نهج السلف في كبح النفس ولجم الفساد

ليس المهم أن نختلف على تحديد درجة ونسبة الفساد ، المهم أن لا أحد لا من الرسميين ولا الموالين والمؤيدين قد أنكر ونفى جملة وتفصيلا وجود أي فساد ، الاختلاف يقع فقط في تحديد حجمه ونسبته .. المعارضون يتحدثون عن نسبة عالية بينما يقلل الرسميون من حجمه وينفون عنه الضخامة التي يتحدث عنها البعض ، وليس على محمود وزير المالية السابق الذي تحدث أمس للغراء ( اخر لحظة ) هو أول من نفى الضخامة عن حجم الفساد وبالطبع لن يكون آخرهم ، المهم بل الأهم في موضوع الفساد لو كانت هناك ( فتفوتة ) فساد صغيرة مثل حبة الفلفل لاستوجبت أن يؤذن عليها بحرب ضروس ، وعلى ذكر مكافحة الفساد لنا أن نسأل عن آخر آلية كونت لمكافحته ، ونعني الهيئة العليا للشفافية ومكافحة الفساد التي أعلن عن انشائها رسميا قبل نحو عام ونصف العام ، أين هي ولماذا لم نسمع لها حسا ولا خبرا ..
الحقيقة ليس هناك من نهج ناجز يناجز الفساد بحسم وقوة، أفضل وأنجع من الذي اتبعه السلف الصالح على أيام صدر الإسلام، حيث كان يكفي أي أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له، أن يرى على جسد أمير المؤمنين ثوباً جديداً ليتشكك في مصدره، ثم لا يتورع من إلقاء سؤاله التجريمي عارياً بغير رتوش من أين لك هذا؟، ولكن ورغم هذه الغلظة والحدة وقلة (الاتيكيت)، فإن أمير المؤمنين لا يضجر ولا يغضب من السائل المتشكك دعك من أن يأمر بإلقائه في غيابة السجن أو رميه في مكان غير معلوم، بل يجيبه بكل سماحة عن مصدر الثوب وكيف حصل عليه ولماذا ارتداه، فقد كان يكفي في عهد أولئك الأبكار الأطهار أي حادب على مال المسلمين فقط (جلابية) جديدة غالب الظن أنها (لا بيضا لا مكوية) يراها على جسد أي والٍ أو مسؤول لإثارة الشك في نفسه حتى يتحقق من أمرها ويطمئن إلى أنها لم تكن على حساب مال المسلمين، كما لم يكن أي والٍ يجد غضاضة في السؤال أو يشعر بغبن تجاه السائل وإنما كان يجيب بكل أريحية ولطف ولين، ولم يكن ذلك إلا لأن الاثنين، السائل والمسؤول يتظاهران على الحق، الأول بحق السؤال والشك والثاني بواجب الإجابة والتوضيح، أما اذا انتظرت الهيئة مدها بالأدلة الدامغة الموثقة، ولم يكفها أن تطل الدنانير بأعناقها ولم تكفها كل المظاهر التي تكاد تجعل كل مفسد يقول خذوني بما أمتلك من أرصدة بنكية وابتنى من العمائر والفلل الفاخرة وامتطى السيارات الفارهة ، وهو الذي إلى عهد قريب لم يكن شيئاً مذكوراً إلا من وظيفة حتى هي لم يرتق اليها بالطريق المشروع، فقل أبشر بطول سلامة يا فساد .
الصحافة

تعليق واحد

  1. و الله الليلة يا المكاشفى مقالك فى السلك.
    عمر بن الخطاب أبى عبدالله رضى الله عنه و عن جميع الصحابة، من ذا يقارن الثرى بالثريا و الله انا سيدنا عمر لما يأتى ذكره يتملكنى إحساس أعجز عن وصفه و ياله من رجل و الرجال قليل أما جماعتنا هؤلاء فهم ليس حتى فى القليل إنه البطل الفاروق ((فمن يباري أبا حفص و سيرته **** أو من يحاول للفاروق تشبيها))؟؟؟ و الله ديل لا يساوون أثر قدمه على الأرض.
    و أجمل ما قرأت من شعر هو ما كتبه الشاعر الرائع حافظ ابراهيم عن ابن الخطاب الذى لا يجود الزمان بمثله بعد الرسول صلى الله عليه و سلم و خليفته الصديق ابو بكر الصديق.
    جزء من القصيدة العمرية:
    حسب القوافي و حسبي حين ألقيها **** أني إلى ساحة الفاروق أهديها
    لاهم هب لي بيانا أستعين به **** على قضاء حقوق نام قاضـيها
    قد نازعتني نفسي أن أوفيها **** و ليس في طوق مثلي أن يوفيها
    فمر سري المعاني أن يواتيني **** فيها فإني ضعيف الحال واهيها
    رأيت في الدين آراء موفقـة **** فأنـزل الله قرآنـا يزكيـها
    و كنت أول من قرت بصحبته **** عين الحنيفة و اجتازت أمانيها
    قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها **** بنعمة الله حصنا من أعاديها
    خرجت تبغي أذاها في محمدها **** و للحنيـفة جبـار يواليـها
    فلم تكد تسمع الايات بالغة **** حتى انكفأت تناوي من يناويـها
    سمعت سورة طه من مرتلها **** فزلزلت نية قد كنت تنويـها
    و قلت فيها مقالا لا يطاوله **** قول المحب الذي قد بات يطريها
    و يوم أسلمت عز الحق و ارتفعت **** عن كاهل الدين أثقالا يعانيها
    و صاح فيها بلال صيحة خشعت **** لها القلوب ولبت أمر باريها
    فأنت في زمن المختار منجدها **** و أنت في زمن الصديق منجيها
    كم استراك رسـول الله مغتبطا **** بحكمـة لـك عند الرأي يلفيـها
    و ما وقى ابنك عبد الله أينقه **** لما اطلعت عليها في مراعيها
    رأيتها في حماه وهي سارحة **** مثل القصور قد اهتزت أعاليها
    فقلت ما كان عبد الله يشبعها **** لو لم يكن ولدي أو كان يرويها
    قد استعان بجاهي في تجارته **** و بات باسم أبي حفص ينميها
    ردوا النياق لبيت المال إن له **** حق الزيادة فيها قبل شاريها
    و هذه خطة لله واضعها **** ردت حقوقا فأغنت مستميحيها
    مالإشتراكية المنشود جانبها **** بين الورى غير مبنى من مبانيها
    فإن نكن نحن أهليها و منبتها **** فإنـهم عرفوها قـبل أهليـها
    و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا**** بين الرعية عطلا و هو راعيها
    و عهده بملوك الفرس أن لها **** سورا من الجند و الأحراس يحميها
    رآه مستغرقا في نومه فرأى **** فيه الجلالة في أسمى معانيها
    فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا **** ببردة كاد طول العهد يبليها
    فهان في عينه ما كان يكبره **** من الأكاسر والدنيا بأيديها
    و قال قولة حق أصبحت مثلا **** و أصبح الجيل بعد الجيل يرويها
    أمنت لما أقمت العدل بينهم **** فنمت نوم قرير العين هانيها
    إن جاع في شدة قومٌ شركتهم **** في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
    جوع الخليفة و الدنيا بقبضته **** في الزهد منزلة سبحان موليها
    فمن يباري أبا حفص و سيرته **** أو من يحاول للفاروق تشبيها
    يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها **** من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
    لا تمتطي شهوات النفس جامحة **** فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
    و هل يفي بيت مال المسلمين بما **** توحي إليك إذا طاوعت موحيها
    قالت لك الله إني لست أرزؤه **** مالا لحاجة نفـس كنـت أبغـيها
    لكن أجنب شيأ من وظيفتنا **** في كل يوم على حـال أسويـها
    حتى إذا ما ملكنا ما يكافئـها **** شـريتـها ثـم إنـي لا أثنـيها
    قال اذهبي و اعلمي إن كنت جاهلة **** أن القناعة تغني نفس كاسيها
    و أقبلت بعد خمس و هي حاملة **** دريهمات لتقضي من تشهيها
    فقال نبهت مني غافلا فدعي **** هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها
    ويلي على عمر يرضى بموفية **** على الكفاف و ينهى مستزيدها
    ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به **** أولى فقومي لبيت المال رديها
    كذاك أخلاقه كانت و ما عهدت **** بعـد النبـوة أخلاق تحـاكيها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..