البرلماااااان/ المجلس التشريعي، هو المسؤول عن مراقبة أداء التنفيذيين، وليس المنظرين من أمثالك period

    إسآءات وكمان تهديد !!!!!!!!!!!!!!!!!!!
    ?Who the hell you think you are

  4. يا علي بابا انت يعني انت ما شايف تقصير من قحت؟!!!!! هل تستطيع أن تقول لي ماذا فعلت قحت لاصلاح الحال المائل الذي ورثته؟

  5. وفقك الله
    من اجمل ما قراءت فى الانتقاد الايجابى
    بعض الوزراء ليس لديهم خطط لذلك ظهرو فى الايام الاولى ثم اختفو (وزيرة الشباب و الرياضة وزيرة التعليم العالى )
    خوف قحت من القرارات الجرئية (خصوصا الاقتصادية ) اعقد خطط الاصلاح حتى من لدية برامج من الوزراء

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..