المعتقلين.. كونوا صوتهم!

الثورة تتشكل ٤
المعتقلين.. كونوا صوتهم: “لا بديل عن إطلاق الحريات.. لا بديل عن إطلاق سراح الوطن!”
“أيها الجنرال، نؤكد لك، أن اعتقالنا لن يوقف السيول الهادرة، في طريقها لتقويض سلطانك. لن يمنع جموع الشعب الهتاف!
أوتظن أن اعتقالنا، سيغير من واقع أنك تمضي بخطى حثيثة، الى مزبلة التاريخ؟!
أيها الجنرال أنت واهم! ستظل لعنات الارامل، والايتام والأسر، التي تنتظر أحد أفرادها، يعود حاملا حفنة أحلام بكف، وبكفه الأخرى كيس طعام!.. ستظل تطاردكم، تفزعكم وتلاحقكم بهتافها السلمي:
“سلمية، سلمية ضد الحرامية”
وسيظلون يغنون من خلف الأسوار، الأغنية نفسها، التي كتبها شاعر الشعب محجوب شريف، في طريقه للمعتقل، بعد خمسة أشهر من انقلابكم المشؤوم في يونيو ١٩٨٩ وسيغنون خلف روحه التي تحلق بينهم الآن:
“جيناك وكنا طلعنا منك نحنا مرفوعي الرؤوس،
جيناك مرفوعي الرؤوس..
افتح زنازينك أهو بنفتح صدوراً ما بتكوس الرحمة تب،
ما فينا مِرقاً فيهو سوس..
بل فينا عِرقاً من جذور الشعب عشقاً لا يداس،
نحنا بندوس على كل من داير يدوس
نحنا بندوس
جيناك وكنا طلعنا منك عنوة كده وإقتدار
تشهد ترابيسك هديك.. وهدا الجدار
نهر الجماهير العميق جلجل شديد الإنحدار
زلزل حديد الإنكسار
امتد حولك واستدار…وملأ الطريق،
فإذا بأسوار الضفاف وسواعد الناس النخيل
حملتنا أمواج الهتاف في ذلك الصبح الجميل
حملتنا أمواج الكفاف ومدامع الفرح النبيل
الغدر ما بيبقي انتصار
والإنكسار ده المستحيل…المستحيل…المستحيل
أسمعنا يا ليل السجن
نحنا بنحب شاي الصباح
والمُغربية مع الولاد? والزوجة والأم الحنون
والأصدقاء وإلى اللقاء
واللمة عند الأمسيات والتكية جنب الأغنيات
والقدلة في السوق الكبير
نتمشى نغرق في الزحام ملء العيون
بنحب كده ونعشق تمام
إلا بنكون قدر الثبات
ضد السُكات…ضد السكون
ضد التسكع والجنون
جنباً الى جنب التماسك والحنين
افتح زنازينك أهو بنفتح شبابيك اليقين”
نعم، سيظلون وراءك بالهتاف، يلقون بأنفسهم بوجه هراواتك وبنبانك ورصاصك! لا يخيفهم شيء!.. أيها الجنرال انت خائف ومرعوب، و لن تحميك كلاب الأمن، ولا اطالة اسوار السجون، ولا تشييد ملايين الزنازين الجديدة. أوتظن أن هؤلاء المعتقلين، هم الخطر الذي يتهددك؟!
انظر حولك.. انت الخطر الذي يتهدد هذه الدولة.. انت عدو الشعب وعدو نفسك. انت الان محاصر، فكل جموع الشعب تتربص بك، لتجد المصير نفسه الذي وجده كل الطغاة! ولن تستطع اعتقال شعب كامل، في انتظار هذا المصير!
ليس ثمة من بامكانه اعتقال شعب كامل! أيها الجنرال لا جدوى من اعتقال المزيد، فأطلق سراح معتقلي الرأي! فلو فعلت أو لم تفعل، سيحررهم الشعب ويدك كل الاسوار التي ظللت تشيدها لاكثر من ربع قرن”
لسان حال معتقل سياسي
***
رغم تعهد النظام بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين، لا يزال العشرات منهم اثر الحراك الجماهيري الأخير، يرزحون في معتقلات أجهزة الأمن، لم يتم اطلاق سراحهم.
ومعتقلي الحراك الأخير ليسوا هم المعتقلين وحدهم. اذ ليست هناك إحصاءات دقيقة، تشمل كل المعتقلين في العاصمة والاقاليم، ومنذ فترات طويلة تسبق الحراك الأخير، بسنوات وسنوات، وتتفاوت في أمدها بعيد انقلاب ١٩٨٩. وخاصة في مناطق النزاع المهمشة.
الآلاف لا يزالون من المنسيين في سجون النظام و معتقلاته السرية. بدون حقوق أو محاكمة، بدون كاميرا توثق ما لحق بهم من تعذيب وازلال واهانة و إعاقات وأمراض مزمنة، في ظروف الاعتقال، التي تفتقر لأي معايير أو حقوق أو شروط سوى شروط الاستبداد والعسف!
ودون ان تصلهم أي مساعدات طبية او انسانية، أو أجهزة اتصال تطمئن اسرهم، او مجرد فرصة يتيمة للاتصال بالعالم الخارجي، ليحكوا عن معاناتهم، وما يواجهونه في كل لحظة من تعذيب وبطش وازلال وإرهاب!
لا تزال أجهزة الأمن تفجر في ممارسة القمع الممنهج وتتخذ من المعتقلين رهائن، فالجنرال قوش سيء التاريخ والسمعة، عمد الان الى تكنيك جديد، يربط اطلاق سراح المعتقلين ب”تحسن سلوك احزابهم!”.. وبلغة أخرى مقايضة إطلاق سراح البعض، مقابل الصمت على الانهيار الاقتصادي، الذي ظلت أجهزة الأمن أحد أسبابه المباشرة، عبر تكريس الامتيازات الفئوية، ضد أغلبية الشعب الساحقة المضطهدة، خلال الشركات والمؤسسات الاقتصادية الفاسدة، المملوكة للأمن، والتي ظلت تحرك خيوط شباكها، تنسجها في كامل المؤسسات الاقتصادية للدولة! فأصبحت تمسك برقاب الاقتصاد، وتسببت في انهياره التام! الامر الذي اسهم في تفجير الحراك الأخير.
توضيح علاقة القوى الأمنية، بامتلاك وادارة غالبية الشركات والمؤسسات الاقتصادية، يكشف بوضوح، الدور الذي تلعبه هذه الاجهزة وشركائها من الرأسمالية الطفيلية، في النهب اليومي من الأغلبية الكادحة والنهب المنظم لموارد الوطن!
ويفسر العنف والبطش تجاه هؤلاء الكادحين وممثليهم من السياسيين، والزج بهم في المعتقلات والسجون دون اي حقوق!
سنظل نكتب ادانتنا للاعتقال واطلاق سراح المعتقلين، حتى يخرج آخر معتقل منسي، ليس عضوا في حزب مدني أو تنظيم مسلح.
[email][email protected][/email]