باحثون: طهران تدفع الخليجيين للإعتراف بهزيمتهم في مواجهة مشروعها الإقليمي

عبد لله ربحي

أجمع عدد من الباحثين من مركز الجزيرة للدراسات وجامعة قطر ومعهد بروكينز الدوحة على أن الولايات المتحدة وطهران قد وصلتا إلى المرحلة الأخيرة قبل التوصل إلى اتفاق نهائي وبمرحلة واحدة بشأن الملف النووي الإيراني نهاية الشهر الجاري أو يونيو المقبل .

ورأى الباحثون الذين تحدثوا في الندوة التي نظمها مركز الجزيرة للدراسات حول تداعيات الاتفاق النووي ألمح مع إيران أن الرئيس أوباما يسعى الى تحقيق انجاز يضاف لإرثة السياسي في ظل الفشل المتكرر للسياسة الأميركية في معالجة ملفات المنطقة .

و حذر الدكتور خالد الجابر رئيس تحرير صحيفة “الببنسولا” و الباحث في برنامج الدراسات الخليجية في جامعة قطر من سقوط عاصمة عربية خامسة بيد إيران ومن سباق تسلح نووي جديد في المنطقة وقلل من شأن التطمينات التي قدمها وزير الخارجية الأميركي لدول مجلس التعاون وأكد أن إيران تحاول إقناع العرب البعيدين وخصوصا مصر بحلول سياسية وهي تدفع الخليجيين للاعتراف بهزيمتهم في مواجهة المشروع الذي تقوم به إيران في العراق وسورية واليمن

العاصمة الخامسة

وقال الباحث الذي تناول موضوع الاتفاق بين إيران والدول الكبرى وتأثيره على اقتصاد دول مجلس التعاون وتوازن القوى إن الذي يحدث في المنطقة يدل على وجود مخاوف كبيرة بدأت تطرح دون مواربة ودون ” تقية ” وأضاف إن العرب في وضع لا يحسدون عليه بتاتا فليس لدينا استطلاعات لتقول لنا ما الذي يجري في العالم العربي والخليج في الذات كي نعرف كيف تفكر المؤسسة والسلطة والحكومة فيما يجري في المنطقة في القضايا الكبرى وخاصة في موضوع الاتفاق النووي الإيراني.

وأضاف الباحث لدينا مؤشراتتساعدنا على فهم ما يدور وأشار الباحث الى أن السؤال الذي يشغل الجميع في الخليج العربي في الاجتماعات العامة والخاصة هو ما هي العاصمة الخاصة التي سوف تسقط في يد طهران وأضاف إن طهران تملك أوراق في أربعة عواصم عربية بشكل مباشر أو عن طريق وسيط وهذه السياسة استغرقت 43 عاما من التمدد وان الهجوم الحال لا مثيل له في التاريخ فهي تنشط بشكل مباشر في سورية والعراق وعبر وسيط في لبنان وفي اليمن وهناك تجسس في الكويت وقلاقل في البحرين ووجود في السودان ومحاولات في الإحساء وهناك وجود في مناطق أمريكا اللاتينية وأجزاء من إفريقيا الوسطى .

وتساءل الباحث هل ستكتفي باقي الدول العربية والدول الخليجية بالمشاهدة إزاء إيران نووية ام سندخل في سباق لامتلاك قنبلة نووية بديلة قد تكون قنبلة إسلامية سنية مقابل القنبلة الشيعية ؟؟ , وأضاف هناك عشرة أيام كي نرى مخرجات الاتفاق وعبر الجابر عن قناعته بأن الاتفاق قد تم فعلا وقال نحن نتحدث اليوم عن الخسائر التي نجمت عن هذا الاتفاق بالنسبة لنا من منظور خليجي .

تاريخ ” الملالي ”

وأضاف على مدى عقود اتسمت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران في الإنفاق في اللحظات الأخيرة وكان هذا واضح في تاريخين ففي العام 1978 وقبل استحواذ” الملالي ” على السلطة وردت معلومات عن اجتماع تم بين شخصيات بارزة من نظام الخميني قبل توليه الحكم مع عدد من الدبلوماسيين الأميركيين والسي أي إيه وقد طلب هؤلاء الحصول على دعم أمريكي وقالوا للأميركيين إننا إذا لم نصل إلى السلطة فسوف تسقط طهران بقبضة الشيوعيين وقد اقتنع الرئيس الأميركي كارتر وحلف الناتو بهذا الموضوع وهكذا التزمت المؤسسة العسكرية الحياد واستولى “الملالي” على السلطة في العام 1979 وتابع الباحث الجابر في العام 1984 وبذات الطريقة وخلال عهد الرئيس ريغان اقتنع ريغان أن هزيمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الحرب ضد العراق سوف تسمح بسيطرة تيار أكثر تشددا في إيران وقال الباحث أن إسرائيل هي من لعب دور الوسيط في ذلك الوقت وقد تمثلت مخرجات تلك المرحلة بفضيحة إيران غيت وبيع الأسلحة الأميركية لطهران ,وأضاف الباحث لقد برز اسمان في تلك المرحلة وهما روحاني ورافسنجاني وهو يلعب ذات اللعبة اليوم لعقد اتفاق مع الرئيس باراك أوباما حتى ولو شكلي وذلك لرغبة اوباما في تحقيق انجاز قبل مغادرته البيت الأبيض .,

وأكد الدكتور الجابر وجود قلق خليجي ومخاوف وذلك ترافق مع صدور تصريحات من إيران تقول( إن بغداد هي عاصمة الإمبراطورية ?إذا سقطت سورية ستسقط الكويت ? تهديدات علنية ?وبث محاولات التفرقة في كل دولة خليجية ) ولو جمعت هذه التصريحات سنرى انها تعبر عن خط واضح وصريح وقال لو قرأت تصريحات ساسة مجلس التعاون بعد اجتماعهم مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري مؤخرا لوجدنا هذا القلق فقد عبر وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عن تلك المخاوف بقوله “إن تكريت هو مثال ساطع على ما يقلقنا في موضوع التدخل الإيراني وهي في طريقها لوضع يدها على العراق ” بينما حاول كيري تقديم تطمينات ولكن هذه التضمينات لم تنطل على احد لا على المستوى الخارجي ولا على المستوى الإعلامي وقد حاول الإمساك بالعصا من المنتصف بقوله أن إيران تتدخل وتدعم الإرهاب بطريقة أو بأخرى وقال إننا سنتوصل معها الى اتفاق ولكن هذا الاتفاق سوف لن يغير شيئا واعتبر الباحث أن هذه التضمينات لا تؤدي الى مخرجات مقنعة للخليج وأضاف أن إيران تحاول اللعب على وترين فهي تحاول إقناع الغرب أنها الوحيدة التي تستطيع مواجهة الجماعات المتطرفة وهي تحاول إقناع العرب البعيدين وخصوصا مصر بحلول سياسية وهي تدفع الخليجيين للاعتراف بهزيمتهم في مواجهة المشروع الذي تقوم به ايران في العراق وسورية واليمن .,

وقال الباحث الجابر إن اوباما يسعى الى تحقيق شيء جديد مع هذا الاتفاق ولكنه لن يستطيع ذلك لان مخرجات الاتفاق سوق تكون سلبية .

وأدارت الندوة الباحثة ملاك شيفون من مركز الجزيرة للدراسات حيث أكدت أن إيران ترغب في رفع العقوبات في حين ترغب الولايات المتحدة في إمكانية الوصول المباشرة للمفتشين الدوليين دون عوائق الى المنشآت النووية الإيرانية وأضافت إن أي اتفاق من هذا النوع ستكون له تداعيات ليس فقط على الأطراف الموقعة ولكن على الجهات المعنية العالمية فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال بوضوح إن هذا الإتفاق سوف يضمن حصول إيران على هذه الأسلحة النووية . ,

اتفاق شامل

و تناولت الدكتورة فاطمة الصمادي الباحثة في مركز الجزيرة للدراسات والمتخصصة في الشؤون الإيرانية تداعيات الاتفاق بالنسبة لإيران في حال نجح الطرفان في التوصل إلى هذا الاتفاق ومعارضة الاتفاق وكيفية تأثيره على الاقتصاد الإيراني ومستقبل الرئيس حسن روحاني , و أوردت في بداية حديثها مقولة إيرانية ” في تجاربنا مع الطرف المقابل والطرف الأمريكي نعرف أن الاتفاق على أمور عامة سيكون وسيلة لاتفاقات متتالية بشأن التفاصيل” .

ورأت الباحثة أن هذه المقولة حسمت موقف إيران بشأن الاتفاق على مرحلتين فما تسعى له إيران هو اتفاق بمرحلة واحدة ولذلك تحدثت إيران عن تفاهم سياسي وليس موقفا سياسيا والوقت لانجاز اتفاق شامل حتى نهاية مارس يبدو قصيرا وأضافت الدكتورة الصمادي ليس هناك سيناريو واحد لهذا الاتفاق ولكن اقل السيناريوهات حظا هو فشل الاتفاق فليس هناك أي طرف يريد فشل الاتفاق والكل لديه أسبابة لانجاز الاتفاق , .

وقالت الصمادي أن هناك ثلاثة قضايا مبهمة في الحديث عن اتفق نووي إيراني العقوبات ,والتخصيب ,والرقابة والتفتيش فإيران تتوقف كثيرا عند مسألة العقوبات وتقول إنها قرار سياسي ويجب أن يتخذ قرار برفع العقوبات مرة واحدة وليس تدريجيا وقد اقترحت واشنطن إزالة العقوبات تدريجيا على مدى عشرة سنوات وبالنسبة للرقابة والتفتيش هناك قلق إيراني من ان تقود الرقابة والتفتيش الى الوصول إلى البرنامج الصاروخي الإيراني وليس فقط البرنامج النووي , وبالنسبة للتخصيب فان نسبة التخصيب عليها خلاف وهناك السقف الزمني لتحدي التخصيب عليه خلاف ,. وأكدت الباحثة انه دون بنود واضحة في النقاط الثلاث من الصعب الوصل إلى اتفاق في المدى المنظور حتى نهاية مارس ,وأشارت الباحثة إلى أن أخر استطلاعات الرأي في إيران حول الموقف من الاتفاق النووي أظهرت أن 86% من الإيرانيين يؤيدون الاتفاق وان 14 % يعارضونه وتساءلت الباحثة ما الذي يدفع الإيرانيين لتأييد الاتفاق بهذه القوة وقالت إن ذلك يرتبط بشكل أساسي بالموضوع الاقتصادي ولذلك يمكن القول أن مستقبل روحاني السياسي مرتبك بشكل كبير بالاتفاق النووي وأيضا مرتبط بما يمكن أن تحصل عليه إيران من الاتفاق النووي .

مستقبل روحاني

وأشارت الباحثة إلى أن الرئيس روحاني قدم ميزانية متفائلة جدا قبل عام وربطها بموضوع الانفراج في الموضوع النووي ولكن آخر استطلاعات الرأي تشير الى تراجع شعبية الرئيس روحاني من 58% الى 49% وقالت الباحثة ان 39 % من الإيرانيين وفق احدث الاستطلاعات يرون ان الاتفاق سيقود الى علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ولكن النخبة السياسية الإيرانية لها رأي.

وفقا للباحثة الصمادي فالحرس الثوري يدفع الى تبادل للمصالح وأن لا يكون مقدمة الى حدوث انفتاح وقالت الصمادي اذا استطاع روحاني انجاز اتفاق جيد مع القوى الكبرى فهذا معناه ان العقوبات سوف تنخفض وهذا معناه أن إيران تستطيع الحصول على 20 الى 30 مليار دولار شهريا وأضافت أن ايران وزعت على الشركات النفطية عقود جديدة بامتيازات جيدة جدا بما يدل على وجود توجه لانجاز اتفاق ,وقال الباحث انه من المؤشرات على ذلك أنه في تقرير الأمن القومي 2006 و2007 ورد ان إيران تشكل خطرا على الأمن القومي للولايات المتحدة من عدة محاور ومن ضمنها الملف النووي والإرهاب وحقوق الإنسان وحرية الشعب الإيراني وتهديد الجيران وفي الإستراتيجية الأخيرة التي صدرت قبل شهرين ورد مؤشر واحد فقط وهو الملف النووي , وأشار الباحث الى وجود نية جادة لدى الإدارة الأميركية لتأهيل واستقطاب إيران ,.

الألم المتبادل

من ناحيته تناول الدكتور ابراهيم شرقية نائب رئيس مركز بروكينز والأستاذ في جامعة قطر وتناول تداعيات هذا الاتفاق بالنسبة للولايات المتحدة والإتحاد الأوربي من وجهة نظر اقتصادية وقال إن اهم سؤال هو هل سيكون هناك اتفاق أم لا وأضاف أن معظم المؤشرات تقول أن هناك اتفاق وعرض الباحث مرتكزين أساسيين للتحليل بشأن هذا الاتفاق وقال إن المرتكز الأول يقول أن واشنطن تتناول مع المنطقة من منظور كلي وليس ملفات منفصلة كل على حدا فهناك إستراتيجية إقليمية تؤخذ بعين الاعتبار عندما يتم التقرير بشأن التدخل في سورية أو متابعة المفاوضات مع طهران والمحدد الثاني هو ما يسمى في موضوع الأزمات الدولية في نظرية الألم المتبادل والفرصة السانحة.

وأضاف أن الطرفان باعتقادي قد وصلا إلى هذه المرحلة وبالتحديد إيران من خلال العقوبات وتمويل حروب أهلية في المنطقة وأسعار النفط وهكذا باتت ايارن في موضع لا تحسد عليه وهي بحاجة لتمويل الحروب التي برزت آخرها في اليمن وبالنسبة للولايات المتحدة رأي الباحث أنه بسياستها الفاشلة في منطقة الشرق الأوسط تبحث عن أي نصر مهما كان وذلك بعد الفشل في سورية وفلسطين وفي العراق وأفغانستان وهي بحاجة الى نصر معين ولو كان من جانب الإدارة الحالية القريبة لنهاية الفترة الرئاسية الثانية كما أن هناك اهتمام بالإرث الذي سوف يتركه اوباما وهذا محفز للوصول الى اتفاق وهذا يعني أن هناك نية جادة وحقيقة عند الطرفين بالتوصل لاتفاق معين ,.

ورأى الباحث شرقية إن الاتفاق النووي مع إيران سيزيد حدة الاستقطاب في المنطقة وسيترك أثره السلبي على العلاقة الأميركية الإسرائيلية وهذا من منطلق أساسي وهو أن إسرائيل سوف تبقى تعمل على تخريب أي اتفاق مهما كان شكله وهذا ما دفع الأوروبيين للقول نحن لن نقبل إلا باتفاق جدي وذلك في محاولة لتهدئة المخاوف الإسرائيلية ,.

غضب إسرائيلي

وفي تناوله لموضوع الموقف الإسرائيلي من الاتفاق رأى الباحث لوسيانو زاكارا من جامعة قطر أن الرئيسين أوباما وروحاني جادان في التوصل الى الاتفاق رغم الصعوبات التي تعترضها سواء تم ذلك في مارس او يونيو المقبل وأشار إلى إن إسرائيل هو الطرف الأكثر تأثيرا بهذا الاتفاق النووي وقال ان خطاب نتنياهو في الكونغرس كان واضحا لجهة تضخيم المخاوف الناجمة عن التوصل إلى مثل هذه الاتفاقية بقولة إن إيران وصلت الى مستوى 95% من التخصيب بما يتيح لها إنتاج القنبلة النووية وقال الباحث ان هذا الكلام ردده نتيناهو وإسرائيل على مدى عشرين عام ولم تحصل إيران على السلاح النووي وقال إن إيران لم تصل الى العتبة التي تمكنها من الوصول الى درجة التسلح ,وأشار الباحث إلى أن نتنياهو بدأ بالمشاركة في السياسية الأميركية وهذا لم يفعله أي شخص في تاريخ إسرائيل حيث تحدث مع الجمهوريين مباشرة في مجلس الشيوخ للحصول على دعمهم بهدف منع هذه الصفقة النووية.

الشرق

تعليق واحد

  1. حصول السعودية أو كل دول الخليج على السلاح النووي مقابل حصول إيران عليه ليس هو الحل أولا هو تبديد لثروات لا طائل منه لأن من أعطى إيران السلاح النووي لن يعطي العرب بنفس السخاء و الدليل إسرائيل أنتجت السلاح النووي منذ فترة طويلة و في نفس الوقت قامت بقصف المغاعل النووي العراقي و إعتذرت فرنسا لأنها ساعدت العراق و ندمت على ذلك! إذن الحل هو تصحيح خطأ المشاركة في تدمير و إحتلال العراق بدعم المقاومة العراقية ماديا و معنويا للتحرير العراق و الخليج من مشروع الهيمنة الإيرانية…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..